أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - سندس القيسي - بريطانيا تقف وحيدة والصليبيون الجدد عائدون















المزيد.....

بريطانيا تقف وحيدة والصليبيون الجدد عائدون


سندس القيسي

الحوار المتمدن-العدد: 5234 - 2016 / 7 / 25 - 01:12
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


بريطانيا تقف وحيده والصليبيون الجدد عائدون.

لم أستغرب من كلام رئيسة الوزراءء البريطانية، تيريزا ماي حول موافقتها استخدام قوى نووية تقضي على الأخضر واليابس، إذا ما لزم الأمر، ولم أستغرب أن تؤدي العنصرية إلى تدمير بريطانيا الذاتي. ولكن كل هذه التوصيفات قد تكون غير موضوعية ودالة على تحيزاتي أنا شخصيًا، لأن ما أعلمه جيدًا هو أن بريطانيا العقلانية لا تطبق أفكارها وليدة اللحظة، بل تخضعها للإختبار والتجربة والنقاش، والبريطانيون يتذمرون، ومنذ سنوات عديدة، من الإتحاد الأوروبي ونفقاته وقوانينه وبخاصة قانون حقوق الإنسان، والذي سعت الدول الأوروبية لفرضه على العالم، دون أن تكون هي نفسها أو بعض دولها مقتنعة به تمامًا، وقانون العمل والساعات المحددة والحد الأدنى للأجور الذي أدخلهما رئيس الوزراء الأسبق توني بلير. هذا، إضافة إلى الفواتير التي قامت بتسديدها بسخاء لحمل الدول الأضعف والمنهارة في الإتحاد الأوروبي.

ولطالما اعتز البريطانيون بكونهم بريطانيين، يقطنون جزيرة نائية عن الدول الأوروبية الأخرى ولم يروا أنفسهم يومًا أوروبيين، بل كانوا على شراكة معهم فحسب، لكنها لم تمح هويتهم ولم تتمكن من تذويبهم في أوروبا. فكانت النعرة البريطانية متفوقة على أوروبا دائمًا وأبدًا. ولم تكون نظرة البريطاني إلى الأوروبي سوى نظرة فوقية متعالية. لذلك، يجب أن لا نتفاجىء اليوم بحدوث ما لم يكن متوقعًا، حيث أصبحت مسألة الخروج من الإتحاد الأوروبي إجرائية الآن، لكنها طالما كانت حديث الشارع البريطاني، الذي صدق كلامه الآن. ولهذا، علينا أن لا نتفاجىء، وحلم خروج بريطانيا من الإتحاد قديم، وها هو يتحقق الآن.

ولذلك عندما تتحدث تيريزا ماي، وهي ثاني إمرأة تترأس الحكومة البريطانية، عن استخدام القوة النووية، فعلينا أن نصدقها القول، لأن وراء ذلك لا بد أن تكون هناك خطة محكمة لإبادة الشعوب، والتي على الأغلب أن تكون مسلمة. ومشروع الإبادة هذا قد بدأ في سوريا والعراق، وقد ينتهي بالفعل بضربة نووية هنا أو هناك في حال نشوب مزيدٍ من الحروب، التي لا بد أن تتسم بالطابع الديني، ولو في الخفاء، لكي تبرر لها استخدام الأسلحة النووية، حيث يقضي الخير على الشر والشر هنا، على الأغلب، هو الإسلام.

ومنذ أيام تاتشر، والمملكة المتحدة تتقارب استراتيجيًّا مع الولايات المتحدة عوضًا عن الإتحاد الأوروبي ناظرة أكثر ما تنظر نحو الشرق الأوسط، حيث الأراضي المقدسة، بحسب إنجيلهم. وكانت مارجريت تاتشر تسمى المرأة الحديدية وقد أنهت وجود المجتمع بشكله التقليدي، وكرّست لصناعة الأفراد العاملين/ الخادمين في تحريك عجلة الرأسمالية، فكثرت الحريات الشخصية، وانحل الترابط الأُسَري. وهذه تغييرات مهمة في المجتمع البريطاني الذي يؤمن بالفردانية أصلاً، إلا أن تاتشر سخرتها لخدمة الرأسمالية أو النيوليبرالية أي الليبرالية الحديثة، وقد وقفت مع رونالد ريغان في نفس الصف لتغيير المجتمعات الغربية بشكل جذري. كما خاضت تاتشر حرب الفوكلاند. وهاهي تيريزا ماي إمرأة قد تحذو حذو تاتشر، بل قد تتفوق عليها في وصفها بالحديدية. وأول من سيصيبهم جانب من هذه القسوة هم المهاجرون وعلى الأغلب الأوروبيين. فقد سئم المجتمع البريطاني من الغرباء ولم يعودوا يروا أنفسهم في هذا المجتمع المتعدد الشرائح. كما أن خجل الإنجليزي وخوفه من تهمة العنصرية يجعله غير قادر على التعبير عن وطنيته أو اعتزازه بثقافته، وقد يأتي تعبير الإنجليزي عن نفسه فجًّا ببساطة لأنه لا يمارس عادة تبجيل النفس ولا يعرف حدود المسموح به والممنوع في حالة التعبير عن عرقيته. أو على الأقل لا يكون متأكدًا كيف يعبر عن ذلك وسط عرقياتٍ أخرى.

