أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - أسئلة الانتقال السياسي في سورية















المزيد.....

أسئلة الانتقال السياسي في سورية


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 5218 - 2016 / 7 / 9 - 20:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أسئلة الانتقال السياسي في سورية
يشير إيغال سلطة الاستبداد في الحل الأمني إلى أنّ الانتقال السياسي أضحى حاجة ملحة لسورية، لذلك من المهم محاولة رؤية محتوى ومضامين ومستويات هذا الانتقال وصوغ أسئلته.
فقد عقد الشعب السوري العزم على أن يخرج من حياة العبودية‏،‏ التي تخبط في أوحالها وظلماتها أكثر من 40 سنة‏،‏ ويعود حراً كما ولدته أمهاته‏.‏ فما الذي ينبغي تغييره ؟ وما الذي ينبغي الإبقاء عليه ؟ وكيف نضمن التطورات المستقبلية ؟ وماذا نفعل بالثقافة السلطوية القديمة ؟ وهل التغيير يحدث من تلقاء نفسه أم لابد من إدارته ؟ وما هي الفترة التي ستستغرقها عملية التحول ؟ وهل يمكن لثقافة بكاملها أن تتغير لتحل محلها ثقافة أخرى ؟
والسؤال الرئيسي هو: كيف يمكن أن يتحقق الانتقال من الاستبداد إلى الديمقراطية في سورية ؟ أي كيف يتم تفكيك النظام الشمولي والدولة الأمنية ؟ وكيف يعاد إنتاج النظام السياسي على نحو يؤسس لديمقراطية تشكل أساساً للتغيير بكل مستوياته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، بما يفرضه ذلك من إعادة بناء الدولة السورية الحديثة ؟
لاشك أنّ تحديد الأولويات ومراجعة الأهداف المزمع تحقيقها ضرورة ملحة في سورية، ليتم التركيز على متطلبات تكريس القواعد الديمقراطية وبناء المؤسسات الدستورية ومعالجة المشاكل المعيشية وتحديث الهياكل والبنى الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتحقيق التنمية والارتقاء بمستويات القدرات السورية.
إنّ للحالة السورية الراهنة أسبابها العميقة: تفاقم غير مسبوق للفقر والبطالة وفشل السياسات التنموية والخدمات، ونظام الامتيازات الاجتماعية والفساد الإكراهي الذي تديره الأجهزة الأمنية بصورة خاصة.
وهكذا تجمعت لدى أغلبية الشعب السوري مؤشرات تظهر أنّ هذا النظام بات محنّطاً وعصيّاً على الإصلاح، لأسباب عديدة منها الخلل العميق في تركيبته الداخلية نفسها، وطريقة فهمه لدوره وموقعه من الدولة السورية، ولطبيعة الهياكل التي أنشأها انسجاماً مع تلك التركيبة وهذا الفهم. فقد ثار السوريون في وجه الدولة الأمنية التي استبدّت في كل مجالات عيشهم، وقرروا أنه لا بد من التغيير على كل المستويات الوطنية، في ظل علاقة قائمة على القناعة والثقة والتفاعل الحر، علاقة مقننة في إطار عقد اجتماعي جديد يوفر الشفافية والمؤسسية والقانون.
إنّ سورية أحوج ما تكون إلى الدولة الديمقراطية القادرة والعادلة والفاعلة، دولة الحق والقانون والمؤسسات الدستورية والتنمية الشاملة المستدامة، حقوق المواطنين فيها هي واجبات الدولة، بما هي دولة الكل الاجتماعي. هي دولة كل مواطنيها بلا استثناء ولا تمييز، يشارك فيها الأفراد والمكوّنات الاجتماعية مشاركة فعلية من خلال المؤسسات. والحل المجدي الوحيد يكمن في قيام الدولة، التي عمادها المواطنة الكاملة القائمة على دستور عادل لا يميّز بين المواطنين على أساس ديني أو مذهبي أو قومي.
ولعل مسألة الديمقراطية هي من أهم الدروس التي يمكن أن نستخلصها، فقد أدى إضعاف دور المواطن وتقليص المشاركة الحقيقية في العملية الإنمائية إلى ضعف الإنجازات التنموية الحقيقية، إذ أنّ التقدم الشامل لا يمكن تحقيقه واستمراره في ظل غياب التغيير السياسي، والاستناد إلى قاعدة ديمقراطية أوسع وتمتع فعال بالحريات السياسية والفكرية. ولا يمكن تمثّل هذه التحولات بعمق إلا في إطار الدولة الحديثة التي تقوم على أسس ثلاثة: فصل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، ورقابة المجتمع على سلطة الدولة، وخضوع سلطة الدولة نفسها للقوانين التي تسنها.
