أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الغني سلامه - الموصل.. المعركة الأشرس والأخطر















المزيد.....

الموصل.. المعركة الأشرس والأخطر


عبد الغني سلامه
كاتب وباحث فلسطيني

(Abdel Ghani Salameh)


الحوار المتمدن-العدد: 5303 - 2016 / 10 / 3 - 12:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد نجاحها في تكريت والفلوجة والأنبار، تستعد حكومة "حيدر العبادي" لمعركة استعادة الموصل، وتحريرها من قبضة داعش، وعلى ما يبدو أن التحضيرات قد اكتملت تقريبا، خاصة بعد تطهير "القيارة" وهي بلدة تشكل مدخلا حيويا مهما للعبور إلى الموصل، وبعد تلقيها وعودات بمساعدات أمريكية (فنية وعسكرية)، ودعما دوليا في هذه المعركة الحاسمة، التي من المتوقع أن تكون الأشرس والأشد فتكا، لجملة من الأسباب؛ أهمها أن الموصل، هي عاصمة "الدولة الإسلامية" التي اتخذها "الخليفة" البغدادي مقرا لحكمه (حزيران 2014)، وهي عقر داره، ومعقله الأهم سياسيا وعسكريا وإستراتيجيا.. وبالتالي سيستميت التنظيم بالدفاع عنها..

بالنظر للجهات التي ستخوض معركة الموصل، يمكن توقع مدى شراستها ودمويتها؛ الجيش العراقي النظامي، وهو غير الجيش الذي عرفناه لعقود طويلة، والذي حلّه "بريمر" بجرة قلم في 2003، ثم أنشأ الأمريكان بدلا منه جيشا جديدا، لم يكتسب الخبرة العسكرية التي كان يتمتع بها سابقه، ولا الانضباط العسكري المعهود عنه، فضلا عن شبهات الفساد التي تحوم حول عدد من قياداته.. كما أن الصبغة الطائفية طاغية على تشكيلاته وكبار ضباطه وخطابه التعبوي.. الجهة الثانية التي ستشارك إلى جانب الجيش هي "الحشد الشعبي"، وهي تشكيلات ميليشوية ذات صبغة طائفية، متهمة بممارسات وحشية، ونُسبت إليها أعمال تنكيل وانتقام.. الجهة الثالثة "قوات البشمركة"، وهي تشكيلات نظامية بموجب الدستور، لكنها مقتصرة على الأكراد، واقترنت تاريخيا بتكتيكات حرب العصابات، وفي حال مشاركتها لا توجد ضمانات بعدم تورطها بأطماع وممارسات ذات بعد قومي عرقي، سيما وأن ولاءها لحكومة أربيل.. هذه الأطراف متفقة حاليا على طرد داعش، لكنها ستختلف بعد ذلك على كل شيء.

في الجهة المقابلة قوات داعش، وهي غنية عن التعريف بمدى قسوتها وإفراطها في العنف وأعمال الانتقام، خاصة وأنها ستكون في موقع الدفاع عن مكتسبات تعتقد جازمة بأنها هبة ربانية، وبالتالي ستخوض القتال باعتباره جهادا في سبيل الله، وبخطاب تعبوي يعطيها رخصة السلب والنهب والقتل والحرق وأخذ السبايا والغنائم..

الموصل، وهي ثاني أكبر مدينة عراقية بعد بغداد، كان يقطنها مليوني مواطن، عربا وأكراد وتركمان وكلدان، مسيحيون ومسلمون ويزيديون، سنة وشيعة.. تعايشوا معا لمئات السنين، قبل أن تأتي داعش وتطرد منها المسيحيين واليزيديين، ثم بعد ذلك يهاجر منها كل من تمكن من الهرب.. لكنها تختلف عن المدن الأخرى التي سيطر عليها داعش، فقد أبقى التنظيم معظم سكان الموصل داخلها، بل وفرض "نظام كفالة" يلزم كل من يغادر المدينة بتحديد ثلاثة رهائن من أقاربه يقع عليهم العقاب ما لم يعد إلى المدينة. هؤلاء السكان المدنيون هم الذين سيدفعون أثمان هذه المعركة، بغض النظر عن نتيجتها.

حسب التقديرات، أغلبية سكان الموصل حاليا من العرب السُنّة، وهم موضع اتهام من قبل كثير من العراقيين بأنهم فرحوا لسقوط مدينتهم، وتخلُّصِهم من سيطرة النظام، وأنهم رحبوا بداعش، وتعاونوا معها.. وهذا بحد ذاته سيكون دافعا للإنتقام منهم. السكان بدورهم يتهمون الجيش والحكومة بالفساد، وأنهم عانوا من حكمهم الكثير، وبالتالي لديهم تخوفات من عودة سيطرة الحكومة العراقية على المحافظة، ما يعني أن موقفهم من المعركة ليس واضحا ولا محسوما، بل ربما يكون مناوئا للجيش.. خاصة وأن سنتين من حكم داعش ليست بالبسيطة في أثرها على التركيبة السكانية للمدينة، وولاءات الناس وأنماط حياتهم وطرائق تفكيرهم..

