أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - ماجد الشمري - لينين-روزا لوكسمبورغ..واختلافهما حول موضوعة-حق تقرير المصير-.















المزيد.....


لينين-روزا لوكسمبورغ..واختلافهما حول موضوعة-حق تقرير المصير-.


ماجد الشمري

الحوار المتمدن-العدد: 5574 - 2017 / 7 / 7 - 20:49
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


"ان الاخوة الكونية بين اولئك الذين يكدحون من اجل العيش تمثل بالنسبة لي الاكثر سموا والاكثر نبلا على الارض هذا هو وطني وافضل التخلي عن حياتي على خيانة هذا المبدأ"
-روزا لوكسمبورغ-


وقفت روزا لوكسمبورغ وطيلة حياتها القصيرة1871-1919كسنديانة باسقة شامخة لم تحنيها او تكسرها الرياح.وتصدرت لوحة كبار القادة التاريخيين للحركة الثورية العمالية،والاشتراكية الاممية،لجيل مابعد ماركس.فقد كانت منظرة رفيعة،ومتفردة،ومناضلة باسلة وصلبة لاتستكين.حاورت وجادلت قامات واعلام في التنظير والتنظيم والفكر الماركسي،امثال:بليخانوف،لينين،تروتسكي،برنشتاين،كاوتسكي.ورغم غيوم الخصومة الفكرية التي عكرت علاقتها بلينين،الا انه كان هناك تقديرا واعجابا متبادلابينهما،ولم يتنكر لينين او يجحد مكانة روزا لوكسمبورغ كثورية عظيمة،واشاد بقدراتها وتفانيها بعد مصرعها ناعتا اياها:ب"النسر المحلق".لم يكن لينين محقا دائما في نقده لها،وهي ايضا لم تكن صائبة في مواقفها وطروحاتها على الدوام،ولكنها كانت اشد قربا من تروتسكي في اكثر مواقفهما توحدا،وفي فهمهما لمضمون الثورة الاشتراكية،وتحذيرهما الدائم من المخاطر المميتة للبيروقراطية الصاعدة،وانعدام الديمقراطية العمالية،على الحزب البروليتاري،والطبيعة الاصلاحية للحزب الاشتراكي الديمقراطي ماقبل الحرب العالمية الاولى.-وماحذرا منه تحقق لاحقا في حقبة البيروقراطية الستالينية!-ولكن مايجب الاعتراف به،هو:ان روزا لوكسمبورغ اخطأت في مايتعلق بالمسألة القومية(الوطنية)وبالضد من الصواب الباهر للينين في محاجته معها حول تلك الاشكالية بالذات.وسوف نحاول بقراءة بسيطة لاتدعي الاحاطة الكاملة بالموضوع.تحليل مواقف روزا لوكسمبورغ المختلفة منذ بداية نشاطها السياسي،ومن ثم النظري حتى نهاية عام1918.ففي عام1893 اسست روزا لوكسمبورغ مع ليو جوجيش،وجوليان مارشلاوسكي،وادولف فارزاوسكي،الحزب الاشتراكي-الديمقراطي لمملكة بولندا،كغريم ند للحزب الاشتراكي البولوني،والذي كان يرفع شعار استقلال بولونيا،وقد اعتبرت روزا لوكسمبورغ هذا الحزب،حزبا اشتراكيا وطنيا،لانها ورفاقها في الحزب كانوا يرفضون وبشكل قاطع،النضال من اجل استقلال بولونيا،والتي كانت-بولونيا- كما هو معروف مقسمة بين روسيا والمانيا والنمسا.فقد كانوا يؤكدون على وحدة المصير،والروابط الاممية المتينة والتي تجمع بين البروليتاريا الروسية والبولونية،والجزء الملحق بالامبراطورية الروسية من مملكة بولونيا،لايجب ان يطالب بالاستقلال،بل بنوع من الادارة الذاتية،ضمن الجمهورية الروسية الديمقراطية المقبلة.