أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هديل عبد الرزاق أحمد - أسئلة الأخيلة وأجوبة الرماد.. متضادات تتوحد عبر الكلمات... قراءة في مجموعة (رماد الكلمات) للقاص والشاعر جعفر المكصوصي














المزيد.....

أسئلة الأخيلة وأجوبة الرماد.. متضادات تتوحد عبر الكلمات... قراءة في مجموعة (رماد الكلمات) للقاص والشاعر جعفر المكصوصي


هديل عبد الرزاق أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 5272 - 2016 / 9 / 1 - 15:06
المحور: الادب والفن
    


جعفر المكصوصي.. الشاعر، والقاص المثقف، والعسكري الفارس... متضادات تآزرت لتُنتِج روحاً فنية، مفعمة بالدفء والحيوية والاختلاف.. فمن رحم الآلام المديدة والكبيرة يولد الإبداع، ومن رماد الكلمات تنبعث قصص هي طائر عنقاء ولد من جديد، وحلق في سماء السرد الرحبة.. هذه السماء التي استوعبت عناصر الفنون بكل تجلياتها، وتمرد المبدع على القوالب، لتكون بؤرة للتعبير عن تحولات المجتمع وأزمة أفراده.
يتبادر إلى الذهن تساؤلات عدة، منها: كيف تجلى عالم مجموعة (رماد الكلمات)؟ ما الوصف الذي يلائمها؟ وما الذي اعتمدته لتعبر المسافات وتحتل مكانها بين القص القصير جداً؟ لاسيما بعد أن احتل هذا النوع من السرد الحقل الثقافي العربي وأصبح جنساً أدبياً مستقلاً، له أبعاده وأركانه وبناه وتقنياته الخاصة.
تضم مجموعة (رماد الكلمات) أكثر من أربعين نصاً، تتراوح بين القص القصير والقصير جداً، بيد أن أغلب النصوص تنتمي إلى الجنس الأخير المذكور. وتعتمد الاختزال، والتكثيف، والتخفيف، والإشارة، واللمحة، والتلميح. فتجمع السرد، والشعر، والفكر، والشعور، والوضوح، والغموض، والذات، والعالم، والواقع، والمتخيل، والحلم، واليقظة، وتبدو مزيجاً من كل ما تقدم. وتبدو هذه النصوص مشغولة بالتعبير عن الهم السياسي الذي يتداخل مع هموم أخرى وموضوعات متنوعة لكنه يبقى الشاغل الرئيس للحيز الواسع من مساحة بنية المجموعة بشكل عام، فيبدو الوطن وهمومه والتحولات التي عصفت به، الحاضر المهيمن على منظومة السرد. ذلك أن التحولات التي تحدث في الحياة تنعكس على العمل القصصي لأنّه غير معزول أبداً، بحكم كون الكاتب نفسه يعيش في خضم الأحداث فاعلاً ومنفعلاً، ويعي تماماً أهمية هذه الأحداث والمتغيرات، ودورها في حياة الفرد والمجتمع، فضلاً عن بعدها التاريخي، لذا يستغل الكاتب توظيف أحداث الواقع السياسي، والاجتماعي، وتحولاته ليقدم صوراً خاصة يعبر من خلالها عن رؤيته للحياة والواقع وموقفه منهما. لاسيّما تلك التي تتعلق بالجانب الميداني العسكري، فالكاتب في هذه المجموعة يستخدم خبراته الميدانية فيمزج روح الفنان بروح الذائد عن حمى الوطن والمدافع عن أراضيه ليخلق فضاءً مفعماً ببعث روح الأمل من الرماد والهشيم الذي يحيطه، كما يبدو ذلك واضحاً في قصة (كسر الطوق)، "كان النهار يلفظ أنفاسه الأخيرة، والشمس في طريقها للمغيب تودعنا وداعا حزينا، أراضينا مازالت مغتصبة، الصمت المطبق لا يشوبه إلا أزيز الرصاص من قناصة العدو، اليوم ارتدى عباءته المطرزة باللآلئ كان الحماس بيننا طاغيا، أرواح مدرعة بالإيمان". فتنتهي القصة بالنصر وكسر أطواق الشر المحيطة لتنبعث الحياة من جديد في ربوع الوطن "لا أعتبر أن المهمة انتهت بالنصر الحاسم مالم نرفع العلم العراقي فوق برج الاتصالات الموجود في الحافة الغربية أريد ثلاثة من الأبطال يتبرعون لهذه المهمة وفي الوقت نفسه أريد من بطرية المدفعية أن تنشئ حجابا من دخان كي لا يرصد من يصعد على البرج المرتفع. تطوع كل من رئيس عرفاء علي شطب، ونائب عريف أحمد علي وجندي أول حيدر لهذه المهمة. ارتفع العلم وشمخت هامات الرجال وانكسرت الرايات السود".