المعركة لن تكون سهلة، حتى لو تفوق الجيش العراقي وحلفائه بالعدد ونوعية الأسلحة، لأنها ستكون أشبه بحرب العصابات، وسيتخذ تنظيم داعش من سكان المدينة رهائن ومتاريس ودروع بشرية، يحتمي بهم، الأمر الذي سيعطل أهم عناصر القوة العراقية، وهي سلاح الجو.. وحتى لو حُسمت المعركة لصالح الجيش (وهو أمر شبه مؤكد) إلا أن ثمن هذا النصر سيكون خسائر مدنية فادحة، لكنه سيشكل نقطة تحول في الخارطة الجيوسياسية للعراق، كما كان سقوط المدينة قبل سنتين بداية تغيير جديد في المنطقة.

بعد هزيمة داعش في الموصل، ليس من المتوقع نهاية التنظيم، والقضاء عليه كليا، رغم أنها ستكون ضربة موجعة جدا، بل من المرجح – كما حصل مع طالبان- أن يتفكك التنظيم إلى خلايا ومجموعات مسلحة يمكن أن تختفي داخل المدينة (خلايا نائمة)، أو في البوادي، وفي بقية المواقع التي ستظل تحت سيطرة مجموعات من داعش.. وستضرب على شكل عمليات إرهابية تستهدف مدنيين، كما تفعل حاليا في بغداد..

الأكراد الذين سيشاركون بقوة في هذه المعركة، سيطالبون بثمن سياسي لمشاركتهم يتمثل في حصة في الحكم، وهو الأمر الذي لن يقبل به السكان العرب بسهولة، خاصة مع مخاوف التقسيم، وفي ظل الصراعات والأطماع والحسابات التي تدفع دول الإقليم للتدخل بكل قوة (إيران، تركيا، السعودية، إسرائيل)، وهذه الأطراف لها مصالح متضاربة، تشكل الموصل نقطة مركزية لها في هذه المعادلة المعقدة.

التحدي الآخر، والذي لا يقل خطورة، هو حالة الفوضى التي ستعم المدينة، فقد تمارَس أعمال انتقام طائفية، وتصفيات واغتيالات، بين الأطراف المتنازعة، سكان المدينة الأصليون ممن هُجروا أو فروا، خاصة المسيحيين واليزيديين، هؤلاء سيعودون لبيوتهم، لكن بيوتهم استولى عليها داعش ووزعها على أتباعه، وليس من المتوقع أن أن يتم إعادة هذه البيوت لأصحابها بسهولة.. وهذا ينطبق على المحلات والعقارات والمزارع.. والأهم من ذلك، هؤلاء نُكِّل بهم، سُبيت نساءهم، وأهينوا.. والذين أهانوهم وسلبوهم ممتلكاتهم أغلبهم من العشائر المجاورة.. وهذا ربما يكون دافعا للإنتقام..

هذه السيناريوهات المرعبة، والتي نرجو ألا تحدث أبدا، للأسف سبق أن شهدنا نماذج مصغرة عنها، في تكريت والفلوجة، وحتى في بغداد.. حلقة العنف التي افتتحها "بوش" في العراق، بدأت، وكبرت، وهي مرشحة لموجة جديدة دموية، خاصة وأن النزعة الطائفية تسيطر على عقول وقلوب الكثير من الناس، من شتى الطوائف، والتاريخ يخبرنا أن الإقتتال الطائفي هو الأشد ضراوة.

تحرير الموصل مطلب قومي وإنساني ملح.. ولكن الأهم منه هو إفشال مخططات التقسيم، وتجنب العنف وأعمال الانتقام.. فهل تعود أجواء التعايش والتسامح لأم الربيعين.. هذا ما نأمله..



#عبد_الغني_سلامه (هاشتاغ)       Abdel_Ghani_Salameh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة والرجل.. ورد الاعتبار
- المجاهدون الأجانب
- هيلاري، الحرب والأنوثة
- حقيقة داعش
- تسع سنوات من حكم حماس
- موجات متواصلة من العنف الطائفي
- تاريخنا المؤدب
- ماذا يريد راشد الغنوشي ؟!
- عمدة لندن الجديد
- في حنان الحرب على حلب
- حفلات التوبة في مدارس غزة
- دوافع العمليات الانتحارية
- خطوط عريضة لإستراتيجية فلسطينية بديلة
- لماذا يكرهون عيد الحب؟
- ازدراء الأديان
- إيران، عدو أم صديق ؟ وما لا نعرفه عن إيران
- طيار إيراني
- تقرير التنمية البشرية لعام 2015 والأرقام الصادمة
- العنف ضد النساء في فلسطين
- قمة باريس للمناخ، بين مستقبل البشرية وأطماع الشركات الاحتكار ...


المزيد.....




- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا
- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الغني سلامه - الموصل.. المعركة الأشرس والأخطر