أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عماد صلاح الدين - قرن من الزمن على تعثر نخب فلسطين السياسية















المزيد.....



قرن من الزمن على تعثر نخب فلسطين السياسية


عماد صلاح الدين

الحوار المتمدن-العدد: 5267 - 2016 / 8 / 27 - 02:05
المحور: القضية الفلسطينية
    


أنس صلاحات
تمهيد في : كيف ندرس النخب السياسية الفلسطينية؟
إن مفهوم النخبة أو النخب (Elite)هو مفهوم واسع وفضفاض، وينصرف باتجاهات ومجالات مختلفة، سواء أكانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو دينية أو حتى ثقافية (Intelligentsia). ومن الممكن أن تكون هناك نخب في صعد وحقول أخرى تقليدية أو مستحدثة؛ بفعل المستجد والمستحدث في الممارسة والتاريخ الإنسانيين.
لكن ما يهم هنا، هو تناول حالة محددة من النخب أو النخبة، تنصرف إلى الأفراد والمجاميع السياسية الرسمية منها؛ بالمعنى السُلطي الرسمي، أو الدولاني، أو الحزبي، أو الفصائلي( سواء داخل المنظومة الرسمية أو خارجها مولاة أو معارضة). كما يشمل الفاعلين سياسيا، وضمن ارتباطات اجتماعية ومدنية وشعبية، وحتى مالية اقتصادية، بحكم فاعل ومنطق التداخل في هذا السياق.
إن دراسة النخب السياسية الفلسطينية لهي موضوع دقيق وحساس؛ من ناحية انه يتناول ويركز على الأبعاد العينية الشخصية لشخصيات النخب، على اختلاف وتنوع طبقاتها وظروفها الاجتماعية والمادية وحتى النضالية، بالإضافة - بطبيعة الحال- إلى المشارب الفكرية والأيديولوجية.
إن شخصيات النخب السياسية التي يريد باحث ما دراستها؛ مثلا كعينة فردية ومجموعية شاملة تم اختيارها بعناية وضمن مطلوبية التنوع الفارضة، كما هي شخصيات أخرى من نفس النسق المُدي(الزمني) والتقارب المكاني كحالة دراسية وبحثية، كما أيضا الشخصيات الفلسطينية الأخرى؛ كنخب سياسية تاريخية، في مراحل بعينها، مضت أو ستأتي، تتداخل جموع وأفراد هذه الشخصيات مع ماهيات ومقاربات وإحداثات واختلافات، إلى حد الصراعات، على المشروع الوطني؛ كماهية وتعريف وحدود ومرجعية وهدف، وغير ذلك كثير، كما هو التداخل حاصل وباستمرار بين شخصيات النخب التاريخية والحالية، و بين من سيقدُم مستقبلا، حتى انجاز المشروع الوطني الفلسطيني عبر أدواته النضالية ومنهجية العمل السياسي والنضالي والبرنامج السياسي له، وحتى – كذلك- على مستوى التكتيك.
ليس المذكور أعلاه وحسب؛ فالحالة الفلسطينية - وحتى الوقت الحالي- وصلت إلى درجة من التعقيدية والتركيبية خطيرتين جدا، نتيجة التراكمية الهائلة في الحجم والنوع سلبيا، وعلى كافة الصعد والمجالات، بما هو مترتب عن الخلل الفادح في البنية التأسيسية للفلسطيني كانسان أولا، وكمواطن أو لاجئ ثانيا، وليس أخيرا كمناضل أو مقاوم أو مجاهد، بحسب المرجعية الفكرية والعقدية العابرة للوطنية(Trans-National) كمسألة أولية وذات أولوية على ما سواها؛ وكما هو حاصل فعلا مع مرجعيات إسلامية أو قومية أو يسارية أو غيرها؛ بل إن الوطنية نفسها أصبحت مرجعية من ناحية المقابلية مع المرجعيات الأخرى.
ولذلك، وحتى من ناحية الفحص والتحليل والمراجعة والفهم، للتداولات والتغيّرات التي مرت على المشروع الوطني الفلسطيني، لمدة تصل إلى القرن من الزمن أو يزيد، وكذلك لشخوصه ونخبه عبر مدد ومراحل القرن أعلاه، هي بحاجة إلى علماء في الاجتماع السياسي وأيضا في علم النفس وفي عموم علم الاجتماع، الذي نعاني من نقص في تخصصاته الدقيقة، وفي تفعيلها المراسي والتجريبي، كحالة فلسطينية وبالطبع عربية. وهي، وعلى فرض تحقق وتنفيذ تلك الحاجة في أبعادها الفلسفية، وفي تقصي وفهم حقيقة الظواهر الفلسطينية ومخرجاتها، في السياسة، والنخب، والاجتماع، وغيرها، إلا أن عملية الفهم بخصوصها سيكون طريقها معقدا أيما تعقيد؛ بسبب هذه المركبية والتراكبية كطبقات، منذ نهاية الحقبة العثمانية، ودخول الحقبة الانتدابية البريطانية، مع العقدين الثاني والثالث من النصف الأول من القرن العشرين المنصرم؛ هذا نظريا وفلسفيا، وضمن مرجعيات وفلسفة وأبعاد فلسفة التاريخ نفسها.
أما من الناحية العينية أو المباشرية، ومن خلال عمل لقاءات وحوارات مع نخب سياسية فلسطينية، ضمن منطقة أو إطارية جغرافية شاملة لعدة بلدات ومدن؛ فهنا الصعوبة والتعقيدية تدق عميقا وبشكل خطير؛ ذلك أننا هنا نتعامل مع بشر لهم حساباتهم الشخصية والوطنية وبشكل متداخل، ولهم خلفياتهم المادية والاجتماعية المختلفة والمتنوعة، والتي تؤثر على مسألة معرفة وفهم الحقيقة المتوخاة، من خلال لقاءات حوارية تجرى معهم كنخب سياسية، هذا دون نسيان أو التغافل عن حقيقة وماهية الشخصية الفلسطينية، بمن فيها نخبها السياسية على وجه الخصوص، التي تعاني في الأساس من خلل في البنى التأسيسية لها كانسان أولا وأخيرا؛ بفعل عوامل ثقافية وفكرية وطبقية واجتماعية، عبر مدة طويلة من الزمن، تمتد اقله إلى قرن من الزمان أو يزيد؛ سواء مع نهاية الحقبة العثمانية ومعانيات الناس من المرض والفقر والجهل والقابلية للاستبداد الداخلي، أو الاستعمار الخارجي الانجليزي ومن ثم الاستيطاني الاقتلاعي الصهيوني الإسرائيلي ، ثم ما تلا ذلك وحتى اليوم، من تعمق التشوه في تلك البنى وتراكمياتها السلبية وتركيبيتها وتعقيداتها في غير مجال واتجاه؛ الأمر الذي يجعل، ضمن ذلك كله، أولا: تردد تلك النخب في قبول إجراء تلك المقابلات العينية معها، ووضع شروط أو مواصفات في حال قبول إجرائها، وثانيا: هو جعل هذا التباين المتوقع وضمن الفهم الفلسفي والاجتماعي لمخرجات البنى التأسيسية للشخصية الفلسطينية عموما، والشخصية النخبوية السياسية خصوصا؛ بين الإبطان والإظهار: إما لإخفاء مناقص وسلبيات في تاريخ مسار النضال الشخصي، أو من باب إظهار المحاسن أو حتى ادعائها شخصيا وبالتداخل وطنيا.
وإذا كان الفحص والبحث النظري التاريخي والفلسفي، على فرض دقته كمراجعة ومحاولة فهم للنخب السياسية الفلسطينية، سواء لفترة زمنية بعينها، أو لمدة طويلة نسبيا؛ تتعلق بعديد مراحل وموجات من النضال الوطني الفلسطيني، ما بين دراسة المشروع الوطني الفلسطيني والتغييرات التي طرأت عليه، وكذلك دراسة شخصياته وقياداته ونخبه، تحتاج عملية الفحص والبحث هنا إلى علماء ومختصين في علم الاجتماع عموما وعلم الاجتماع السياسي خصوصا، بالإضافة إلى علوم النفس الإنسانية المختلفة؛ لمحاولة فهم الذي جرى ويجري في متجه سلسلة الفشل الغالب في تاريخ النضال الوطني الفلسطيني، من نواحي عدم تحقيق التحرر وتقرير المصير؛ وذلك بالقضاء على بنية ومؤسسة المشروع الصهيوني وكيانه الإسرائيلي، القائم على الفكر الاستيطاني الاجلائي والتمييزي العنصري؛ وبالمناسبة حتى في هذا السياق تعاني الساحة الأكاديمية والبحثية الفلسطينية نقصا فيه، كما هو الحال في الساحة الأكاديمية والبحثية العربية على اختلاف أقطارها وبلدانها، فمن جديد فان هذه المسالة ستدق كثيرا، وبشكل بعيد جدا في الخطورة، إذا ما تعلق الأمر بالبحث الاجتماعي السياسي الميداني للنخب السياسية الفلسطينية، خصوصا في ظل الفراغ الحاصل في استخدام والاستفادة من علم الاجتماع العمومي والخصوصي هنا في المجال السياسي؛ لجسر الهوّات والتوقعات ما بين رؤية الفكر والثقافة المجرّدة للمشكلة، وبين ما هو حاصل عمليا من مخرجات التركيبية الإنسانية وتفاقم تعقيداتها في غير مجال وأحداث كبرى أو متوسطة الحجم والنوع؛ كما هو حال الحالة الفلسطينية في مأزقها الذي صار أكثر استعصاء على الفهم والحل، خصوصا ما بعد أوسلو، وحدوث الانقسام عمليا، وبشكل أكثر تجليا منذ عام2007 .
