أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي المدن - الجديد القديم في السياسة العراقية وأزماتها














المزيد.....

الجديد القديم في السياسة العراقية وأزماتها


علي المدن

الحوار المتمدن-العدد: 5224 - 2016 / 7 / 15 - 16:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لماذا حدثت ثورة 14 تموز؟ بقدر ما يبدو هذا السؤال محيّراً فإنه يوضح أيضاً أن الحياة السياسية الليبرالية لا تكفي واحدها لحماية الأنظمة من الثورات. من الممكن أن يضجر الناس من لعبة الديمقراطية حين تتراءى لهم أنها مجرد تنافس حزبي على المناصب والامتيازات لا علاقة له بتحسين وضعهم الاقتصادي والصحي والتعليمي ... إلخ. الناس تعلمت أن تقرن السلطة بالهيبة والحزم، ولك أن تتخيل المزاج الشعبي العام حين تكون الدولة ضعيفة والملك الطيب عاجزاً عن تنفيذ الاصلاحات. قد يذهب الملك النبيل ضحيةً لسياسات وزرائه الخرقاء. فإذا أضفنا لتلك السياسات معارضين من ألوان عدّة، وأغراض متناقضة، يألّبون الناس ضد الحكم القائم، فإن لحظة الانفجار ستكون متوقعة في كل آن. وهذا هو تحديداً ما كان عليه الوضع ساعة قيام انقلاب 14 تموز.
قرأت يوماً كتاباً يشبه المذكرات السياسية لرجل دين معارض للحكمين الملكي والقاسمي. كان الرجل مبالغاً في تقدير حجمه ودوره، يخلط في روايته بين ذكرياته التاريخية وتحليله للأحداث، ويظهر سطحياً في أفكاره بالرغم من ادعاءاته بتقديم النصائح الجليلة والحلول الذكية - التي فيها دواء كل داء - للمسؤولين الذي التقاهم. الشيء الوحيد الذي يمكن أن يستفيده القارئ من كتابه المذكور هو فهم عقلية هذا "المعارض" الذي كان جزءا من الواقع السياسي والاجتماعي لبلدنا.
- كان يفسّر جميع قرارات الحكومة على أنها جزء من مؤامرة غربية هدفها تحطيم الإسلام والقضاء عليه.
- كان يرى في كل مظاهر الحياة المعاصرة، لاسيّما ظاهرة الحريات الاجتماعية العامة، شكلأ من أشكال السقوط والمجون والانحلال والدعارة الأخلاقية (الاحتفالات الجديدة دعارة، الاختلاط دعارة، السفور دعارة، خروج المرأة (ولو كان للتظاهر) دعارة .. إلخ).
- كان ساعةً مقتنعاً بأن السياسة تلوث سمعة رجال الدين فيجب تجنبها، وساعةً أخرى بأنها ضرورية، وأن رجال الدين على أتم الاستعداد للتعاون من أجل الارتقاء بها.
- كان حانقاً على الحكومة لأنها مقصّرة في ترميم قبر هنا، أو عمارة مسجد هناك ... وجُلّ اهتمامه أن تحظى مدينته المقدسة بحصة أكبر من مشاريع الحكومة.
- كانت يوتوبيا الدولة الفاضلة تلهمه أغرب الاقتراحات (مثلاً: إلغاء الحدود بين البلدان الإسلامية، منح العرب وكل من يستوطن العراق من الهند وباكستان وغيرهم قطعة من أرض العراق ... إلخ)، وتثير سخطه على أغلب القوانين الحديثة حتى ولو كانت بمواصفات مثالية (مثلاً: اعتبار القروض البنكية، الآجلة التسديد بفائدة لا تزيد عن واحد ونصف بالمئة، مخالفة للشرع؛ لأنها "ربا"، وأن الواجب اعتبارها إعانات اجتماعية ... إلخ).
- كان التعليم الحديث يقضّ مضجه، لم يألفه لا أسلوباً ولا مضموناً ولا أهدافاً، وكان كل همّه أن يكون الدين كما يتصوره هو (بما يتضمن من جدل طائفي حول الأشخاص والمعتقدات والمذاهب) جزءاً لا يتجزّء من التعليم.
كانت أفكاره تلك (وما عرضته هنا مجرد عينة صغيرة) مثار شفقة المسؤولين الذين يجتمع بهم، فيلوذ بعضهم بالصمت، والبعض الآخر بالتبسّم، في حين لا يخفي البعض الثالث استنكاره لها. ولكنها شفقة تثير الرعب حين تكتسب زخماً اجتماعياً، حين تتحول أفقاً فكرياً للمعارضة.
وهكذا يكون الواقع السياسي المحبط والأداء الحكومي الفاشل من جهة، والتحريض الإيديولوجي اليوتيوبي من جهة أخرى، حافزاً للتغيير الدموي.
وكلما تأملت الواقع العراقي الجديد وجدته يشبه إلى حد كبير الواقع القديم، ولكن ما زاد الوضع الجديد التباساً هو نقطتين:
- إمساك الإيديولوجيات اليوتيوبية بزمام الحكم، فعاد خطاب المعارضة والحكومة من الصنف ذاته.
- تفتت الهيكلية العسكرية بما يفقدها القدرة على الانقلاب.
والسؤال هنا هو: ما هو المخرج من هذه الدوامة؟
في تقديري أن هذا الوضع يتطلب معالجة عقليتين تسهمان في إدامته:
- معالجة العقلية الدينية، بأن تفصل بين ما هو ديني وما هو سياسي. فتمنع توظيف الأول في الثاني وخلطه به.
- معالجة العقلية الاجتماعية السياسية، بأن تنظر للسياسة كذروة سيادية للأمة على نفسها، تمارسها عبر آراء الأغلبية السياسية، فتسن قوانينها وتمنحها الشرعية من خلاله فقط، وتتحمل تبعات اختياراتها بمسؤولية.



