أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد ربه العنزى - ديمقراطية الصرف الصحي














المزيد.....

ديمقراطية الصرف الصحي


عبد ربه العنزى

الحوار المتمدن-العدد: 5250 - 2016 / 8 / 10 - 15:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ديمقراطية الصرف الصحي
عبدربه العنزي
تعد الانتخابات في أي نظام سياسي ركيزة أساسية. ولا يكتمل أي بناء ديمقراطي إلا بها. وهي تجسيد حضاري وحقوقي للاختيار الحر للإنسان المعاصر. وتستمد النظم الديمقراطية شرعيتها من خلال هذا السبيل. وتعطيل أو تزوير أو تأخير الانتخابات في أي بلد لهو مؤشر على الفساد والنقيض الواضح للديمقراطية.
هذه الديباجة تمثل قناعة مطلقة للكاتب. لكن الانتخابات واحدة من وسائل الديمقراطية. لكنها ليس الديمقراطية ذاتها. فالانتخابات-تقنياً- دليل ارشادي لآلية اختيار المواطن لأصحاب المواقع العامة وصناع القرار. وهي –سياسياً- ترجمة لثقافة المواطنة والمدنية والدولة العصرية. وهي -قانونياً- التعبير العادل عن حق الانسان في اختيار من يمثله.
والانتخابات حق قانوني وسياسي في كل سياق يفترض حرية الاختيار . وعلى أي مستوى، من لجنة الحي والنوادي الثقافية والرياضية والفنية. بل يمكن في داخل العائلة الواحدة ان تكون الانتخابات ضرورة للنجاح. وما ذكرناه مسائل مفهومة للمنشغلين بالشأن العام. والسؤال المطروح: ما علاقة ذلك بالانتخابات البلدية الفلسطينية؟
ان هناك رزمة من المغالطات التي تروج - سياسياً – حول الانتخابات البلدية. فالمشهد السياسي بفعل الادوات الاعلامية للأحزاب والتنظيمات الفلسطينية تقدم أمر الانتخابات البلدية كونها حل لأزمة الواقع الفلسطيني الداخلي. وباعتبارها قادرة على تجبير انكسارنا الذاتي وتصدعنا الى ثنايات متنافضة .
لم يقدم صناع القرار الفلسطيني للرأي العام الهدف الحقيقي من اتفاقهم على ضرورة الانتخابات البلدية. فلماذا سبق الاتفاق على الانتخابات البلدية –مثلاً- الاتفاق على المصالحة؟ لماذا لا يتم الاتفاق على مواجهة قضايا المواطن الحقيقية . البطالة، الانحراف، اتساع رقعة الفقر، مأساة الواقع الصحي، البلاء في المسيرة التعليمية، الهجرة، الجريمة، الغلاء، المتاجرة بالوطن والمواطن، الحصار على غزة، التهويد، البؤس الرهيب والاحباط العميق للانسان الفلسطيني. أليست هذه هي قضايا المواطن الحقيقية ووجعه؟ ألا تعني هذه الانتخابات اجتزاء حلول للازمة الفلسطينية؟ وترقيع للمصاب الفلسطيني الكبير؟
باختصار ، الانتخابات البلدية ونتائجها ستعين- في أحسن الاحوال - في تحسين بعض المرافق الخدماتية في حياة المواطنين. لكنها ستظل حبة واحدة في مسبحة الوجع الفلسطيني. وهو ما يدفع للقول انها خطوة حزبية تسمى(الهروب الى الامام). وهو هروب غير مدروس التوابع والتداعيات. هروب العاجز لا تخطيط العاقل المتفحص. وهنا، كل احتمالات الفشل واردة .
سيقول البعض انها خطوة في طريق الانجاز. وهو قول يعكس عقلية السياسيين الفلسطينيين الرسميين الذين اعتادوا اتخاذ القرارات الصعبة على حساب المواطن. وتدربوا كثيرا ولا زالوا في استنزاف موارد الناس وجهدهم ووقتهم واحلامهم.
ما الذي ستغيره الانتخابات البلدية وهو السؤال المفترض ان يناقشه صناع القرار؟ فإن قادت الى تغيير السلطة السياسية وتشريعاتها الهشة ونظمها الفاشلة. وان ساهمت في رأب الصدع وانهاء الانقسام. او في التصدي للبطالة والحصار وتطوير التعليم والصحة والصناعة والتجارة . او دمقرطة نظامنا السياسي. فأهلاً بها. لكن، إن كانت تمثل خطوة التفافية على احتياجات الواقع وضروراته فإنها تسمى ديمقراطية الصرف الصحي على حساب ديمقراطية النظام السياسي الفلسطيني برمته.