ثم أن الإنجليزي مهضوم حقه داخل المملكة المتحدة، ففي حين أن هناك ثلاثة برلمانات في كل من إيرلندا الشمالية وويلز واسكتلندا، يترشح لها عرقياتها، فإن الإنجليز يترشحون في برلمان وستمنستر بلندن، إلى جانب ايرلندا الشمالية، إسكتلندا وويلز والذين يترشحون مرة ثانية في برلمان المملكة المتحدة"، وهذا أمر يستاء منه الإنجليز وطالما طرحت فكرة إنشاء برلمانًا إنجليريًا أسوة بباقي دول المملكة المتحدة. لكنه لم يتبلور وبقي حسرة في قلوب بعض الإنجليز.

وفي استفتاء الخروج أم البقاء في الإتحاد الأوروبي، فقد ضربت بريطانيا أول ما ضربت مهاجريها. وأنا أعتقد أن المهاجرين هم الشماعة التي نعلق عليها أخطاء ومشاكل المجتمع البريطاني. فالإنجليزي العادي يعتقد أن المشكلة في المهاجر الذي بحسبه يسرق منه فرص عمله، ولكن هل العرقيات القوقازية البيضاء ستقبل العمل بنصف راتب الحد الأدنى للعمل، كما يفعل بعض المهاجرين؟ هل ستكنس الشوارع في بريطانيا؟ هل ستقود باصات وقطارات النقل العام؟ هل سيعملون بكدٍ أكثر من المهاجر، البعيد عن أرضه ووطنه؟

في إسكتلندا، الواقعة شمال المملكة المتحدة، هناك وجود لعرقيات بيضاء، قد ولدت وماتت داخل نظام الضمان الأجتماعي، هناك أجيال أولى وثانية وكذلك ثالثة لم تعمل في حياتها قط ولم تطرح هذه كمشكلة على الإطلاق، وكثير من حالات الضمان الإجتماعي السابقة الذكر هي حالات إدمان على الكحول والمخدرات، والتي قد تعتبر أمراضًا نفسية. كما تنامت في فترة ما ظاهرة حمل الفتيات الطفلات/ المراهقات، كي يحصلن على سكن اجتماعي ويستقلن عن الأهل. هناك مشاكل في الهجرة لا شك، ولكن ليست كل المشاكل في بريطانيا متعلقة بالهجرة.

فماذا نفعل نحن المهاجرون في هذا الوقت، وهل ستحتاجنا بريطانيا في هذه المرحلة؟ برأيي أن الوضع سيكون مقلقًا للمهاجرين وعلينا أن نثبت أقدامنا ونقف صفًا واحدًا ضد كل أشكال العنصرية. لقد تعلمنا الخوف من التعبير عن آرائنا لأننا نعتبر أنفسنا ضيوفًا، ولأن المعارضة السياسية من قبل المهاجر تعتبر خيانة ونكران للجميع. لكني أريد أن أوضح أن بريطانيا من أصعب الدول للعمل فيها، فلا يكفي أن تكون مهنيًا ومؤهلاً من المملكة المتحدة، بل عليك أن تتحدث الإنجليزية الجيدة وأن تفهم البلد والناس وثقافتها، ثم إن العنصرية والغيرة من المهاجر الناجح متفشية ولو بشكل مبطن.