وبسبب ذلك كله أعلاه، فإننا نجد تقريبا انعداما وجوديا من ناحية النوع والكيف، فيما يتعلق باستخدام والاستفادة من العلوم الاجتماعية والنفسية، في فهم الظواهر والوقائع والأحداث، وبالتالي إجادة قراءتها، دون الذهاب إلى ومن ثم اعتماد قراءات خطابية وانفعالية غير فاعلة في هذا السياق، لتكون بالتالي عملية الفهم والمحاولة في وضع الحلول وتجريبها، ضمن مصكوكات نسقية توليدية؛ تصلح كإطار للقراءة والفهم والاستيعاب، وبعد ذلك ليتم الحديث عن الحلول، سواء للإنسان الفلسطيني كفرد أو كمجموع، في إطار التحرر والعودة وتقرير المصير.
إننا نجد مثلا، حالة من الكثرة البحثية حول موضوع النخب السياسية الفلسطينية، ولكن بالطريقة التقليدية المنزوعة من أدوات التحليل السيكولوجي والسوسيولوجي، وكذلك من أساس النظرة الكلية التنظيرية ولو في حدها الأدنى؛ في فهم طبيعة المجتمع التدينية الشكلية من جهة، في مقابلة ما يعانيه هذا المجتمع في الجوهر من مشاكل بنيوية إنسانية قيمية وأخلاقية، بالإضافة إلى مشاكل الفقر والجهل وعدم الوعي، مضافا إلى كل ذلك الخلل النتائجي في فهم طبيعة الصراع مع المشروع الصهيوني، وانعكاس ذلك على الرؤية الأخلاقية والوطنية المطلوبة. لذلك نجد مجموعة لا بأس بها من المؤلفات والكتب أو بعض الرسائل الجامعية لنيل درجة الماجستير في العلوم السياسية والمجالات ذات الصلةـ حول موضوع النخب السياسية الفلسطينية، لكن طريقة ومنهجية الإعداد لا تسبر غور شخصيات تلك النخب؛ من حيث أنها كعينة تمثل الواقع الأخلاقي والاجتماعي والسياسي في البلد؛ ذلك لان النخب تعكس واقع المجتمع، وهي من تقوده إلى الأمام أو تتراجع به إلى الخلف. وهذا يعود إلى الخلل في الدراسة والمعالجة حسب ما اشرنا إليه أعلاه، وكذلك يرجع إلى أن اغلب الباحثين يتجنبون الدخول في شرح وتفصيل مناقص ومشاكل تلك النخب بشكل واضح، هذا على فرض أن هؤلاء الباحثين يملكون المقدرة العلمية في الجانب التحليلي والاستقرائي الجيد في الاختصاص الاجتماعي والنفسي كقاعدة للانطلاق، ويعود هذا التجنب إلى الخوف من عواقب موقف النخب السياسية تجاه هؤلاء الباحثين مستقبلا؛ خاصة إذا كان هؤلاء النخب من صناع القرار في البلد. على كل حال، فلقد وجدت بعض حالات نادرة، كمحاولة لتناول موضوع النخب السياسية الفلسطينية بأبعاد سيكولوجية وسوسيولوجية؛ من ناحية دراسة تلك النخب وتداخلها مع المشروع الوطني الفلسطيني، عبر مراحله المختلفة؛ باختلاف أطوار ومراحل النضال الفلسطيني نفسه، لعل أبرزها وأهمها كان ما وضعه عالم الاجتماع الفلسطيني المعروف جميل هلال في سلسلة مؤلفاته حول هذا الموضوع، وآخرون غيره محدودون جدا.
نرى، انه حتى يكون هناك نوع من التثمير والفائدة المرجوة، على صعيد المجتمع الفلسطيني سواء في الموضوع النضالي أو في الموضوع المدني والاجتماعي، في دراسة النخب السياسية الفلسطينية؛ وذلك لعظم الدور الذي تلعبه تلك النخب ايجابيا أو سلبيا، أن يتم التعامل في دراسة هذا الموضوع على النحو التالي:
1- أن يتم إعداد مجموعات من الباحثين الفلسطينيين وحتى من العرب، وبالتعاون مع خبرات بحثية أجنبية علمية ومهنية، يتم الانطلاق بها من فهم بنية المجتمع الفلسطيني الأخلاقية والقيمية والتطبيقات العملية الحاصلة اقله على مدى عمر الصراع؛ سواء في طريقة مواجهة الاستعمار الانجليزي على فلسطين أو في طريقة مواجهة سيطرة المشروع الصهيوني وإقامة دولته إسرائيل عليها. وهنا يلزم فهم وإدراك حقيقة القابلية لذلك في سياقي النظرة على المجتمع ككل وتركيز الضوء على دور النخب وماهياتها وحقائقها الفكرية والأخلاقية والاجتماعية والوطنية، ومن الممكن صرف ذلك تطبيقيا لعينات معينة في إطارية زمنية حديثة تقرب من عشرين عاما؛ نظرا لتسلسلية الحالة كلها من حيث المنطلقات والتبعات.
2- يلزم في العملية البحثية هذه، أن يكون للسياقات السيكولوجية والسوسيولوجية الدور الأساس في التناول والمعالجة، سواء في إجراء المقابلات وأسئلتها ذات العلاقة أو في مرحلة التحليل والفهم والخروج بتصورات ونتائج وملخصات. هذا وان الكاتب عماد صلاح الدين هنا على استعداد لتقديم أي خدمات لأي باحث أو جهة أو مؤسسة بحثية خصوصا في منطلقات البحث والمعالجة للمنظور البنيوي والقيمي والأخلاقي في دراسة المجتمع الفلسطيني، ذلك لأنني قد وضعت مجموعة من النظريات الفلسفية حول منظومات القيم على اختلاف أصولياتها وتعددها وتنوع وجودها وممارستها التطبيقية والتنفيذية.
3- يلزم التعامل في دراسة موضوع النخب السياسية الفلسطينية المهم والخطير الانطلاق من رؤية مؤسسية وطنية حقيقية؛ كحال كثير من مراكز البحث ومخازن التفكيرThink) Tanks) التي تساهم فاعليا في صناعة القرار المجتمعي والوطني، وهنا يلزم التخلص من العقلية التقليدية في غائية إعداد وكتابة البحوث و الدراسات للنشر وبالتالي تسجيل الانجاز الذاتي سواء لفرد أو مؤسسة ما؛ وإنما يجب أن يوضع في الاعتبار: أن ما يتم من دراسة وبحث وأعمال في الخصوص هو وبشكل جاد الغاية منه تغيير المجتمع وإصلاحه، عن طريق تمرير هذه الدراسات وخلاصاتها إلى من يهمه الأمر للاطلاع والمداولة والتطبيق والتنفيذ بشكل علمي ومنهجي مؤسسي.
4- ووفقا لما ذكر في البند الثالث أعلاه، وحتى تكون هنالك جرأة حقيقية في تناول ومعالجة موضوع النخب السياسية الفلسطينية من قبل الباحثين والمحللين المختصين؛ وذلك تبعا لما يفرضه مسار الدراسات الإنسانية والاجتماعية من نسبية مفتوحة للتفكير والعصف الذهني وتوليد الأفكار والتأملات الذهنية، فإنني اقترح أن تكون مستخرجات المعامل البحثية في هذا الموضوع اقرب إلى البحثية السرية منها إلى العلنية؛ خصوصا إذا كان منطلق البحث- الأبحاث كبقية الأعمال النضالية الفلسطينية هو لهدف التحرر الوطني وصياغة القدرة على تقرير المصير، وليس لغايات الاستعراض العلمي والبحثي وتسجيل عدد الدراسات والأبحاث ومواقع نشرها وعدد مرات التوزيع والنشر لها.

إن الرؤية النضالية الفلسطينية الحقيقية، تتطلب أن تكون المشاركة والمساهمة البحثية حقيقية، في زيادة مراكمة انجازات الحركة الوطنية الفلسطينية، على طريق التحرر، والعودة، وتقرير المصير.
هنا سنعمد إلى تقسيم هذا البحث إلى الفصول التالية تباعا، وهي هنا خمسة فصول، مع قراءة فكرية وسوسيولوجية اجتماعية لبنية تلك النخب من النواحي الأخلاقية والإنسانية ومخرجاتها على أكثر من صعيد خصوصا الوطني النضالي ومتعلقه المدني الاجتماعي.
الفصل الأول: علل البنى العميقة للنخب السياسية الفلسطينية.
سنتطرق هنا إلى الماهيات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية المادية، التي انبثقت منها النخبة السياسية الفلسطينية كانسان، قبل الحديث عن كل أدلجة أو تأطير، أو توجه فكري منضو في إطار مرجعية حزبية أو ثقافية مؤطرة، أو سياسية رسمية تقليدية، أو تنوعات أخرى، في حركة المجتمع؛ كتجمعات نقابية أو مهنية أو أكاديمية وغيرها، سواء كان ذلك في المنشأ المحلي، أو في العلاقة الممتدة عربيا ودوليا.
وحين يجري الحديث عن البنى الماهوية في الاجتماع الإنساني والثقافي والمادي الحياتي؛ دائما ما يكون المنطلق، هو المادة الأولية لكل ذلك؛ وهو الإنسان.
والإنسان الفلسطيني، ضمن الموروث الاجتماعي والثقافي، وحتى الحياة بلغة التقدم أو التخلف أو الكفاف والكفاية أو الرفاهة، في النمو والنماء أو التنمية، أو في التخلف والفقر والجهل والانحطاط، أو في التبعية والقابلية للاحتلال وعدم الاستقلال؛ يشترك في ذلك، وبنسبة مقاربة كثيرا، في الأوضاع والأحوال الإنسانية والبنى الاجتماعية والمادية الموجود عليها الإنسان العربي، منذ قرون ليست بالقليلة ولا بالبعيدة، على كل حال.
