أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - ترييف العاصمة المنغولية آلان باتور في فيلم وثائقي



ترييف العاصمة المنغولية آلان باتور في فيلم وثائقي


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 5293 - 2016 / 9 / 23 - 19:40
المحور: الادب والفن
    


من بين الأفلام الوثائقية المهمة التي عُرضت في مهرجان بورتوبيللو السينمائي بلندن هو فيلم "حيث تنمو الأعشاب عاليًا" للمخرج الألماني فيليب هالاي الذي اشترك مع كريستيان شبيس في كتابة سيناريو الفيلم ومَنتَجته أيضا. وبغية إحاطة المتلقي بثيمة الفيلم الأساسية يُقدِّم المخرج إحصاءً لسكّان العاصمة المنغولية أولان باتور الذي بلغ 1.300.000 مواطن غير أن ثلث هذا العدد قد قَدِم من المدن والقرى المحيطة بالعاصمة وسكنوا في أطرافها، وساهموا في ترييفها أو بدْوَنتها على الأصح لأنهم بدو رُحّل يربّون الماشية ويعتاشون عليها ولا يستطيعون التخلّي عنها لذلك نصبوا بيوتهم البدائية المستديرة التي يسمّونها الـ Ger حول العاصمة وأقاموا فيها بهدف الاحتفاظ بماشيتهم التي لا يُسمح بتربيتها داخل العاصمة. ومن خلال شخصية الفيلم الرئيسة بيكَشورِن نعرف بأن البدو الذين وفدوا من الأطراف لا يطيعون القوانين التي تُصدرها الدولة وظلوا متشبثين بتربية الأبقار والأغنام والماعز التي تعتاش في الأعمّ الأغلب على الأعشاب وفضلات الطعام في مزابل المدينة.
يمكن تقسيم الفيلم إلى قسمين رئيسيين يشكِّلان البنية المعمارية لهذا الفيلم الوثائقي الذي بلغت مدته 51 دقيقة حيث نتعرف في القسم الأول على بيكَشورِن، الأنموذج المثالي للشخصية المنغولية، فهو متزوج ولديه عدد من الأطفال يذهبون إلى المدارس كل يوم لأنهم يعيشون حياة مستقرة حتى وإن كانت على هامش المدينة. فالأب متعلّم، ويستعمل الكومبيوتر، ويتابع ما يجري في العالم من أحداث وتطورات على مدار اليوم. وقد عمِل موظفًا في مكتبة المدينة لمدة عشر سنوات. كما سافر إلى عدة دول أجنبية لكنه قرر العودة إلى بلده منغوليا وحسم أمره في الاستقرار على هامش العاصمة كي يوفِّق بين شيئين وهما الحياة المدينية والنزعة البدوية المتأصلة فيه. وعلى الرغم من آرائه الانتقادية الحادة للناس المقيمين حول العاصمة إلاّ أنه يمارس نفس الخروقات التي يقومون بها، وينتهك قوانين الدولة كما ينتهكها الهامشيون الذين لم يحصلوا على قدرٍ كافٍ من التعليم ولم تروّضهم الحياة المدينية بعد.
وبموازاة هذه الشخصية المدينية المتعلمة يأخذنا المخرج إلى بلدة "بايانغول سام" التي تبعد مسافة ساعتين بالسيارة شمال العاصمة أولان باتور لنلتقي بأسرة ريفية مكونة من "دلاي" الذي يعيش حياة تقليدية بكل ما تنطوي عليه الكلمة من معنى، فهو مقتنع بحياته ومنظومة قيمه الاجتماعية والأخلاقية التي توارثها خَلَفًا عن سلف. ويتمنى على أبنائه أن يحذوا حذوه ويظلوا متمسكين بأرضهم وعاداتهم وتقاليدهم الاجتماعية. وفي التفاتة ذكية من المخرج فيليب هالاي الذي ينقلها من هذا المشهد البطرياركي الذي يتسيّد فيه الأب إلى الابن الذي يعمل في ذات القرية المتواضعة حيث رأيناه يحصد الحشائش الجافة بمنجل طويل وهو يسرد لنا تطلعاته الحقيقية. فهو متزوج ولديه أطفال، ويحلم بالانتقال إلى العاصمة والسكن في ضواحيها في الأقل لكن شحة النقود تقف مانعًا أمام تحقيق هذا الهدف الكبير. ثم يستغرق في الحديث عن نسبة البطالة في العاصمة وإذا انتقل إلى هناك فسوف ينضاف رقمًا جديدًا إلى قائمة العاطلين عن العمل.