. وإذا كانت بريطانيا قد شنقت نفسها بسياساتها الإشتراكية السكنية لصالح قطاعات كبيرة غير محظوظة كاللاجئين، فهذه مشكلتها وليست مشكلة المهاجرين، لأنها بالغت في السخاء والعطاء دون مبرر، فعوضًا من أن تحذو حذو فرنسا بأن تبني جيتىوهات لغير القادرين ماديًا والمرضى والعجزة وكبار السن واللاجئين، حوالي وعلى جيوب المدن الكبرى في المناطق الرخيصة، فقد سمحت لهم جميعًا في العيش حيثما يريدون وغطت الحكومة قيمة الفاتورة الباهظة، مما عنى أن من يعيش في وسط لندن مثلا وتدفع له الحكومة، أصبح تلقائيًا غير قادر على العمل لأنه لن يستطيع أن يدفع الإيجار، ولذلك كل من دخل نظام الضمان الإجتماعي، لم يعد قادرًا على الخروج منه لأن الدولة تدفع ثمن إيجار منزل مرفه في منطقة راقية. وليس هذا فقط، بل قامت البلديات ببناء منازل يقطن فيها أقارب هؤلاء في نفس الحي. ولهذا استشاط الشعب الإنجليزي غضبًا، إذ يتردد دائمًا على ألسن الإنجليز: "كوني شخصًا أبيض يعني أني بلا حقوق، لست مؤهلاً للضمان الإجتماعي وأنا في آخر سلم الأولويات". وما يزيد الطين بلة أن هناك شريحة كبيرة من العاملين ليسوا بقادرين على استئجار إلا غرفة، مشتركين مع آخرين في السكن، وهذا ما يسبب الحنق على المهاجرين، إذ يبدون أفضل حالًا. لكن ليس كل المهاجرين سواسية وهناك الكثيرون الذين لا يعرفون للضمان الإجتماعي طريقًا.

وفي السنوات الأخيرة، تم تضييق الخناق على العرب والمسلمين في بريطانيا، وأصبح انتقادهم والسخرية منهم شيئًا مقبولاً. وليس هناك أي محاولات جادة لفهم العالم العربي وإجراء حوار معه، إلا أن المهاجرين العرب هم ذخيرة لبريطانيا للتواصل مع العالم العربي بلهجة جديدة، قد تكون ديمقراطية، وعلى الأغلب أن تكون غير ذلك.



#سندس_القيسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشرطة العربية 4: التلفيق والتصديق
- الشرطة العربية 3 : العرف العشائري أقوى من القانون المدني
- الشرطة العربية 2: القانون والقضاء أم الواسطة والعشيرة؟
- الشرطة العربية 2: القانون والقضاء أم الواسطة والعشيرة
- الشرطة العربية: إضرب، فليس غيرك مستبد!
- المرأة العربية 10: حرية المرأة بين مطرقة التحرر وسندان الذكو ...
- عزيز لعمارتي : الصالون الأدبي ببروكسل الواجهة الثقافية للمنت ...
- المرأة العربية 9: علياء المهدي، كابوس مصر
- مداخلتي عن الهجرة في الصالون الأدبي ببروكسل
- باريس وأضواؤها الساطعة وزقاقها المرعبة
- المرأة العربية 8: الواعظات يضعن أياديهن في عِش الدبابير
- المرأة العربية 7: يوم المرأة وأمومة الأم العربية
- المرأة العربية 6: أمينة ليست شرف أحد وجسدها ملكها
- المرأة العربية 5: الجسد والطالعات من قمقم الشهوة
- المرأة العربية 4: النضال بالجسد العاري
- المرأة العربية 3: من التعري الكلي إلى النقاب
- الملكة إليزابيث ملكتي وقدوتي
- المرأة العربية 2: الملكة إليزابيث الثانية ملكتي وقدوتي
- لا تلقي قذارتك الأقذر على الطاهرات
- المرأة العربية 1: الفضيلة والرذيلة والحريّة


المزيد.....




- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...
- زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى-نظام شمولي-
- الإعلام الحربي في حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته خلال ا ...
- الدرك المغربي يطلق النار على كلب لإنقاذ فتاة قاصر مختطفة
- تنديد فلسطيني بالفيتو الأمريكي
- أردوغان ينتقد الفيتو الأمريكي
- كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي
- تظاهرات بمحيط سفارة إسرائيل في عمان


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - سندس القيسي - بريطانيا تقف وحيدة والصليبيون الجدد عائدون