أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - السيد نصر الدين السيد - القيراط الخامس والعشرين















المزيد.....

القيراط الخامس والعشرين


السيد نصر الدين السيد

الحوار المتمدن-العدد: 5314 - 2016 / 10 / 15 - 18:25
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


"انما عثرت لك علي حسبه بسيطه من صدر الدوله المملوكيه في عهد السلطان حسام الدين لاجيين ( 967 هـ، 1559م) وقد قسمت مصر إلي 24 قيراطا : 4 للسلطان ، وعشره للأمراء والإطلاقات، وعشره للجند، هل عرفت نصيب الشعب المصري من خيرات ارضه ونيله وشمسه ؟ ............انه القيراط الخامس والعشرون، ومكانه .. مملكه السماء"
سندباد مصري، حسين فوزي


طرحت في مقالي السابق سؤالين ووعدت قرائي بأني سأحاول الإجابة عليهما.
وكان أولهما هو "ماهي العوامل التي أسهمت ولا تزال تسهم في انتشار هذا الفكر (الفكر الإسلامي المتشدد)؟ ".

وعندما بدأت محاولة الإجابة اكتشفت مدى الورطة التي أوقعت نفسي فيها! فبداية هو سؤال مركب لتعدد مظاهر هذا الفكر بدءا من خطاب دعوي حاد يخرج من الملة كل من يخالفهم، وانتهاءا بشاب يرتدي حزاما ناسفا ليفجر نفسه بين من يعتقد انهم من الكفار، ومرورا بارتداء زي خاص يميزهم عن عموم المسلمين.


الا ان محاولة للإجابة لابد وان تبدأ من التعرف على مسرح الأحداث. ومسرح الأحداث في حالتنا هو كوكب الأرض بكل مكوناته من مجتمعات بشرية وعلاقات متنوعة تربطها سويا. والمتأمل لأحوال تلك المجتمعات التي حققت لمواطنيها مستوى رفاه، مادي ومعنوي، مرتفع لا بد وجود شيء مشترك فيما بينها. انه حضارة (*) الحداثة التي لا نجد عبارة أفضل من عبارة "تمكين الانسان" تصف جوهرها.

فالإنسان في نظرها هو بالضرورة انسان "فاعل" بكل ما تنطوي كلمة من دلالات. فهو في نظرها كائن مستقل لا يخضع لأي وصاية من أي نوع، وهو قادر على تحديد مصيره بنفسه، وعلى التمييز بين الخطأ والصواب، وهو مسئول عن اتخاذ القرار فيما يخصه من أمور. والحفاظ على كرامة الانسان وحقه في حرية التفكير والتعبير والاستمتاع بالحياة هي القيم التي ينبغي تبنيها والدفاع عنها. أما مجال فعله فهو "عالم الشهادة" الذي يمارس فيه افعاله على مرأى من الجميع ويحاسب او يكافأ آنيا دون أي تأجيل.

ولا يتحقق "تمكين الانسان" دون تزويده بـ "آلية ذهنية" تمكنه من فهم ما يدور حوله من احداث، و"آلية سياسية" تمكنه من الاشتراك في صياغة ما يمسه من قرارات. وكان العلم ومناهجه هو الآلية الذهنية التي تستخدمها هذه الحضارة في فهم كلا من الواقع الطبيعي والواقع الاجتماعي وفي تطويعهم لصالح رفاه الانسان. وكانت الديموقراطية هي الآلية السياسية التي تسمح لأفراد المجتمع بالسيطرة على مقدرات أمورهم وذلك عبر وسائل متعددة مثل الاستفتاء على الأمور والقرارات التي قد تؤثر على أحوالهم، أو انتخاب ممثلين ينوبون عنهم في رعاية مصالحهم.
وقد حققت هذه الحضارة للمجتمعات التي تبنت قيمها مستوى رفاه غير مسبوق لأفرادها. وقد ادي استخدام آليتين تمكين الانسان، الذهنية والسياسية، الى تزايد تعقد هذه المجتمعات. وهو التعقد الذي يتمثل في "التنوع الفائق"، "التواقف المتزايد"، و"التغير المتسارع". ويتعلق "التنوع الفائق"، أول أبعاد التعقد، بتعدد وتنوع مكونات المجتمع المادية والمعنوية والبنيوية. ولا يقتصر تعدد وتنوع مكونات المجتمع الحديث على مكوناته المادية المتمثلة فيما ينتجه من سلع مصنعة بل يمتد أيضا ليشمل مكوناته غير المادية (المعنوية) بما تنطوي عليه من رؤى ومعتقدات وأفكار. أما ثاني أبعاد التعقد، "التواقف" (أو "الاعتمادية المتبادلة") Interdependence، فيتعلق بطبيعة العلاقات بين مكونات المجتمع الحديث والتي تتميز باعتماد وجود كل مكون من هذه المكونات وأفعاله على إمكانيات وأفعال بقية المكونات. ونصل أخيرا إلى ثالث إبعاد التعقد، "التغير المتسارع"، فلقد بلغت معدلات التغيير خلال العقد الأول من القرن الواحد والعشرين تبلغ خمسة أضعاف متوسط معدلات التغيير في القرن العشرين. ومن أسباب هذا التغير المتسارع الرئيسية التقلص المتزايد للفترة اللازمة لتحويل الاكتشاف العلمي إلى منتجات ملموسة أو خدمات محسوسة ذات عائد إقصاد مرتفع. فلقد تقلصت هذه الفترة من 31 سنة في أوائل القرن العشرين لتصبح اليوم حوالي ثماني سنوات. واليوم يتراوح زمن دورة التغيير والتجديد في التكنولوجيا والمؤسسات الاجتماعية ما بين 6 و8 سنوات.

