أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - انور سلطان - نقد الشافعي, الحلقة (28 / 29): الحديث ومدى حجيته الجزء 5















المزيد.....

نقد الشافعي, الحلقة (28 / 29): الحديث ومدى حجيته الجزء 5


انور سلطان

الحوار المتمدن-العدد: 5227 - 2016 / 7 / 18 - 11:59
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


نقد الشافعي, الحلقة (28 / 29): الحديث ومدى حجيته الجزء 5

دعوى الضبط والعدالة
دعوى الضبط التام هي دعوى باطلة، والقول بها جاء بهدف الرد على المشككين في ثبوت الحديث، والحديث مهما كان، هناك شك في نسبته للرسول، وهو ليس نصا إلهيا دينيا كالقران، ولن يسأل مسلم على أساس الحديث، بل على أساس القران، ولهذا دون القران، وهذا ما حفظه واوجد الثقة به، بينما لم يكن الأمر كذلك مع الحديث.
إن وجود ما عرف بالأحاديث الشاذة، وتضارب الأحاديث في الموضوع الواحد، مع قوة السند المفترضة، تسقط دعوى الضبط التام.
إن انتقال الحديث عبر أجيال وأزمنة طويلة، وأيضا رواية الحديث بالمعنى، يجعل الضبط التام مسألة افتراضية لا غير.
كما أن العدالة التي يفترض أن تمنع صاحبها من الكذب، فإنها في المسائل التي احتدم فيها الصراع، وسفكت فيها الدماء، قد لا تسعف صاحبها وتنجيه من الكذب على الرسول. وإذا استبعدنا كذب الصحابة، بعد انقسامهم لدعم مواقفهم ضد بعض، فلا يمكن استبعاد كذب غيرهم بأي حال من الأحوال.
فإذا استدل, من يُفترض فيهم العدالة, بالقرآن في غير محلة، والتفوا على مقاصده، وعطلوا محكمه بالمغالطة تارة ليعطوا لأنفسهم مكانة دينية زائفة، وتارة أخرى بدعوى النسخ لإباحة العدوان الذي حرمه القران، فلا يُستبعد إطلاقا أن يكذبوا على النبي، وأن يزين لهم الشيطان عملهم بدعوى نصرة الدين.
عندما يتعلق الأمر بأصل في الإسلام لا تهمنا دعوى عدالة أحد، فعدالته لنفسه، وحسن الضن به واستبعاد أن يكذب هو بلاهة. ولا يمكن إسلام الدين لشخص مهما على كعبه عند البعض، بل إن المدح الكثير وذكر المناقب وإعلاء الشخص إلى مرتبه تصوره وكأنه فوق البشر هو أساسا لتمرير أقواله وتحريفاته والقبول عنه مغمضي العينين.

شروط قبول الحديث
لا بد من التشدد في قبول الحديث، وعدم التساهل، والتساهل سيعرض الإسلام لخطر التحريف، ويُدخل فيه ماليس منه. إن التساهل يعني وضع الإسلام تحت رحمة فرد. ويمكن لفرد أن يضع في الإسلام أصلا ليس منه. ويمكن أن يصبح الحديث أداة ضد الخصوم سياسيا وفكريا. وعن طريقه يمكن أن يلصق شخص أفكاره بالدين.
من غير المعقول أن يكون السند هو ضابط القبول. وحتى لا يكون الإسلام تحت تصرف فرد يجب العمل بضوابط للمتن قبل السند، غير الشذوذ والعلة التي قالوا بهما، لأن القول بهما جاء لحل إشكاليات في الحديث لا وضع ضوابط له.
السند محاولة للاطمئنان لا طريقة للتوثيق. وتوفر شروط في السند شرط لازم، وليس شرطا كافيا لقبول الحديث. فلا بد أن تتوفر أقسى الشروط في المتن نفسه. وأن يُنظر للمتن قبل النظر للسند. لا قيمة للسند إلا بصحة المتن، إذا صح، جاء السند المشروط ليكون ركيزة القبول والطمأنينة. إذا توفرت شروط القبول متنا وسندا، يصبح الحديث مقبولا، ولا ينبغي أن يطلق عليه حديثا صحيحا، فمصطلح صحيح غير صحيح، وقد أطلق للمغالطة والتضليل للإيحاءأن النبي قاله فعلا أو فعل ما نسب إليه.