تتوفر قصص (رماد الكلمات) على مقومات البنية السردية من أحداث وشخصيات وفضاء ومنظور سردي، ويوظف الكاتب شعرية الإيجاز، والتكثيف، فتبدو القصص كحلم عابر أو مشهد درامي خاطف، مركزاً على حدث مهم للشخصية بصياغة سريعة وهذا أمر صعب، يتطلب مهارات فنية، ومقدرة إبداعية، قادرة على سبك اللغة، وتكثيف المحكي، واختزاله في صيغة تمتلئ بالرمزية، والشعرية، لذا تغيب الفواصل بين الواقعي، والمتخيل، والمعقول، واللامعقول، والمرئي، واللامرئي، فتبدو أقرب إلى الحلم، ما يجعل النص محملاً بدلالات وتأويلات عديدة وقراءات مفتوحة، كما نجده واضحاً في (تشاكي)، و(الجدار)، و(رماد الكلمات)، وغيرها، إذ ترد الحبيبة حلماً في فضاء فني تجريدي، يعتمد الواقع حيناً ليلج منه إلى عوالم سريالية تغادر الواقع نحو الفنتازيا واللامعقول، في لقطات فنية مكثفة، ، فيهيمن عنصر الفقدان والإحساس بخيبة الأمل، وتشكل لحظة الوصول -بعد تحديات كبرى تخوضها الشخصية- ارتطاماً بالواقع واكتشافاً للوهم ما يولّد عنصر (المفارقة) الذي يحتل نهايات معظم قصص هذه المجموعة ويشكل عنصراً صادماً وفاعلاً في بناء كل قصة، إذ تنبني معظمها على الجمع بين المتضادات.
كما نلاحظ أيضاً أنه على الرغم من أن الكاتب يصب انثيالاته وسرده في فضاء محدود؛ لاعتماده هذا النوع من القص، إلاّ أنه ينوع من أدواته التي يقدم عالمه بها، فنجد من القصص ما ينبني على أساس حواري ديالوجي، يقوم على الجدل المتناقض، ما يسمح ببروز الأصوات المتصارعة أيديولوجياً، ووجهات النظر المتفاوتة، فلا يقبض الكاتب على سلطة السرد أو تهيمن رؤيته على رؤية شخصياته، بل تقف شخصياته إلى جنبه لتعبر عن رأيها الذي قد يكون مخالفاً في أغلب الأحيان لرأيه، وكما يبدو ذلك واضحاً في (الفرقة الناجية)، و(حوار في أجواء ساخنة)، و(مزاد علني)، وغيرها. وهذه السمة هي من سمات الرواية التي تمتلك فضاءً واسعاً يسمح بحضور أصوات الشخصيات، وقيامها على الجدل والتناقض والصراع الفكري، إلاّ أن الكاتب نجح في استثمارها في قصصه فبنى سرده بها.
وفي ختام حديثنا لا بدّ لنا أن نشير إلى غنى وثراء هذه المجموعة، لتوفرها على تقنيات مهمة، فضلاً عن موضوعات متنوعة تثير شهية الباحث الذي يروم الخوض في هذا النوع من القص، الذي يعتمد الومضات الخاطفة، واللحظات اللامعة، والصور المشرقة، و(رماد الكلمات) مزيج مركب من كل ما تقدم، يمتلئ بالحركة والدهشة، التي تمنح الباحث والناقد مسوغات لخوض تجربة دراستها، وتحليلها، والتفاعل مع جمالياتها.



#هديل_عبد_الرزاق_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إياك أن تعتنق أحلامك
- بمناسبة صدور كتابها الجديد (الأجنبية)، عالية ممدوح تؤكد أنها ...
- كلنا أيتام أوطاننا
- صور نضال المرأة في أدب عالية ممدوح الروائي
- الجولة الأخيرة
- تمثّلات حضور الآخر في القصة العربية الحديثة
- رحلة البحث في الذات والوجود عند ذي الرمة... قراءة في إحدى قص ...
- انزلاق
- تمظهرات الخطاب الاستشراقي، في إطار نزعة القوة، والفوقية، وال ...
- تجليات حضور الآخر في أدب ميسلون هادي القصصي
- أضغاث ذاكرة .. قصة قصيرة
- خلل المنهج النقدي في موازنة الآمدي ... قضية (السرقات الشعرية ...
- مضيق الحناء.. البنية الغرائبية... دلالة جمالية للتعبير عن مس ...
- كل الأشياء - قصة قصيرة


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هديل عبد الرزاق أحمد - أسئلة الأخيلة وأجوبة الرماد.. متضادات تتوحد عبر الكلمات... قراءة في مجموعة (رماد الكلمات) للقاص والشاعر جعفر المكصوصي