أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رحمن خضير عباس - الفتنة... ملاحظات عابرة















المزيد.....

الفتنة... ملاحظات عابرة


رحمن خضير عباس

الحوار المتمدن-العدد: 5201 - 2016 / 6 / 22 - 16:07
المحور: الادب والفن
    


رواية الفتنة


ملاحظات عابرة
رحمن خضير عباس
رواية الفتنة تطل على واقع مابعد الغزو، وسقوط النظام الديكتاتوري وتشكيل مجلس الحكم. وهي ترصد السنوات الثلاث الاولى التي اعقبت السقوط. اي من 2003 الى 2006. ولعل الملاحظات التي ختم بها روايته. تكشف عن اهداف الكاتب التي جعلته يتناول هذه المرحلة لاحداث استقاها من شهود عيان ، مازال البعض منهم يحتل مراكز مرموقة في هيكل الحكم الجديد. كما اعتمد على تأمله ومراقبته للعمل السياسي ما بعد السقوط. وهو لايخفي تبرمه وسخطه على المعارضة التي تسلمت الحكم من يد بريمر بقوله
" الذين حكموا العراق بعد 2003. هؤلاء لايستحقون وصفهم بمعارضين لنظام البعث، ولايستحقون أنْ يحكموا أحدا. التأريخ سيسجل أنه ليس هناك تجربة سياسية فاشلة بحجم فشلهم. ص364".
واعتقد بان اغلب الوطنيين يمتلكون شعورا مشابها لكنعان مكية. فقد اعتقد الغالبية منهم بان الاخطاء والقسوة والجبروت وإلغاء الآخر والذي ساد في مرحلة القبضة الحديدية لشخص صدام حسين. قد اوجدت الاعتقاد بان مرحلة ابعث هي أسوأ المراحل التي شهدها العراق. وبان مجيء الشيطان الى الحكم هو افضل من تلك المرحلة المشحونة بالالم والخيبة والقسوة. ولكن المعارضة التي استلمت الحكم. جعلت عددا غير قليل من ضحايا النظام السابق يترحمون على الامن النسبي وقوة الدولة الذي كان سائدا قبل السقوط.
ورغم إزدحام الرواية بالاحداث الا ان ثيمتها الرئيسية التي اخذت حيزا كبيرا منها هي الاغتيال. سواء كان اعدام الطاغية الذي تم بشكل اقرب الى الاغتيال منه الى تطبيق القانون. وقد اشار في وصفه الحدث وكيف ان المحكوم بالاعدام تمت تصفيته على عجل، يتنافى وروح القانون الذي يمنع الاعدام في الاعياد الدينية. اضافة الىالى عدم صلاحية الجو العام للحظة الاعدام الذي تم وكأنه عملية ثأرية اكثر من كونه تاكيد الحق وسيادة العدل، من حيث عدم صلاحية العتلة التي تربط الحبل المعد للاعدام ،وعدم صلاحية المنصة التي يقف عليها المشنوق و عدم انتظاره حتى اكماله الشهادة. إضافة الى الفوضى وتعالي الشعارات المذهبية التي رافقت عملية الاعدام
"ومع ذلك كادت تفوتني. سمعت صرير الباب وهو ينفتح قبل أن يكمل المشنوق صلواته. "