ومن غير الممكن تصور سورية لكل مواطنيها بمعزل عن عودة الروح إلى المجتمع المدني، وضمان مؤسساته المستقلة عن سلطة الدولة، كي يسترد المجتمع حراكه السياسي والثقافي، بما يخدم إعادة بناء الدولة السورية الحديثة. إنّ الدولة التي لا تستمد مشروعيتها من مجتمهعا المدني، وليد مفاهيم السياسة المدنية والعقد الاجتماعي، تكون هشة وضعيفة مهما ادّعت القوة.
وفي كل الأحوال، وطالما أنّ كرامة وحرية الإنسان هي التي تشكل أساس تطور أي مجتمع، فإنّ الرقابة المُمَأسسة، التي تمكّن من وضع الإنسان السوري المناسب في المكان المناسب، تشكل أحد أهم الشروط لتحقيق الانتقال من الاستبداد إلى الدولة المدنية الديمقراطية التعددية بأقل الخسائر، واستئصال شأفة العنف من العلاقات الاجتماعية والسياسية.
إنّ عملية التحوّل الديمقراطي تقتضي إعادة صياغة القيم السائدة، وتغيير أنماط السلوك من خلال مجموعة كبرى متكاملة من التحولات، من أهمها: التغيير من مناخ اليأس والقدرية إلى مناخ الثقة بالذات والقدرة على التحكم في المصير، والانتقال من القدرية التي يسيطر عليها الماضي إلى التوجهات المستقبلية. والتحدي الكبير هنا لا يقتصر على إصلاح التخريب الإنساني والوطني الذي تسبب به الاستبداد، بل يتعداه إلى ظهور الإنسان الجديد، الفرد المستقل الضمير والعقل. فما هو قادم لا يزال كبيراً، ولا يقل عن ثورة دائمة في أشكال وتعبيرات سياسية وثقافية وإنسانية مختلفة. ففي المرحلة الجديدة لن يقبل السوريون بعدم المشاركة في صياغة مستقبلهم، بل سيتصرفون انطلاقاً من حقهم الطبيعي في الكرامة والعدالة والمساواة التامة في وطنهم. وهذا سيعني اعتبار الوطن ملكاً لجميع مكوّناته وليس لفرد أو حزب أو أقلية.
وفي سياق الثورة السورية من أجل التغيير فإنّ القوى الحقيقية، التي نزلت إلى الشارع وقدمت الشهداء من أجل الحرية وإعادة الكرامة للشعب، بلغت بسقف مطالبها ضمان الانتقال من الاستبداد إلى الديمقراطية، مع المطالبة بمحاكمة رأس السلطة ومسؤولي الأجهزة الأمنية وقادة الشبيحة. وهي تتبنى، بشكل واضح، تصوراً مستقبلياً لسورية: ديمقراطية، مدنية، دولة كل مواطنيها، ودولة قانون وحريات عامة وفردية تنبذ العنف والطائفية.
وتبقى أسئلة المرحلة هي: هل يكون النظام الانتقالي مفتاحاً لتوافق سوري عام على محتوى التغيير المقبل، وفسحة لانتقال سلمي وهادئ نحو نظام جديد في سورية ؟ مع إعلان فوري لوقفٍ تام لاستخدام السلاح والشبيحة ومنع الاعتقال، وإطلاق سراح جميع معتقلي الرأي والضمير، وإعلان عفو عام عن جميع المحكومين السياسيين والمبعدين خارج البلاد وعودتهم دون قيد أو شرط، مع الدعوة إلى مؤتمر وطني عام تشارك فيه كل المكونات الوطنية الناشطة والفاعلة تحت إشراف نزيه، تنتج عنه حكومة انتقالية مكونة من كفاءات وطنية مستقلة، تعمل على متابعة وضمان الانتقال السلمي للسلطة، وصياغة دستور جديد يؤسس لدولة مدنية مبنية على الحرية والعدالة والديمقراطية تُتداول فيها السلطة سلماً، ويؤصل لإصدار قانون للأحزاب السياسية يؤسس لحركة سياسية مدنية ديمقراطية تداولية، وانتخابات برلمانية حرة ؟
إنّ الإجاب بحاجة إلى كثير من التمعن والترقب لما ستحمله الأيام القادمة، كما أنّ تماسك أهل النظام لا يعني بالضرورة تجانس مكوناته، فالمستجد الذي أفرزه الحراك الثوري استطاع خلخلته، وهو ما سيفرض التغيير ورحيل سلطة الاستبداد.

