أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اسعد عبدالله عبدعلي - كاتب مفلس, ورجل مهموم, وأنف امرأة














المزيد.....

كاتب مفلس, ورجل مهموم, وأنف امرأة


اسعد عبدالله عبدعلي

الحوار المتمدن-العدد: 5309 - 2016 / 10 / 9 - 20:17
المحور: الادب والفن
    


كاتب مفلس, ورجل مهموم, وأنف امرأة

بقلم/ اسعد عبدالله عبدعلي

قررت أن اذهب الى أبو نجم كي يجد حل لمشكلتي, فصاحب البيت يطالبني بدفع الإيجار أو أخلاء البيت, وأنا ألان مفلس, فنحن عائلة بالكاد نعيش, وكنت اعلم أن أبو نجم في مقهى أبو علي كعادته كل صباح, فأسرعت المشي نحو المقهى, ووجدت أبو نجم حزينا كئيبا جالسا وحده في طرف المقهى, فقط هو واستكان الشاي, لقد كان أبو نجم لنا دوما جبل من الأمل, فهو كبير المتفائلين في العراق, لم أعهده بهذه الهيئة الحزينة, فأسرعت للسلام عليه, وسحبت كرسي وجلست بجنبه, وقلت له:
- ما بك أبو نجم, تبدو على غير طبيعتك, فالحزن يلف كيانك, حدثني هل الم بك مكروه.
رفع رأسه ببطء ونظر في وجهي, وعينيه تغرقان في بحرا من الهم, كأن ألف عام مرت عليه, قال بصعوبة:
- زوجتي مريضة جدا, وتحتاج لعملية خارج البلد, انه ورم خبيث اكتشفه الطبيب صدفة, ولا علاج له في البلد, وأنا كما تعلم متعسر دوماً, بالكاد أعيش, ولا اعلم ماذا افعل, ستون مليون دينار صرفها الوطن على مؤخرة سياسي, وأنا احتاج مليونين دينار فقط, فتبخل علي دولتي الحنونة, مع تعسري وبحبوحة صاحب المؤخرة, فانظر الى الظلم في العراق.
سكتٌ عن مطلبي, ولم أجد من الكلام ما يمكن أن يواسي صديقي, أو يمكن أن يفرج عنه الهم, فمصيبته لا حل لها, وقد يكون عليه أن ينتظر الموت, كما انتظره حجي شامل عندما أصيب بورم خبيث قبل سنتين, لكننا دوما نكذب على بعضنا, كي نزيل عن خاطرنا فكرة الحزن القادم, أمل ممزوج بوهم, فقلت له:
- يا عم تسلح بالأمل, أنت كبيرنا وأستاذنا, ومنك تعلمنا التفاؤل, ستفرج بأذن الله.
سكت الحاج وأكمل ارتشاف الشاي, لحظتها اقبل علينا صديقنا زهير الموظف المسكين, ليبدد سكون مجلسنا, وقد بان عليه الغضب والثورة, سلم بصوت كله حرقة وآلم, ثم جلس واخرج سيكارته وأشعلها, وطلبت له شاي بالهيل, وقلت له:
- ما بك يا صديقي, هل عادت الضائقة المالية لتخنق وجودك, كما تفعلها كل شهر, مع قرب تبخر الراتب البائس؟
سحب نفسا عميقا من سيكارته ليملأ وجوده بدخان, دخان يحسسه ببعض اللذة والأمل, الممزوج بتحذيرات المرض والموت,التفت نحوي وقال:
- الموضوع مختلف, يتعلق بشارع حينا (شارع حي البتول).
- الم يصلحوه؟ أتذكر شكواك منذ عام تقريبا!
إطفاء سيكارته بعصبية, كأنه بركان سيثور, وقال:
- عندما نخرج صباحا للعمل ونمر بشارع حي البتول العجيب, أتذكر كم من الساسة الذين جاءوا لزيارة الشارع والتبرك بما بقي من أسفلته, من أمينة العاصمة المصونة, الى محافظ بغداد الخدوم, الى جمع من جهابذة البرلمان ومجلس حافظة بغداد, ممن وعدوا أهل المناطق الفقير خيرا, وان الشارع سيكون كشوارع المنصور أو اليرموك.
- ومتى يفعلوها, ويصلحون الشارع العجيب؟
- لن يصلح هذا الشارع أبدا, لان السياسة عندنا عبارة عن زريبة للحمير والخنازير.
فضحكنا من توصيف زهير لساسة البلد, ثم ارتشف زهير رشفة شاي بصوت مسموع, كأنه يريد أن يقول شيء مهم, فأكمل زهير:
- المصيبة كما تعرفون تتضخم على الفقراء, ويجب أن تكتمل, فقبل أيام انقلبت "ستوتة" بفعل حفرة بالشارع, وحصلت كسور وجروح للركاب, وكان احدهم جدتي المسنة, وهي ألان مريضة, مكسورة الضلع.
ضحك أبو نجم بشكل هستيري وقال: مسكينة جدتك, أتذكر انفها الكبير, فضحكنا وضحك زهير, ثم أكمل حديثه:
- العشيرة جعلت غضبها على سائق الستوتة المسكين, وتطالبه بفصل عشائري, مع أني نصحتهم بان نطلب فصل عشائري من رئيس الوزراء أو من محافظ بغداد أم من أمينة العاصمة, فضحك الشيخ وكبار العشيرة من كلامي, لكن ما يشغلني ألان كيف أجد ثمن العلاج لجدتي.
فقلت لزهير: (سيجزلون لك العطاء, فقط طالبهم بجواري حسان كثمن مقابل جمال جدتك الزائل بسبب الحادث), وتضاحكنا, ثم قال أبو نجم بتهكم:
- طالبهم بعملية تجميل لأنف جدتك.
فضحكنا جميعا, حتى دمعت عيوننا, فكان ضحك كالبكاء.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اسعد عبدالله عبدعلي
كاتب وأعلامي عراقي
الايميل الدائم / [email protected]



#اسعد_عبدالله_عبدعلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النقل والسياحة النهرية ضرورة مفقودة
- حديث منتصف الليل عن كربلاء
- مهنة صباغ الأحذية والتحديات الاجتماعية
- منهج صدام حسين في تدمير الجيش العراقي
- مرض السرطان, ومحنة غياب العلاج في العراق
- حوار بعثي ساخن
- البصقة البريئة
- لصوص صندوق تنمية العراق (DFI ), متى يحاكمون؟
- الباص, صراع وإزعاج وتدخين وتحرش
- المصارف الأهلية بوابة للفساد
- الدوري العراقي ومصيبة التشفير
- من علامات العشق السعودي – الإسرائيلي
- لماذا يفتتح مرتين مستشفى الأمام الصادق في الحلة؟!
- التحالف الوطني وانتظار الانطلاقة الجديدة
- مشروع مترو بغداد بين الحلم والوهم
- جمعة الصواريخ في بغداد... شكرا لكم
- أفكار امرأة أنانية
- يا وزارة التربية, نريد مدارس لصعوبات التعلم
- إياك والمرور بشارع التعذيب ( شارع نهاية الداخل)
- يوم الثلاثاء الملعون


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اسعد عبدالله عبدعلي - كاتب مفلس, ورجل مهموم, وأنف امرأة