في عام1896 مثلت روزا لوكسمبورغ حزبها في مؤتمر الاممية الثانية في لندن،وكان معظم القادة الماركسيين،مثل:فكتور ادلر،بليخانوف،يؤيدون ما يناضل من اجله الحزب الاشتراكي البولوني،وتبعا لمواقف ماركس والاممية الاولى من القضية البولندية،والذي ساند دائما كفاح بولونيا من اجل الاستقلال.وكان يجب اتخاذ قرار حاسم من النزاع بين الحزبين،وطروحات روزا لوكسمبورغ،وغريمها بيلسودسكي-زعيم الحزب الاشتراكي البولوني- والدكتاتور المقبل لبولونيا!-وقد انتهت الاممية بتبني قرارا توفيقيا:يؤيد حق تقرير الامم في مصيرها،وايضا الدعوة للوحدة بين عمال جميع القوميات.وكان هذا القرار قد جرى اعتماده من قبل لينين وروزا لوكسمبورغ في سجالهما حول المسألة القومية،وقد فسره كلاهما حسب فهمه وقناعاته.في عام1898نشرت روزا لوكسمبورغ رسالتها للدكتوراه،والتي كانت حول التطور الصناعي في بولونيا،وكان المحور الرئيسي في تلك الرسالة،ان:بولونيا هي تابعة كليا لروسيا من الناحية الاقتصادية،وان النمو الاقتصادي والصناعي البولوني يزدهر وينمو بفضل الاسواق الروسية،وانه لايمكن ان يتطور ويتوسع بمعزل عن الاقتصاد الروسي،وتكامله معه.لقد كان استقلال بولونيا هو الحلم الدائم والقديم للاستقراطية البولونية منذ عصر الاقطاع،ولكن التطور الصناعي البولوني هو الذي قوض ذلك الحلم.فلم تكن لاالبرجوازية البولونية،ولا البروليتاريا الصناعية قوميتان،فمصلحة البرجوازية ومستقبلها كانا مرتبطان بالاقتصاد الروسي،وكذلك البروليتاريا،كانت مرتبطة بتحالفها مع البروليتاريا الروسية،حيث تكمن مصلحتها الطبقية الاممية والتاريخية.فقط الطبقة التي كانت قومية حقا،هي:البرجوازية الصغيرة:فلاحون،حرفيون،والشرائح التقليدية المتنوعة ما قبل الرأسمالية،وهي وحدها التي كانت تحلم بأستقلال بولونيا ووحدتها.وفي هذا المجال كانت اطروحة روزا لوكسمبورغ،هي الصورة البولونية لكتاب لينين"نمو الرأسمالية في روسيا"والذي كان موجها بالاساس كنقد للاوهام المتهافتة والرجعية للشعبيين الروس.في عام1903اثناء انعقاد المؤتمر الثاني الشهير لحزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الروسي،كان حزب روزا لوكسمبورغ البولوني،والذي اصبح:الحزب الاشتراكي الديمقراطي لمملكة بولونيا وليتوانيا-بعد ان انضمت اليه مجموعة ماركسية ليتوانية-قد ارسل وفدا يقوده فارزاوسكي للبحث في موضوعة الاتحاد الفدرالي مع الحزب الروسي،وخلال المؤتمر المنعقد في بروكسل-والذي جرى نقله الى لندن لاسباب الصيانة،والذي حدث فيه الانشقاق داخل الحزب الروسي الى:بلاشفة ومناشفة-جرت مباحثات بين الروس والبولونيين حول مستوى الادارة الذاتية،والتي من الممكن ان يتمتع بها الحزب البولوني داخل الحزب الروسي،وجرى الاتفاق حول الاتحاد في ذلك المؤتمر،ولكن في هذه الفترة نشرت الايسكرا عدد تموز،مقالا للينين،وهو يدافع عن حق بولونيا في الاستقلال،مما حدا بروزا لوكسمبورغ لارسال تعليماتها للوفد البولوني،بان يطالب بمراجعة المادة السابعة من النظام الداخلي للحزب الروسي،والتي تؤكد فيه تلك المادة على:حق القوميات في تقرير مصيرها.وحسب رأي روزا لوكسمبورغ،فان الصيغة الجديدة يجب ان تكون:"من اجل مؤسسات تضمن الحرية الكاملة للتطور الثقافي لكل القوميات التي تشكل الدولة"..
