أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حبيب عبدالرب سروري - هل أخلاقنا سامية فعلاً؟














المزيد.....

هل أخلاقنا سامية فعلاً؟


حبيب عبدالرب سروري

الحوار المتمدن-العدد: 5325 - 2016 / 10 / 27 - 23:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



للاحتكاك بالناس، وسبر أغوار آرائهم، كان من اللازم قديما التسكّع في المقاهي وأركان الشوارع، والتلصص على همز ولمز ركاب الباصات، والتغلغل في المنتديات الشعبية المغلقة.

في عصر الشبكات الاجتماعية على الإنترنت، يمكن استشفاف صورة سكانير دقيقة لآراء العامة، من داخل برج عاجي أرستقراطي: يكفي لذلك الإبحار في تعليقات “المفسبكين” ومنشوراتهم مثلا، والمتابعة لجدلهم، والإصغاء لآهاتهم الحميمة.



في خوض هذه التجارب “التلصصية” مادة لا حدّ لثرائها لمن مشروعه التنويري: خلخلة المسلمات الثقافية الشعبية التي تكرِّس استمرار تأخرنا الحضاري العربي.



أحد هذه المسلمات، التي يشترك في الإيمان بها مثقفون كبار، وأميّون معا: سموّ أخلاق الإنسان عندما يلتزم بالقيم الدينية، على غيره من البشر!



قد يكون مقبولاً أن بعض القيم الأخلاقية التي جاءت بها الأديان والمعتقدات الروحية الإنسانية كانت أرقى من القيم الشعبية السائدة قبل مجيء تلك الأديان. إلا أن مئات أو آلاف السنين قد مرّت على ولادة تلك القيم الأخلاقية الدينية العتيقة، لتتجاوزها اليوم قيم حضارة “ميثاق حقوق الإنسان”.



ألغت الأخلاق المدنية الحديثة لهذه الحضارة، على سبيل المثال، ممارسة العبودية (التي سمحت بممارستها جميع الأديان)، ونصّ ميثاق هذه الحضارة، الصادر في 10 ديسمبر 1948 والتي تبدأ أول عبارة فيه ب: “يولد الناس أحراراً ومتساويين”، على تساوي الجميع دون تفضيل المنتمي إلى هذا النسب أو اللون أو الدين أو الإلحاد على غيره.



ثم من السهولة جدا اليوم كتابة “نظام داخلي”، من نصف صفحة فقط، يحوي أنبل وأسمى قائمة لِمكارم الأخلاق الإنسانية، في أرقى حللها، يبدأ أوّل سطرٍ فيه باعتناق تعاليم “ميثاق حقوق الإنسان”، وثاني سطرٍ فيه باحترام قوانين مرور وقيادة السيارات والدراجات في الطرقات والشوارع!



رقي هذه التعاليم الأخلاقية أو تلك، مرتبطٌ، قبل هذا وذاك، برقي المبدأ الجوهري الذي تتأسس عليه تلك التعاليم:

معظم التعاليم الأخلاقية الدينية مؤسسة، في الحقيقة، على مبدأ نفعي: إذا مارستَ تعاليمها فأجرك عدد من الحسنات، وإن لم تمارسها فعليك سيئاتٌ يمكنك محوها ب”الاعتراف” أمام قسيس، أو بممارسة طقوس دينية كالأضحيات أو الحج.

طبيعي ذلك، لأنها تنتمي لنموذج وعصر شراء وبيع العبيد، وأسميت لذلك ب” أخلاق العبيد”.



ثمّة مبدأ آخر ينصُّ على أن “الأخلاق الفاضلة غاية بحدّ ذاتها”، لا تمارس لأجل ثواب، أو خوفاً من عقاب. تمارسُ لِجمالها بحدّ ذاته، دون بحثٍ عن أجر ما في “دكان الحسنات والسيئات”، كما يقول أبو العلاء المعرّي:

توَخَّيْ جميلاً، وافعليهِ لِحُسنِهِ ولا تحكمي إنّ المليكَ به يجزي

ألا يلزم أن يكون هذا البيت حليب التربية الأخلاقية للمواطن الحديث؟

أو كما يقول حكيم المعرّة أيضاً:

فلتفعلِ النفسُ الجميلَ لأنهُ خيرٌ وأحسنُ، لا لأجلِ ثوابِها!