ولذلك، فان القاسم المشترك بين الحالة الفلسطينية والعربية، ولأكثر من قرن شارف على الانتهاء في الحالة المعاصرة، وتحديدا منذ نهاية الحقبة العثمانية في المنطقة العربية وفلسطين عام 1914-1918، و منتوج ومخرج التخلف الديني والأخلاقي والاجتماعي، وانتشار الاستعمار الكولونيالي الغربي في المنطقة العربية، بما فيها فلسطين، وما ترتب و يترتب على ذلك من وجود الطبقية والتفارق المادي والاجتماعي بين الناس، وغياب حرية الإنسان وكرامته وقدرته على تقرير المصير سواء على الصعيد الفردي أو المجموعي كمجتمع أو امة، هذا – طبعا- بالإضافة إلى غياب منظومة العدل المستندة إلى قانون ومرجعيات أخلاقية داخليا أو عربيا وإقليميا أو حتى على المستوى الدولي؛ سواء في عهد عصبة الأمم المتحدة مع بداية مفتتح القرن العشرين المنصرم، أو في نهاية النصف الأول من القرن العشرين، مع بداية إنشاء هيئة الأمم المتحدة لعام 1945.
ويعود تكوّن هذه البنى الاجتماعية والمادية المهللة، إلى درجة الانحطاط والتخلف والفقر والجهل والمرض الشامل بالمعنى السيكوسوماتيكي (المادي الاجتماعي)، وبالتالي القابلية السلبية للانحراف الذاتي للمجتمع أو الضعف الخارجي في مواجهة الأخطار، في سياق العلاقات مع الآخر ذي القوة والسيادة والإعدادية والتجهيز إلى مسالتين:-
الأولى: هي حالة الاعتذارية والديباجية لتبرير الضعف والتراجع والتخاذل، بل وتبرير كل استبداد سياسي أو اجتماعي أو حتى ادعاء أخلاقي أو ثقافي أو ديني، أو حتى قبول المستعمر، وأكثر من ذلك كله بالانخراط معه ضد مصالح المجتمع والأمة تحت تحويرات وتنظيرات مصدرها هذا المشوّه من الموروث الهويّاتي، الذي هو خليط من أبعاد عرفية وعاداتية، حاولت التلاؤم، ومن ثم الانسياق وراء متكوّن البنى غير الأخلاقية والحضارية في المجتمع، وعلى مستوى الحالة العربية ككل تقريبا.
واقصد هنا، دون مواربة - شئنا ذلك أم تهربنا منه أو حتى حاولنا استبعاده لدواعي العلمية الفكرية والسياسية الاجتماعية في الحالة المعاصرة- هذا الفهم الصحيح أو الخاطئ أو الملتبس للمرجعية الدينية الأخلاقية الثقافية الحضارية؛ فمثل تلكم الحالة الشاملة - ومرة أخرى شئنا أم أبينا- هي مكون هذه الأمة الأساسي على صعيد الهوية والانتماء والتوجه الفكري، وحتى الفاعلية والتحرك أو ضعفهما أو حتى شبه انعدامهما.
ويبدو - ولقرون متطاولة- انه قد حدثت التباسات متطاولة أيضا، بخصوص الانصراف إلى قداسة الحضور الشكلي المقدس، في أبعاد وروافد الحالة الهوياتية العربية، بما فيها من موروث أخلاقي وثقافي وديني ومكتسب تشكّلي، عبر منظومات فقهية واجتماعية، وحتى سياسية بكل تأكيد.
انه البعد الطقسي والشخصني، لشكل الدين والأخلاق وادعاء الحضارة، بل ولرموزيات البطولة والفداء، وربما درّوشة ظن الفاعلية في محاولات تغيير المجتمع وإصلاحه؛ - سيما - أساسا من خلال تأطيرات حزبية أو جماعاتية هنا وهناك، أو من صعيد الدولة ذاتها، أو من قطاعات اللا رسمية فيها.
وربما ينعكس هذا الافتتان الشكلي، بأشكال الحضور الخالية من المعنى الأخلاقي العملي والبنى المادية والاجتماعية والعلمية المدشّنة، عبر إجرائية تكاملية متطلعة إلى التوجيه الفكري والإلحاقية المستمرة غير المستسلمة، والتي يتشكل عندها الوعي المتعاظم يوما عن يوم، عن حقيقة وفعلية وواقعية منحى القوة والضعف، كحقائق يتم بناؤها أو التراخي والتجاهل عنها، في سلم حقائق القوة الإنسانية في منظور الطبيعة وطبيعة الإنسان نفسه، ربما ينعكس هذا - من جديد- إلى حالة من التعلق بالغريب الثقافي والحضاري والمادي الآخر؛ كالتعلق منذ عقود بعيدة في الحالة الفلسطينية والعربية والإسلامية، لدى عديد نخب سياسية واجتماعية واقتصادية بالغرب الأوروبي والأمريكي أو بالغرب الروسي (الاتحاد السوفيتي سابقا)، والتي عاد التعلق بها من جديد على شكل روسيا القيصرية العائدة إلى محاولات القيصرنة والمجد من جديد وكذلك فيما يتعلق بالصين العملاق الجديد، بعد تفاقم حالة المرض في العالم العربي بين ظلم وخنوع.
كان هذا التعلق، سابقا وحاليا، راجعا إلى حالة الإحباط واليأس، من فواعل حضور الشكل، في المعتقد والتصور الأخلاقي، والتراث العربي والفلسطيني، سواء في النظر إلى الدين أو الهوية والأوطان، أو حتى في الثقة بالإمكانية والقدرة والمخزون الحضاري؛ فكان التعلق السابق فلسطينيا وعربيا؛ غربا وشرقا، وفي المشرق العربي ومغربه، سواء في مطلع القرن العشرين المنصرم وأواسطه أو في الحقبة ما بعد النصفية له، في أشكال خلاصية شكلية هي الأخرى؛ سواء في معتقد القومية العربية، أو في معتقد وتصور الحل الشيوعي الشامل أو الليبرالي، المتحرر من كل قيد، وحتى من الله ذاته لاحقا.
الثانية: هي الحالة الطبيعية لهرم المجتمعات السنيني نفسها، التي يتطاول حضورها الداخلي والخارجي قوة وتأثيرا؛ واقصد هنا بالمجتمعات مجتمعات المشاريع الضخمة الثقافية والحضارية؛ كمثل المجتمعات العربية الإسلامية التي مرت في أوجها الحضاري، الذي نتج عن تراكم في رفع بنيان حضارتها لقرون، ثم هذا الانحدار نحو الأسفل هبوطا؛ كحالة تاريخية تقترب من المسلمة في الرواية والدراسة التاريخية المسنودة بالتجربة البرهانية، أو لنقل انه قانون ابن خلدون في قيومة الدول والإمبراطوريات والمجتمعات، ثم مرورها بمراحلها الخمس، إلى زوال المجد والسؤدد والقوة والسلطان والسيادة. ولعل قريب المثل العثماني السابق في مطلعية القرن العشرين الماضي، والمحاول(بكسر الواو) - من جديد- منذ تسعينيات القرن العشرين العودة إلى الترقي والنهضة، وذلك بطبيعة الحال نتيجة تحولات انفتاح السياسية التركية من وقت أبكر من ذلك يعود إلى فترة الخمسينيات من القرن الفائت، ربما كانت البداية فيها مع عدنان مندريس، أفضل مثال على ذلك.
هذه هي إذن الخلفية الفكرية والاجتماعية، وحتى المادية الشاملة؛ كبيئة جامعة للحالة الفلسطينية، خصوصا على مستوى السياسة ومراسها الرسمي وغير الرسمي، ضمن البيئة الأوسع عربيا وحتى إسلاميا.

الفصل الثاني : إطلالة على النخب السياسية الفلسطينية قبل عام 1948
سيطرت مجموعة أدواء اجتماعية وثقافية وممارسية، على النخب السياسية الفلسطينية، التي كانت موجودة قبل حدوث جريمة التطهير العرقي، ضد الشعب الفلسطيني على يد العصابات الصهيونية، برعاية استعمارية بريطانية، ودعم ومساندة من دول غربية استعمارية أخرى كالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا في تلك الحقبة. هذا على رغم كل كلام جميل عن عظمة الحالة الفلسطينية ونخبها ورجال نضالاتها، على مراحل ثوراتها وانتفاضاتها المتتالية والمتكررة سيّما في تلك المرحلة .
هذا الأدواء الاجتماعية والثقافية، هي مخرج لقاعدة التأصيل العربية الإسلامية التقليدية العاداتية الكهنوتية؛ في حضور شكل الدين والتراث والهوية والانتماء، وبالتالي قداسة الشيء في الشخص والمكان، وربما الزمان كتاريخ، وغياب المضمونين الأخلاقي والحضاري العمليين، بل وغياب الإنسان كقيمة حضارية عليا.
ولننظر إلى حال النخب السياسية الفلسطينية، قبل واقعة التطهير العرقي في فلسطين عام 1948، والتي اصطلح عليها في التعريف السياسي والتاريخي الفلسطيني باسم النكبة؛ ففي زمن الانتداب البريطاني على فلسطين، الذي جاء عبر عصبة الأمم المتحدة عام 1920، وهو يمثل قرار الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى، وتشمل بريطانيا وفرنسا ودول أخرى في مدينة سان ريمو الايطالية، وكان هذا القرار لاحقا على تقسيم تركة الدولة العثمانية عام 1916، والذي عرّف باتفاق سايكس بيكو، وتلى الأخير وعد بلفور عام 1917، الذي وعد بإقامة وطن قومي لليهود على ارض فلسطين؛هذه النخب السياسية الفلسطينية في ذلك الوقت كانت تتسم بسمات لا أخلاقية ولا وطنية، ويبدو انه لا يوجد لديها رصيد معتبر من حقيقية المخزون الثقافي والحضاري العملي والمضموني، رغم كل ادعاء بغير ذلك؛ وغير ذلك يعني أن فلسطين ما كانت لتضيع، أو أن هذه النخب وشعبها الفلسطيني كان عندهما القابلية العكس بعدم إمكانية احتلالها وسرقة أرضها ووطنها وطرد سكانها الأصليين منها. وكانت الحالة العقلية والثقافية السلبية تقوم على القبلية والعائلية والشللية، وضمن حالة من الإقطاع المسيطر، والبقية الغالبة عدديا واجتماعيا تعاني العبودية والفقر والجهل وسلب حقوقها وثرواتها ومقدراتها لصالح النخب الإقطاعية الأسياد؛ والذين نجاوز بشأنهم فنسميهم نخبا سياسية وحزبية وثقافية بارزة في مجتمعها-1-.
