أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كمال آيت بن يوبا - هل مِن أمثال مارتن لوثر و رفاقه للإسلام؟















المزيد.....


هل مِن أمثال مارتن لوثر و رفاقه للإسلام؟


كمال آيت بن يوبا
كاتب

(Kamal Ait Ben Yuba)


الحوار المتمدن-العدد: 5322 - 2016 / 10 / 23 - 17:43
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


شعارنا حرية – مساواة – أخوة

من الواضح كمثال أن الإنسان إذا تناول طعاما ملوثا كثيرا يؤدي به للمرض و إضطراب أجهزته الحيوية .
نفس الشيء يحدث إذا تلقى الإنسان غذاء للذهن ملوثا كقراءة كتاب ملئ بالأكاذيب يدعو للعنف و الكراهية.
فمن أين جاء هذا الفكر الذي يلوث أذهان الناس حتى صاروا إرهابيين ومكروهين ؟ هل وُلدوا به أم تعلموه في البيت والمدرسة ؟
هذا المقال يقارب هذه الإشكالية .و فيه الرد الجميل و المفيد للتربية والتعليم على حملة التحريض وأجرمة المجتمعات و تخريب الممتلكات باسم الدين .وهو إستجلاء لأسباب ما تخسره يوميا المنطقة من بشر و جهد ووقت و اموال كان المفروض في كل ذلك لو تم اقتصاده ان يؤدي لازدهار المنطقة و إيجاد الامكانات للسلم الاجتماعي و الاستقرار و النماء .
فحين يقول الناس أن فلان "لا دين له ولا ملة" فماذا يقصدون ؟
إنهم يقصدون "أنه كذاب و مخادع يقول عكس ما يفعل و لا مبادئ ولا قيم له و لا قواعد أخلاقية تضبط سلوكه و معاملاته معهم وتجعله يحترم عقولهم قبل مشاعرهم في غير إلغاء لحقهم في الوجود".
اذن الملة و الدين هنا تعني القيم و القواعد و معاملة الناس بإحترام عقولهم والاعتراف لهم بالحق في الحياة الكريمة كحق طبيعي و مقدس .
فما أحوجنا إذن للدين بهذا المفهوم .
لكن ما مفهوم الدين الذي يقدموه لنا منذ 14 قرنا في دائرة الإسلام ؟
هل كل من قال لنا أنه يتكلم بإسم طبعته الخاصة للإسلام علينا تصديقه دون حجج منطقية وعقلانية تبين نجاعة أفكاره عن الدين ؟
لنأخذ زاوية معينة كمثال للاستدلال .
في هذا الإطار هناك ما نشره الناشط و الباحث الفلسطيني في الثراث الإسلامي الدكتور سامي الذيب المقيم في سويسرا يومه الأحد 28 أغسطس (آب) 2016 بالانترنيت في مقطع فيديو من إحدى قنوات الإخوان المسلمين المصريين و هي قناة "مصر الآن" يبين "وجهة نظر" أحد شيوخ الاخوان المسلمين وهو الشيخ وجدي غنيم تمت إذاعتها بتاريخ 21/12/ 2015 تحت عنوان كبير هو (تخاريف الشيوخ) و عنوان فرعي هو(الشيخ غنيم (يقول) : من يقول أن الدين الإسلامي دين محبة و رحمة و أن الرسول لم يقتل أحدا (فهو) جاهل جهول و لا يفهم شيئا عن حقيقة الدين) .
رابط مقطع الفيديو: https://vimeo.com/140282136
رؤية الفيديو جعلتي أتذكر أن الأطفال في كل الأرض و نظرا لعدم إكتمال نمو جهازهم العصبي و مجال إدراكهم العام حين يسألون أو يكونون موضوع نقد بسبب سلوك معين من طرف آبائهم الذين ينتمون لعالم البالغين ، يصدقون المعلومات التي ينقلها لهم هؤلاء .
وأطفال ما يسمى "عالما إسلاميا" ليسوا إستثناء .
