|
الديموقراطية بصفتها إعادة إنتشار عسكري أمريكي على مستوى العالم
حازم العظمة
الحوار المتمدن-العدد: 1410 - 2005 / 12 / 25 - 11:40
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
منذ أن انهار النظام السوفييتي إلى اليوم و القواعد و الوجود العسكري الأمريكي ، بعكس ما هو "منطقي" ( قد يقول أحد : و ما هو المنطقي في سيرة و تاريخ الإمبراطوريات سوى التوسع و الهيمنة ) أقول ما يزال هذا الوجود العسكري بصورة فاقعة يتمدد ، يتبعه (بطبيعة حال الإمبراطوريات ) التوسع التجاري ، توسيع الأسواق ، السيطرة على مصادر المواد الخام إلى آخر ذلك .. و من ثم حروب جديدة و وعود بحروب ستأتي و ... هل أننا ما نزال نبتعد ، و أننا لم نتقدم بالأساس إلا باتجاه حروب و نزاعات دموية لا تنتهي ، حبن نتحدث عن البشر و النوع الإنساني ... ، و هل أن الأرض ستظل هكذا إلى الأبد ساحة حرب ، و لا تنتج و لا تغذي إلا البؤس و الهيمنة و جميع النزعات المنحطة ، هل أن البشر " طبيعتهم " هكذا ... ، كما تريد أن تقنعنا بآلاف الوسائط و الأساليب أبواق الدعاية الرجعية و تحديداً الرأسمالية منها بعد أن تعجز في النقاش الذي منذ آلاف السنين يدور حول العدالة و السلم و إمكانيات الكائن الذكي الذي هو الإنسان في أن " يتطور " بوعيه هو و بإرادته ليصبح ذكياً حقاً و يستحق حياة لا يكدرها الألم و الجوع و القتل ... ثم كيف تغدو الديموقراطية مطية لاحتلال العالم ، لإعادة إنتشار أمريكي عسكري و إقتصادي على حساب كافة الشعوب ، بما في ذلك على حساب بؤس و استغلال الشعب الأمريكي نفسه ، أجزاء واسعة منه على الأقل ، و دائماً لصالح حفنة من كبار الرأسماليين ... هذه الرأسمالية التي ما تزال في كل حين تصنع الأزمات و المجاعات لصالح " السوق" و تفرض على البلدان " الحليفة" ، أي التابعة ، بمساعدة الليبراليين" المحليين" ، شروط البنك الدولي و " منظمة التجارة الحرة " في الإقتصاد التي لن تؤدي إلا إلى مزيد من التبعية الإقتصادية و السياسية ، في تجارة غير "حرة" على الإطلاق ، وفي أنظمة سياسية غير "حرة" ( ثمة "حرية" من طرف واحد فحسب ، هي حرية الرساميل في إفقارك و نهبك و منعك من النمو )
الديموقراطية الزائفة " حصان طروادة المعاصر " التي تنشرها الإمبراطورية لن تؤدي إلى أحسن مما أدت إليه في كل مكان من العالم المتخلف و المستعمَر ( المسمى لدواعي اللياقة بالثالث ..) إبتداءً من تشيلي بينوشيه ، إلى مصر السادات- مبارك مروراً بليبيا القذافي التي إنتقلت كما لو بعصا ساحر من "محور الشر" إلى صفوف الدول "الحليفة" أو على الأقل أخذت صفة "المسكوت عنه"بمجرد أن فتحت الأبواب أمام الإستثمارات و الشركات الأمريكية لتمارس نشاطها بـ " حرية" هناك ...
في كوبا ، المحاصرة منذ خمسين سنة ، محاصرة لأنها حصلت على الحرية و لن تقايضها بشيء ، لن تقايضها خاصة بوصفات "البنك الدولي " للجوع و التشرد و التسول ، في كوبا هذه يرتهنون رفع الحصار بإطلاق سراح عشرين سجيناً ، يسمونهم سجناء رأي ،و " الرأي " هنا ليس سوى عودة كوبا للخمسينات حين كانت " الحديقة الخلفية " لواشنطن و " الماخور " الأثير لكبار الراسماليين و السياسيين الأمريكيين ، و "الرأي" ليس سوى أعمال تخريب مخططة في واشنطن للإرهاب و الإغتيالات و زرع المتفجرات ، و ليس آخرها محاولات عديدة لإغتيال كاسترو انكشفت بعض تفاصيلها مؤخراً " الديموقراطية" هناك هي أيضاً حملة "خليج الخنازير" التي جندت فيها الـ CIA المرتزقة و القتلة و القوادين الذين في ميامي لإسقاط النظام الكوبي ..