كما افصح الكاتب، ولكن على لسان الدكتاتورقبيل إعدامه. بان القضية التي حكم عليها بالاعدام وهي قضية الدجيل هي من أضعف القضايا بإعتبارها كانت رد فعل السلطة إزاء عملية اغتيال لشخصية رئيس الجمهورية.
من ناحية اخرى فلاول مرة نجد كنعان مكية محايدا في كتاباته إزاء خصمه السياسي اللدود واعني صدام حسين .ولست أميل الى الاعتقاد الذي وصف الكاتب بانه يعتذر عن مواقفه السابقة. بل أنه موقف أخلاقي للكاتب الذي كان يأمل بشيوع العدل وثقافة القيم الانسانية العليا التي تقتضي منح المحكوم كامل حقوقه التي ينص عليها القانون. ورغم ان المحكوم صدام قد إقترف أبشع اعمال القتل والتعذيب بحق خصومه ومنافسيه وحتى من رفاق أمسه الذين عدمهم بعد أن أذلهم وعذبهم. ولكن الحكام الجدد لم يرتقوا في سلوكهم، بل وقعوا في نفس أوحال خصمهم. كما ان سلوكهم الثأري والساذج، حوّل صدام من مجرد دكتاتور لايرف له جفن في الفتك بمعارضيه الى ضحية.
ولم يكتف بذلك فقد تجول في أعماق شخصية صدام قبيل إعدامه. وكيف كان ينظر الى الحكم والحياة. من خلال الحوار المفترض قبيل الاعدام والذي جعل من الرجل يظهر اشياء كثيرة. وكأنها إعترافات ماقبل الموت. وأعتقد بان مكية وبنبل يُحسد عليه قد أنصف خصمه في مماته بعد ان كان يهاجمه وينتقده في حياته.
أما الحدث الاخر الذي بقيت الرواية تدور حوله ، فهو اغتيال عبد المجيد الخوئي. والتي افاض فيها الكاتب في اغلب فصول الرواية. ولكنه كان يقدم الحدث الى القاريء على هيئة جرعات صغيرة. ولكن القاريء حينما يحاول ان يكمل أجزاء الصورة يتضح ان القتلة معروفون. وقد طوي التحقيق لاسباب او جمد لان اصابع الاتهام قد أشارت الى احد مراكز القوى. والذي كان ينحدر من احد العوائل والمراجع الدينية المعروفة.
ان مقتل الخوئي الذي تمً بشكل بربري ووحشي كما ذكرته الرواية. يفضح الصراع بين المرجعيات الوراثية على المال والجاه والسلطة. ولكن الذي ركزعليه هو ان عبد المجيد الخوئي قد قُتل مرتين : الاولى حينما مزقته سكاكين القتلة بحجة العمالة والخيانة والتي وجهت اليه وهو في منطقة الصحن الشريف. والثانية. حينما تم اغلاق الملف نهائيا.
لقد استطاع الكاتب ان يؤرخ تلك الفترة والتي تشكل النواة لتشرذم النسيج الاجتماعي وتحوله الى خنادق مذهبية. وتشظي المذاهب الى كيانات وعصائب واحزاب اصبح عديدها حسب الرواية يربو على المائتين. كما ان هذه المرحلة شكلت الموت السريري للدولة بجيشها وشرطتها ووجودها. كما سجلت اعنف انواع القتل على الهوية كما شهدت قيام الفصل والعزل المذهبي وتحويل مدينة بغداد الى كانتونات متوجسة من بعضها .
لقد كان البطل الرئيسي للرواية ، شاب يافع يرى بام عينيه مقتل الخوئي. ولكن عمه المساعد للسيد يصبح مصدرا لمعلوماته المشوشة عن حقيقة الجريمة والتي يتوصل الى جمع خيوطها من مصادر اخرى. وعن طريق هذا الشخص. نستشف مدى الخواء الفكري والمعرفي لشرائح من الشباب، تقاتل وتستشهد وتؤيد وتثق بقياداتها دون تمعن في مدى أهلية هذا القيادة. ودون مراجعة العقل عن الخطأ والصواب في ممارسات سياسية شرسة ، تعلن وصيتها على مذهب ديني ، ودعوتها الى الدفاع عنه بشكل عنفي .
واذا استثنينا الساعات التي سبقت عملية إعدام صدام حسين. فان أغلب الاحداث قد استلها الكاتب من ارشيف الوضع العراقي ومن شهادات واحاديث متفرقة لبعض الناس الذين شكر بعضهم لتزويده بالمعلومات، لذا فان الرواية قد فقدت هويتها ، فليست هي بالرواية الوثائقية لانها اعتمدت على الوثيقة ولكنها لم تلتزم بإيرادها كما هي ، بل حاول الكاتب ان يتصرف بها ويفرغها من مضمونها الوثائقي. ولا هي بالرواية الفنية ، لانها افتقدت الى الصياغة الروائية التي تجعل من حدث ما خميرتها والذي تتمثله ومن ثمة تفرزه برؤى فنية معتمدة على جماليات هذا الفن وقواعد الحبكة القصصية والصراع والتشنجات والتوترات التي تعتري الاحداث.
لكن رواية الفتنة كانت غير قادرة على اقناعنا بأنها تنتمي الى الجنس الروائي لعدم توفر الجوانب الجمالية في فن السرد.
يشكل الكاتب كنعان مكية ثقلا نوعيا في تصدية لنظام البعث. وقد كان من المؤثرين في فضح ممارسات النظام القمعية. كما ساهم باقناع العالم الغربي. بان نظام صدام يجب ان يسقط. وكان يعتقد –كما ظن الكثير من العراقيين في الشتات- بان العراق سيصبح بعد السقوط نموذجا للديمقراطية في المنطقة كلها. وسيصبح بلدا مستقرا وسيزدهر. وذلك لتوفر مقومات التقدم ومنها الكادر البشري والثروة النفطية. ولكن هذه التصورات الساذجة. سرعان ماتبخرت بعد ان اصبح البلد عاريا من قدراتها وفارغا من القيادة الوطنية البديلة ، لذا فقد سارعت الاحزاب الدينية ومنها حزب الدعوة والمجلس الاعلى لملئ هذا الفراغ واستلام السلطة على طبق من ذهب. وبدلا من ان تقود البلد بكيفية تتلائم مع مفهوم العدالة. اتخذوا من الاستئثار بالسلطة وتشتيت الاقتصاد وشيوع الفساد والسرقة العلنية منها والسرية. لذا فقد سقطت هذه الاحزاب في إمتحان الوطنية.
هذا ماتستشفه من الرواية. وكأنها تمثل البيان السياسي لرجل جعل من العراق قضيته الاساسية ولكنه راى كغيره من الوطنيين بان الوطن قط اصبح في ظل الوضع الجديد على شفا الهاوية.
لقد كتب كنعان مكية روايته هذه تحت اسم. ( the rope) ولا أدري لم أصبحت في العربية الفتنة. هل كان كنعان مكية مقتنعا بهذه التسمية ام أنه إجتهاد من المترجم. وهل ان مفردة الفتنة اكثر تأثيرا من مفردة الحبل ؟
وكان الاولى به ان يبقي على ذات العنوان. أما من ناحية الترجمة فلم تكن بمستويات فنية سامية لطبيعة اللغة والعبارات التقريرية، وكثرة الاخطاء المطبعية .
واعتقد بان مكية قد كتبها للقاريء الاجنبي. لان الاحداث التي ذكرها معروفة على الاقل لجيلنا.وليس هنالك اشياء جديدة، ومع ذلك فإن الكتاب كان جريئا في الطرح ،باحثا عن الحقيقة. وفي النهاية فهي شهادة لشخص يُدرك أهمية مايقول.