ندرك ان انتخاب المجالس البلدية في كل العالم ليس من مسؤلياتها تحقيق كل ما تقدم. لذلك نقول ان الانتخابات وسيلة للديمقراطية. لكنها لا تعني الديمقراطية نفسها. فان كانت الانتخابات هي الديمقراطية فمن باب أولى أن يتم انتخاب رئيس السلطة وبرلمانها أولاً. لان انتخاب الرئيس والبرلمان أولى ديمقراطياً من انتخاب مجلس بلدي يعتاش على الضرائب التي يتم اقتطاعها من اللحم الحي للناس والبسطاء والغلابة.
ليس ضد الانتخابات بل إنني من أشد المطالبين بضرورتها. لكن سلم الانتخابات لتحقيق الديمقراطية له أولوياته. فهل يعقل ان تقف ديمقراطيتنا وتختصر في انتخابات بلدية؟ وهل من ضامن لسلامة الناخبين أو المرشحين في شطري الوطن؟ ماذا لو فازت حماس بهذه الانتخابات في الضفة. وفازت بها فتح في عزة. فمن سيحكم من؟ ومن سيلتزم بمن؟ هل يعقل ان تجرى انتخابات بلدية تحت حكم سلطتين متباينتين؟ أليس من الممكن ان تشير هذه الانتخابات بنتائجها في ظل هذا المناخ السياسي المتردي الى تكريس واقع الانقسام وتجسيد مفهوم الكيانين الفلسطينيين؟ ومن يضمن ألا تلعب إسرائيل لعبتها في هذه الانتخابات أو تخريبها؟ خاصة ان الفصل بين السياسي والخدماتي في هذه الانتخابات شبه مستحيل.
ان الجهد الدؤوب لاعتبار الانتخابات البلدية حاجة ملحة وخطوة انطلاق يعكس –وبوضوح-قصور العقل الرسمي الفلسطيني في ترتيب الاولويات. وان مسيرة الوطن قائمة على رد الفعل والعشوائية. وان هذا العقل هو السبب في تخبط الاداء وشح الفعالية والانتاج. لأنه بُني على أسس فئوية وحزبية وارتجالية ودفع وما زال يدفع المواطن ثمنه غالياً.
ان المقصود ليس معارضة او رفض لمبدأ الانتخابات البلدية. فلا اختلاف على أهميتها. لكن الاعتراض هنا على ترتيب الالويات الفلسطينية. فالألويات تبدأ من أعلى النظام لا من أدناه. والالويات ألا نتستر بمفهوم الضغط الدولي بضرورة اجراء الانتخابات البلدية على حساب البرلمان والرئيس والسلطة. وألا نحشر في ماراثون انتخابي قد تكون نتائجه-سياسيا- تعظيم لازمتنا الداخلية.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف غزة اليوم..؟
- دروس للمقاومة الفلسطينية -ذكري انطلاقة الثورة الجزائرية-
- ماكياج الشيطان
- المؤتمر السادس لحركة فتح . . . الابتسامة والدموع
- بين رفح وقلقيلية..كيف يذبح وطن؟
- حافية القدمين في باحة الاقصي
- تعاون الحركة الصهيونية مع النازيين
- أطفال :باتنة: أيا باب من الجنة
- الاعلام فى خدمة العنصرية
- رحلة الى القدس


المزيد.....




- بسمة بوسيل ورهف الحربي تتألقان بوشاح للرأس في مهرجان البندقي ...
- فستان شفاف...كيم كارداشيان تفاجئ متابعيها في مهرجان البندقية ...
- رابطة علمية دولية: إسرائيل ترتكب -إبادة جماعية- في غزة
- حماية المستهلك تتهم شوكولاتة ميلكا بـ-الخداع والتضليل-
- التحضيرات على قدم وساق لتقديم أكبر عرض عسكري في تاريخ الصين ...
- لماذا يدير مودي ظهره لترامب الآن ويتجه إلى عدوه التاريخي؟
- غارديان: إسرائيل تقتل الصحفيين بغزة حتى لا يرى العالم ما تفع ...
- صحف عالمية: إستراتيجية نتنياهو ومساعيه للسيطرة الإعلامية فشل ...
- الجيش الأردني يحبط تهريب مخدرات عبر بالونات
- 4 قتلى جراء سقوط مروحية عسكرية شمال باكستان


المزيد.....

- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد ربه العنزى - ديمقراطية الصرف الصحي