و لكن هل تغيرت السياسات الأمريكية فعلاً منذ ذلك التاريخ ... ، "الشواهد "على هذا التغير نستطيع أن نجدها بسهولة في البلقان و في فنزويلا و السعودية .. ، و في مصر ... ، وفي فلسطين و خاصة في العراق ، حيث سجلّ "حقوق الإنسان "الأمريكي الأشد و ضوحاُ ... و دلالة ً أتوا بالـ "الديموقراطية" إلى العراق في8 شباط 1963 .. ، و ظلوا يغذونها و يمدونها بالدعم السياسي ، و بالأسلحة لمدة أكثر من أربعين سنة ، ثم استخدموا هذه "الديموقراطية" نفسها في تبرير إحتلال العراق مباشرة ، بدون وسطاء و وكلاء .. ، و من ثم هم الآن جادون تماماً و منهمكون في محاولة تقسيم العراق ، بمساعدة و بجهود أصحاب العمائم من جميع الأصناف
أو هل تريدوننا أن نصدق " العتب" الخجول ، الذي يلهوننا به كل حين و آخر فيما يتعلق بسجل حقوق الإنسان و الديموقراطية في السعودية مثلاً ... ، و أن نأخذه على محمل الجد ..
و من جديد و كما فعلوا في التشيلي ، يعيدون الكرّة و يحاولون إسقاط النظام المنتخب ديموقراطياً في فنزويلا ... ، وكمافي كل مرة ، الذرائع الحقيقية ( ما من ذرائع غيرها لديهم هناك ) هي نفسها : تهديد المصالح الأمريكية ... في فنزويلا ... لكن "عدوى" الحرية الآن تنتقل ، رغم كل شيء من كوبا إلى فنزويلا و البرازيل و بوليفيا و البقية ستأتي ... *
* فيما نحن ما نزال منشغلين بـ "موقعة الجمل" ..
#حازم_العظمة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأشياء طويلة و مائلة
-
أسطورة الإنتحاريين و الحزام الناسف
-
الجَدْي
-
ديموقراطية ال 80 مقالاً كل يوم
-
لماذا الإسلاميون يفوزون في الإنتخابات المصرية ...
-
مقاولون أمنيون
-
في غفلة ٍمن مستبدي العالم
-
من هي الجهات التي تتهمها الحوار المتمدن ...
-
ثيّلٌ أسودُ بخلفية تلالٍ حمراءْ
-
قناة الجزيرة لماذا لا تسمي ، بإسمه ، الإرهاب ..
-
صَنَوبرات
-
من رعاية الديكتاتوريات العسكرية و ممالك القرون الوسطى إلى ال
...
-
بينوشيه ، هل كان ليبرالياً .. جديداً ؟؟ من التشيلي إلى العرا
...
-
كيف يجري تحوير اللغة العربية السياسية ، في العراق أولاً ..
-
جنود
-
وهم الديموقراطية- إحتمالات تبحثها الإدارة الأمريكية بخصوص سو
...
-
نجدف طويلاً ، و نحن نعود من الطُوفان ْ
-
مقطع ٌ بمصاطبَ واطئةٍ ، بجدران ِطينٍ ثخينةٍ ، بحُواةٍ و موسي
...
-
إلى أي حد الثعلب يحتاج إلى الدجاجات- عن علاقة الإمبراطورية ب
...
-
من أين و كيف س-تهبط- علينا الديموقراطية الأمريكية ؟
المزيد.....
-
هذه المفاهيم المبتكرة لمقصورات الطائرات قد تشكّل مستقبل الطي
...
-
فلسطينيون من غزة يروون ما حدث في مخيم النصيرات لحظة الهجوم ا
...
-
-حزب الله-: استهدفنا مبنيين يتمركز بهما جنود إسرائيليون في م
...
-
بيان رسمي سعودي بشان منتجات وملابس -شي أن-
-
إسرائيل.. تصويت مرتقب للكنيست على مشروع قانون التجنيد -المثي
...
-
لماذا تتهم روسيا علماء الفيزياء لديها بالخيانة العظمى؟
-
الجيش الأمريكي: الحوثيون أطلقوا 4 صواريخ باتجاه خليج عدن وأص
...
-
ليندسي غراهام: قدمت اقتراحا لزيلينسكي جعله يتوهج مثل شجرة عي
...
-
الأمن الكويتي يضبط متورطين في واقعة تسريب اختبارات الثانوية
...
-
تدمير زورق مسيّر أوكراني بنيران مروحية روسية بمساعدة أجهزة ا
...
المزيد.....
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|