بين مخالب الصندوق -1

كريمة الحفناوى

الحوار المتمدن-العدد: 5254 - 2016 / 8 / 14 - 13:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

يا مسئولين يا نواب يا من حلفتم على الدستور اليمين هل قرأتم هذا الدستور؟ هل ناقشتم وهل عرفتم وهل رجعتم فى آخر الليل إلى ضمائركم للتأكد من أن القوانين التى تشرعونها وتناقشونها وتصدرونها تتفق مع مبادئ هذا الدستور الذى أجمع عليه الشعب فى يناير 2014؟
وإذا نظرتم ونظرنا معكم حولنا وتأملنا الواقع الذى نعيشه نجد الدول التى اعتمدت على سياسات قروض الصندوق وامتثلت لشروط الصندوق، وأصبحت تابعة للدول الرأسمالية المتوحشة المعسكرة الكبرى التى تسيطر على الصندوق نجد خرابا وإشهار إفلاس كما حدث لبعض الدول وآخرها أمام أعيننا اليونان، والتى أغرقتها ديون الصندوق والاتحاد الأوروبى. تلال من الديون. وكان الحل للأزمة الطاحنة بيع كل شيئ ربما حتى ملابسهم، بيع الأصول الإنتاجية والخدمية حتى الموانئ والمطارات!
إذا نظرتم ونظرنا معكم حولنا لوجدنا أن قروض الصندوق، والتى تسببت فى إغراق الدول فى الديون تسببت أيضا على مستوى هذه الدول فى فجوة ضخمة بين أثرياء المجتمع وفقرائه لنعود إلى مجتمع الواحد فى المائة على حساب أغلبية الشعوب التى ازدادت فقرا وجوعا ومرضا وتشريدا. هذا غير الشروط السياسية، وخذوا مصر مثالا صارخا على تلك الشروط منذ تطبيق سياسة الانفتاح وإعادة هيكلة الاقتصاد بدءا من عام 1974، والتى انتهت بالتبعية الكاملة الاقتصادية والسياسية لماما أمريكا.
وهل ننسى مدينة شرم الشيخ المصرية والتى تحولت إلى مدينة لصنع السياسات الصهيو-أمريكية فى المنطقة العربية أيام المخلوع مبارك، تحتضن المؤتمرات التى رسخت التبعية لسياسات الدول الكبرى وحرصت على تأمين إسرائيل على حساب الشعب الفلسطينى.
إن سياسات الصندوق ياسادة تشترط فى المفاوضات الحالية إقرار قانون القيمة القيمة المضافة التى سترفع أسعار جميع السلع والخدمات حوالى 14% كما يقول خبراء الاقتصاد. وتشترط أيضا تقليص عدد العاملين بالدولة، وتشترط طرح جزء من أصول الدولة للبيع فى البورصة، وتطالب بألا يقل الجزء المطروح للبيع فى البورصة عن 49%! "غرتى ياللى مانتش غرمانة"!!
فاكرين ياسادة يامسئولين أول ما طبق الرئيس الراحل السادات شروط الصندوق وسياساته فى رفع الأسعار ماذا حدث؟ اندلعت انتفاضة الخبز فى 18 و19 يناير 1977. ولو مش فاكرين نفكركم بسياسات الصندوق طوال سنوات الرئيس المخلوع مبارك، التى أدت إلى خراب البلاد اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وثقافيا، وانتهت باندلاع ثورة 25 يناير 2011.
تعالوا نفكركم ببداية الخصخصة. مكافأة لمصر على مشاركتها فيما سمى بحرب تحرير الكويت عام 1991 قرر الدائنون ووكيلهم البنك والصندوق الدوليين إسقاط نصف ديون مصر بما قيمته حوالى 29 مليار دولار على عدد من السنوات يتأكد الصندوق خلالها من التزام مصر بتنفيذ شروطه. تتمثل تلك الشروط فى اتفاق 1991 مع البنك والصندوق والذى اشترط لأول مرة بيع القطاع العام. قامت الحكومة بمقتضاه بإصدار القانون رقم 203 لسنة 1991 الذى حول القطاع العام من مؤسسات إلى شركات قابضة تملك قانونا حق بيعه وخصخصته. إذن اسفرت مكافأة إسقاط الديون عن بيع القطاع العام، وخسارة شعبنا للأصول التى بناها بعرقه. واستمرت سياسات البيع وزادت بخصخصة الخدمات من مرافق الطرق والكهرباء والمياه والصرف الصحى وحتى التعليم والصحة.
كل هذا مخالف لما جاء بالدستور المصرى لعام 2014، بل وحتى لدستور 1971. هل قرأتم فى باب المقومات الاقتصادية المادة 32 "موارد الدولة الطبيعية ملك للشعب تلتزم الدولة بالحفاظ عليها وحسن استغلالها وعدم استنزافها ومراعاة حقوق الأجيال القادمة فيها....ولا يجوز التصرف فى أملاك الدولة العامة، ويكون منح حق استغلال الموارد الطبيعية بقانون".
كما تنص المادة 33 "تحمى الدولة الملكية بأنواعها الثلاثة: الملكية العامة، والملكية الخاصة والملكية التعاونية". مادة 34 تنص "للملكية العامة حرمة لا يجوز المساس بها، وحمايتها واجب وفقا للقانون".
كما نرى فقد أدت تلك السياسات إلى خراب اقتصادى وزيادة إفقار الفقراء وزيادة الأغنياء غنى وتدمير مقومات الإنتاج، فهل من بديل؟ هذا هو موضوع المقال القادم.
دكتورة كريمة الحفناوى

#كريمة_الحفناوى (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل