أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى نوح مجذاب - نص خارج الزمن - الرؤيا الهلامية














المزيد.....

نص خارج الزمن - الرؤيا الهلامية


يحيى نوح مجذاب

الحوار المتمدن-العدد: 5255 - 2016 / 8 / 15 - 21:16
المحور: الادب والفن
    


الرُّؤيا الهُلامية مضت تشقُّ أسوارَ اللّيلِ المُعتمة، تتماوجُ على صفـحة الزمن اللاّمرئي فوقَ هضابٍ أثيرية من أمكنة لا نهاياتَ لها، اختزلت كلّ بعدٍ هندسي ـ لاهوتي ـ ميتافيزيقي ـ حيث تتشكّل الصور وتُبنى الملامــح، وتُستنشق الأعطار الهائمة حتى انتشت في عالمها اللاّكَوني خــارج كــلّ الحسابات الإقليـدية وحتى الإهليـجيّة التي وضعت نُظُم الكـون. الحـروفُ والكلماتُ وسيلُ الجملِ المستقيمة والمتعرّجة، تلك التي تتسـلَّق بــــــــها أسرابَ القِمم أو التي تغوصُ مندلثةً قيعانَ الأخاديدِ بكل معــارفِ الأرض الساربة عبر أثير الصوتِ أوهمسة الكلمة ودويّها الصاخب، تلك المرئية بأشكالٍ مرتبة منسقة وأنماط لُجَينيّة باهرة. كلمـاتٌ وحـروف وزخــارف مرسومة على رُقوقِ الأيائل وجلود الثيران الهائجة، منقوشةٌ على رُقوم الصلصال ومُهــور العـاج، أو مطبـوعة علـى أوراق البـردي منــذ فجــر السلالات السـحيـق. أو ألياف السيليلوز القطنيــة والصنوبــرية. صــورٌ وشــرائط أفلامٍ وأقــراص مدمجــة، ووحدات تخزين حفظـت تريليونـات الأعوام من معارف الإنسان. أقوامٌ وأمم وحضــارات عرفــت الألســـــنَ واخترعت مقاساتها على حجم الشفاه وتجاويف الحلوق وانطباقات اللِثاث وصريف الأسنان، ثم وحَّدتها بلغة أدركها القاصي والداني في صفير ناي او وتر عود أو ضربة صَنج. كُتبت بســـلالم موسيقيــة وحُفظت بتــراث الأرض على أيدي عباقرة الله ممن يرون الوجود بغير أعين السواد من بني البشر. نخبُ الحضارات السائدة والبائدة استدلّت على المكنونــــات بوحيِها، وكشفـــتْ الخفايـــا وأبدعتْ في تراكمـــاتٍ متَّسقة هي خزيـــنُ الموروثِ الذي لا ينضب، لكن الفرائد لا تُقلّد ولا تُنقل، هي واحدة لكــل خليقة كما البصمة وتعرجات خطوطها اللانهائية.
إنّ تحـــولَ المُدركــات من خطــوطِ صــور لامعــة برّاقـة رجراجة قد يستوعبها وجودُك الممتد وقد تضيع في متاهاتٍ من العَماء الأخرس وأن تشترك كلّيتك المتأصلة في الوجود الأكبر لتستلهم سريرةَ رؤيتك. كل ذاك ضربٌ من التقريب لحقائقَ لا يمكن أن تَدنى لأعشــارها حتــى تصــل الى أفراد معزولين عنك في الجسد والأثير وجوهر الروح.
إنها الرؤيا في تلك الغطسة من وجود ما عادت صورهُ تمنح الحقائق ونقيضاتها للذات المدركة.
إنها الرؤيا الآخذة بالبصيرة... لا تُتَرجِمُها الكلمــات ولا تتحسّســـها الحروف مما أعجز الوعي السادِرَ في شفراتِ الخَلق عن فكّ رموزها. إنها محضُ وحيٍ من قوةٍ خارقة، متحــركة، ســاكنة. أشــبـاهها فقط؛ وقرائنها فقط؛ أُدركت ألغازها المتشابكة بالعقول السامية.
كان كل شيء ساكنٌ رائق. الرائحةُ الساليسية تضوع من شفق قصيّ اختلطت حمرتـه الصهباء بعبق الزهرة الفاغرة المتوسـّـدة فوق قبّتِها المتوثبة . امرأة تقف في رهوٍ من الضوء. صفاءٌ رائق ناعم سلس في مكتنزاته ثورات حمم منبعث . هذه المرأة لم تكن ككائنٍ بشريٍ محسوس مُدرك بأجهــزة الحــس التي لا تُفسّــر الا الذرات والجزيئات والخلايـــا والأنسجة وطاقاتها.
إنها شيءٌ آخر لا يُدرك بقوانين الجذبِ العام ونظريات الكم والكون الأحدب، ولا تُدرك بكينونات السماويين الذين عزلوا الجسد المـــادي عن روحه الأثيرية في رحلة الثواب والعقاب حيث أنهــــــار الخمــر والعسل المنتظرَة، وعلى شفيرها تنسلخ الجلود الناضجة من سعيــر اللظى. رآها في غمرة من الوجد لفّ كيانيهما بجمال ذكوري منبعث، وأنثوي آسر . كان ذلك قبل أن يوجد الزمــن المحســـوب بتـكتـكات اللحظات، ورنين الأجراسِ الكامدة. كانا متداخليــن سويــةً كدُرَّتين سرمَديّتين في نشوةٍ صوفيةٍ خارقة لم يوقظها الاّ صريــف الأقــلام وهي تمخر سواد الأطراس وتلقيها في الغرب السحيق.




#يحيى_نوح_مجذاب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نفحات صنوبر - قصة قصيرة جداً
- عصارة العشق - قصة قصيرة جداً
- حمقاوتان - قصة قصيرة جداً


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى نوح مجذاب - نص خارج الزمن - الرؤيا الهلامية