ولدى كثيرين معرفة بحقيقة الصراعات العائلية والقبلية، بل وبممارسات قطع الطريق وقطّاعها في تلك الفترة من تاريخ وعمر القضية الفلسطينية، وكيف كانت أعمال النهب والسطو تُدار وتجري في مناطق الضفة الغربية، بحسب روايات شفوية عاشت الأحداث أو عاصرتها في تلك الفترة.
ومن منا لا يعرف صراعات عائلات الحسيني والنشاشيبي المتنفذتين في تلك الفترة، كزعامات قبلية وعشائرية. كانت الحالة القبلية والعشائرية والتسيّد وفرض الخاوات وشراء الذمم هي السمة الغالبة على ذلك الوقت-2-، وكان الذي لا يسرق في تلك الفترة لا يعتبر رجلا(زلمة بالتعبير الشعبي الفلسطيني).
فمن أين جاءت هذه المخرجات الذهنية والممارسية في تلك الفترة التي نتكلم عنها أعلاه؟؟
كان في تلك الفترة، من عمر القضية الفلسطينية، يتم التحالف لأجل الصراع بين العائلات المتنفذة وتحقيق سيطرة أو فوز أحدها على الأخرى، مع قوات الاحتلال الانجليزي؛ كان ذلك كله للفوز بالمركز والجاه والمنصب وشفط ثروات الناس عن آخرها؛ بينما لم يكن هناك لا وطنا حقيقيا وسيدا، ولا إنسانا فلسطينيا حرا وكريما. والكل كان يرسف في أغلال وقيود الاحتلال والاستعمار الكولونيالي البريطاني.
وكانت تقوم ردات الفعل الفلسطيني من غالبية سواحق الناس معيشيا واجتماعيا، من الضغط الذي يولّد الانفجار، وعلى حد قول أرسطو وجدلياته الفلسفية؛ فالتاريخ دائما يكره الفراغ، ولا أسميها هنا انتفاضات حقيقية ولا ثورات حقيقية؛ لأن الانتفاضات والثورات الحقيقية في الغالب تؤدي إلى نتائج فاعلة على طريق التحرر وتقرير المصير والاستقلال؛ هذا على رغم كل التسميات الموافقة للانتفاضة أو الثورة أو المفوّقة لها عن تلكم التسميتين؛ تعظيما وتبجيلا للفشل في السلسلة المستمرة؛ ربما هذا هو شأن المجتمعات المتخلفة تحب مديح نفسها، ولاشيء على ارض الواقع، وتحب ما تسميه شهادة الأعداء في المديح، وربما أن الأعداء يدركون سر هذا الضعف؛ فيزيدون المديح الذي لا يقدم ولا يؤخر لتلك المجتمعات. وعلى العكس من ذلك يزيدها تيها وضلالا فوق ما هي عليه من كوارث، وذلك من خلال التأريخ السياسي الذي يصنع للقوي والضعيف، وكل بحسب حاله وحقيقته الكلية والشمولية.
هذه الانتفاضات والثورات، التي في حقيقتها ردات فعل من حجم ونوع الضغط الإنساني والسياسي والاجتماعي الهائل، كان يجري وقفها وإجهاضها، ودون العمل على استثمارها وتطويرها وتطوير الفاعل الإنساني والاجتماعي والثوري فيها، من قبل من؟. من قبل القيادات العائلية والعشائرية المسمّاة تجاوزا نخبا سياسة لتلك المرحلة. وكان هذا الوقف والإجهاض يأتي بطلب من قيادات عائلية وعشائرية وميراثية اجتماعية إقطاعية وتابعة، في أقاليم المنطقة العربية؛ في شرق الأردن أو في مصر والعراق والحجاز وغيرها، وتلبية للسيد الاستيطاني والاستعماري الغربي في المنطقة العربية الإسلامية-3-.
والمقصود هنا؛ انه لا يوجد إنسان حقيقي وواعي وحر وكريم وسيد نفسه بالمعنى الجمعي والنسبي في فلسطين كما في المنطقة العربية؛ لا على مستوى قيادات ونخب، ولا على مستوى الشعب الفلسطيني، فضلا عن الشعوب العربية هناك. والدليل الجزئي في هذا السياق أن نخب تلك الفترة وبعد هزيمة عام 1948 لم تتمكن من الصمود طويلا، وسريعا ما اختفت من المشهد العام السياسي، واختفت كذلك تقريبا هيئاتها وأدواتها الحزبية وعلى رأسها الهيئة العربية العليا-4- .
نفس الصراعات أعلاه فلسطينيا، كانت موجودة في نفس تلك الفترة على مستوى الزعامات العربية القبلية القطرية، كما في حال ملوك وأمراء الحجاز و شرق الأردن وفي العراق ومصر وسوريا. وفي موقعة التطهير العرقي في فلسطين على أيدي العصابات والمليشيات الصهيونية، وتحت إشراف وتسهيل الاستعمار الانجليزي عام 1948، كان الصراع على أشده في كيفية اقتسام ما تبقى من كعكة فلسطين؛ كامتداد لنفوذ الملك فاروق ملك مصر في جنوبها، أو ما تبقى منها في غربها( غرب نهر الأردن)؛ كامتداد لإمارة العائلة الهاشمية في الأردن. وبالفعل تم تحديد والتحكم في السلاح الفلسطيني ومصادرة أغلبه من أيدي الفلسطينيين، وجعل السلاح الداخل إليها والمقاتلين من خارجها محدودين كذلك؛ ولقد جرى الاتفاق ما بين بن غوريون أول رئيس وزراء إسرائيلي وأمير إمارة شرق الأردن الأمير عبد الله(تاليا الملك عبد الله الأول) على عدم دخول قوات الجيش العربي الأردني تحت إمرة وإشراف جلوب باشا الضابط الانجليزي للمناطق التي تنوي العصابات الصهيونية السيطرة عليها، باستثناء الضفة الغربية ومنطقة القدس( جزء منها)، والتي ستترك للعائلة الهاشمية، في مواجهة طموح الملك فاروق كخليفة للمسلمين؛ كما كان ينظر إلى نفسه كذلك الأمير عبد الله الهاشمي-5-.
الفصل الثالث : النخب السياسية الفلسطينية بعد النكبة و النكسة حتى عام 1988
بعد أحداث التطهير العرقي في فلسطين عام 1948، بقيت النزعة الاستفرادية والتحكمية بمصير الشعب الفلسطيني، الغائب حقيقية عن صورة المشهد الاجتماعي والسياسي، كما هو الحال عليه في السابق؛ فالقيادات الفلسطينية التقليدية ذات العقلية العائلية والمصلحية، كانت تتساوق مع طلب أمراء وملوك ورؤساء الدول العربية، المتحكمين بدورهم بشعوبهم لصالح نظمهم واستمرارها، كحالة نخب وظيفية تابعة للهيمنة الأجنبية، بعدم تحريك أي نضال فلسطيني، ولو كان في الشتات؛ ذلك أن تلك النظم كانت تروّج إدعاءها بتحرير فلسطين بجيوشها الجرارة. وظل الأمر كذلك إلى عام 1964، ليبرز التحكم بالمصير الفلسطيني، وبموافقة نخب سياسية نمتدحها حتى لحظة كتابة هذه السطور، من خلال إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية القومية، بإيعاز وإشراف من الراحل الرئيس جمال عبد الناصر؛ يعني منظمة فلسطينية، ولكن بمواصفات وشروط نخب عربية رسمية، وليس بمواصفات ومتطلبات التحرر الوطني والعودة وتقرير المصير. كان هذا التحكم والمساوقة معه من أطراف نخبوية سياسية فلسطينية، وكان إنشاء المنظمة كرد فعل على تحويل إسرائيل لمجاري نهر الأردن، بعد أن تبين عدم إمكانية إحباط مثل هذا القرار الصهيوني في حينه-6-.
هذا الخلل البنيوي، في التركيبة النخبوية كانسان، سواء على المستوى الفلسطيني أو العربي جعل المزاجية وغياب الإستراتيجية هو المتحكم؛ فالمقاومة الفلسطينية منذ عام 1949، عام الهدنة العربية مع إسرائيل وحتى عام 1967- 1968، كانت ممنوعة، بل وملاحقة ومهمشة، ولذلك كانت سرية باستثناء احتضان سوريا والجزائر لحركة فتح في تلك الفترة، لأسباب تخص النظامين ومصالحهما، وليس لأبعاد تحررية حقيقية، إلى أن حصلت النكسة المدوية عام 1967، فسمحت بعض تلك النظم للمقاومة الفلسطينية بالعمل ضد إسرائيل انطلاقا من أراضيها وحدودها، سواء في الأردن أو مصر، وتاليا لبنان حتى عام 1982، عام خروج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان، بعد الاجتياح الواسع لها.
وهذا الخلل البنيوي في التركيبة الإنسانية؛ بالمعنى الأخلاقي والاجتماعي في فلسطين، هي من جعلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية محتكرة - بشكل أساسي- بيد حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح، والأخيرة كانت محتكرة وبشكل انفرادي بيد الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، لمدة زادت عن أربعة عقود حتى تاريخ استشهاده عام 2004 -7-.
