أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - الصليب الأحمر ليس عدوًا















المزيد.....

الصليب الأحمر ليس عدوًا


جواد بولس

الحوار المتمدن-العدد: 5251 - 2016 / 8 / 11 - 17:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الصليب الأحمر ليس عدوًا

جواد بولس

قبل يومين استأنفت بعثة الصليب الأحمر نشاط مكاتبها في القدس وذلك بعد أن علّقته، منذ السابع من آب الجاري، بدعوى اقتحام مجموعة من المتظاهرين الفلسطينيين مكاتبها الكائنة في منطقة الشيخ جراح وإعاقة عمل الموظفين على حد ما صرحت به في حينه، "أجاث ستريكر"، نائب مدير البعثة في القدس والضفة الغربية، مضيفةً أن "اقتحام مكتبنا غير مقبول ولذلك قررنا تعليق نشاطاتنا لحين حصولنا على الضمانات اللازمة للقيام بعملنا في ظروف آمنة" وأكدت على أن عمل مكاتبهم في الضفة الغربية لن يتأثر بهذا القرار.

لقد كان واضحًا لكثيرين ممن يتابعون قضايا الأسرى أن المسؤولين في بعثة الصليب الأحمر سيجدون مناسبةً مواتية ليعاودوا فتح مكاتبهم في القدس واستئناف نشاطاتهم منها، فلقد شهدنا في الماضي أحداثًا مشابهة أدّى بعضها إلى جفاء ميداني مؤقت كان ينتهي دومًا بسرعة محسوبة وبعد استخلاص جميع الفرقاء عبرهم واستيعاب كل من مكانه ووفقًا لمصلحته على أن العلاقة بينهم متشابكة وموضوعية، فالضحية الفلسطينية، مهما قست تعابير وجعها وشذّت ردود أفعالها عن المألوف، لن تتنازل عما يوفره الصليب لها من خدمات وإسناد، والصليب بدوره كان يستعيد فقه البدايات، فهو قد ولد وصار أحمر منذ العام 1836 ليكون في صف المظلومين ومع دماء ضحايا الحروب والاحتلالات الغاشمة.

لم تأت تداعيات القدس من فراغ أو كتعبير عن نزوة عرضية، فخلفية الأحداث المقدسية واكبتها نشاطات فلسطينية احتجاجية قامت بها مجموعات من الناشطين الفلسطينيين وعائلات الأسرى وجرى أهمها في ساحات مكاتب بعثات الصليب في مدن الضفة المحتلة، ومرد تلك الاحتجاجات كان اعلان المسؤولين في اللجنة الدولية للصليب الأحمر عن قرارهم بتقليص عدد زيارات أهالي الأسرى لأبنائهم في سجون الاحتلال من إثنتين شهريًا إلى زيارة واحدة.

قرار الصليب شكل صدمة كبيرة في فلسطين وضربة قاسية لأحد أهم إنجازات الحركة الأسيرة التي صارعت في بداياتها من أجل احراز وتثبيت حق الزيارة بإطارها المتبع منذ عقود، فالغاء الزيارة الثانية هو في الحقيقة أشد من خيبة عادية نزلت على صفوف العائلات والأسرى، لا سيما والجميع يعرف حجم التعقيدات والتحفظات التي تضعها قوات الاحتلال الإسرائيلي في أثناء التجهيز لتنفيذ كل زيارة وخلالها وهي في الواقع عبارة عن عراقيل تستهدف إذلال العائلات وإفشال الزيارات بشكل كامل أو لبعض الأسر المشاركة.

ومرّة أخرى أعادت هذه المناكفة إلى مواقعنا تلك السجالات المعهودة حول دور لجنة الصليب الأحمر وما يقوم به وكلاؤها أثناء زياراتهم الدورية للأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال أو في الميادين الأخرى التي تندرج في سلة المهام الموكلة لها.

فالمنظمة ناشطة منذ عقود طويلة في العشرات من الدول وفق الصلاحيات والمسؤوليات المنصوص عليها في المواثيق الدولية وهي بدورها عكفت على تأديتها كذلك في فلسطين المحتلة.