والتالي بعض الضوابط المطلوبة في المتن.
(1) ألا يضع الحديث أصلا في الدين. لأن الرسول مهمته البلاغ والبيان، لا وضع أصول جوهرية في الدين. وهذا من محكمات الدين.
(2) ألا يخالف كليات الدين وروحه وجوهره. فللدين جوهر يُعرف به من محكماته وكلياته، كالوحدانية، والأخلاق، والعدل.
(3) ألا يخالف البديهيات العقلية والحقائق العلمية. فالدين نزل ليعيد للعقل اعتباره، لا ليلغي العقل.
(4) ألا يخالف الواقع الإنساني والتاريخي. مثل حديث (لا تجتمع أمتي على ضلالة) الذي يوحي ظاهره بعصمة الجماعة. والواقع يدل ألا عصمة للفرد ولا للجماعة، وإلا ما اخطأ الرسول ومعه الصحابة في أكثر من مناسبة. فالجماعة يمكن أن تخطئ. وفي غير عصر الرسالة يمكن أن ترتكب كوارث وآثاما.
(5) ألا يحتوي مفهوما نشأ لاحقا.
(6) ألا يكون خطابا لأناس لم يولدوا بعد، وألا يضع تشريعا للمستقبل.
(7) ألا يكون أسلوبه ركيكا، أو لا يناسب عصر النبوة.

أي حديث يخالف الضوابط أعلاه فهو إما مختلق، أو أن هناك خطأ في النقل، أو إغفال مناسبة الحديث التي تبين مقصده. وإغفال مناسبة الحديث ينتج كثيرا من سوء الفهم، والإشكال.
صحة المتن لا تعني أن النبي قال أو فعل أو أقر ما نسب إليه من ذلك. صحة المتن تعني صحة المعنى. فلا يخالف القران ولا جوهر الإسلام ولا العقل ولا الواقع التاريخي وألا يضع أصلا في الدين لأن الحديث تابع للقران. ولذلك فصحة المتن شرط أولي لقبول الحديث، إن توفرت، يُنظر إلى شروط القبول في السند، إن توفرت قبل الحديث. وإن لم يصح معنى المتن فلا قيمة للسند.

مجال العمل بالحديث
يمكن العمل بالحديث إذا كان في فروع العبادات، أو بيان مكمل لثوابت المحرمات التي جاء بها القران (كمحرمات الزواج والأكل). أما إذا كان في مسائل الجنايات والمعاملات الجزئية التي كانت أحكامها استجابة لظروف العصر المتغيرة بطبيعتها، فهو لزمانه، ويمكن الاستئناس به. وتطبيقها بعد تغير الظروف سيوقع الظلم والمضرة.
لأن الأحاديث الواردة في فروع العبادات، والمكملة لثوابت المحرمات، لا توجد فيها مصلحة أيدلوجية ظاهرة لأحد، لذلك يستبعد الكذب فيها، أو يقل احتماله. ولكن لايستبعد الخطأ إطلاقا، كما أنه لا مجال في فروع العبادات للقول بالعقل، ولذلك لا بأس من العمل بالحديث، لأنه في الفروع لا الأصول، والخطأ هنا لا يضر الدين، ولن يغير طبيعته، ولن يضر بالناس. فلا تمس سنن الصلاة والوضوء، مثلا، جوهر الدين. وبالتالي فالعمل بالحديث هنا لا يمثل أي إشكالية.
ومن الحديث ما هو حكمه تقره العقول، ومنه ما هو تفسير لمراد القران وهو قليل نادر، لتصحيح سوء فهم لغوي لدى البعض. ومنه ما هو مؤكد لصريح القران أو مضمونه. وهذا النوع من الحديث لا إشكال فيه أيضا.

