أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الغني سلامه - ماذا يريد راشد الغنوشي ؟!















المزيد.....

ماذا يريد راشد الغنوشي ؟!


عبد الغني سلامه
كاتب وباحث فلسطيني

(Abdel Ghani Salameh)


الحوار المتمدن-العدد: 5171 - 2016 / 5 / 23 - 10:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في حوار نشرته جريدة "اللوموند" الفرنسية قبل أيام، أعلن "راشد الغنوشي" مؤسس حركة النهضة الإسلامية التونسية أن حركته "ستخرج من الإسلام السياسي، وستتحول إلى حزب مدني، يفصل الدعوي عن السياسي". وحسب مراقبين، من شبه المؤكد أن تتبنى الحركة تصريحات "الغنوشي"، وأن تعيد انتخابه مرة ثانية رئيساً للحركة في مؤتمرها العاشر، الذي يُعقد في هذه الآونة.

وفي لقائه أكد "الغنوشي" بأن "حركة النهضة حزب سياسي، ديمقراطي مدني، له مرجعية قيم حضارية مُسْلمة وحداثية". وأضاف: "نخرج من الإسلام السياسي لندخل في الديمقراطية المُسْلمة. نحن مسلمون ديمقراطيون، ولا نعرّف أنفسنا بأننا جزء من الإسلام السياسي. ونتجه للتحول نحو حزب يختص في الأنشطة السياسية، بحيث يكون النشاط الديني مستقلا تماما عن النشاط السياسي". مضيفاً: "هذا أمر جيد للسياسيين؛ لأنهم لن يكونوا مستقبلا متهمين بتوظيف الدين لغايات سياسية. وهو جيد أيضا للدين حتى لا يكون رهين السياسة وموظفا من قبل السياسيين". وقال أيضا: "إن مفهوم الإسلام السياسي شوهته القاعدة وداعش". وفي رسالة وجهها للإخوان، قال: "طريقكم خاطئ وجلَبَ الويلات للمنطقة".

ومن المتوقع أن تثير هذه التصريحات ضجة كبيرة، ليس في الأوساط الإسىلامية وحسب؛ بل وحتى في أوساط العلمانيين، فقد نُشرت عشرات المقالات التي تناولت الموضوع، ما بين مؤيد ومشكك ومعارض... بعض الأحزاب الإسلامية استهجنت الخطوة، ورأت فيها نكوصا عن الدين، بل واعتبرها البعض ردة نحو العلمانية، وارتماءا في أحضان أنظمة الكفر... فيما شكك بعض العلمانيين، خاصة في تونس والجزائر (حدة حزام مثلا)، في تصريحات "الغنوشي" المتعلقة بالتحول إلى حزب مدني، مذكرةً بأن حركة النهضة جزءا من "جماعة الإخوان المسلمين"، وأنه ليس بوسعها نزع ثوبها الإسلامي الإخواني دفعة واحدة.. ما يعني أن "الغنوشي" صار كالمنبت؛ لا أرضا قطع، ولا ظهراً أبقى.. فلا الإسلاميين وافقوه على خطوته، ولا العلمانيين قبلوا به..

وربما يحتاج "الغنوشي"، وسنحتاج معه إلى وقت طويل، حتى يُثبت هو مصداقيته وجديته في هذا التحول، وحتى نفهم نحن تبعاته وتداعياته ومعانيه الفلسفية البعيدة.. فمثل هذه التصريحات تستدعي أسئلة في غاية الأهمية؛ مثلا: هل أدرك "الغنوشي" متأخرا (وهو في منتصف السبعينات من عمره) أن نهج الإسلام السياسي لم يكن صحيحا، وأن الأصح هو النهج الحداثي المدني (لحد الآن لم يقل العلماني)؟! هل اقتنع بضرورة فصل الديني عن السياسي؟ هل خطوته هذه طلاق سياسي أم أيديولوجي مع الإخوان؟! هل ستكون سابقة ستتبعها حركات إسلامية أخرى باتجاه التوطين، والانخراط في النظام العالمي والحضارة الإنسانية بمضامينها المدنية والحداثية!؟ هل هي استفاقة متأخرة، أم فقط بحث عن تموقع وتبرئة ذمة من الأزمة الأمنية والاقتصادية التي تعيشها تونس؟ هل كشف الربيع العربي عورة الأحزاب الدينية، وجهلها بأساليب الحكم، وافتقارها للمشروع الوطني الذي من شأنه تقديم الحلول المنتظرة من الشعوب العربية؟

بشكل عام، يمكن القول أن لحركات الإسلام السياسي موقفين متناقضين من قيم الديمقراطية والمدنية؛ الأول يرفض نظم الديمقراطية والعلمانية والدولة المدنية وكل ما ينشأ عنها من انتخابات ودساتير رفضا مبدئيا قاطعا، ويعتبرها بضاعة غربية كافرة، لا يجوز التعامل بها. وهذا الموقف يتبناه حزب التحرير، وتقريبا جميع الحركات "الجهادية" المنبثقة عن القاعدة، خاصة جبهة النصرة وداعش وعشرات التنظيمات التي ظهرت مؤخرا في سوريا والعراق..