ومثلما يفكر أي أب منغولي بمستقبل أبنائه فإن الأم المنغولية التي رأيناها تتحدث عن مستقبل العائلة هي أنموذج آخر للتضحية والعطاء المتواصل وهي تفكر بنقل خبراتها التي تعلمتها خلال حياتها إلى أبنائها وبناتها حتى يستفيدوا منها. ولعل أهم ما قالته هذه الأم المثالية أنها تريد أن تنقل "حكمتها" لأولادها وبناتها فما تعلمتهُ طوال حياتها لم يكن عبثًا وإنما هي دروس وتجارب مستخلصة من حياة متعبة وشاقة لكنها لا تخلو من الفرح والمناسبات المُبهجة.
وعلى الرغم من الإشارات والإحالات والرموز المحلية العديدة التي يزخر بها الفيلم مثل بيوت الـ Ger والجياد البريّة التي لمحناها هنا وهناك على مدار الفيلم إلاّ أن مشهد الفتى المنغولي الذي يعزف على آلة الـ Morin Khuur لا يُنسى ليس لشاعريته فقط، وإنما لأنه يحيل المتلقي إلى أصوات الطبيعة مثل صوت النسيم العليل الذي يداعب المروج المنغولية المعشوشبة. كما تُعتبر هذه الآلة رمزًا للأمة المنغولية ولو تأملناها جيدًا لوجدنا رأس الحصان البري المنغولي يتوِّج عُنُق الآلة.
لم يعوِّل المخرج على الإفادة من الموسيقى التصويرية Soundtrack بوصفها معادلاً مسموعًا للمشاهد السينمائية وإنما اكتفى بأصوات الطبيعة الأمر الذي حرمنا من لحظات التصعيد الدرامي لدى الشخصيات الرئيسة التي سردت قصة الفيلم برمته.
لابد من الإشارة إلى أهمية اللقطات التأسيسية Establishing shots التي كانت تلّم مَشاهد واسعة من العاصمة أولان باتور حيث تتجاور فيها الحداثة العمرانية مع البداوة والبساطة وبراءة الطبيعة وصفائها الأول.
جدير ذكره أن مخرج الأفلام الوثائقية فيليب هالاي قد درس في جامعة دورتموند للعلوم التطبيقية ويعمل صحفيًا حُرًا لعدد من القنوات التلفازية المحلية في ألمانيا بينما يواصل دراسته العليا لنيل درجة الماجستير في الإخراج السينمائي.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حيث تنمو الأعشاب عالياً
- إشكالية الموت في فيلم -شبابِك الجنّة- لفارس نعناع
- الدورة الحادية والعشرون لمهرجان بورتوبيللو السينمائي بلندن
- قبل زحمة الصيف: قصة مفكّكة في بناء بصري رصين
- أفلام تخترق التابوهات السياسية والاجتماعية في مهرجان سفر الس ...
- أفلام عربية جريئة في مهرجان سفر السينمائي بلندن
- تجليات السيرة الذاتية والأسرية في النص الأدبي
- سلالة باتريك موديانو النقيّة
- لُغز أُذن فان كَوخ: الحادثة الأشهر في تاريخ الفن المعاصر
- جورجيا أوكَيف . . .أيقونة الفن التشكيلي الأميركي
- -وصية لأجل الملك- وتنميط الشخصية العربية المسلمة
- الفن الأرضي الزائل الذي توثِّقه العين الثالثة
- أسرار القدّيس يوحنا بولص الثاني وحُبِّه لآنا تيريزا تمنيسكا
- الحياة ما بعد تشرنوبل
- أغنية الغروب . . . قوّة المرأة في مواجهة المصائر المُفجعة
- تسعة فنانين عراقيين يحتفون بزَها حديد
- نبوءة السقّا . . . بطولة جماعية في مكانٍ افتراضي
- سمكة الأمازون الكهربائية. . .صعقتها تشلّ التمساح وتطرح الحصا ...
- حنوّ الغوريلا وميولها العاطفية تجاه الإنسان
- مخرج على الطريق: الخشية من تحجيب الأفلام (3-3)


المزيد.....




- هل تصدق ان فيلم الرعب يفيد صحتك؟
- العمود الثامن: لجنة الثقافة البرلمانية ونظرية «المادون»
- في الذكرى العشرين للأندلسيات… الصويرة تحلم أن تكون -زرياب ال ...
- أَصْدَاءٌ فِي صَحْرَاءْ
- من أجل قاعة رقص ترامب.. هدم دار السينما التاريخية في البيت ا ...
- شاهد/ذهبية ثالثة لإيران في فنون القتال المختلطة للسيدات
- معرض النيابة العامة الدولي للكتائب بطرابلس يناقش الثقافة كجس ...
- شاهد.. فيلم نادر عن -أبو البرنامج الصاروخي الإيراني-
- تمثال من الخبز طوله متران.. فنان يحوّل ظاهرةً على الإنترنت إ ...
- مسك الختام.. أناقة المشاهير في حفل اختتام مهرجان الجونة السي ...


المزيد.....

- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - ترييف العاصمة المنغولية آلان باتور في فيلم وثائقي