أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد ربه العنزي - حافية القدمين في باحة الاقصي














المزيد.....

حافية القدمين في باحة الاقصي


عبد ربه العنزي

الحوار المتمدن-العدد: 2728 - 2009 / 8 / 4 - 08:38
المحور: الادب والفن
    



قالت لي سيدة من ساحل الجزائر الكبير ،لقد حلمت انني امشي حافية القدمين في باحة المسجد الاقصى،أفاض حلمها على قلبي معنى اخر للقدس،انها مدينة تستدرج الاسطورة لتصبح صرخة مرة بقدر الحلاوة التي ترشح من كل تفاصيل مكانها.
تقول رواية التوراة "أن الرب اختار صهيون واشتهاها مسكنا له"، القدس في التوراة مدينة يهوه،فاذا هي اورشلايم،ثم تدافعت البنادق اليهودية صوب بوابات المدينة ،بدأ البحث عن هيكل الكذبة،حفرت الأظافر وأسنان الجرافات في شرايين المدينة طولا وعرضا،كانت الصخرة التي صعد منها سيدنا محمد عليه السلام ما تزال معلقة في مكانها،ذاكرة الجنود الاسرائيليين تخزن ان القدس استعصت على مهاجمة العبرانيين بضعة قرون،حتى حينما قادهم بعض الانبياء،القدس اليبوسية الكنعانية،عظامها العربية الان في ذات الشدة والصلابة والبقاء.
يا وافية الساحل الجميلة كيف اقول لك عن حلمك وانت تمضين حافية القدمين في باحة الاقصى،لا اعرف اسرار الاحلام،لكنني متاكد ان حلمك مكتمل كبدر،افهم ان القدس تسكن في امة لم ترها،ولم تسر في طرقات مدينتها العتيقة،وصحيح ايضا انها تتماهى في ارواح المسلمين في كل مكان،هنا في ساحل الجزائر،هناك في تلال افغانستان،في وديان اليمن،في غابات اندونيسيا،في صحراء الجزيرة،انها المدينة الوحيدة التي تتحول الى رائحة عبقة نحسها بمشاعرنا،هي المدينة التي تحيا وتتكاثر حين عنقها يتعرض للذبح كل لحظة،هي الشجرة التي تنمو فوق اكف العاشقين ،هي بيتنا وأمنا وحزننا وحلمنا وبقايا روحنا العربية.
احسدك على حلمك،لانك تذكرينني برابعة العدوية،رابعة التي امتلكت سر المعجزة، اشاهد القدس تموت من الوجد ،وانت استطعت ان تخترقين سماوات المدينة لتنزلي مثل عصفور مبلل بالمطر،هناك يا امة الله هزي جذع الزيتون يساقط عليك زيتا وزعترا،اغسلي يديك بتراب المدينة الطاهرة،بللي وجهك بالوان القبة الذهبية ،انت كنت تحلمين بالجنة يا عزيزتي، لو كنت تمضين حافية القدمين في باحة الاقصى،هناك الطريق من بلور ومرجان وحجارة كريمة.
لا اعلم يا وافية لماذا تذكرت بلقيس حينما اعد لها سيدنا سليمان قصرا من البلور فوق الماء وظهر كأنه لجه فلما قال لها ادخلي الصرح حسبت أنها ستخوض اللجة،لكنك مشيت حافية القدمين بدون خوف على ثيابك من البلل،هذا الفارق الجوهري،انت ترشي حلمك كالياسمين مع ايمان مسبق ،انت تعلمين ان القدس لنا،انها اية من ايات الله، ترك الله فيها نفحات من روحه،من صخرة مقدسة فيها فتحت السماوات السبع ابوابها لنبينا الكريم.
حلمك يعني ان تنقشي كعبيك بالحناء وماء الورد وتجهزي ثوب الاحرام ،وتعيدي ترتيب دقات قلبك لمدينة تستقبل زائريها بابتسامة مبللة بالصباح وبعض خيوط الشمس،حلمك يعني ان تقتحي مرمى بصرك على ظل الرصاصة التي ذبحت وريد الطفل محمد الدرة،امسحي بكفيك وجه عكا ،وانظري الى وجه فلسطين الان وهي تبكي مثل سيف تثلم في جحيم المعركة.
اكذب لو قلت لك ان حلمك لم يهز عرش خيالاتي،اعادني الى فلسطينيتي التي تاهت في حكايات الفتنة القائمة الحازمة الدامية،اعاد اكتشاف شهامتك مرة اخرى في وقت الرجولة النائمة النائحة ،ردني الى قهوتي وحبات البن المحمص في مقلاة ابي البدوي وحبات الهان وشجر اللوز وطعم التين في مزارع الشيخ عجلين على شاطىء غزة التي هرستها الدبابات الاسرائيلية الاف المرات،الى زهر الياسمين التي تعودنا زراعته على عتبات بيوتنا في مخيمات غزة ،حلمك الملائكي قشر لفمي برتقالة حلوة المذاق من بيارات الرملة ،ذكرني برحلاتي الكثيرة الى طرقات القدس وهي تئن من زحمة المراقبة،وبلاغات هدم منازلنا العربية،وتغيير الاسماء العربية الى اخرى غريبة وعابرة ومؤقتة ولكنها مؤلمة وقاسية .
تقول روايات التوراة ان يعقوب قاتل حتى الصباح الرب ،ولم تنته المواجهة حتى تبارك يعقوب بلقب اسرائيل،تقول روايتنا ان القدس كانت معراج نبي الرحمة ليصعد متوسلا الى رب الارض والسماوات،في الرواية الاسرائيلية نزل الرب الى الارض ليقاتل يعقوب،حلمك يعني ان فلسطين جنتنا وجهنمهم،حبنا الانساني وبغضهم الشيطاني،صعودنا وهبوطهم،علونا وتدنيهم.يعني ايماننا وكفرهم،تسبيحنا لله وتكبرهم على الله،تقوانا وعدوانهم،حلمك يختصر المسالة بين مسافة الامل والحلم،بين محاولة الالغاء وغريزة الممانعة التي جبلنا كليها كخير امة اخرجت للناس.
حلمك تاكيدا على روايتنا الثابتة بحقنا المقدس ،مقابل ميتافيزيقيا الخرافة اليهودية،لا عليك يا عزيزتي من روايتهم،يمكنك أن تحلمي بالقدس بابا من الجنة.

