أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حدوي - الإنتخابات وآفة المال السائب















المزيد.....

الإنتخابات وآفة المال السائب


محمد حدوي

الحوار المتمدن-العدد: 5240 - 2016 / 7 / 31 - 19:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في بلدنا المغرب، رغم أن كل مكونات المشهد السياسي في خطاباتها تجمع قبل كل دورة انتخابية على ضرورة أن تكون الإنتخابات المقبلة شفافة ونزيهة لأعادة الثقة الشعبية في المؤسسات بعدما تصاعدت وتيرة العزوف عن الإنخراط في الإحزاب ،وتزايد ضعف المشاركة في الانتخابات ؛وافتقدت الثقة في المنتخبين والمؤسسات التي يمثلونها، إلا أن ذلك لايمنع كل مرة من أن نرى ايام الانتخابات أغلب الأحزاب تفضل ترشيح أصحاب الشكارات على أصحاب الكفاءات والمثل والقيم والمبادىء،أصحاب الشكارات من مقاولين وأباطرة المخدرات والتهريب و...الذين يخاطبون بطون الناس وجيوبهم قبل عقولهم في حفلات وولائم مدفوعة الأجر توزع فيها الأموال السائبة تارة بالحيص بيص وأخرى على عينك يابن عدي إلى حد تتساءل فيه إن كان مايجري ضحك على الذقون وسياسية من السياسات التي تطبقها الأحزاب لإستئثار أصحاب المال بالإنتخابات وتنفير العامة منها.وهذه الظاهرة تنتشر بقوة ايام الإنتخابات، برلمانية كانت أم محلية ،ويعرفها القاصي والداني .وبهذه الطريقة تحول من هو أكثر مالا في هذا السيرك الانتخابي العجيب هو الأكثر حظا في النجاح في الإنتخابات ،مما يعني ان المال هو المتحكم في صناديق الإقتراع وليس المبادىء والمثل او البرامج.وفي كل مرة ترى المتنفذين في العملية السياسية أصحاب المال في عرس النفاق هذا يتحاصصون رغم خلافاتهم التي تقوم ليست على أساس برامج للنهوض بالبلد بل من أجل إعادة توزيع الحصص حيث يشعر البعض منهم أنهم قد أصبح لهم تأثير أكبر ويطالبون بحصة أكبر..وكلما تناول الناس ومعهم الصحافة الوطنية بشتى ألوانها ومشاربها هذه الظاهرة الخبيثة التي ليست بالجديدة على مجتمعنا والتي تصيب الديموقراطية في الصميم ترى أصحاب الحال يقولون: سنشكل فرقا ولجنا ولجينات للتصدي لمثل هذه الظواهر..وسوف ..وسوف وس... ورغم كثرة كل هذه الوعود التي تبتدىء بحرف السين ،ترى السلطة اثناء الانتخابات تغض الطرف عن هذا أو ذاك ولاحياة لمن تنادي..
الكل يعلم اليوم إن سيطرة المال على مقدرات العملية الانتخابية ،برلمانية كانت أم محلية وعلى كافة أطرافها هي آفة بالغة الخطورة والجسامة على سلامة التمثيل الانتخابي وعلى مصداقية تعبير أفرادها عن إرادتهم. فلم يعد المال أمراً حيوياً لإدارة المعارك أو الحملات الانتخابية من جانب تمويل نفقاتها وإنما أضحى سلاحاً خطيراً للتأثير على إرادة الناخبين وتوجيههم نحو تأييد الشخص المعني بعينه أو قائمة بعينها سواء استخدم هذا السلاح من قبل المرشح ذاته أو من قبل أنصاره لا فرق. ولم يعد الأمر يقتصر على التأثير على إرادة الناخب فحسب، وإنما يتجاوز ذلك لتكون إرادة المرشح ذاته فريسة لتلك الآفة بحيث يدين المرشح بالولاء لمن يدفع أكثر وبذلك تتجلى سيطرة جماعات الضغط واللوبيات التي تمتلك النفوذ والمال على مجريات العملية الانتخابية وبالتالي على الحياة الانتخابية بأثرها ومن ثم تتضاءل الفرص أو تنعدم أمام ذوي المثل والمبادئ المحققة للصالح العام المجردين من سطوة المال أو النفوذ لمنافسه تلك القوة الغاشمة لرأس المال وسيطرته على نتائج الانتخابات والوصول إلى مقاعد المحليات أو البرلمان، فمن يراقب الحملات الانتخابية في بلديات وجماعات قروية كثيرة سيرى بأم عينية كيف يصنع المال نتائج الإنتخابات.
في دوائر إنتخابية كثيرة نعرفها بسبب المال وحده ،تحول الكثير من السراق الاميين والمتعلمين المحتالين والمستثمرين الانتهازيين في الميدان الإنتخابي الى "أبطال"مشهورين يضرب بهم المثل ويصنفون في خانة "الشاطرين" بدل أن يدرج أسماءهم على لوائح المحتالين المطاردين والمبحوث عنهم من طرف الأمن والعدالة. فالقصة هنا هي قصة المال الذي صنع منهم أبطالا مزيفين من الكارطون يستغلون فاقة الناس التي كانوا سببا في جانب كبيرمنها وهم يخاطبون بطونهم الفارغة وجيوبهم المثقوبة قبل عقولهم . وماأكثر الذين تفقدهم بطونهم الجائعة وجيوبهم الفارغة مع الجهل والأمية عقولهم تفضي بهم الى بيع أصواتهم في أسواق النخاسة مقابل دريهمات معدودات لاتسمن ولاتغني من جوع.إضافة إلى هذا ،خلق الفساد السياسي نمط من الثقافة السياسية لدى أصحاب المبادىء والمثل ،ترى أن لا فائدة من المشاركة لأن القضية في يد الأقوياء أصحاب المال "مالين الشكارات"الذين يتنافسون على شراء الاصوات والتناطح من أجل المحاصصة . وهو الامر الذي سبق وأن نبهت الى خطورته الكبيرة ماري روبنسون Mary Robinsonمفوض الأمم المتحدة السابق لحقوق الإنسان قائلة : "إن الفساد السياسي يؤدي إلى العزوف عن المشاركة السياسية واليأس من الحصول على العدالة لأن الأمر يتعلق بتشكل ذهنيات ترى أن لا فائدة من المشاركة ولا الرقابة وأن الأمر يتعلق بالأقوياء».