غازي عينتاب في 9/7/2016 الدكتور عبدالله تركماني
باحث في مركز حرمون للدراسات المعاصرة



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحديات العدالة الانتقالية في سورية المستقبل
- جنيف 3 وحديث - الثوابت - في زمن المتغيّرات
- خمس سنوات على الثورة السورية: وقفة تقويمية (3 - 3)
- خمس سنوات على الثورة السورية: وقفة تقويمية (2 - 3)
- خمس سنوات على الثورة السورية: وقفة تقويمية (1 - 3)
- محددات العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية في تونس
- الأساس الثقافي للمحنة السورية الراهنة
- مرتكزات المبادئ فوق الدستورية
- الطائفية السياسية وسيرورة الدولة السورية
- جدل التنمية والديمقراطية ومؤشرات التعثّر المغاربي (2 - 2)
- جدل التنمية والديمقراطية ومؤشرات التعثّر المغاربي (1 - 2)
- فرص وتحديات اندماج اللاجئين المغاربيين في أوروبا
- فرص وتحديات اندماج اللاجئين المغاربيين في أوروبا (2 - 3)
- فرص وتحديات اندماج اللاجئين المغاربيين في أوروبا (1 - 3)
- كي لا تكون الفيدرالية مقدمة لتقسيم سورية
- مخاطر صك الانتداب الروسي على سورية
- مقاربة للثورة السورية في ذكراها الخامسة
- الحضور المميز للنساء في الثورة السورية
- مآلات الدولة والمجتمع في سورية
- التداخلات الإقليمية والدولية وآفاق حل المسألة السورية


المزيد.....




- ممثلة أميركية تتألق في البندقية بفستان من إيلي صعب عمره أكثر ...
- إيران تكشف تفاصيل عن ضربة إسرائيل على سجن إيفين
- لماذا ترغب بريطانيا في شراء مقاتلات F-35A؟
- قاعدة العديد في قطر والإنذار الأخير.. خفايا الليلة التي عبرت ...
- هجوم روسيا الصيفي في أوكرانيا يترنّح: زخم ميداني دون مكاسب ا ...
- ترامب: -لن نتسامح- مع مواصلة محاكمة نتنياهو بتهم فساد
- لماذا تشعر بالتعب وقد نمت 8 ساعات؟
- ضحيتها السائقون والمستخدمون.. -أوبر- اعتمدت على سياسة مشبوهة ...
- مستوطنون يقتحمون الأقصى وشرطة الاحتلال تقتحم سلوان
- مصدر قضائي: 71 قتيلا في الهجوم الإسرائيلي على سجن إيفين بطهر ...


المزيد.....

- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - أسئلة الانتقال السياسي في سورية