انطلاقا من أعلاه، قام الرئيس ياسر عرفات عام 1985، وفي لقاء جمعه مع الرئيس المصري المخلوع بثورة يناير كانون الثاني من عام 2011، في القاهرة بنبذ العنف والإرهاب؛ والمعني اللغوي والاصطلاحي لكلمة أو مفردة النبذ تنصرف إلى التجريم الشامل ماضيا ومستقبلا وحاضرا. وقد كان موقف وسلوك الرئيس الراحل ياسر عرفات قد جاءا منه بسبب القابلية - في هذا الجانب- لدى نخب وقيادات م.ت.ف وحركة فتح، بمن فيهم الرئيس أبو عمار نفسه، كما أنه جاء من ضغوط بعض الدول العربية، وفي المقدم منها مصر، في تلك المرحلة عبر نخبها العليا السياسية الرسمية، والتي تشترك مع نخب سياسة فلسطين – تقريبا- من ناحية البنية التركيبية الأخلاقية والاجتماعية. وهذه النخب - بطبيعة الحال- جزء من المكون الأخلاقي والإنساني والاجتماعي، على مستوى بلد كفلسطين، وعلى مستوى منطقة كالبلدان العربية.
هذه البنية المشار إليها آنفا، والاستعداد أو القابلية للاحتكار والتفرد والشخصانية، تزداد وتيرة سرعتها وتسارعها بقدر حجم ونوع ومدى الانحطاط والترهل والغيبوبة الاجتماعية، التي وصل إليها شعب أو مجتمع ما.
ولو أمعنا النظر في تلك السرعة والتسارع، لوجدناهما كبيرين، بالنظر لمدى التاريخ وتطاول مراحله؛ فقيادة م.ت.ف وفتح برئاسة أبو عمار بدأتا الحديث عن الدولة العلمانية الديمقراطية، ثم عن سلطة على أي جزء يتم تحريره من فلسطين، منذ مطلع سبعينيات القرن العشرين تحديدا عام 1970، إلى أن وصلت القيادة عبر دورة المجلس الوطني لمنظمة التحرير إلى برنامج النقاط العشر والحلول التجزيئية والمرحلية والأدوات السلمية عام 1974. هذا مع العلم أنه لم يمض على انطلاق الكفاح المسلح الفلسطيني والرصاصة الأولى سوى سنوات قلائل منذ عام 1965، وتسلم ياسر عرفات لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية ببعدها الوطني عام 1968-1969.
ثم جاءت الخطوة الانفرادية عام 1988، بالاعتراف بالقرارين الصادرين عن مجلس الأمن الدولي رقمي 242، 338 الصادرين عامي 1967،1973 في دورة المجلس الوطني الفلسطيني المنعقدة في الجزائر.
وهذان القراران أعلاه، هما شرط الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل للاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية، وقبول التفاوض معها، وليس لأجل الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني؛ فالقراران يتحدثان عن سيادة الدول في المنطقة، ويتحدثان عن قضية اللاجئين دون تعريف أو تحديد، هل هم اللاجئون الفلسطينيون أم اليهود الذين كانوا في الدول العربية، وفي عموم العالم؛ خصوصا في الدول الغربية والذين هم في الأساس مواطنون فيها.
وحتى في قضية الأرض، والانسحاب منها بحكم الاحتلال الإسرائيلي لها عام 1967، جاءت غير معرفة ومحددة؛ وفي عرف القانون الدولي المتحكم فيه طبيعة وقوة العلاقات الدولية السائدة، يغدو المتحكم في التفسير هو الطرف الأقوى، وهما في هذه الحالة إسرائيل ومنشؤوها الغربيون والأمريكيون.
الفصل الرابع : تعثّر رؤية النخب السياسية الفلسطينية بمرجعية أوسلو.
كانت تجربة المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية منذ مدريد 1991 إلى أوسلو 1993 وحتى اليوم، دون مرجعية واضحة في القانون الدولي. وتفسر إسرائيل، بحكم أنها الجهة الأقوى، بنود اتفاقات أوسلو بما فيها ملاحقها السياسية والأمنية وحتى المالية، كما تشاء هي، وبحسب مصالح مشروعها الاستيطاني الكولونيالي.
وهي في المحصلة، وحتى عام 2016، تريد فقط حكما ذاتيا في بعض التجمعات الفلسطينية في الضفة الغربية، بالإضافة إلى قطاع غزة؛ لاستمرار رفع الأعباء المدنية والخدمية عنها كجهة محتلة بموجب القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف الأربعة خصوصا الرابعة منها، وتحميلها بدلا من ذلك للفلسطينيين وللسلطة الفلسطينية، وفوق ذلك تحميل السلطة الفلسطينية مسؤولية جزء من أمنها، من خلال التنسيق الأمني معها.
هذا الأمر جار منذ عام 1993- وحتى اليوم، وما رفضه الفلسطينيون عام 1983، بشأن روابط القرى، تجرّعوه دفعة واحدة، وبشكل متفاقم، وعبر عمر سلطة الحكم الذاتي، وفي أكثر من ناحية منذ بدء الشروع بتنفيذ اتفاق أوسلو عامي 1994،1995، بما فيه الشق الاقتصادي، من خلال اتفاقات باريس الاقتصادية.
وحتى أدلل على عمق وعقم الخلل البنيوي في منظومة قيومة الإنسان الفلسطيني كإنسان فاعل وكمناضل فاعل، وأنها لا تقتصر على حركة بعينها أو منظمة كفتح ومنظمة التحرير الفلسطينية والفصائل المنضوية في إطارها، سأورد هنا موقف حركة المقاومة الإسلامية حماس من اتفاقات أوسلو والمفاوضات مع إسرائيل، وبالتالي موقفها من حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية.
فحركة حماس رفضت منذ البداية اتفاق أوسلو والمفاوضات مع إسرائيل. وقد تم قمع الحركة وملاحقتها، وفي أحيان أخرى قتل بعض عناصرها الفاعلين في العمل النضالي من قبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية. وقد كانت المرحلة الانتقالية لأوسلو 1995-1999 سنوات صعبة على حماس وقياداتها وعناصرها. وكانت الحركة قد رفضت فكرة الانخراط في انتخابات المجلس التشريعي للسلطة الفلسطينية عام 1996، لأسباب اعتبرتها الحركة شرعية وسياسية في آن معا.
وقد كان الراحل ياسر عرفات راضيا عن عدم اشتراك حماس في تلك الانتخابات؛ لقناعته بوجود معارضة ضامنة لأي طارئ يمكن أن يحدث خلال الفترة الانتقالية لأوسلو، ولما يمكن أن يحدث مستقبلا بعد انتهاء تلك المرحلة، وعلى فرض عدم التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل يفضي إلى دولة فلسطينية مستقلة على الأراضي المحتلة عام 1967.
وبالفعل فشلت مفاوضات كامب ديفيد الثانية 2000-2001، وبقيت المرحلة الانتقالية معلقة إلى أن تحولت إلى مؤبدة بعد ذلك، وقامت الانتفاضة الثانية(انتفاضة الأقصى)، وانخرط الجميع فيها تقريبا بما فيهم حركة حماس وفتح، وجزء معتبر ومهم من عناصر بل وقيادات من الأجهزة الأمنية الفلسطينية في ذلك الوقت؛ وقد أصبح – وقتها- هناك نوع من التباري والسباق في التخطيط والتنفيذ لعمليات نضالية واستشهادية ضد المستوطنات والمدن والبلدات الإسرائيلية( الفلسطينية المحتلة).
وبقيت الانتفاضة مشتعلة وحامية الوطيس إلى أن تم اغتيال وتصفية عديد قيادات فلسطينية من كل الفصائل، وإلى أن تم اغتيال ياسر عرفات بالسم نهاية عام2004، وحتى اللحظة، لا يزال ملف اغتياله وتصفيته جسديا وسياسيا، لم يفصل فيه – بعد- من الجهة الفلسطينية التي تتولى التحقيق بوفاته.
وقد يمكن فهم لماذا قبلت بعض فصائل العمل النضالي الفلسطيني، بما فيهم حركتا حماس والجهاد الإسلامي قبول نخبهما الدخول في تهدئة من طرف واحد عام 2005، من خلال اتفاق القاهرة مع بقية الفصائل الفلسطينية، وبطلب في حينه من الرئيس محمود عباس، وبعض أركان السلطة الفلسطينية، وبتشجيع عربي رسمي خصوصا مصر والسعودية والأردن، ويتأتى هذا الفهم بسبب ما فرضته ظروف الميدان من وحدة وتلاحم عاطفي في انتفاضة الأقصى، أو ما كان رؤية لبعض الأطراف الفلسطينية؛ بالنظر إلى طبيعة ميزان القوى المائل كثيرا لصالح إسرائيل، وما استجلبته العمليات الاستشهادية من خطوة الحسم الإسرائيلي العسكري، باجتياح مناطق السلطة الفلسطينية، وبالتالي حجم الخراب والدمار الهائلين، اللذين لحقا بالفلسطينيين ومصالحهم ومؤسساتهم الرسمية، وغير ذلك من أسباب أخرى.
لكن غير المفهوم من ناحية أخرى هو قبول حماس الدخول في الانتخابات التشريعية للسلطة الفلسطينية عام 2006، وقد قالت حماس في تبرير ذلك أنها تريد أن تقف حاجزا أو معطلا لأي تنازلات مستقبلية خطيرة من منظمة التحرير والسلطة بخصوص حقوق وثوابت الشعب الفلسطيني، وعلى رأسها الحق في العودة للاجئين الفلسطينيين.
والسؤال المطروح هنا: هو أنه كانت هناك تنازلات خطيرة وحقيقية من م.ت.ف باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ومس ذلك حق اللاجئين الفلسطينيين من الناحية النظرية والحقوقية والسياسية قبل انتفاضة الأقصى، من خلال اتفاقات أوسلو، هذا دون أن يكون هناك في المقابل أي اعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني من قبل إسرائيل، وبالتالي كان أولى على حماس أن تنخرط من جهة المصلحة الوطنية في انتخابات المجلس التشريعي عام 1996؛ إذ إنّ التنازلات كان متخوفا منها – جديا- عقب البدء في مفاوضات الوضع الدائم أو الحل النهائي. وكان يمكن للثلث المعطّل في التشريعي أن يلعب دوره مبكرا في منع أي تنازل مفترض-8-.