كان جزءا كبيرا من نقد لينين لروزا لوكسمبورغ هو مايخص:حق تقرير المصير.وتحديدا مقالتها التي كتبتها في عام1908وطرحت فيها مفاهيمها الاشكالية في"المسألة القومية والادارة الذاتية".وهذه المقالة نشرت في صحيفة الحزب الاشتراكي- الديمقراطي لمملكة بولونيا وليتوانيا،وبينت فيها روزا لوكسمبورغ رؤيتها القومية كالتالي:ان حق تقرير المصير،هو حق ميتافيزيقي اجوف"كالحق المزعوم بالعمل"في القرن التاسع عشر،او الحق السخيف:"لكل انسان ان يأكل في صحون ذهبية"والذي طالب به الكاتب الروسي تشيرنيفسكي،وان مساندة حق الانفصال،هو في الحقيقة:دعم واسناد للبرجوازيين الوطنيين.واعتبرت الامة:ككل موحد ومتناسق لاتوجد،:كل طبقة في الامة لها مصالحهاو"حقوقها"المتناقضة مع الطبقات الاخرى.وان استقلال الامم الصغيرة بشكل عام،وبولونيا بشكل خاص،هو: من وجهة نظر اقتصادية،هو يوتوبيا مدانة بقوانين التاريخ،وبالنسبة لروزا لوكسمبورغ:ليس هناك من استثناء لهذا القانون"الجامد"سوى الشعوب البلقانية المضطهدة من قبل الامبراطورية التركية(العثمانية):يونان،صرب،بلغار،ارمن.هذه الشعوب كانت قد حققت نموا اقتصاديا،واجتماعيا،وثقافيا،متقدما على تركيا،تلك الامبراطورية المتخلفة،والتي كانت تسحق بهيمنتها تلك الشعوب.وضمن هذه الوقائع،ومنذعام1896-بعد الانتفاضة اليونانية الوطنية في جزيرة كريت-،كانت روزا لوكسمبورغ تعتبر-وخلافا للاطروحة التي كان ماركس يدافع عنها خلال حرب القرم-بأن الامبراطورية العثمانية غير قابلة للبقاء،وان تفككها الى دول قومية،كان شرطا حتميا من شروط التطور التاريخي-وهذ ماجرى فعلا-.في عام1914كانت روزا لوكسمبورغ،هي واحدة من زعماء الاممية الثانية القلائل،الذين لم ينجرفوا مع الموجة العارمة،من التعصب الشوفيني القومي،والنزعة الاشتراكية الوطنية الزائفة،ولكن المتصاعدةوالعامة،والتي طغت بكل اوربا قبل وخلال الحرب الاولى،والتي انحرفت كثيرا عن التضامن الاممي البروليتاري.في ذلك العام كانت روزا لوكسمبورغ معتقلة من قبل السلطات الالمانية،بسبب دعايتها وكفاحها االثوري الاممي المناهض للحرب والعسكرية،وقد كتبت في عام1915 كراسها الشهير"جونيوس"وكان هذا النص،بمثابة تمهيد لخطوتها الهامة والجديدة،نحو القبول بمبدأ(حق تقرير المصير)فهي تقول:"الاشتراكية تعترف لكل شعب بحقه في الاستقلال والحرية وتقرير مصيره بشكل حر".الا ان هذا الحق في تقرير المصير-بالنسبة اليها-لايمكن ان يتحقق في اطار الدول الرأسمالية،وخاصة الامبريالية المسيطرة والسائدة،اذ كيف يمكن ان نتحدث-تقول روزا-عن:"وضع حر"بالنسبة لدول استعمارية:كبريطانيااو فرنسا او تركيا او روسيا القيصرية؟!تتسائل روزا لوكسمبورغ،وتضيف قائلة:"لايمكن ان يكون ثمة امة حرة عندما يتركز وجود هذه الامة على استعباد الشعوب الاخرى"!!وما ينبني على ذلك:ان الاشتراكية الاممية هي الوحيدة الجادة والقادرة على تحويل حق الشعوب بتقرير مصيرها الى حقيقة واقعة برسم التنفيذ.ففي:"الاطروحات حول مهام الاشتراكية-الديمقراطية الاممية"والتي نشرتها روزا لوكسمبورغ،كملحق لكراس"جونيوس"اكدت بشكل جازم،بأن:"في عصر الامبريالية الهائجة لايمكن ان يكون ثمة حروب قومية المصالح،والقومية ليست الا خداع يهدف الى وضع الجماهير الكادحة في خدمة عدوها الفتاك"-الامبريالية-.