#علي_المدن (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العهدان الملكي والقاسمي والعقل السياسي الشيعي
- للمنددين بالمظاهرات
- ويلفرد مادلونگ ونقص الترجمة في حقل الدراسات الشيعية
- هل نحن ناضجون؟
- كيف ندافع بنحو صحيح عن التفلسف الخلَّاق ؟
- هل كان الصدر سياسيا فاشلا؟
- مهنة الفيلسوف
- أحوال ملوك التتار المغول
- لماذا استهداف مساجد الشيعة؟
- الأنموذج الملهم بفعل الخير
- العرب على مفترق طرق اللاهوت
- البصرة والخليج الداعشي
- السلم أولاً
- المغمور من تراث الصدر الفقهي والأصولي .. جذاذات أبحاث منتظرة
- ما يشبه بيانات القمة
- مأزق الإله الرسالي
- المسألة الدينية ومحطات الوعي الثلاث في الثقافة العراقية
- إدارة التوحش
- ما يستفزني
- بؤس الوجود الرمزي للمثقف


المزيد.....




- إدانات دولية لقصف مستشفى ناصر في غزة وإسرائيل -تأسف للحادث ا ...
- الشرطة الألمانية تبحث عن شاب طعن أمريكيا بعد دفاعه عن نساء ف ...
- عائلة أسير إسرائيلي بغزة تنشر صورا للحظات أسره
- إعلام إسرائيلي: نتنياهو يبحث تجاوز زامير لدعمه صفقة بشأن غزة ...
- ترامب يحذر من -عواقب كبيرة- إذا لم يلتق بوتين وزيلينسكي
- إسرائيل تتحدث عن تنسيق مع القاهرة بشأن القوات المصرية في سين ...
- لهذه الأسباب تخاف إيران من -ممر ترامب- وستتحرك بقوة
- -مسار الأحداث- يناقش أسباب مضي إسرائيل في قتل صحفيي غزة
- ترامب يكشف عما قاله لنتنياهو بشأن -نهاية حرب غزة-
- أين تذهب بطاريات السيارات الكهربائية؟


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي المدن - الجديد القديم في السياسة العراقية وأزماتها