راوحت معظم النقاشات بين ما هو مأمول ومرغوب وما هو معقول ومقبول، ويبقى مثار أشهر التهم التي تنسب لأداء مندوبي الصليب متعلقًا بالسرية الكاملة التي يحيطون فيها أنفسهم ويغلفون بها تقاريرهم المعدة على أثر زياراتهم للأسرى خاصة في الأيام الأولى للاعتقال . فمندوبو الصليب يكونون بالعادة، في حالات الاعتقال الأمني، أول من يلتقي الأسرى في زنازين التحقيق وهم لذلك شهود العيان الحقيقيين على ما تمارسه أجهزة التحقيق الإسرائيلية، في حين يمنع، على الغالب، محامو الدفاع من مقابلة موكليهم وكذلك العائلات.

بعض الجهات الفلسطينية تصر على أن بعثة الصليب في فلسطين وهي تمارس نشاطها بسرية وتتعمد عدم نشر تقاريها التفصيلية حول ما يشاهده مندوبوها في غرف التحقيق، تتواطأ عمليًا مع سياسة القمع الاحتلالي وتتستر على موبقات أجهزة التحقيق على أنواعها، وبعض هؤلاء ينادون بوجوب اتخاذ خطوات صارمة تصل حد المقاطعة التامة أو حتى طرد البعثات من فلسطين.

لقد رفض مسؤولو هذه المنظمة عبر السنين تلك التهمة وقام بعضهم بدحضها جملة وتفصيلا وذلك من خلال لقاءات دعوا إليها مسؤولين في المنظمات الفلسطينية العاملة في الدفاع عن الأسرى الفلسطينيين وبعضها جرى في مقر المنظمة في جنيف وأخرى تمت في مكاتبها الرئيسية في فلسطين. في جميع هذه اللقاءات حاول المسؤولون تقديم شرح واف عن فلسفة عمل المنظمة واعتمادها السرية كعنصر موجب لإنجاز مهمتها الأولى وهي الوقوف إلى جانب ضحايا الاحتلالات والحرب ورصد ما تتكبده تلك الضحايا جراء سياسات القمع ومحاولة تغيير ذلك. وقد يكون ما قاله قبل سنوات نائب مدير العمليات في الصليب الأحمر السيد "دومنيك شتيلهارت" في لقاء مطول نشر على مواقع المنظمة، واضحًا ومقنعًا حيث عبر فيه عن قناعات منظمته، المبنية على خبرة سنوات طويلة، ومفادها: "أن السرية هي أداة أساسية تساعد اللجنة على مساعدة الأشخاص المتضررين من انعدام الأمن ومن العنف والنزاعات المسلحة وتمكننا من بناء الثقة والتواصل وإحداث تغييرات" إلى ذلك وفي نفس المجال أضاف موضحًا أن السرية "لا تعني الرضا. فإذا كنا لا نكشف عن بعض القضايا للعلن لا يعني ذلك أننا نلتزم الصمت"، لأن وسائل التأثير متعددة وبعضها قد يكون أكثر نجاعة من بيانات الشجب والاستنكار العلنية، مع أننا نشهد طفرة نوعية متميزة في عدد التقارير المهنية التي تعدها وتنشرها المنظمات العاملة في ميادين حقوق الانسان والدفاع عن الأسرى الفلسطينيين، وقد يكون نشاط نادي الأسير الفلسطيني في طليعة تلك المنظمات لكنه ليس وحيدًا.

لم تنجح محاولات المسؤولين الفلسطينيين في ثني مسؤولي الصليب الأحمر عن قرارهم بالغاء مسؤوليتهم عن زيارة من الزيارتين وذلك رغم عدة اجتماعات حصلت بين الأطراف المعنية؛ وبمعزل عن صحة الأسباب الحقيقة التي دفعت المنظمة إلى التشبث بموقفها، ستبقى طريقتهم بإدارة الأزمة وما صاحبها من غموض نقطة تسجل في حقهم؛ فاذا كان العجز المالي لديهم هو الدافع لقرارهم، وفقًا لفهم بعض المشاركين في تلك اللقاءات، كان الأوجب والأولى بهم أن يعلنوا ذلك منذ البداية وعلى الملأ؛ فبعضنا يعلم أن المنظمة تعاني منذ سنوات من عجز أدى إلى تخفيض ميزانية البعثة العاملة في فلسطين بنسبة كبيرة، وبعضنا يعلم أن ميزانية تأمين الزيارتين للأسرى في فلسطين تكلف خزانة المنظمة حوالي الأربع وعشرين مليون شاقل في العام الواحد (حسب مصدر من اللجنة، والتقدير يشمل كل المصاريف المباشرة والمرافقة لتنفيذ الزيارتين)، وعلى الرغم من ذلك يبقى حق الأُسر بزيارة أبنائها مرتين على الأقل في الشهر أغلى من كل تلك المعوّقات، ويبقى انتظار الأسرى للحظات لقاءات أحبتهم أهم من كل الدوافع والسياسات، ما ظهر منها وما خفي.