وكانت هذه القاعدة بالنسبة لروزا لوكسمبورغ،صالحة على الدوام،ليس بالنسبة للدول الاستعمارية الكبرى فقط،بل وايضا تشمل الامم الصغيرة،والتي هي مجرد"بيادق في لعبة القوى الامبريالية الكبرى".وقد هاجم لينين هذه الاطروحة،ناقدا بشدة،ومشيرا الى ان الحروب القومية(الوطنية)في المستعمرات واشباه المستعمرات(ذكر الصين مثالا)ليست فقط محتملة وواردة،بل هي ضرورية،ولابد منها في عصر الامبريالية.وكان تشخيص لينين في منتهى الدقة والصواب،وبرهن عليه تاريخ القرن العشرين بسطوع كامل.ولكن لينين اضاف في معرض نقده:"سيكون من الظلم اتهام "جونيوس"باللامبالاة بالنسبة للحركات الوطنية".لان كراس جونيوس،يعترف بالحقوق القومية(الوطنية) للمستعمرات،وبشكل اكثر عمومية ب"حق الشعوب في تقرير مصيرها".ويبدو ان لينين كان يجهل هوية جونيوس(روزا لوكسمبورغ)لانه اشار منوها،بمؤلف الكتيب المجهول،والذي ينتمي برأيه:"بوضوح الى الجناح الراديكالي-اليساري من الحزب الاشتراكي-الديمقراطي الالماني"،وضد بعض:"الاشتراكيين الديمقراطيين الهولنديين والبولونيين الذين ينكرون حق الامم في تقرير مصيرها في النظام الاشتراكي"-وهي اشارة واضحة-الى روزا لوكسمبورغ نفسها..
في كراس اخر كتبته روزا لوكسمبورغ في السجن:"الثورة الروسية1918"ولم ينشر في حياتها.نجد ان روزا لوكسمبورغ في "عودة الى الوراء"بالنسبة الى موقفها السلبي المعلن،من الحقوق القومية وتقرير المصير،وكان هذا الكتيب قد تضمن نقدا جذريا لسياسة القوميات التي اتبعها:لينين وتروتسكي(والتي تساند فيه طبعا مشروعهما الثوري)-تلك السياسة-التي اتهمتها،وان بشكل لاارادي:"حملت الماء الى طاحونة الثورة المضادة".ففي رأيها:ان السياسة الاشتراكية تناضل ضد كل اضطهاد.ومن الواضح اذا،كل اضطهاد لأمة من قبل امة اخرى،وعلى العكس،فأن حق الامم الشهير في تقرير مصيرها،هو:نقطة فارغة،وخداع برجوازي صغير،من نفس نوع"نزع السلاح الشامل"و"جمعية الامم"الخ..وان شعار:تقرير المصير الذاتي.الذي اطلقه البلاشفة،قد ضلل جماهير البلدان المحيطة بالامبراطورية الروسية:بولونيا،فنلندا،لتوانيا،اوكرانيا،القوقاز.لقد ترك هذه الجماهير غير الواعية،فريسة لديماجوجية برجوازيتها الوطنية،وعزلها التضامني عن،ومع البروليتاريا الروسية.وبدلا من تقديم التنازلات للقومية البرجوازية الانفصالية،كان على البلاشفة بالعكس،:"ان يدافعوا بأظافرهم واسنانهم عن وحدة الدولة الروسية كميدان للثورة".من النافل ان نضيف،بأن محاولة البلاشفة الوحيدة"للدفاع بأظافرهم واسنانهم عن الدولة الروسية كميدان للثورة"كان هو اجتياح بولونيا من قبل الجيش الاحمر في عام1920والذي توج بهزيمة وفشل ذريع،اثبت نهائيا،الخطأ العميق للاستراتيجية التي بشرت ونادت بها روزا لوكسمبورغ!.