ألا يلزم أن يكون هذا البيت أيضاً منار السلوك اليوميّ للإنسان الحديث؟…



الشعوب الحديثة التي يتغلغل في ثقافتها العميقة مبدأ “الفضيلة غاية بحدّ ذاتها”، كالشعب الياباني، تضرب أرقاما نموذجية في السلوك الأمين وقلّة الفساد واختفاء السرقة. الشهادات والدلائل لمن عاش هناك تفقأ العين، إذا ما قورنت بسلوك شعوب أخلاق دكان الحسنات والسيئات.



عند التغلغل في الآراء والتعليقات الشعبية في الشبكات الاجتماعية، حول مقولة “سمو سلوكنا الأخلاقي بالمقارنة بالآخر”، نجد أن بعضها بالغة في سطحيتها وسذاجتها وتفاهتها معاً.

يقول بعضها: بفضل الدين، نحن لا نمارس “زنا المحارم”، مثل بعض الشعوب الأخرى!



جليّ أننا لا نختلف عن غيرنا من الشعوب، أو الحيوانات أيضاً، في تجنب ممارسة هذا السلوك المشين ورفضه؛ عدا حالات مرضية نادرة هنا وهناك معا.

إذ لا يحتاج الإنسان أو الحيوان لتربية التعاليم الدينية لهذه الغاية، لأن نبذه صار متوارثا ومطبوعا بيولوجيا اليوم في جينات الإنسان، أو الحيوان عموماً، وذلك بعد ملايين السنين من التطور والانتقاء الذي يصطفي المواليد ذي الثراء الجيني الآتية من أبوين متباعدين جينيا، عن الآتية من أبوين من نفس الأسرة؛ ناهيك عن الخرائب النفسية التي لا حدّ لها لأطفال زنا المحارم.



ثمّ لعلنا ضمن شعوب قليلة ما زالت تمارس عادات زواج أبناء وبنات الأعمام والأخوال، التي تجاوزتها ثقافات حديثة أخرى عديدة، كونها في الجوهر سببا لإنجاب أجيال ضعيفة بيولوجيا، أو لاعتبارها أحيانا نمطا ذا صلةٍ ما بدوائر علاقات المحارم!



#حبيب_عبدالرب_سروري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسيطرون على لاوعينا الرقمي
- أصداء أقدم أعياد العالم
- الخيال أهم من المعرفة
- ماركس محلقا فوق سماء بنما
- حبيب عبدالرب سروري - بروفيسور جامعي ومفكر وباحث يمني- في حوا ...
- توضيح حول جائزة ابن رشد 2014
- اليمن منجم بلا قاع وأحلم بالتفرغ للكتابة
- فصلان من رواية -ابنة سوسلوف-
- ما الفرق بين الدولة العلمانية والدولة المدنية؟
- ترسيمات حواريّة لمزيد من الابتزاز والنهب
- هدهد سليمان، عظمٌ في حنجرةِ التعليم
- من كتبَ التوراة؟، وأسئلةٌ قرآنيةٌ مجاورة


المزيد.....




- رأي لفريد زكريا: الرئيس ترامب قادر على تحقيق اتفاق أفضل مع إ ...
- WSJ: مالكو العملات المشفرة يتعرضون للخطف والابتزاز بكثرة في ...
- -انهيار كامل-.. احتجاجات في جزر الكناري ضد السياحة الجماعية ...
- كيف نتعامل مع تدخلات الآخرين في قراراتنا وحياتنا الشخصية؟
- ضغوط دولية تدفع إسرائيل للموافقة على إدخال مساعدات إلى غزة
- ماسك يعرب عن تأييده لمؤسس -تلغرام-
- ترامب يطالب بالتحقيق في تسديد مبالغ كبيرة لمشاهير خلال حملة ...
- -الغارديان-: رئيس فنلندا حاول إقناع ترامب بأن روسيا لم تعد ق ...
- إصابة سائق حافلة في هجوم بمسيرة أوكرانية في مقاطعة بيلغورود ...
- الفواكه المجففة الأكثر فائدة لكبار السن


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حبيب عبدالرب سروري - هل أخلاقنا سامية فعلاً؟