والغريب أن حماس، ومن خلال نخبها، قبلت المشاركة الانتخابية عام 2006، في ظل وجود الرئيس محمود عباس، الذي لا يؤمن بخط المقاومة لا العسكرية بالمعنى الكفاحي التقليدي ولا بالمقاومة الشعبية السلمية بمفهومها العلمي وسوابق التجربة فيها، وما جاءت به السنوات التالية وحتى العام 2015، تؤكد ذلك، ومع ذلك دخلت الانتخابات التشريعية وصارت هذه المرة شرعية وواقعية سياسية. كاتب هذا المقال كان قد سأل أحد قيادات حماس في مدينة نابلس عن السبب الوجيه للمشاركة في انتخابات كانون ثاني 2006. فأجابني بأنهم في حماس يريدون تغيير إستراتيجية السلطة بإنهائها، والمشكلة أن هذا الإنهاء يخالف مبادئ وأصول القبول في دخول المنظومات السياسية بحسب الدستور والقانون الأساسي الناظم لشكل الدولة وماهيتها الكلية.
هذا – بالإضافة- وبحسب التفكير الاستراتيجي الوطني، فان عدم مشاركة حماس في انتخابات عام 2006، كان سيفتح المجال لانهيار حقيقي للسلطة الفلسطينية، بعد أن تستنفد مجالها ويثبت عقم مشروعها التفاوضي، وسيكون الانهيار ايجابيا - وبما لا يقاس- في مقابلة خيار حلها بالمعنى الطبيعي الواقعي والقانوني والسياسي ومترتباتهم، ويكون دور حماس –عندها- ايجابيا ومقنعا كخط آخر في مواجهة المشروع الإسرائيلي الصهيوني؛ ذلك أن حماس كان لها شبكة من المنظمات الخيرية والأهلية معتبرا وفاعلا، في توجيه الناس والمساعدة على سد احتياجاتهم المختلفة، بل وحل مشاكلهم الاجتماعية المختلفة والمتنوعة. وكان سيكون دورها المقاوم أكثر تحررا من كل القيود، التي تعاني منها منذ سنوات طويلة، بعد انخراطها في انتخابات 2006.
ولا يعرف المراقب كيف لحركة مثل حماس ببرنامجها الديني والوطني المقاوم؛ المطالب بكل فلسطين من بحرها إلى نهرها، أن لا تتوقع مسألة الحصار عقب الفوز، فهذه مسالة بدهية، ولا عن عدم فحصها عن ترحيب الرئيس أبو مازن بمشاركتها، وعدم مضايقتها واستهدافها من قبل إسرائيل أثناء الحملة الدعائية والانتخابات، أليس هذا فخا نصب لحركة تحرر وطني إما لتخضع، وإما ليحصل معها عملية ترانسفير نهائي من عالم السياسة والنضال والوجود؛ إنها الآن محشورة في قطاع غزة محاصرة، ومحاصر الجميع هناك معها. كان هذا الفخ باتجاهين؛ الأول إما لترويض حماس في المشروع السياسي الرسمي في الأراضي المحتلة عام 1967، والثاني ترحيلها نهائيا أو إضعافها إلى درجة الوهن غير المؤثر في الساحة الفلسطينية-9-.
وكان الرهان الفلسطيني الرسمي، من الرئيس محمود عباس، وقطب الحل السلمي مركزا على إزالة العقبة الكأداء، من طريق الوصول إلى حل الدولتين، بصيغ اقل تشددا من منهج الراحل ياسر عرفات، ولا مانع من تبادل أراضي في هذا السياق.
وهذا الرهان لم يتحقق؛ من ناحية تحول السلطة الفلسطينية إلى دولة؛ بسبب تعنت إسرائيل، ومشروعها القائم على سياسة قضم الأرض والفصل والتمييز العنصري، ومن ثم أصبح بقاء السلطة هو الهدف والغاية، والترويج السياسي والإعلامي بأنه انجاز وطني لوحده، وفي المقابل تكرّس الانقسام الفلسطيني الفلسطيني، وأصبحت القوى المقاومة غير قادرة على الفاعلية المطلوبة، وبالتالي تحقيق الثمار الوطنية المقصودة؛ بسبب الحصار، وقطع الطريق عليها، واشتدادهما بعد موجة الردة على الثورات العربية في مصر وغيرها. وأصبح هناك خلق شرعية من اللاشيء، وتبرير وجود واستمرار لقوى وأطراف، شوهت الحالة الفلسطينية، وشوهت النضال الفلسطيني وأصبح مجاله قائما على ردات الفعل، دون رؤية وتخطيط وإستراتيجية وحتى قيادة؛ حتى أن الأكاديمي السياسي وصاحب الاختصاص في التحليل السياسي والتصويب اللغوي والاصطلاحي، وصاحب التقويم القانوني والحقوقي بات عاجزا ومترددا في توصيف الحراك المحدود الأخير؛ فهل هو انتفاضة أم هبة أم ثورة أم موجة نضالية، أم غير ذلك.
وهذا – أيضا- هنا يدل على خلل فادح، في البنية التركيبية للذهنية الأخلاقية والاجتماعية والفكرية، عند النخب السياسية لدى حركة المقاومة الإسلامية حماس، باعتبار الأخيرة جزءا من النسيج الكلي للمجتمع الفلسطيني، الذي يعاني كنمط سائد من منظومة غياب الإنسان، بفعل فواعل السلب التأسيسية في الفقر والجهل وعدم الوعي، وما يستتبعه ذلك من وجود طبقية مادية واجتماعية ومعظمها متوارث، وحتى دينية بمعايير التدين الشكلي، وما ينبني على ذلك من استفراد إلى حد ارتجال المواقف والقرارات المصيرية، لعموم الناس اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا، من الفئات الاحتكارية القليلة، دون مرجعية واضحة في الرؤية والدراسة والاختصاصية. وهذه الفئات الاحتكارية؛ مرة باسم الوطن، ومرة باسم الدين، هي الأخرى بدرجة أو بأخرى، لديها مشاكل بنيوية إنسانية وفكرية من نفس المعين، الذي يستقي منه البقية الغالبة حجما وكما من المجتمع.
الفصل الختامي: خلل البنية الإنسانية في فلسطين وسلوك النخب السياسية الفلسطينية.
لا زلت اذكر أنا الكاتب عماد صلاح الدين الفترة التي سبقت إجراء الانتخابات التشريعية للسلطة الفلسطينية عام 2006، ففي إحدى القرى الفلسطينية شمال مدينة نابلس حضرت لقاء انتخابيا نظمته كتلة الإصلاح والتغيير المحسوبة على حركة حماس، والتي كانت قد رشحت نفسها للانتخابات التشريعية في تلك الفترة، والتي فازت لاحقا في تلك الانتخابات فوزا كبيرا وساحقا. وكان في ذلك اللقاء مع الناس كدعاية انتخابية عدد من قيادات حماس، ومن بينهم المرحوم الشيخ حامد البيتاوي وآخرون، وقد قام الكاتب هنا بتوجيه سؤال إلى بعض المرشحين عن الحركة: بأن كيف ستدخلون وتشاركون في الانتخابات في ظل منظومة سياسية وأمنية وحتى مالية سقفها أوسلو؟ وما هي خطتكم؟ وما الذي تريدون؟.
واذكر أن الشيخ المرحوم حامد، وكنت فيما بعد محاميه في قضية محاولة إطلاق النار عليه عام 2010، لدى القضاء العسكري الفلسطيني، قد تضايق مني، وبدل الإجابة على سؤالي، توجه بسؤال آخر للناس الحاضرين وباللهجة العامية ( بدكو انتخابات ولا لء)؟؟؟
طبعا الجواب من الحاضرين: ( آه بدنا يا شيخ)، ومع الاحترام للجميع؛ فالحاضرون هم أهلنا، لكن أهلنا جاءوا للاستمتاع بالحضور والترحيب بهم، وليس عند الغالبية منهم، كما في كل المدن والقرى والبلدات والنجوع الفلسطينية – ربما- أدنى فكرة عن خطورة أوسلو، وما ينتظر الناس وحماس والفلسطينيين من حصار مطبق، وحرب شعواء إجرامية تحت ديباجات مواجهة الإمارة الظلامية، والانقلاب على الشرعية، ومواجهة الإرهاب- 10- .
والمعنى أعلاه؛ انه بغياب المنظومة الإنسانية الحقيقية القائمة على منظومة القيم المضمونية والموضوعية/ التي جوهرها الجانب الحضاري الفكري والعملي، والقائمة كذلك على أسس التفكير العلمي والمنهجية العلمية التطبيقية والتنفيذية، فان المزاجية والارتجالية والعقلية الحزبية والأبعاد الشخصانية والحسابات الضيقة، هي التي ستطغى على حساب منظومة التوجيه الأخلاقي والهوياتي والمصلحة الوطنية، وعندها سيتم تجيير كل الأبعاد الأخلاقية والدينية والوطنية، ولكن بالشكل الشكلاني لها، وليس الموضوعي، وعن قصد وغير قصد، لخدمة تلك البنى والعقليات والحسابات غير الأخلاقية والدينية والوطنية بالمحصلة النهائية، بل وحتى مرحليا في سياق الحركة الحركية والزمنية للحالة الفلسطينية ككل، بما فيها المعامل الحاضر بقوة، وهو الاحتلال الإسرائيلي، والصراع القائم معه، منذ عقود طويلة، من القرنين العشرين والحادي والعشرين.
وقد أدى ذلك كله، إلى تشوه الإنسان الفلسطيني، والأرض الفلسطينية، والمشروع الفلسطيني، وحتى المشروعية الفلسطينية نفسها؛ أخلاقيا ونضاليا.
فمثلا؛ لا أحد تقريبا قرأت له أو سمعت منه تحليلا عن ظاهرة عمليات الطعن من قبل أطفال تترواح أعمارهم بين 14الى 17 سنة؛ يقل قليلا أو يزيد قليلا، في الحراك الأخير في الضفة الغربية، الذي يتواجد هلاميا، وليس حضوريا حقيقيا، منذ عدة أشهر؛ بسبب حالة التشوه شبه الكلية في الحالة الفلسطينية .