الموقف الثاني يقبل بالديمقراطية والدولة المدنية وما ينشأ عنهما من أنظمة وأحكام. ويتبناه بشكل أساسي جماعة الإخوان المسلمين، والأحزاب المنبثقة عنها. وقد سبق للجماعة أن شاركت في الانتخابات البرلمانية (والرئاسية) في عديد من الدول، بدءأ من الشيخ البنا نفسه، حتى أن الحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر (جناح الشيخ إبراهيم صرصور) شاركت في انتخابات الكنيست ذاتها.. كما شاركت حماس في انتخابات السلطة تحت مظلة أوسلو..

البعض يتهم الحركات الإسلامية بالمراوغة وعدم الصدق بشأن الديمقراطية والانتخابات، وأنها تستخدمها لمرة واحدة فقط، وبعد وصولها للسلطة تمتنع عنها كليا، وتصبح في نظرها من الموبقات.. أي أن موافقتها عليها هي فقط للاستهلاك الإعلامي، ولتجنب ردود الفعل الدولية، أو لتسويق نفسها في منظومة الشرعية الدولية، ولمحاولة الإندماج في النظام العالمي... بيد أن حركة النهضة أثبتت العكس، فقد تخلت عن السلطة طواعية في تونس، بعد أن استلمتها بالانتخابات، وكانت قد أقامت شراكة في الحكم مع بقية الأحزاب الوطنية التونسية، ثم تعاملت مع نتائج الانتخابات الأخيرة بروح ديمقراطية حقيقية.. وربما كان موقفها العقلاني والمرن والمسؤول هو الذي جنَّب تونس ويلات الدمار والحرب الأهلية، كما حدث في ليبيا مثلا، وبقية بلدان الربيع العربي التي افتتحت تونس ثوراتها قبل أكثر من خمس سنوات..

محللين تونسيين (خولة العشي مثلا) رأوا أن توجهات "الغنوشي" كانت لغايات سياسية وانتخابية ودعائية، دافعها تأكيد تخلّص الحزب من عُقدة شبهة التوجه الديني المنغلق، وإظهار مسلك الإعتدال والإنفتاح والتسامح، بهدف طمأنة الرأي العام، المحلي والدولي، وأنها أتت تحت ضغط موجة الإحتجاجات الشعبية.

البعض ربط تحولات "الغنوشي" بما حدث في مصر، وخشيته من نقل موجة المظاهرات لتونس، وتكرار تدخل الجيش لجانب الحراك الشعبي، فتخلي عن الحكم لصالح حكومة التكنوقراط، متجنبا بذلك تصاعد موجة الإحتجاجات الشعبية وإمكانية تحولها إلى انقلاب دموي، ثم تخلى عن مطلبه باعتماد الشريعة الإسلامية مصدراً أساسياً للدستور، وفي محاولة منه للظهور بمظهر راعي الحقوق والحريات؛ دعا لعدم تجريم المثلية الجنسية في الأماكن الخاصة. لكن تحولات "الغنوشي" لم تقتصر عند هذا الحد، فقد صوَّت نواب النهضة لمنع بند في الدستور ينص على تجريم التطبيع مع إسرائيل.

أنصار "الغنوشي" يقولون عنه أنه يتحدث كزعيم سياسي وليس كرجل دين، وأنه يقدم خطابا ذكيا يوازن بين الحكم الديني والحكم السياسي مع احترام للقانون والدستور، وهذا الخطاب العقلاني البراغماتي هو ما تحتاجه تونس في هذه الفترة التي تمر فيها المنطقة بفوضى تقودها الجماعات المتشددة باسم الدين.

على أية حال، ثمة فرق كبير بين "مهدي عاكف"، الذي قال "طز في مصر"، وبين "الغنوشي" الذي قال إن تونسيته هي الأهم، وأنه لا يريد لتونس أن تصبح مثل ليبيا.



#عبد_الغني_سلامه (هاشتاغ)       Abdel_Ghani_Salameh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عمدة لندن الجديد
- في حنان الحرب على حلب
- حفلات التوبة في مدارس غزة
- دوافع العمليات الانتحارية
- خطوط عريضة لإستراتيجية فلسطينية بديلة
- لماذا يكرهون عيد الحب؟
- ازدراء الأديان
- إيران، عدو أم صديق ؟ وما لا نعرفه عن إيران
- طيار إيراني
- تقرير التنمية البشرية لعام 2015 والأرقام الصادمة
- العنف ضد النساء في فلسطين
- قمة باريس للمناخ، بين مستقبل البشرية وأطماع الشركات الاحتكار ...
- الموقف الاسلامي من تفجيرات باريس
- علاج الزوجة المريضة في الفقه الإسلامي
- حدث في الصين .. قصة قصيرة
- وصية الحلبي الأخيرة - قصة من حلب
- هل من حرب أهلية قادمة ؟
- ماذا بعد مقتل النائب العام، وتفجيرات سيناء ؟!
- كتيبة الجرمق الطلابية - فصل مهم من تاريخ الصراع
- ماذا جنينا من حركات الإسلام السياسي ؟!


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الغني سلامه - ماذا يريد راشد الغنوشي ؟!