هذا الغزو وكما توقع تروتسكي،وبالضد من-توخاتشيفسكي المنظر الرئيس"لتصدير الثورة"-قد قاد الى انتفاضة وغليان للمشاعر القومية البولونية ضد روسيا البلشفية،داعما بذلك نظام بيلسودسكي الرجعي،وعازلا في الوقت نفسه الحزب الشيوعي البولوني عن الجماهير البولونية،التي صنفته كعميل الى جانب"الغزاة الاجانب"،كما فعلوا في جورجيا عندما تم احتلالها،وفرضوا نظاما بيروقراطيا معاديا للديمقراطية،اغرقهم بكراهية الشعب الجورجي-وكان لستالين الدور الاكبر في ذلك-.من الممكن حساب اخطاء روزا لوكسمبورغ النظرية حول المسألة القومية،ليس فقط في القضية البولونية في عام1920وانما ايضا في كل تاريخ القرن العشرين لحركات التحرر الوطني،والذي كان نقضا جازما وواضحا لمجمل طروحاتها حول الاشكالية القومية وحق تقرير المصير،وفي اغلب التجارب.وقد تركزت تلك الاخطاء المنهجية والسياسية الاساسية بالذات قبل عام1914ومفهومها الاقتصادي للمشكلة:فبولونيا تتبع روسيا اقتصاديا،لذا لايمكن ان تكون مستقلة سياسيا-وهذه الحجة التي تنكر الاستقلالية الذاتية والنوعية الخاصتين بالمؤسسة السياسية-والمنهج الحتمي-الاقتصادي-ظاهر بوضوح وخاصة في رسالتها للدكتوراه،وكتاباتها الاولى حول المسألة البولونية:فالنمو الصناعي في بولونيا،والمرتبط بالسوق الروسية،والذي يحدد بقوة الضرورة التاريخية،الصفة اليوتوبية للاستقلال البولوني من جهة،والوحدة بين البروليتاريا الروسية والبولونية من جهة اخرى.ولكن هذا النوع من الحجج يتبخر تماما،عندما تتجاوز روزا لوكسمبورغ التفسير الاقتصادي الاحادي والمختزل(خاصة بعد عام1914)وتتبنى التحليل ذو الطابع السياسي الخالص والمستقل نسبيا(مثلا كتيبها1918 حول الثورة الروسية).ان مفهوم روزا لوكسمبورغ للامة:كظاهرة ثقافية وروحية،والذي يجعلها تهمل مرة اخرى البعد السياسي،والذي لايمكن اختزاله لاالى البعد الاقتصادي ولا الايديولوجي،والذي يتجسد بشكله الملموس:في الدولة القومية المستقلة.لهذا السبب بالذات كانت روزا لوكسمبورغ تدعو لالغاء الاضطهاد القومي عن طريق السماح"بالنمو الثقافي الحر".ولكنها ترفض من الجانب الاخر،قبول الحق بالاستقلال السياسي،دون ان يعني هذا الرفض للحق بتكوين دولة قومية مستقلة،هو بالتحديد احد الاشكال الرئيسية للاضطهاد القومي.فروزا لوكسمبورغ لم تجد في حركات التحرر الوطني،الا جانبها المناقض لسيرورة التاريخ!-برجوازي صغير،رجعي،دون ان تستوعب الطاقة الثورية التي تمور بها تلك الحركات ضد القيصرية(وفيما بعد وفي سياق اخر،ضد الامبريالية والاستعمار).اي من غير ان تعي الديالكتيك المعقد والمتناقض لهذه الحركات الوطنية ذات الطابع المزدوج.وبالنسبة لروسيا،فأنها-روزا-قللت من الدور الثوري لحلفاء الطبقة العاملة من غير البروليتاريا:الفلاحون،القوميات المضطهدة والمسحوقة.وبشكل عام،كانت روزا لوكسمبورغ تفهم الثورة الروسية كثورة عمالية صرفة،وليست كما فهمها لينين(بقيادة البروليتاريا المتحالفة مع الفلاحين).ولم تفهم كذلك،ان التحرر القومي للشعوب المضطهدة هو مطلب ليس مقتصرا على البرجوازية الصغيرة"المثالية"و"الحالمة"و"الرجعية"و"ماقبل الرأسمالية"،انما هو ايضا مطلبا للجماهير الشعبية،اضافة للبروليتاريا.ومن هنا،فأن اعتراف البروليتاريا الروسية المنظمة،بحق الشعوب في تقرير مصيرها،كان بالتحديد منسجما مع الاممية الثورية،والشرط الاساس لوحدتها مع بروليتاريا الشعوب المضطهدة.