فالكل أيضا – تقريبا- يتحدث عن البطولة والفداء والوعي عند جيل أوسلو الجديد، وبان أوسلو لم تستطع خلق الفلسطيني الجديد غير الوطني، رغم الجهود الدولية والإقليمية والمحلية التي بذلت في هذا السياق.
يتم الحديث إعلاميا – وبتفاخر- أنّ هؤلاء بدون قيادة أو تنظيمات أو أحزاب، وأنّ هذه مجرد عمليات فردية ومبادرات ذاتية-11-.
والأسس العلمية والسوابق التاريخية في مجال العمل النضالي تقول:
إنّ الانتفاضة أو الثورة يشارك فيها عموم الناس تقريبا؛ لأنها مواجهة شعب تحت الاحتلال في مواجهة احتلال أو استعمار؛
إنّ الانتفاضة أو الثورة تبدأ بمقاطعة شاملة وتدريجية للاحتلال، وكذلك بعصيان مدني متدرج أيضا؛
إنّ الانتفاضة أو الثورة لها قيادة وطنية موحدة؛
إنّ الانتفاضة أو الثورة شعبها واحد وغير منقسم لا في السياسة ولا في الأرض؛
إنّ الانتفاضة لها مشروع وطني جامع وإستراتيجية وطنية واضحة؛
إنّ الانتفاضة أو الثورة يكون موقف القيادة فيها موحدا وغير متذبذب، فليست هي مرة هبة وأخرى موجة وثالثة توتر، ورابعة ليس يعرفون أو مترددون حول ماهيتها وطبيعتها، وخامسة قمنا بإحباط مئتي عملية ضد إسرائيل، وسادسة حقائب أطفالنا المدرسية ننظفها من سكاكين المطابخ أولا بأول وما إلى ذلك؛
إنّ الانتفاضة أو الثورة لا تندلعان في ظلال بنى أمنية وسياسية ومالية وخدمية واستهلاكية، شوّهت الإنسان الفلسطيني، وجعلت منه إنسانا وظيفيا ومحوسلا( تحويل الإنسان إلى وسيلة)؛-12-
إنّ الانتفاضة أو الثورة الحقيقيتين لا تقومان، والناس في معظمهم، وعبر سنوات من العمل السلبي عليهم، من خلال مؤسسات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وأل يو أس أيد وأل يو أن دي بي وغيرها، وبالتعاون مع جهات محلية ورسمية وبنوك ومؤسسات اقراضية، حكمت بمؤبدات اجتماعية ومالية على الناس، عبر قروض ربوية، لشراء سيارات فاخرة وشقق ومستهلكات أخرى، دون أن يملك أصحابها - في الأساس- قدرات مالية مناسبة.
فترى شابا يتقاضى راتبا شهريا مقداره ألفا شيقل إسرائيلي، يتم توريطه بشراء شقة أو سيارة فاخرة، وغير ذلك.
أو توريط أناس بالحصول على قروض لفتح مصالح غير إنتاجية، لا يملكون أساسا مدخرات بخصوصها، بل ولا يملكون خبرة في مجالها، ثم تحدث بعد ذلك المصائب؛ فهذا يتم توريطه بقرض آخر وإضافي، لسداد القرض الأول أو الثاني، أو لسداد ذلك الدين الذي تورط فيه، بسبب منظومة الاستهلاك والقروض، واختزال الوقت المخل بكل عقل ومنطق وقدرة وظرف.
ثم يصبح بعد ذلك الناس في حالة من الكذب الإجباري؛ لأنهم لا يستطيعون عمليا وعلى وجه الحقيقة سداد ما عليهم من قروض وديون ومستحقات، ثم تُفقد الثقة بين الناس.
ويصبح كثير جدا من الناس الذين نعرف عنهم الصدق والأمانة كاذبين مضطرين إلى ذلك؛ بسبب القهر المالي المصطنع-13-.
والغريب في هذه السياسة التي تضرب في النسيجين الأخلاقي والاجتماعي للناس، أن البنوك حين يراجعها عميل أو زبون لديها، فان أول ما تبادر إلى الاستفسار عنه من ذلك الزبون أو العميل هو: هل أخذت قرضا، وإذا قال لا، قالوا له: لماذا؟؟، يجب أن تأخذ قرضا. ويتم الترويج لذلك دعائيا وإعلاميا من خلال البنوك والمؤسسات القرضية، ومن وسائط الإعلام المحسوبة على الجهة الفلسطينية الرسمية.
حدثني احد الأصدقاء انه خلال مراجعته لأحد البنوك في الضفة الغربية أن الموظف لدى البنك قد استغرب منه؛ لأنه لم يسبق أن اخذ قرضا، وقال له بالحرف الواحد: أنت غريب، ومن القلة النادرة التي لم تأخذ قروضا. وهذا الصديق أو الإنسان الفلسطيني هو موظف حكومي يتقاضى راتبا يتجاوز الألفي شيقل إسرائيلي بقليل.
إن الانتفاضة والثورة لا تقومان، والقيادة الرسمية والقطاعات التنفيذية، تتفنن في فرض رسوم وضرائب، ورفع أسعار البضائع الأساسية وغير الأساسية، بشكل جنوني يفوق الخيال، بحيث إن القدرة على الادخار البسيط، وحتى لدى ما يفترض أنها الطبقة الوسطى، صار معدوما.
ولا أرى تفسيرا لذلك، سوى إتاحة الفرصة القوية والمستمرة، لنهج القروض الربوية، وتوريط الناس، وتفسيخ مكوناتهم الفردية والجمعية؛ أخلاقيا واجتماعيا، وحتى هوياتيا وثقافيا.
فماذا سيتبقى للوطن، بعد هذا التأبيد الاجتماعي اللاأخلاقي، لمعظم قطاعات الناس، التي تتشكل في الأساس من الموظفين والخدميين المدنيين، في دوائر العمل الحكومي، وأيضا حتى القطاع الخاص.
الغالبية من الناس من أعمار فوق خمس وعشرين سنة فأعلى متورطون حتى أذنيهم بهموم المديونية وتسديد الأقساط والقروض ودون طائل، هؤلاء أصبح لديهم وطنا خاصا (أملا حقيرا) - على حد قول سارتر- يعيشون فيه قلقين ومؤرقين باستمرار؛ وتحدث عندها المشاكل الاجتماعية المختلفة، وترتفع نسب الطلاق وفسخ الخطوبات لأتفه الأشياء.
والطفل المراهق يعيش في ألف دوامة؛ دوامة الظروف الصعبة التي يعانيها أساسا أي شعب واقع تحت الاحتلال، ودوامة السلطة تحت الاحتلال، ودوامة الاستهلاكية وارتباطاتها السلبية جدا، ومشاكل الأهل والأسر المالية التي لا تنتهي، وهذا الطفل –أيضا- تفتحت عيناه على اهتمامات استهلاكية هو الآخر يريد اقتناءها في المدرسة وتاليا في الجامعة والشارع والمجتمع؛ وأصبحت الفروقات المضمونية والموضوعية في التفارق المادي والاجتماعي والطبقي غير ظاهرة، ولصالح حضور شكلي واستهلاكي وهمي؛ مما يخلق تناقضا وهوة وفجوة كبيرة بين ما هو كائن من أوضاع الناس الصعبة حقيقة؛ وهي هنا الغالبية من الناس، وبين ما هو حاضر من شكل التمدين الهلامي غير المستند إلى واقع وتراكم إنتاجي وخبراتي.
ولذلك، نجد هذا الطفل أو الشاب الصغير - ذكورا وإناثا- هذه المرة وبما يعزز تفسير الظاهرة التي نتحدث عنها، وفي ظل ما تبقى من معين موروث ديني أخلاقي اجتماعي ولو تقليدي، نجده يبحث من جديد عن الخلاص من الواقع المركب والمأزوم؛ وعبر تراكمات وطبقات الاحتلال وظروفه والسلطة وماهيتها ووظيفتا، وما أدخل من مناهج مالية ومناحي استهلاكية، من خلال الاتجاه نحو الوطن والدين والأخلاق مرة أخرى كما البداية الأولى لكل مواجهة مع الاحتلال، ولكن هذه المرة بصورة نضالية مشوهة بعد أن تم تشويه الإنسان وإمكاناته الأخلاقية والثقافية والاجتماعية؛ فيصير النضال ردة فعل، وتصير المواجهة بدون قيادة، ويصير الشعب بلا هدف جامع أو مشروع وطني يستوعب الكل الفلسطيني، ويصبح كل ذلك أمرا محمودا تتفاخر به قياداتنا وكتابنا وأحزابنا على شاشات التلفزيون، وفي الإذاعات المسموعة، والوسائط المقروءة.
كلنا مررنا في سن هؤلاء الشباب الصغار، وفي سنهم يوصف المرء بأنه لا يزال مراهقا. فماذا، في الأساس، يمكن أن يفكر فيه المراهق؟؟.
فهل وصل فعل قياداتنا ونخبنا السياسية، وقبول غالبيتنا، إلى جعل أولادنا شيّابا قبل أن يشيبوا، والى جعلهم يُحبطون وييأسون قبل أوانهم وحضورهم المادي والاجتماعي الشامل.

1. راجع في هذا المعنى والمحتوى تكوين النخبة السياسية الفلسطينية منذ نشوء الحركة الوطنية الفلسطينية إلى ما بعد قيام السلطة الوطنية الفلسطينية ل جميل هلال، مواطن؛ المؤسسة الفلسطينية لدراسة الديمقراطية، مركز الأردن الجديد للدراسات الطبعة الأولى -2002 ص 15،16، وكذلك ص 20،21 إلى 24.
2. راجع بهذا الخصوص كتاب القيادة الفلسطينية قبل عام 1948، وأثرها في النكبة للدكتور عبد الستار قاسم، الطبعة الأولى مكتبة الرسالة، كانون أول 1992 ، ص7- ص 13، نابلس.