وبالتالي فما يُرسم بما يسمى التعليم الديني في المدارس على ذاكرة الأطفال بشكل عام من معلومات عن الدين بمفهومه القديم على "بساطتها" كما يدعي أصحاب نظرية "التعليم في الصغر كالنقش على الحجر" رغم كون هؤلاء الأطفال ليسوا مكلفين شرعًا حسب نظريتهم الدينية أي لم يبلغوا سن الرشد المحدد في البلوغ البيولوجي ، أي في بداية إشتغال الأجهزة الجنسية بين 12 و14 سنة من العمر ، وكأن الدين مؤسسة للبورنوغرافيا لا يدخلها إلا الناضجون جنسيا ، والحال أنه كان عليهم الكلام عن البلوغ الفكري الذي يصله الشباب في سن العشرين و بعدها ، لأن الإستدلال على وجود شخص موجد للكون اليوم يتطلب المعرفة بالنظريات العلمية الحديثة في المجال ونضجا عقليا كافيا للفهم ،نقول أن ما يُرسم على ذاكرة الأطفال كيف ما كان و لو خرافات يبقى راسخا كأنه حقائق لا يأتيها باطل من أي جهة طيلة ما تبقى من العمر رغم كونها مبنية على روايات مختَلَف حول صحتها أو ناقصة أو متناقضة في أحيان كثيرة.
في هذا المجال (مجال الدين بالمفهوم القديم) لا نكون أمام معلومات مثل واحد زائد واحد تساوي إثنين يتفق حولها كل البشر بما في ذلك الاقلية من الذين تمت تسميتهم مسلمين(عدد المسلمين 1/7 (واحد على سبعة) من سكان الارض) دون إستشارتهم في الموضوع و انما امام روايات أو ما يسمونه أقوالا أو آراء.
والمشكلة عند أمثال وجدي غنيم وما أكثرهم ،إذا كان صادقا فيما يقول ،و هو أننا أمام ناس ضحايا لتعليم ديني قديم عمره أكثر من ألفي سنة أدخل أشياء كبيرة في عقولهم لما كانوا أطفالا و بقوا صغارا حتى لما شاخوا لا يحيدون عما تم حشره قسريا في أذهانهم على أساس أن مصدره إلهي او رسولي بدون دليل منطقي أو علمي حديث دامغ لا غبار عليه.و بالتالي لم يطرحوا أبدا السؤال "هل صحيح ما تم تلقيننا إياه من معلومات ؟" .
هذا التعليم الديني بمفهومه القديم المنعدم التدريب على الحس النقدي عند الاطفال رسخ في اذهانهم الصغيرة أن الشك حرام فيما تم تلقينهم إياه و طرح السؤال بشانه (ممنوع) .و يجب الشك في أنفسهم و عقولهم إذا وجدوا أي تناقضات أو مبالغات أو مخالفة لمعلومات العلم الحديث فيما تعلموه لدرجة أنهم صاروا يعتقدون أن كل الروايات صحيحة و يروونها على أساس أنها كذلك طالما شهد بصحتها الكبار .
و الحال أن هؤلاء يروون تلك الروايات دون الانتباه للخرافات و المبالغات والتناقضات التي يتفوهون بها و كأن محرك كشف التناقضات المثبت في عقولهم قد صار مخروما لا يشتغل أو و كأننا أمام أطفال محششين أو في حالة هذيان مرضي أو جنون و لسنا امام ناس راشدين و عقلاء مثل باقي البني آدمين الذين في الأرض يمثلون فعلا المستوى العقلي للسن البيولوجي الذي هم فيه بمميزاته.
و هنا الخطر الذي جعلنا ندعو في مقال سابق هنا بالحوار المتمدن لحذف التربية الدينية بمفهومها القديم من المدارس غير الجامعية و تركها للتعليم الجامعي في اطار الحرية الدينية و الفكرية لمن أراد التخصص فيها ودراستها كثراث بشري يخص البشر الاقدمين حتى لا يتم تخريج المجانين المحتمل أن يهددوا ليس بلدانهم فقط بل العالم.
هؤلاء المتحدث عنهم هنا يبقون أطفالا طيلة حياتهم.هكذا يعيشون و يشاغبون شغب الاطفال و لو في كبرهم او شيخوختهم و ربما بأسلحة فتاكة مثل ما رأينا في ليبيا و سوريا وغيرهما .و على هذا النحو للاسف يموتون دون قيمة مضافة يضيفونها لبلدانهم او للبشرية.
لذلك في الفيديو ، وفي اشارة لضحايا مهاجمة صحيفة شارلي إيبدو الفرنسية الساخرة التي سبق أن نشرت رسوما تسخر من الصورة التي ترسمها الروايات عن رسول العرب ، قال نقيب الصحفيين المصريين أن الرد على الحرية الفكرية في فرنسا لا يجب ان يكون بالقتل والرصاص تما شيا مع سلوك الرسول الذي حسب قوله بقي في مكة 13 سنة دون أن يؤذي أحدا و ذلك قبل مغادرته لها خوفا من القتل و ذهابه إلى المدينة .ثم لما رجع إليها عفا حسب قوله دائما عمن آذوه و لم يقتل أحدا منهم .