#رحمن_خضير_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيلفي ..ناصر القصبي
- خطوات متعثرة في أزقة مألوفة
- بستان الليل
- العصيان البرلماني
- تكنوقراط المالكي
- مقداد مسعود..والبحث عن كائن لغوي..في (هدوء الفضة )
- متحف منتصف الليل.. وإشكالية الفعل الإنساني
- أضواء على فيلم جاري الإتصال
- فقاعة ساحة التحرير أم فقاعة سعدي يوسف
- إبراهيم الجعفري بين زيارتين
- مخيم المواركة..واستحضار الماضي
- معركة تحرير الأرض
- حقوق الإنسان العراقي ..وفخامة الرئيس
- القناص الأمريكي.. ولعبة التشويه
- رالي باريس .. والكاريكاتير
- مجزرة شارلي إبدو
- ألمنطقة الخضراء ببغداد
- المقارنة بيني وبين خضير الخزاعي
- بؤس الأنثى وعذاباتها
- ألبوح الساخر في (قريبا سأحبك)


المزيد.....




- شاهد.. فلسطين تهزم الرواية الإسرائيلية في الجامعات الأميركية ...
- -الكتب في حياتي-.. سيرة ذاتية لرجل الكتب كولن ويلسون
- عرض فيلم -السرب- بعد سنوات من التأجيل
- السجن 20 عاما لنجم عالمي استغل الأطفال في مواد إباحية (فيديو ...
- “مواصفات الورقة الإمتحانية وكامل التفاصيل” جدول امتحانات الث ...
- الامتحانات في هذا الموعد جهز نفسك.. مواعيد امتحانات نهاية ال ...
- -زرقاء اليمامة-... تحفة أوبرالية سعودية تنير سماء الفن العرب ...
- اصدار جديد لجميل السلحوت
- من الكوميديا إلى كوكب تحكمه القردة، قائمة بأفضل الأفلام التي ...
- انهيار فنانة مصرية على الهواء بسبب عالم أزهري


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رحمن خضير عباس - الفتنة... ملاحظات عابرة