ماهو مصدر اخطاء روزا لوكسمبورغ في مايخص المسألة القومية؟!.ليس من الصواب اعتبارها-تلك الاخطاء-مرتبطة عضويا بمنهجها السياسي او الايديولوجي(بأستثناء مايتعلق بنزعتها الاقتصادية السابقة،وماقبل عام1914)او مجموع مواقفها السياسية(مثلا:حول الحرب،او الديمقراطية،الخ.)وفي الواقع ان طرحها حول الاشكالية القومية لم يكن مقتصرا عليها او خاصا بها،انما كانت تشترك فيه مع قادة الحزب الاخرين،وحتى مع الذين ارتبطوا بالبلشفية،مثل دزرجينسكي"جيرزينسكي"،والذي لم يمارس نقده الذاتي حول موقفه من حق الامم في تقرير مصيرها الافي سنة1925!..ان من الممكن في نهاية التحليل،تفسير موقف روزا لوكسمبورغ الاحادي من المسألة القومية(الوطنية)كمجرد نتاج ايديولوجي فرعي وعارض للصراع العقائدي البالغ العنف بين:الحزب الاشتراكي-الديمقراطي لمملكة بولونيا وليتوانيا،وبين الحزب الاشتراكي البولوني.فالفرق بين روزا لوكسمبورغ ولينين في وجهات النظرهو اذا ولحد ما(حول موضوع بولونيا على الاقل)نتيجة لاختلاف وجهات النظر بين الاممين الروس،والذين كانوا( يحاربون الاشتراكية- الوطنية الروسية الكبرى)وبين الامميين البولونيين(الذين يحاربون الاشتراكية-الوطنية البولونية).ويبدو ان لينين اقر بنوع من"انقسام العمل"بين الماركسيين الروس والبولونيين حول هذا الموضوع،فلينين يقول في"مناقشة حول حق الامم في تقرير مصيرها":"ان الوضع بلا شك مضطرب جدا،ولكن ثمة مخرج يسمح لكل الاعضاء ان يبقوا امميين،:ان يطالب الاشتراكيون-الديمقراطيون الروس والالمان ب"حرية الانفصال"غير المشروط لبولونيا،وان يهتم الاشتراكيون-الديمقراطيون البولونيين بتحقيق وحدة النضال البروليتاري في بلد صغير وفي البلدان الكبرى،ودون ان يطلقوا حاليا شعار استقلال بولونيا".وهذا الامر كان يعني،ان الانتقاد الكبير الذي وجهه لينين لروزا لوكسمبورغ يتعلق بقصدها التعميم انطلاقا من وضع نوعي وخاص(بولونيا التاريخية بمرحلة ما)ورفضها بهذه الطريقة ليس فقط لاستقلال بولونيا،وانما ايضا كل الامم الصغيرة المحكومة!.غير انه ثمة مقال حول الموضوع طرحت فيه روزا لوكسمبورغ،وبصيغ مشابهة لعبارات لينين في:مقدمةسنة1905 لكتاب(المسألة البولونية والحركة الاشتراكية)وفي هذا المقال ميزت روزا لوكسمبورغ بعناية بين الحق المؤكد لكل امة بالاستقلال(الناتج عن المباديء الاساسية للاشتراكية)والذي تعترف به،وبين ملائمة هذا الاستقلال لبولونيا،وهو الامر الذي ترفضه!.فبينما ترى روزا لوكسمبورغ،ان:مسألة الحق في تقرير المصير يتعارض بحدة مع النضال الطبقي،في حين يرى لينين-وهو على حق-العكس،وهو:خضوع المسألة القومية للنضال الطبقي،حيث تخدمه كواحدة من اسلحة الكفاح الثوري بشكل عام.ذلك النص،وايضا بعض فقرات من كراس "جونيوس"يثبت دون لبس،ان فكر روزا لوكسمبورغ هو اقرب للواقعية -بالمعنى الثوري للكلمة-ومن اجل اضفاء تجانس وتناسق واضح وثابت.لقد كان التهديد الحقيقي لسلامة سياسة الحركة العمالية الثورية في زمن روزا لوكسمبورغ وفيما بعد-هل نستطيع ان نقول:وايضا اليوم؟!-يكمن ليس في مرض الشيوعية اليساري الطفولي،والذي شكل مصدر اخطاء روزا لوكسمبورغ في المسألة القومية،وانما في تلك الظواهر السلبية الخطيرة،مثل:النزعة الشوفينية للقوة الكبرى،والتراجع الانتهازي امام القومية البرجوازية،التي حركت رياحها"البيروقراطية الستالينية".