و دائما في الفيديو كان رد وجدي غنيم ما معناه "أن نقيب الصحفيين كذاب و جاهل" ثم قال "أن بقاء رسول العرب في مكة 13 سنة دون إيذاء أحد قد تم لأنه لم يكن مُمَكّنا" (أي لم تكن له ميليشيا مسلحة وقوة) و كررها مرتين."ولما ذهب للمدينة" دائما حسب غنيم "و أقام الاسلام هناك ثم صارت له دولة أرسل أحدهم لقتل كعب بن الاشرف الذي قال شعرا في نساء النبي" ."و لما هاجم مكة بجيشه و دخلها منتصرا (=فتحها) عفا عن البعض باستثناء عشرة اشخاص منهم ست رجال و اربع نساء قال لابد ان تقطع رقابهم و لو تعلقوا بأسفارالكعبة و قُتلوا جميعا بالفعل .""
انتهى رد وجدي غنيم .
عمركم شفتو دولة دون عملة؟
عمركم شفتو دولة في مدينة صغيرة جدا بمقاييس زماننا؟
عمركم شفتو دولة دون تنظيم هيكلي مثل الدول التي كانت قائمة بذاتها آنذاك ؟
ما هذا التضخيم الظاهر للعيان و المبالغة الفجة إن لم يكن لغرض في نفس يعقوب و هو جعل الإسلام سياسة بالغصب ومبررا لشرعنة الإستبداد رغم وجود النصوص المضادة .و هو التسييس الذي يجعل من رفض الرسول المُلك أي الرئاسة و السيادة على قريش لما عرضوا عليه ذلك مجرد أكاذيب ؟
أي صورة يرسمون للرسول إذن و بألسنتهم ؟ أليست صورة شخص كذاب و هو الذي كان يلقب بالصادق الأمين؟
كيف تجتمع هذه مع تلك .
كبف يصدق هؤلاء روايات القتل المنسوبة للرسول فقط لأنه يقال أنها صحيحة رغم انه لا يُعرف بالضبط و بوضوح من هؤلاء الذين يُتحدث عنهم فيها بصيغة عن ..عن ...عن..و لا يمكن لأي كان أن يثبت وجودهم الفعلي والتاريخي و ربما يكونون هم الاعداء؟
و كيف يكرر امثال وجدي غنيم وما اكثرهم دون ملل عبارة "لم يكن مُمَكَّنا" و يتحدثون عن "التمكين" للرسول و كأنه كان مسالما عند دعوته العرب في البداية للتوحيد ونبذ عبادة الاصنام و النهي عن الاقتتال و قتل الاطفال و القول بلا إكراهية الدين ... إلخ فقط لأنه لم تكن لديه مليشيا مسلحة و لكن عينه كانت على الرئاسة والمُلك و السيادة عليهم ؟
و بمجرد ما تَمَكن من تكوينها (المليشا) إنقلب عليهم و صاريفرض عليهم أفكاره و دفع الأموال له بالسيف وكأنه لم يكن له مال..
هنا مرة أخرى عند الحديث عن "التمكين" يرسمون ملامح شخص مخادع و كذاب و حاشا ما رسموا .
فحين تُروى لنا قصة ذلك اليهودي الذي كان يرمي القمامة أمام بيت الرسول و الذي لما لاحظ مرة أنه لم يرم له القمامة أمام بيته ذهب لزيارته فوجده مريضا وواساه كسلوك حضاري غاية في الجمال ، ثم يقال لنا في رواية أخرى أنه أمر بقتل يهود بني قريضة فهنا ما لا يقبله لا عقل و لا منطق .ولابد من طرح السؤال :هل هذه الرواية الأخيرة تتماشى منطقيا مع الأولى و مع أخلاق من هو على خلق عظيم؟
طبعا مجزرة بني قريضة مفبركة لإثارة العداوة بين العرب واليهود حتى لا تقوم لهم قائمة إلى الأبد .و هذا ما نراه اليوم و منذ ذلك التاريخ . و لذلك فهي ليست حقيقية .