والأخطر من كل ماسلف، أن هناك من يسعى الى نشر ثقافة هدامة تستغفل الناس وتجرهم الى المستنقع الاسن الذي يصطادون فيه ،وذلك من خلال إقامة وزن كبير لكل ما من شأنه ان يقوم بتمييع بل وإفساد وإفقار الناس بما يضمن ولائهم واستعبادهم، وتراهم يقيمون وزنا للراشين والمرتشين ، ويقيمون وزنا لمراكمي الترواث من كل حدب وصوب بأي طرق ولو كانت غير مشروعة ،وذلك مادامت الثروات تفيدهم في إفساد الناس وشراء ذممهم مستغلين وضع الفاقة التي كانوا سببا في جزء كبير منها .ويجر الثراء في اذياله البدخ ،والبدخ عدو الفضائل البطولية كما تعلمون، وعندما يقيم كل شيء بالمال ، يصبح هذا الاخير بديلا عن المواهب والكفاءات ، فيكافح الناس للحصول عليه كأنه أعظم ما في الوجود..ويغزو الجشع القلوب وعندما يحب الناس المال أكثر من أي شيء آخر، يضحون في سبيله بحقوقهم الفطرية ويكون اخر ما يفكرون فيه هو الاخلاق والفضيلة والديموقراطية، بل اكثر من ذلك ان التعطش الى الثروات يضع المال فوق الحرية ، فيعرض الناس شرفهم للبيع ، ولا يحجمون عن ارتكاب شائن الافعال والفواحش مقابل حصولهم على المال. وهذا ما يسعى البعض لتحقيقه لضمان امنهم وراحة بالهم في مجتمع كان فيما مضى يوثر القيم الروحية على القيم المادية الدنيوية الزائلة ..
نحن اليوم لمكافحة هذه الأفة الخبيثة لإعادة الاعتبار للإنتخابات والمثل الاخلاقية للمجتمع،لن نقوم بإعادة اختراع العجلة التي اخترعها الإنسان البدائي الاول في غابات ماقبل ظهور مايسى بالمدارس والجامعات .فأمامنا أقوام متحضرة في دول ديموقراطية معاصرة كثيرة تحترم نفسها وشعوبها أكتشفت أكثر من طريقة لردع المرشحين الإنتهازيين الجشعين أصحاب المال الذين يستغلون ظروف وحاجة بعض الناس للمال لشراء ذممهم. وهنا نسترشد بتجربة الولايات المتحدة مثلا التي لاتتوانى دائما في سبيل ردع المرشحين ضعاف النفوس، وهم ليسوا بالقليلين، لم تكتف الأجهزة الأمنية الرقابية فقط برصد الحسابات والتلصص على الاجتماعات المغلقة، بل أيضا دبرت عمليات تمويل مزورة لتضبط من عنده استعداد لإستقبال الأموال القذرة، وكانت إحدى العمليات المفبركة -على سبيل المثال لا الحصر-في إحدى الانتخابات يظهر فيها عملاء المباحث الفيدرالية بلباس عربي خليجي ومعهم حقيبة مليئة بالدولارات وكانوا دبروا كمينا لأحد المرشحين الذي أخذ المال من دون أن يدري أنها مكيدة مصورة دفعته الى المساءلة والمثول أمام القضاء ليقول كلمته في النازلة .وهذا مايميز الدول الديموقراطية الحقيقية عن الديموقراطيات المزيفة التي تتغنى بالإصلاح السياسي والإقتصادي والإجتماعي مما يخلق تناقض لدى المواطنين انعكس "في إحباط مركب يؤسس بدوره لنوع من الهروب الجماعي أو شبه الجماعي عن عمل مسؤولية التحضير للغد المفعم بالتحديات، حيث تصبح أولوية المجتمع إما التعايش مع الواقع بكل مرارته وخموله وتراجعه... وإما البحث عن وسيلة خارج القانون العام للتغيير، وكل هذا يؤدي إلى الاغتيال المعنوي والمادي لأجيال بكاملها..
ومن جهتنا نحن ،نرى اليوم أننا لسنا بحاجة إلى فتاوى أو فلسفة وتنظير او حتى ترسنات قوانين مستمدة من أرقى دساتير العالم، بقدر ما نحن بحاجة ماسة إلى غسل العقول، وإحياء الأخلاق والضمائر المحنطة، ونصب الكمائن المصورة والضرب بأيادي من حديد على الجشعين ،حتى لا يتحول السرّاق والمحتالين والانتهازيين الى "أبطال" يُضرب بهم المثل.وبدون هذا ، ستبقى حليمة على عادتها التي فطمت وترعرعت عليها و سنرى دائما هذا أو ذاك يترشح ، بهدف جمع الريوع والغنائم وملء "الشكارة" وإبرام الصفقات المشبوهة التي تمكنه من الإحتكار الدائم للأسواق الإنتخابية ومواسمها لإسترداد ما أنفقه من اموال الحملات الانتخابية بأضعاف مضاعفة .وسنرى هذا وذاك يعزف عن المشاركة في العملية السياسية مادام أن الامر يتعلق بلعب الكبار أصحاب المال .وهذا ما نشك أن تقوم به الطبقة المستفيدة من هذه اللعبة التي اهلكت الحرث والنسل ،فمن سيقاوم هذه الرداءة ياترى؟،ومتى يسقط المال ويبقى العلم؟،ومتى تسقط الميوعة ويسقط الإرتزاق لتبقى الحقيقة؟..