3. نفس المصدر السابق ص44-46 وص 57- .60
4. العروش والجيوش كذلك انفجر الصراع في فلسطين 1948-1998 قراءة في يوميات الحرب ل محمد حسنين هيكل الطبعة الأولى والثانية والثالثة 1998،1999،1999، دار الشروق القاهرة ص24-32.
5. راجع بهذا الخصوص خصوصية نشوء وتكوين النخبة الفلسطينية ل حسن خضر، تعقيب وحوار مجموعة من المختصين، معهد إبراهيم أبو لغد للدراسات الدولية جامعة بيرزيت، 2003 ص13،14،15.
6. راجع بهذا الشأن مقال: الانتفاضة والوضع العربي الراهن ل منير شفيق بتاريخ 21 كانون الثاني(يناير)2016، على صفحة الموقع الالكتروني للتجديد العربيhttp://www.arabrenewal.info/.
7. المشروع الوطني الفلسطيني من إستراتيجية التحرير إلى متاهة الانقسام ل أ.د. إبراهيم أبراش، دار الجندي للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى 2012، ص166 – 169.
8. نفس المصدر السابق ذكره ص 119- 124.
9. راجع بهذا الخصوص مقال بعنوان: وقعوا في الفخ لفهمي هويدي منشور في موقع جريدة الشروق http://www.shorouknews.com/ بتاريخ 2- نيسان (ابريل) 2012، وهذا المقال يتحدث عن تجربة دخول الإخوان المسلمين في انتخابات الرئاسة المصرية وعن تشكيل الحكومة نتيجة فوزهم الكبير في انتخابات مجلس الشعب المصري، وهو ما ينطبق بوجه من الوجوه على الحالة الفلسطينية بخصوص دفع حماس بكل ثقلها الانتخابي في تشريعيات السلطة الفلسطينية عام 2006، ومن ثم تشكيلها للحكومة الأولى وما تبع ذلك من حصار على مستويات ومناحي عدة.
10. راجع بهذا الخصوص مقال: الغيبوبة الاجتماعية السياسية ل عماد صلاح الدين، منشور في الحوار المتمدن العدد 4681 http://www.ahewar.org/ بتاريخ 3-1-2015..
11. راجع بهذا المعنى مقال: رد فعل فلسطيني تحت السيطرة ل عماد صلاح الدين منشور على الموقع الالكتروني للتجديد العربي http://www.arabrenewal.info/index.php 13- نوفمبر تشرين ثاني 2015.
12. راجع في هذا الجانب الفلسفي والمعرفي مقال المرحوم الأستاذ الدكتور عبد الوهاب المسيري الأخير قبل رحيله والمنشور على موقع الجزيرة نت 2 يوليو تموز 2008 وهو تاريخ وفاته الإنسان والشيء.
http://www.aljazeera.net/NR/exeres/1AA3CAB4-04D6-4136-AA27-23A1753F414E.htm

13. راجع أيضا مقال ل عماد صلاح الدين بعنوان: هل أصبحنا شعبا وظيفيا بعد أوسلو؟ منشور على صفحة الموقع الالكتروني للمركز الفلسطيني للإعلام بتاريخ 23-10-2014 :https://www.palinfo.com/13840+&cd=1&hl=ar&ct=clnk&gl=ps

قائمة بالمصادر والمراجع :
1. أبراش- أ.د إبراهيم، المشروع الوطني الفلسطيني من إستراتيجية التحرير إلى متاهات الانقسام ، الطبعة الأولى دار الجندي للنشر والتوزيع- 2012- القدس.
2. البرغوثي – إياد، الأسلمة والسياسة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مركز الزهراء للدراسات والأبحاث، الطبعة الأولى، القدس.
3. الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وقضية الانشقاق- لجنة الإعلام المركزية 1970- بيروت.
4. الطبقة الوسطى الفلسطينية، بحث في فوضى الهوية والمرجعية والثقافة، مواطن المؤسسة الفلسطينية لدراسة الديمقراطية رام الله، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، طبعة أولى يناير كانون الثاني2006 بيروت.
5. الأشعل- د. عبد الله، مخاطر الشقاق بين فتح وحماس على القضية الفلسطينية، مكتبة جزيرة الورد، الطبعة الأولى، القاهرة 2010.
6. الفتّاش( أبو الفهد)- إبراهيم، أوراق خاصة في الحركة الوطنية الفلسطينية، بدون دار نشر ولا سنة نشر، ولا رقم طبعة وكذلك مكان النشر.
7. بن يوسف – احمد، حماس النشأة وأفاق المسيرة، الإصدار الثاني – المركز العالمي للبحوث والدراسات، سبتمبر 1999.
8. حنفي- ساري و طبر- ليندا، بروز النخبة الفلسطينية المعولمة " المانحون والمنظمات الدولية، والمنظمات غير الحكومية المحلية، مواطن المؤسسة الفلسطينية لدراسة الديمقراطية، مؤسسة الدراسات المقدسية رام الله - فلسطين 2006.
9. خضر- حسن، سلسلة دراسات إستراتيجية (3) خصوصية نشوء وتكوين النخبة الفلسطينية، تعقيب وحوار مجموعة من المختصين، معهد إبراهيم أبو لغد للدراسات الدولية – جامعة بيرزيت، الطبعة الأولى – نيان- ابريل -2003.
10. زواوي – خالد علي، مرجعية الخطاب السياسي الإسلامي في فلسطين، مواطن، المؤسسة الفلسطينية لدراسة الديمقراطية رام الله- فلسطين، مؤسسة ديانا للطباعة والنشر والإعلان والتوزيع،2012.
11. قاسم-عبد الستار، القيادة الفلسطينية قبل عام 1948 وأثرها في النكبة، الطبعة الأولى، الناشر مكتبة الرسالة، كانون أول 1992، نابلس.
12. نافع- بشير موسى، الإسلاميون الفلسطينيون والقضية الفلسطينية 1950-1980 ، مركز فلسطين للدراسات والبحوث، الطبعة الأولى- 1999- غزة.
13. هلال – جميل، التنظيمات والأحزاب السياسية الفلسطينية بين مهام الديمقراطية الداخلية والديمقراطية السياسية والتحرير الوطني، مواطن المؤسسة الفلسطينية لدراسة الديمقراطية رام الله 2006- فلسطين.
14. هلال - جميل، الدولة والديمقراطية، مواطن المؤسسة الفلسطينية لدراسة الديمقراطية، طبعة أولى- آذار 1996، رام الله- فلسطين.
15. هلال- جميل، اليسار الفلسطيني إلى أين؟ اليسار الفلسطيني يحاور نفسه ويتأمل مصيره، شارك في البحث طلال عوكل وزياد عثمان، مؤسسة لوكسمبورغ، مؤسسة ناديا للطباعة والنشر والإعلان والتوزيع،2009.
16. هلال- جميل، تكوين النخبة الفلسطينية منذ نشوء الحركة الوطنية الفلسطينية إلى ما بعد قيام السلطة الوطنية الفلسطينية، مواطن المؤسسة الفلسطينية لدراسة الديمقراطية، مركز الأردن الجديد للدراسات، الطبعة الأولى 2002- رام الله - فلسطين، عمان- الأردن.
17. هيكل- محمد حسنين، العروش والجيوش، كذلك انفجر الصراع في فلسطين- قراءة في يوميات الحرب، الطبعة الأولى ديسمبر 1998، الطبعة الثانية يناير 1999، الطبعة الثالثة فبراير 1999، دار الشروق القاهرة
18. هيكل- محمد حسنين، العروش والجيوش أزمة العروش صدمة الجيوش قراءة متصلة في يوميات الحرب في فلسطين 1948، الطبعة الأولى فبراير 2000، الطبعة الثانية مارس 2000، الطبعة الثالثة مايو2000 دار الشروق- القاهرة.

19. ياسين- عبد القادر، فتح وحماس صراع الديكة أم تصادم مناهج، مكتبة جزيرة الورد، الطبعة الأولى، 2011- القاهرة.



#عماد_صلاح_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فتح : أوضاعنا الداخلية أهم من مساعينا الدبلوماسية!
- الخوف المستقبلي: أمراء حرب في المناطق الفلسطينية!!
- النموذج السوسيولوجي في معالجة النخب السياسية الفلسطينية
- النخب السياسية الفلسطينية كجزء من مشكلة مجتمع متفاقمة
- هل ستفوز حماس في الانتخابات المحلية؟
- لماذا ترفض إسرائيل في البداية إجراء تبادل للأسرى ؟
- النخب السياسية الفلسطينية بعد النكبة والنكسة حتى عام 1988.
- جاهلية وفساد النخب السياسية الفلسطينية قبل عام 1948
- تعثّر رؤية النخب السياسية الفلسطينية بمرجعية أوسلو
- خلل البنية الإنسانية في فلسطين وسلوك النخب السياسية الفلسطين ...
- علل البنى العميقة للنخب السياسية الفلسطينية
- فلسطين: تعالوا بنا نبدأ من البلديات والمجالس المحلية
- تركيا... شكرا للمدرسة الغنوشية
- عسر النهضة وتطرف الحالة!!
- سوسيولوجيا الانقسام والشجار في فلسطين المحتلة
- تشوّه فلسطيني عام بعد أوسلو
- ضياع هيبة السلطة والثقة بها !
- في عاجلية ضرورة إيقاف زوال قضية فلسطين؟
- أعيدوا الاعتبار لوحدة القضية الفلسطينية
- فلسطين بحاجة إلى أبنائها أحياء....ماذا بعد!!.


المزيد.....




- اختيار أعضاء هيئة المحلفين في محاكمة ترامب بنيويورك
- وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم ...
- البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ ...
- كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري ...
- بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض ...
- السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم ...
- وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عماد صلاح الدين - قرن من الزمن على تعثر نخب فلسطين السياسية