الحقيقة هي أن هذه الصورة (صورة المجرمين) ، و حاشا في شخصه ،هي ما اراد اعداؤه رسمَها له من خلال تلك الروايات المفبركة بعد وفاته والتي تقول إحداها مرة اخرى علاوة على حكاية التمكين أعلاه انه هرب للمدينة خوفا من القتل و لم يكن فقط مهاجرا لها لاستكمال دعوته هناك بنكران ذات ليس له مثيل غير ساع لنفوذ سياسي أو لمال .
للأسف أن الذين يكررون هذه الروايات المفبركة عن الرسول دون عقل يسقطون في مصيدة الأكاذيب التي صدقوها بلا دليل مادي على صحتها و التي بها أراد اعداؤه تصفية الحساب معه و أرادوا أن يصدقها الناس فيما بعد لتنتهي قصة الاسلام الحقيقية التي ابهرت العقول . و لذلك اخترعوها بعناية المدلسين المحترفين بعد وفاته في ذلك الزمان .لأنه لن ينفي أبدا ما نُسب اليه.
وقد نجحوا في ذلك طالما أن أمثال وجدي غنيم كعميان عقل كثيرين لا يزالون يروون عن الرسول اقوالا و أفعالا يندى لها الجبين و بوقاحة منقطعة النظير غير منتبهين لما يقولون عن شخص يعتبرونه مقدسا ثم يقولون "صلعم" و كأنهم لم يقولوا شيئا مشينا على الاطلاق.
من الجاهل اذن ؟
الدليل على جهلهم هو هذا الكم الهائل من الروايات المتضاربة والنصوص المتناقضة التي يزخر بها الثراث الاسلامي والتي لا يزالون يكررونها ولم يعرفوا لحدود الآن كيف يحلوا هذه الإشكال .
ولقد أثبت الدكتور طه حسين في كتابه "في الشعر الجاهلي" بما لا يدع مجالا للشك هذه الفبركة للشعر الجاهلي و للنصوص الدينية بعد الاسلام .
و في نظرنا المتواضع فربط الاسلام بالسياسة و النفوذ والاقتصاد بعد وفاة الرسول و إلحاق الدين بالحاكم منذ ذلك الزمان هو ما أدى لإقبار قصة الاسلام الحقيقية والبسيطة التي ليست سوى وجهة نظر مقترَحة مسلحة بالعقل و المنطق لعبادة الله الواحد عوض الاصنام معترِفة بحرية الناس و عدم الاكراه و نافعة للعرب في ثنيهم عن قتل بعضهم بعضا و قتل الآخرين و قتل فلذات أكبادهم و السطو على ممتلكات بعضهم و ممتلكات الآخرين.
هذه القصة التي تحدثنا عن بعض ملامحها في مقالات سابقة و التي لها نصوص محترمة في الثراث لا تجعل من رسول العرب طامعا في مال او سلطة او ارهابيا او من قطاع الطرق الذين يجرون جريا وراء الغنائم أو من المخادعين كما رسمها الطامعون الأوائل في ذلك كله وأبَّدها بالسيف تابِعوهم عبر القرون حتى صيروا الناس شهود زور رغما عنهم على قصة أخرى مشوِّهة للاسلام نشروها على اوسع نطاق للاسف و أنتجوا النصوص المؤسِّسة لها على مدى العشرات من السنين الاولى بعد وفاة الرسول لتصفية الحساب مع معارضيهم السياسيين .لذلك إبتدعوا كل أصناف التنكيل بجسم الإنسان و سموها شريعة بإسم الإسلام و هو منها براء .ثم منعوا الناس من الإقتراب بالعقل مما صنعوا عن طريق الترهيب و التهديد ليكون لهم هم التمكين الذي نسبوه للرسول حتى إذا سأل أحد عن الإسلام قيل له "هو سطو على السلطات وسبي للنساء و بيع لهن في الاسواق و قتل للانفس بدون حساب و نكاح بلا عدد و غزو و احتلال و غنائم مثل ما روجت لذلك منظمات المجرمين متعددة الجنسيات كداعش و القاعدة وأخواتهما.
هذا الربط هو ما يُمَكننا من تفسير تضارب الروايات بعضها مع بعض و تناقضها كناتج عن تخنذق الرواة و المتدخلين في انتاج النصوص الثراثية يا إما مع من كان لهم نفوذ سياسي و إقتصادي أوكانوا حكاما أو مع من كانوا معارضين لهؤلاء .و هو ما يَتجلى بوضوح تام في روايات السنة والشيعة و يفسِّر ذلك العداء الابدي بينهما الذي هو في واقع الامرعداء سياسي على الزعامة و الثروات لا على الدين و الاخلاق.اذ لا اخلاق في السياسة حسب هؤلاء.