#محمد_حدوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانفصام الرمضاني وظاهرة التدين المغشوش
- الأهمية البيداغوجية والتدبيرية للمقاربةالتنموية التشاركية
- أمطار الخير والخطر
- كيف تصبح مليونيرا من دون معلم ؟
- الانتخابات والأمية
- نقد وشتم الحكومة.. يدعم الديموقراطية ويرسخها
- الديموقراطية.. والعادة السرية
- المخ المغربي من نوع-دوبل ڨ-;-يww-
- الشرق والغرب خطان لايلتقيان حتى في الصحة
- العدالة الركن الاساس لبناء المجتمع وتنميته..
- هل العالم فعلا بخير؟
- أقوى رجل في العالم
- خطان لايلتقيان..
- مائة كيس أرزللتنمية البشرية..
- مائة كيس أرزللتنمية البشرية..
- أنا حرامي وتمساح .. وافتخر!؟
- نحن في حاجة الى قانون حمو رابي
- الاخوان ومشكلة إقصاء الاخر
- حين يلتقي فساد الأشرار بصمت الاخيار
- الغرب و مواطنيه الجهاديين في سوريا


المزيد.....




- إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟ ...
- الرئيس السابق للاستخبارات القومية الأمريكية يرد على الهجوم ا ...
- وزير خارجية الأردن لنظيره الإيراني: لن نسمح لإيران أو إسرائي ...
- وسائل إعلام: إسرائيل تشن غارات على جنوب سوريا تزامنا مع أنبا ...
- حرب غزة| قصف مستمر على القطاع وأنباء عن ضربة إسرائيلية على أ ...
- انفجارات بأصفهان بإيران ووسائل إعلام تتحدث عن ضربة إسرائيلية ...
- في حال نشوب حرب.. ما هي قدرات كل من إسرائيل وإيران العسكرية؟ ...
- دوي انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول ...
- أنباء عن -هجوم إسرائيلي محدود على إيران- وسط نفي إيراني- لحظ ...
- -واينت-: صمت في إسرائيل والجيش في حالة تأهب قصوى


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حدوي - الإنتخابات وآفة المال السائب