أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الحسين شعبان - تضاريس التنوع الثقافي














المزيد.....

تضاريس التنوع الثقافي


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 5308 - 2016 / 10 / 8 - 18:38
المحور: الادب والفن
    



إذا كانت موجة اللجوء والهجرة التي اجتاحت أوروبا بشكل خاص والغرب بشكل عام في الفترة الأخيرة قد طرحت مسألة التنوّع الثقافي مجدداً وعلى نحو حاد ، ارتباطاً مع صعود ظاهرة الإرهاب الدولي واستشراء العنف، فإن زاوية النظر إليها تختلف باختلاف المجتمعات الغربية ذاتها، وتعاطيها مع هجرات سابقة منذ أواسط القرن الماضي، بانتقال أفراد ومجموعات إليها من الدول المستعمَرة سابقاً، الأمر الذي خلق احتكاكاً وتناقضاً يتراوح بين الاندماج والإقصاء، وبين الشمولية الثقافية السائدة، والخصوصية التي تريد الحفاظ على مكوّناتها وهوّيتها.
لكن الخصوصية والهوّية الفرعية في العديد من الدول الغربية، كانت هي الأخرى محطّ نقاش وجدل طويلين، وشدّ وجذب قبل موجة الهجرة واللجوء، ففي كندا شهدت حركة الدفاع عن اللغة والثقافة الفرنسية في مقاطعة الكيبك، نشاطاً هدفه تأكيد سياسة الاعتراف بالتعدّدية الثقافية. وفي الولايات المتحدة نشطت حركات اجتماعية وسياسية مناهضة للتمييز العنصري، بالترافق مع حركة الحقوق المدنية التي قادها القس مارتن لوثر كينغ، والتي اضطرّت واشنطن إلى الاعتراف بها في العام 1964. وفي البلدين لا تزال قضية الهنود الحمر قائمة على الرغم من إعلان الأمم المتحدة حول " حقوق الشعوب الأصيلة" الصادر العام 2007 عن الأمم المتحدة، والأمر ذاته بخصوص الأبوريجان في استراليا، والمورو في نيوزيلاندا والسام في إسكندينافيا.
ومنذ انهيار الكتلة الاشتراكية وانتهاء الحرب الباردة في أواخر الثمانينات بدأت قضايا الحق في الاختلاف والهوّية والتسامح والمواطنة تظهر على خارطة السياسة الدولية ارتباطاً بحقوق الإنسان، وارتفع رصيد فكرة المساواة في الحقوق، وبين الهوّيات صغيرها وكبيرها، على أساس احترام الخصوصيات، وهكذا بدأت ملامح جديدة داخل المجتمعات الأوروبية والغربية تبرز بحكم وجود مشكلات قائمة مثل: كاتالونيا والباسك في إسبانيا واسكتلندا في بريطانيا والصراع بين الوالونيين والفلامانيين في بلجيكا ومشكلات التنوّع الثقافي في جنوب فرنسا وإيطاليا وغيرها.
الإشكالية بالتدرّج أصبحت واقعاً يحتاج إلى تسيير التعدّد وإدارة الاختلاف والتنوّع للجماعات الإثنية والثقافية وتقنين الأسس والقواعد الناظمة للعلاقات، بإقرار حق كل جماعة في التعبير الحر وواجب الدولة حماية وتنمية وتطوير هذا الاختلاف والتنوّع، وإذا كان الخلاف قد استمرّ، فإنه حول سبل الإدارة والصيغ القانونية الكفيلة بحلّه سلمياً، من خلال البرلمانات والاستفتاءات وحشد الرأي العام، كما إن النظر إليه وإنْ كان ينطلق من زاوية حقوق الإنسان (الفرد)، ولاسيّما حقه في الكرامة، إلاّ أنه يتجسّد في إطار مجموعة ثقافية ذات هوّية، وبالطبع فإن مثل هذا الأمر يحتاج إلى إقرار قاعدة المساواة.
وجرّاء هذا التطور ذهب البعض لإبداء تخوّفه بخصوص التعارض بين قيم الليبرالية والتعدّدية الثقافية، باعتبار الأولى تختص بالفرد، في حين إن الثانية تندرج في إطار المجاميع الثقافية، وذلك لأن المجتمعات التي نتحدّث عنها هي مجتمعات متعدّدة الثقافات والهوّيات، مع وجود هوّية جامعة، الأمر الذي يقتضي تأكيد مبادئ المساواة انسجاماً مع العدل.
ويذهب كاتب مثل ويل كيميليكا إلى الدعوة لتغيير بعض عناصر النظرية الليبرالية من موضوع المواطنة، التي تميّز بين الفضاء الخاص والفضاء العام، فالأول يمتاز بالحرّية الكاملة ولا يحق لأحد التدخل فيه والمقصود الفرد، في حين إن الفضاء الثاني يتعلق بالعموم، وهو حقل الممارسة السياسية، والفرد الحر يصبح فيه مواطناً، له موقع قانوني وحقوق وواجبات، ويتمتع بالمساواة مع المواطن الآخر. وبهذا المعنى فلا يوجد تمييز صريح وفاصل بين الفضاء الخاص والفضاء العام في المواطنة، لإن وضع هذا التمايز سيؤدي إلى تهميش المجاميع الثقافية وإنكار التعدّدية وإلغاء التنوّع الديني والإثني واللغوي، تلك التي تستصغرها الثقافة المهيمنة، خصوصاً باتباعها سياسة آحادية، لاسيّما في مجال التربية والتعليم والثقافة واللغة وغيرها.
الفرد دائماً موجود في سياق ثقافي، ولا يمكن فصله حسب هذا التوجّه عن مواطنة ثقافية تعدّدية معينة، وأي فصل بين الفضاء العام والفضاء الخاص يلحق ضرراً بالمجاميع الثقافية الأخرى غير "السائدة" في الدولة، فالدولة حسب وجهة النظر هذه، مُلكٌ للجميع وليست لفئة أو مجموعة ثقافية معينة، وبالتالي لا ينبغي لها إقصاء أو تهميش أحد من المجاميع الثقافية الأخرى، التي تفترض التعامل معها على أساس المساواة، باللغة والثقافة والتاريخ والهوّية، وقد كان ثمن الإنكار فادحاً ليس في العام الثالث الذي شهد حروباً ونزاعات مسلحة، بل في الغرب أيضاً ومنها أوروبا الشرقية.
فما أن تفكّكت الكتلة الاشتراكية، حتى انقسم الاتحاد السوفييتي السابق إلى 15 دولة، وانشطرت يوغسلافيا إلى ستة دول، وانشقت تشيكوسلوفاكيا إلى دولتين، وشهدت الجمهوريات المنقسمة، باستثناء تشيكوسلوفاكيا السابقة، حروباً ونزاعات وتوترات لا حدود لها ولا تزال بعضها مستمرة.
ولعلّ عدم الاعتراف بحقوق المجموعات الثقافية سيكون فادحاً، بارتفاع منسوب اللجوء والهجرة وتدفق مئات آلاف جديدة إلى أوروبا والغرب، وهذا سيضع مسألة التعدّدية الثقافية في الميزان على نحو جديد، وخصوصاً في فرنسا التي تواجه مطالب التعدّدية والتنوّع بتصلّب شديد، في حين إنها وجدت بعض الحلول في بلدان أخرى كما هي بريطانيا والبلدان الانكلوساكسونية على أساس الاندماج، والتعامل مع اللاجئين كبشر لهم حقوق وليسوا دخلاء- حتى وإن نشطت مجاميع يمينية بالضد من ذلك- ولاسيّما بالتوازن بين ما هو كوني وشامل وبين ما هو وطني وخاص، وبين هوّية عامة وهوّيات فرعية .