صحيفة الجزائرنيوز الجزائر
30-7-2009



#عبد_ربه_العنزي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعاون الحركة الصهيونية مع النازيين
- أطفال :باتنة: أيا باب من الجنة
- الاعلام فى خدمة العنصرية
- رحلة الى القدس


المزيد.....




- حين استمعت إلى همهمات الصخور
- تكريم انتشال التميمي بمنحه جائزة - لاهاي- للسينما
- سعد الدين شاهين شاعرا للأطفال
- -جوايا اكتشاف-.. إطلاق أغنية فيلم -ضي- بصوت -الكينج- محمد من ...
- رشيد بنزين والوجه الإنساني للضحايا: القراءة فعل مقاومة والمُ ...
- فيلم -ساحر الكرملين-...الممثل البريطاني جود لو لم يخشَ -عواق ...
- معبر رفح بين الرواية المصرية الرسمية والاتهامات الحقوقية: قر ...
- رواية -رجل تتعقّبه الغربان- ليوسف المحيميد: جدليّة الفرد وال ...
- وحش الطفولة الذي تحوّل إلى فيلم العمر.. ديل تورو يُطلق -فران ...
- جود لو يجسّد شخصية بوتين.. عرض فيلم -ساحر الكرملين- في فينيس ...


المزيد.....

- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد ربه العنزي - حافية القدمين في باحة الاقصي