يقول الدكتور صبحي الصالح في صدد الروايات المتناقضة في مقدمة كتابه "مباحث في علوم القرآن" الصفحة 9 ما يلي :
"و لقد يكون عسيرا على الباحث العصري في شؤون الاسلام و القرآن أن يرجع إلى الكتب القديمة ليعثر على شيء من طلْبته في تأويل آية ، أوتحريرفكرة ، أو تحليل أدبي لمقطع من كتاب الله ، لما في جل تلك الكتب من روايات متضاربة و آراء يكثر التعارض بينها في تأويل الآية الواحدة . و يُخيل إلينا أن هذا التضارب – و إن كان حتما لا مفر منه في الشروح الإنسانية – هو في كتبنا أصل الداء و شر البلاء ، فلابد لنا في كل آية من وجه نختاره وتفسيير نرضاه ، دون أن نجزم حقا بأننا وقفنا حقا على المراد من كلام الله . "
انتهى كلام الدكتور صبحي الصالح في مقدمته لكتابه.
و هو يؤكد لنا أنه لا يعرف هل صحيح فعلا ما كَتب حول الاسلام و القرآن أم لا .وكأنه ينبهنا إلى ضرورة وضع علامة إستفهام حول نتيجة الكتاب ككل .لكنه للاسف يقف عند وصف ما لاحظ من مظاهر التناقض و التضارب بين الروايات في الثراث الاسلامي دون أن يقدم لنا تفسيرا للظاهرة مثل ما تفضلنا باقتراحه و هو حقيقة نلاحظها في وقتنا الحالي في تضارب الاراء بين الكُتاب الحاليين الذين لا يزالون يعيشون نفس الاجواء رغم اختلاف العصور للأسف حسب موقعهم إن كانوا مؤيدين لمختلف الحكام باسم الاسلام أو مؤيدين لمعارضيهم.
و لم يتأتى لنا ذلك إلا عندما اكتشفنا ان ربط الاسلام بالسياسة رغم انه برئ منها هو ما ادى لهذا البلاء حسب تعبير الدكتور صبحي الصالح.
و المسألة الأخرى التي لم يشر لها الدكتور في كل كتابه المذكور أعلاه وهي مسألة الأمانة العلمية في الخطاب.و التي هي في الواقع "أصل الداء" حسب تعبيره.
و مفادها كما في الفيديو أن المتحدث يتكلم أو يكتب و كأنه عاش في القرن 7 الميلادي و عاين الأحداث التي يروي عنها و يصبح هو راويًا ايضا فيقول مثلا " كان الرسول مارا من أمام كذا ثم فعل كذا و كذا " دون أن يقول "حسب السيرة أو حسب ما رُوي في رواية كذا أو فلان " .. لكي يفهم المستمع أو القارئ أنه ينقل عن آخرين و يَعْرف المصادر التي كان يتحدث من خلالها المتكلم.و هو بذلك كأنما يصدق أن ما سمعه أو قرأه عن الثراث و يقال له فيه انه صحيح فكله صحيح دون ادنى شك و يتبناه على أنه كذلك أو وكأنه إذا بدأتَ كلامك بقال الرسول أو قال الله فقد صارت لك الرخصة لتقول ماشئت دون تتوقع اي اعتراض عقلاني او سؤال.
هذا يبين ضعف إشتغال آليات العقل عند هؤلاء وتموقعهم داخل فعل الخطاب الذي يباشرون بتوجههم للجمهور .و هو ما لا يدفع الآخرين للانتباه أن الكلام المحكي يتعلق بروايات فحسب يمكن الفهم منه أنها قد تكون غير صحيحة او فيها زيادة و نقصان او مبالغة.
فكيف يزعمون أنهم أهل لزعامة الأمة ؟ و كيف يزعمون أن لهم مشروعا لنهضة الأمة وتقدمها يمَكنهم من المساهمة به لترفع الامة رأسها قدام باقي الامم والشعوب ، و هم على هذا النحو المزري من البؤس الفكري الذي لم يوت اليونان في القرن الرابع قبل الميلاد مثله و هم يعيشون في القرن الواحد والعشرين ؟
هل هناك مهزلة اكبر من هذه ؟.