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن قانون جاستا
- قانون -جاستا- غير القانوني
- الطائفية فيروس خطير ضرب المجتمعات العربية
- حوار مع عبد الحسين شعبان لصحيفة المغرب
- عن الديمقراطية والسوق
- -إسرائيل- الافريقية
- قمة هانغتشو وطريق الحرير
- إسلام ومسلمون
- عن سلطة المثقف
- -الترامبية-: مجابهة الإرهاب بمثله
- رؤية أخرى لكتاب عبد الحسين شعبان (المثقف وفقه الأزمة... ما ب ...
- ل تيسير قبّعة اسم الوردة
- الشيزوفرينيا السياسية في العراق والمربع صفر
- -...ولات ساعة مَنْدَم-
- في ثقافة الاحترام
- رؤيتان لكتاب عبد الحسين شعبان (المثقف وفقه الأزمة... ما بعد ...
- براغ... وثمّة عشق!!
- شرنقة الفساد -العراقية-
- حرية التعبير في العراق.. تأجيل المؤجل
- الأهرام منبر تنوير عروبي بأفق عالمي


المزيد.....




- إيرادات فيلم سيكو سيكو اليومية تتخطى حاجز 2 مليون جنية مصري! ...
- ملامح من حركة سوق الكتاب في دمشق.. تجمعات أدبية ووفرة في الع ...
- كيف ألهمت ثقافة السكن الفريدة في كوريا الجنوبية معرضًا فنيا ...
- شاهد: نظارة تعرض ترجمة فورية أبهرت ضيوف دوليين في حدث هانغتش ...
- -الملفوظات-.. وثيقة دعوية وتاريخية تستكشف منهجية جماعة التبل ...
- -أقوى من أي هجوم أو كفاح مسلح-.. ساويرس يعلق على فيلم -لا أر ...
- -مندوب الليل-... فيلم سعودي يكشف الوجه الخفي للرياض
- الموت يفجع الفنانة اللبنانية كارول سماحة بوفاة زوجها
- وفاة المنتج المصري وليد مصطفى زوج الفنانة اللبنانية كارول سم ...
- الشاعرة ومغنية السوبرانوالرائعة :دسهيرادريس ضيفة صالون النجو ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الحسين شعبان - تضاريس التنوع الثقافي