في النهاية جاء حل الأزمة فلسطينيًا، فسيادة الرئيس محمود عباس تكفل بتأمين مصاريف الزيارة الثانية للأسرى، في موقف انحاز لصالح الوجع والأمل الفلسطينيين، مع أن بعض الناشطين السياسيين لم يستعذبوا ذلك القرار، فالأسرى، بعرف اولئك المنتقدين، فرسان الحرية المنشودة ويدفعون أغلى ما يملكه آدمي من أجل تلك الحرية والكرامة وهم ضحايا للاحتلال الذي عليه أن يتحمل مسؤولياته وفقًا لشرع الأمم ومواثيقها الإنسانية، واذا أعرض الاحتلال وتطاول بتغافل من "المجتمع الدولي" فلتقم تلك الدول بواجباتها تجاه فلسطين المحتلة وأضعف تلك الواجبات وأرخصها تأمين بعض الملايين لأسرى تهضم حقوقهم وحقوق عائلاتهم بشكل يومي.

والخلاصة عندنا بسيطة معقدة: فلسطين أدمنت نار الكواء وليلها طال وتجبر. وكل منزلة فيها تقع بين منزلتين وحيرتين: إذا طردنا الصليب ما بديلنا؟ وإذا لم يستجب الرئيس بدفع تكاليف الزيارة ما بديلهم؟ فيا ويل من قرر أن يدفع ويا ويله لو قرر أن لا يدفع. يا ويل من يرحب في الصليب ويا نار من يطرد الصليب !

ولمن نسي او تناسى أو غفل : أصل الحكاية في احتلال وحركة كانت تسمى وطنية وفصلها صار يسمى إختلالًا وهي تسمى حركة ..



#جواد_بولس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليلة القبض على عبدالقادر السلوادي
- حديث المقاهي في الناصرة
- وكان عرس في الجليل
- بسيخوطني 3 : في القيادة والفراغ
- فرسان الحرية وتقرير اللجنة الرباعية
- تركيا: فلسطين يوك اسرائيل يس
- هرتسليا بين المقاطعة والمقارعة
- صنّاع المناخات أصحاب القرارات
- القدس في حزيران ومر الكلام
- نضال فيسبوكي مجرّم
- دروس في الفاشية
- قصة كلب اسمه عنتر
- عماد الفيزيائي
- لنا في كفركنا لواء
- أم الفحم تصرخ: أنا الشعب فأين المعجزة
- عرب: وحدة وقاصمها المشترك
- حزب جديد وصحيفة المتلمس
- خطبة القضاء وانتظار القدر
- مجلس انقاذ لعرب 48
- إرهاب في بروكسل


المزيد.....




- -بعد فضيحة الصورة المعدلة-.. أمير وأميرة ويلز يصدران صورة لل ...
- -هل نفذ المصريون نصيحة السيسي منذ 5 سنوات؟-.. حملة مقاطعة تض ...
- ولادة طفلة من رحم إمرأة قتلت في القصف الإسرائيلي في غزة
- بريطانيا تتعهد بتقديم 620 مليون دولار إضافية من المساعدات ال ...
- مصر.. الإعلان عن بدء موعد التوقيت الصيفي بقرار من السيسي
- بوغدانوف يبحث مع مدير الاستخبارات السودانية الوضع العسكري وا ...
- ضابط الاستخبارات الأوكراني السابق يكشف عمن يقف وراء محاولة ا ...
- بعد 200 يوم.. هل تملك إسرائيل إستراتيجية لتحقيق أهداف حربها ...
- حسن البنا مفتيًا
- وسط جدل بشأن معاييرها.. الخارجية الأميركية تصدر تقريرها الحق ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - الصليب الأحمر ليس عدوًا