إن أمثال وجدي غنيم لا يمكنهم للاسف القيام بأي إصلاح ديني في المنطقة مثل أولئك الكهنة الأروبيين و على رأسهم القس الألماني مارتن لوثر الذين أسقطوا السلطة الدينية لرجال الدين الكاثوليك الذين يعتبرونها من الأسرار الكهنوتية وراثتها مباشرة من تلاميذ المسيح الذين ورثوها من المسيح أي من السماء . أسقطوها تلك السلطة من السماء للأرض أي نحو الكتاب المقدس الذي صار الحَكم الفصل بين ما يتطابق مع تعاليم المسيح و ما يخالفها .و فتحوا بذلك الباب أمام نقد هذا الكتاب على نطاق واسع .و فتحوا الباب أمام زوال ديكتاتوريات أروبا التي كانت تحاكِم العلماء و تكبل العقل الذي أخرج أروبا من ظلامها .
السؤال الذي يطرح نفسه إذن هو هل مِن فئة أخرى في المنطقة من رجال الدين الإصلاحيين الشجعان أمثال مارتن لوثر و رفاقه ، مثل ما تفضل رفاق راشد الغنوشي في تونس و أعلنوا بشجاعة على الأقل فصل العمل الدعوي عن العمل السياسي و لو انهم لم يَنْفذوا لعمق المشكلة، لتُسقط السلطة الدينية ليس من رجال الدين أنفسهم نحو الكتاب المقدس أي القرآن و إنما من السياسة و إرتباط الإسلام بالحكام نحو الجامعات أولاً لإعفاء الحكام رغم حسن نيتهم من شهادة الزور التاريخية على طبعة للإسلام مزورة غيرحقيقية طبخها الأقدمون و لصقت بهم لصقا وثانيا للكشف بأساليب العلم الحديث و العقل وعن طريق التنقيب الدؤوب لنفض غبار التزوير و التدليس والتناقض و المبالغة عنه حتى تظهر بكل وضوح حقيقته التي قلنا سابقا و نكررها مرة أخرى بكل اطمئنان و هي أن الإسلام لا هو سياسة أو شريعة للسطو أو القتل أو الغزو أو الاحتلال أو سبي النساء او الإرهاب و انما دعوة توحيدية للعرب مبنية على التأمل و العقل والاخلاق الرفيعة أي دينا و ملة حسب المفهوم الذي بدأنا به هذا المقال؟
هذا هو السؤال الذي ستجيب عنه ربما الأيام القادمة أو الشهور أو الأعوام .
في إنتظار ذلك تحياتي للجميع .
و أتمنى لكل فرد فرد في المنطقة مهما كان حاكما أو محكوما ، خاصة بعد تكالب قوى الظلام عليها، صحة جيدة وطول عمر و راحة بال .



#كمال_آيت_بن_يوبا (هاشتاغ)       Kamal_Ait_Ben_Yuba#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلمانية ليست بالعافية، ردا على التحريض في المغرب
- الله مسؤول عن تنظيم الحيوانات الإجتماعية - مقال قصير-
- حزب البام هوالذي فاز في الحقيقة بالانتخابات في المغرب
- الأمل بعد انتخابات 7 اكتوبر في المغرب
- بيان إتحاد الألوهيين بخصوص الناشط السياسي ناهض حتر
- لا يمكن معارضة دولة مرغوب فيها دوليا
- حضور المستشار أندري أزولاي لجنازة بيريز شأنه الخاص
- في المغرب هناك ما هو أكبر من الإنتخابات
- سندعو لإختيار الاشتراكيين و البام في إنتخابات البرلمان المغر ...
- القمني وأخرون في نفس وضع محمد رغم 14 قرنا مسافة
- أدعو لحذف التربية الدينية من مدارس الأطفال في شمال افريقيا
- ترجمة علوم الدين اليوم ب sciences جهل كبير
- كيف تمحو 13 سنة الأمازيغية الصامدة 1400 سنة تقريبا؟
- الوزيرالمغربي عزيز اخنوش سيمحو 5 سنوات غبنا إذا..
- كافر وكافرين أصلها يهودي من Gavre وGavrim
- هل السعودية قادرة على علاقات عادية مع اسرائيل؟
- التعاقد السياسي والحاكم المستمر
- الاسلام ليس مُلكا و إنما دعوة اخلاقية توحيدية
- لِحامد عبد الصمد: الاسلام ومحمد لم يكونا إرهابيين
- إصلاح التقاعد المغربي يوجب أيضا إصلاح المصطلح


المزيد.....




- سلي طفلك مع قناة طيور الجنة إليك تردد القناة الجديد على الأق ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على النايل ...
- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كمال آيت بن يوبا - هل مِن أمثال مارتن لوثر و رفاقه للإسلام؟