والسؤال الآن هو "هل اسهمت هذه الحضارة في انتشار الفكر المتشدد؟" والاجابة، غير المتوقعة، هي بنعم!

فبداية يشكل تعقد مجتمعات حضارة الحداثة مأزق للعقل البسيط وهو عقل كسول لم يتعود على التفكير. لذا نراه يبحث عن فكر بسيط يساعده على اتخاذ موقف من مجتمعات حضارة الحداثة التي حققت إنجازات لا يمكن انكارها. وبالطبع لا بأس ان كان هذا لهذا الفكر خلفية دينية. وهنا يأتي الفكر المتشدد ليقدم الملاذ الآمن لكُسالَى العقول.

فبداية هو فكر قائم على "الثنائيات" فرؤيته للأمور تختزل ثراء ألوان الواقع المعاش والملموس إلى لونين فقط هما الأبيض والأسود رافضة بذلك الاعتراف حتى بوجود الرماديات. أما أحكامه على الأفكار فلا تخرج عن حكمي "الصواب المطلق" أو "الخطأ المبين". لذا نراه يكره التعدد والتنوع فيعمد عند تحليله لظواهر الواقع وأحداثه إلى "إغفال" أغلب العناصر الداخلة في تشكيلها. أما نظرته إلى طبيعة العلاقات بين مكونات الواقع المعاصر فتحكمها ثنائية "القبول المطلق" و"الرفض اللامحدود"، أو ثنائية "الفسطاطين"، التي لا مكان فيها لمفهوم "التواقف". أو بلغة "نظرية المباريات" يعتبر فكر التشدد العلاقة بين أي طرفين كـ "مباراة صفرية" نتيجتها النهائية هي طرف "غالب" وطرف "مغلوب". وأخيرا يقف هذ الفكر أمام "التغير المتسارع" موقف "قلة الحيلة" إذ لا تسمح له إمكانياته بالمشاركة في صنعه ولا تسمح له قدراته باستيعابه والتكيف معه ليقع في فخ "الاغتراب". وهكذا لا يجد فكر التشدد أمامه للهروب من هذا الفخ إلا طريقان. الطريق الأول هو التشبث بإعادة إنتاج حقبة تاريخية يطلق عليها اسم "العصر الذهبي"...!. ويقدم لأتباعه وللساعين اليه نوعا من "الوهم اللذيذ" يتمثل في تاريخ مغلوط ممتزج بالأساطير يرسم صورة غير حقيقية لوقائع التاريخ ولأحداثه. أما الطريق الثاني فهو الهروب من "عالم الشهادة" إلى "عالم الغيب" متلمسا الراحة في الفردوس المنشود ...؟ فعجزه عن تغيير الواقع المعاش (عالم الشهادة) يجعله يركز على "عالم الغيب" على "القيراط الخامس والعشرين.

وهكذا بقدر غياب آليتي التمكين (العلم والديموقراطية) بقدر تغلغل فكر التشدد وانتشاره في خواء العقول.

(*) "أعلى تجمع ثقافي من البشر وأعرض مستوى من الهوية الثقافية التي تميزهم عن الآخرين. ويمكن تعريفها بمجموعة من العناصر الموضوعية المشتركة مثل اللغة، التاريخ، الدين، العادات، والمؤسسات، هذا بالإضافة الى العناصر الذاتية المتعلقة بكيف يرى الافراد أنفسهم" (Huntington, 1993) .

المراجع
Huntington, S. P. 1993. The Clash of Civilizations? Foreign Affairs, 72(3): 22-49.



#السيد_نصر_الدين_السيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسطورة تجديد الخطاب
- أمة في أزمة
- حاوريني يا طيطة
- حكاية المنظومتين
- محاكمة الحضارات
- ومن التفكير ما قتل
- هذا ما جناه علينا ارسطو
- الكمبيوتر -بَوَظ الصنعة-
- العلم من جنة اليقين الى دنيا الاحتمالات
- مواطنين لا رعايا
- السياسي والأكاديمي: الحوار المفتَقد والحل المنتَظر
- أعمدة الحكمة السبعة
- الحضارات لا تموت قتلا، وانما تموت انتحارا
- ثقافتنا المعاصرة ووظائفها المُعطَلة
- نحن وزمن -الما بعد-
- الاصالة والمعاصرة: الرنيسانس (*) (2/2)
- الاصالة والمعاصرة: عنقاء الزمان (1/2)
- انتخبني من فضلك
- كليات القمة: طبقية التخصصات واهدار الممكن
- حكاية -ماضي كان- واخوه -بكره حيكون-: النبوءة (3/3)


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - السيد نصر الدين السيد - القيراط الخامس والعشرين