لم يعد هناك الان من يمكن ان نطلق عليهم"لوكسمبورغيون"حول القضية الوطنية،فقط بعض الاوساط والحلقات الصغيرة من اليسار الثوري،حيث نجد الرجع البعيد لصوت روزا لوكسمبورغ الخافت،والتي تجسدت كمعارضة مجردة لحركات التحرر الوطني في القرن الماضي،بأسم"الوحدة العمالية والاممية"والتي وجدنا فيها تلك الاطروحة الخاطئة والتي تنبع من هوامش الفكر الماركسي:نظرية فريدريك انجلس حول"الامم الرجعية"،وعند فحص بعض القضايا القومية الاكثر تعقيدا،وتشابكا وتداخلا للملامح القومية(الوطنية):الامبريالية،الدينية،التاريخية،الثقافية،نزاعات الشرق الاوسط،نلاحظ انه كان ثمة تيارين متناقضين تجاذبا اليسار الثوري،وهما الابرز،الاول:انكر شرعية الحركات القومية،وادانها "كحركات برجوازية صغيرة"و"مفككة"للطبقة العاملة،وطالب بشكل اجوف،بمبدأ الوحدة الضرورية بين بروليتاريا مختلف القوميات والاجناس والاديان.اما الثاني:فألتزم بشكل غير نقدي بأيديولوجيا تلك الحركات الوطنية،وادان الامم المسيطرة-المضطهدة-كأمم رجعية بشكل كامل!دون تمييز او تفريق طبقي.ولتجنب هذين المسارين،والتحلي برؤية واعية تقرأالواقع الملموس،وتأخذ موقفا ملموسا من كل قضية،فلكل مسألة ظرفها الخاص،والتي تتطلب معالجتها كحالات خاصة.فما مطلوب من اليسار الماركسي الثوري،هو نهج اممي ووطني صادق،يستوحي ويستلهم من سياسة القوميات لكومنترن لينين وتروتسكي(1919-1923)ومن قرار الاممية الثانية المشهور في عام1896 لانها حلقت عاليا في سماء اليوتوبيا الاممية البروليتارية العابرة للقومية،وتجاهلت او نست الواقع البائس المتردي،امس واليوم للصراعات الدموية القومية والعرقية،وما استجد وتناسل اليوم من انقسامات وصراعات دينية وطائفية وعرقية هي الاعنف و الاكثر وحشية واجرام ،والملطخة بوحل الشوفينيات القومية الاشد رجعية وهمجية!!.والصورة تزداد قتامة وظلمة كل يوم!..
...............................................................................................................................
وعلى الاخاء نلتقي..



#ماجد_الشمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خصوم ثورة تموز/والنواح على فردوس الملكية المفقود!
- متحف الاقوام البائدة!.
- ارادة الموت..تأملات فلسفية في العدمية!.
- تطور وانحطاط الفكر/سارتر-جارودي
- (البروليتاريا)الرثة..البعد الاجتماعي والسياسي للمفهوم.
- رامبو/المرآة المهشمة وانشطار الذات!.
- (اللينينية)..وصانع الدوغما!.
- ارنست بلوخ/النص الكامل للمقال.
- ارنست بلوخ/من الدوغما الشاحبة الى لاهوت الامل ويوتوبيا المست ...
- ارنست بلوخ/من الدوغما الشاحبة الى لاهوت الامل ويوتوبيا المست ...
- ارنست بلوخ/من الدوغما الشاحبة الى لاهوت الامل ويوتوبيا المست ...
- ارنست بلوخ/من الدوغما الشاحبة الى لاهوت الامل ويوتوبيا المست ...
- ارنست بلوخ/من الدوغما الشاحبة الى لاهوت الامل ويوتوبيا المست ...
- ارنست بلوخ/من الدوغما الشاحبة الى لاهوت الامل ويوتوبيا المست ...
- الجنس المقهور
- (كذبة خروشوف حول -موجز تاريخ الحزب)..قراءة وتعليق!..(3)
- (كذبة خروشوف حول-موجز تاريخ الحزب)..قراءة وتعليق!.(2)
- (كذبة خروشوف حول-موجز تاريخ الحزب)..قراءة وتعليق!.(1)
- بيان الحزب الشيوعي العراقي يوم14شباط عام1949/المجد للشهداء.
- 1963/عندما يكبو التاريخ


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - ماجد الشمري - لينين-روزا لوكسمبورغ..واختلافهما حول موضوعة-حق تقرير المصير-.