الخلاصة:
يختلف الحديث باختلاف موضوعه، منه ما جاء في فروع العبادات، ومنه ما جاء في علاقة الفرد بنفسه، ومنه ما جاء في فروع المعاملات والجنايات، ومنه ما جاء في مكارم الأخلاق، ومنه ما جاء في الآداب الفردية والاجتماعية. ولأن العبادات توقيفية ولا يحكمها العقل فيمكن العمل بالحديث المقبول فيها. أما المعاملات والجنايات فإن ما نزل فيها كان انعكاسا لعصره، وتنزيلا لمبادئ الإسلام الكلية حسب ظروف العصر وإلى المدى الذي يتحمله منها ويمكن تطبيقه فيها. وهي خطاب للصحابة كمجتمع سياسي له شأنه العام بمسائلة ومشاكله القائمة وقتها التي تتطلب حلولا تشريعية وقضائية وقرارات عامة. أما العبادات ومكارم الأخلاق فالخطاب فيها للمسلمين كافة في كل زمان ومكان لأن طبيعتها غير الزمنية تقتضي أن يكون الخطاب كذلك. أما الآداب الاجتماعية فبحسب كل أدب منها، ويُنظر هل هو ألصق بالواقع والزمن أم لا.
ما يهم من الحديث هو ما جاء في العبادات, لأن العبادة مصدرها الوحي, والرسول فيها متبع ولا ميزة له على غيره. واحتمال الكذب قليل في فروع العبادات. كما أن الخطأ فيها لا مضرة منه على الدين ولا مشقة على الإنسان. أما الحديث في المعاملات فمصدره النبي لا الوحي, وجاء استجابة لظروف عصره. وارتفاع الظروف يلغي العمل به حتى بالنسبة للصحابة أنفسهم.



#انور_سلطان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نقد الشافعي, الحلقة (29 / 29): الحديث ومدى حجيته الجزء 6
- نقد الشافعي, الحلقة (27 / 29): الحديث ومدى حجيته الجزء 4
- نقد الشافعي, الحلقة (26 / 29): الحديث ومدى حجيته الجزء 3
- نقد الشافعي, الحلقة (25 / 29): الحديث ومدى حجيته الجزء 2
- نقد الشافعي, الحلقة (24 / 29): الحديث ومدى حجيته الجزء 1
- نقد الشافعي, الحلقة (23 / 29): دعوى الاجماع الجزء 4
- نقد الشافعي, الحلقة (22 / 29): دعوى الاجماع الجزء 3
- نقد الشافعي, الحلقة (21 / 29): دعوى الاجماع الجزء 2
- نقد الشافعي, الحلقة (20 / 29): دعوى الإجماع الجزء 1
- نقد الشافعي (الحلقة 19 / 29): دعوى القياس الجزء 5
- نقد الشافعي, الحلقة (18 / 29): دعوى القياس الجزء 4
- نقد الشافعي, الحلقة (17 / 29): دعوى القياس الجزء 3
- نقد الشافعي, الحلقة (16 / 29): دعوى القياس الجزء 2
- نقد الشافعي, الحلقة (15 / 29): دعوى القياس الجزء 1
- نقد الشافعي, الحلقة (14 / 29): دعوى الإجتهاد الجزء 5
- نقد الشافعي, الحلقة (13 / 29): دعوى الإجتهاد الجزء 4
- نقد الشافعي, الحلقة (12 / 29): دعوى الإجتهاد الجزء 3
- نقد الشافعي, الحلقة (11 / 29): دعوى الاجتهاد الجزء 2
- نقد الشافعي, الحلقة (10 / 29): دعوى الاجتهاد الجزء 1
- نقد الشافعي, الحلقة (9 / 29): دعوى شمول الشريعة الجزء 7


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
- المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس ...
- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...
- الأرجنتين تطلب توقيف وزير الداخلية الإيراني بتهمة ضلوعه بتفج ...
- هل أصبحت أميركا أكثر علمانية؟
- اتفرج الآن على حزورة مع الأمورة…استقبل تردد قناة طيور الجنة ...
- خلال اتصال مع نائبة بايدن.. الرئيس الإسرائيلي يشدد على معارض ...
- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - انور سلطان - نقد الشافعي, الحلقة (28 / 29): الحديث ومدى حجيته الجزء 5