أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد بوجنال - مطاع صفدي: في حاجة العرب إلى ثقافة التنوير















المزيد.....

مطاع صفدي: في حاجة العرب إلى ثقافة التنوير


محمد بوجنال

الحوار المتمدن-العدد: 5186 - 2016 / 6 / 7 - 17:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




يرى الراحل مطاع صفدي أن ما يميز الثقافة العربية كونها ثقافة الانفصال عن الواقع، ثقافة إنشائية أكثر منها ثقافة قضايا فكرية. لذا، فهي تستدعي دوما أجوبة الآخر لحل قضاياها المجتمعية والفكرية أو قل أنها لم تكن ثقافة الذات المنتجة؛ وبمعنى آخر، فالذات العربية، في نظر مفكرنا،لم تتمكن من التعرف على ذاتها من خلال إنتاجها بقدر ما أنها حددتها من خلال إنتاج الآخر. وبالنتيجة: كلما غاب النقد الذاتي كلما تميزت الثقافة العربية بالخرافية والسطحية ومعاداة التنوير والحداثة ليصبح التغيير مجرد انتقالات بين صيغ إنشائية ولفظية تفرضها التحولات الشكلية السياسية. تباعا لذلك، يستمر العقل العربي في كونه مساحة للوعي الثقافي العقيم والجامد اللهم حصول حركات استثنائية ينتج عنها تدمير ما هو أفضل. إنها ثقافة حدد محتواها مكر الشعور واللاشعور على السواء على مستوى مجمل سلوك الجماهير العربية. ومن هنا يرى مطاع صفدي أن الثقافة المتنورة لا توجد في التكرار بقدر ما أنها تكون دوما ثقافة إنتاج الذات؛ وفي هذه الحالة ستكون لها قدرة التأسيس الإيجابي للحراك أو الثورة. لكن هذا، في نظر مطاع صفدي، هو ما لا تحبذه الثقافة المسيطرة أو قل عرقلتها العقل من معرفة ذاته والآخر في نفس الآن ليستمر الحفاظ على الثنائية العقيمة: شرق/غرب والتي لم تؤدي سوى إلى أحد الموقفين: التقليديين: إما التماهي والانمحاء في ثقافة الآخر،وإما رفضه وبالتالي الذوبان في التراث الذي هو أساسا خارج الزمن الراهن. هذا الوضع ينتج الثقافة العاجزة عن خلق شروط تأسيس العقل المتنور القادر على التخلص من المكرر والمستعار على السواء. هذا العجز، في نظر مطاع صفدي، لا يرجع فقط إلى الظروف السيئة والقهر الذي تعانيه الجماهير، بل وكذلك إلى الفعل الذاتي العاجز عن الإقرار بسلبياته وعقمه المتمثل في التمزق بين الانمحاء في الثقافة الماضية أو الغربية دون التمكن من تحديد القفزة النوعية خارج الطرفين وبالتالي ولوج مرحلة التنوير الذي هو مرحلة التجديد والتغيير.
بناء على ما سبق يطرح الراحل مطاع صفدي السؤال:" ماذا يعني التغيير بدون التنوير؟ ". لقد تشكلت الثقافة العربية باعتبارها المجال الذي يحمل الحقيقة المطلقة؛ إنها الأيديولوجيا السائدة على مستويي النظرية والممارسة اليومية؛ ثقافة منفصلة عن الواقع أو قل أنها مجرد أحكام مسبقة يتم إلصاقها مكرا بالواقع. لذا، فالثقافة لا تحمل أسئلة الواقع بقدر ما أنها تحمل الأحكام المطلقة المتمثلة في الصيغة التالية: إما الصواب أوالخطأ ( ثنائية: إما/أو ). وبذلك، فالثقافة العربية، في نظر مطاع صفدي، هي إنشاء جمل ضد إنشاء جمل أو ألفاظ ضد ألفاظ الذي معناه إلغاء وتغييب الواقع العربي وبالتالي القيام بتجهيله ودفن حقيقته. إنها الثقافة التي ترفض التنوير لترسيخ الخرافات والمعتقدات في اللاشعور الجمعي العربي والعمل على نشرها على مستوى التداول اليومي.
والبديل، في نظر مطاع صفدي، أن شرط تحقيق الثقافة العربية التغيير يكمن في التأسيس والتكوين لإرادة أخرى للتغيير وفق قواعد التنوير؛ إنه التحدي المركزي الذي تواجهه الثقافة العربية ؛ تحدي تقوده فئات مستنيرة. فبناء ثقافة التغيير يقتضي، كما يقول مطاع صفدي، بناء برنامج عمل تلتقي حوله رواد التنوير وهي الفئات الطليعية التي لا يشترط في عملها المشترك الارتباط بأحزابها وانتماءاتها الجاهزة؛ فتشبتها بحريتها هو ما يمكنها كثقافة من اكتشاف ذاتها وواقعها وذات وواقع الآخر وبالتالي صناعة تركيب جدلي متنور بين مصير هذين التاريخين: الداخلي والخارجي لأن لكل مجتمع نهجه في تنوير ذاته. إلا أن الثقافة العربية لم تهتم بأهمية التنوير إذ ما يهمها هو اليومي المكرر والمستعار وبشكل لفظي. فالتنوير وضع غريب عنها علما بأن التنوير،في نظر مفكرنا، لم يكن نتاجا للسياسة، بل هو الذي يحددها ويوجهها والمؤهل لتصحيح أنشطتها.لذا، فنحن أمام أولوية التنوير أو ما يسميه " بالتكون المختلف "؛ فلا تغيير دون تنوير ما، وإلا انقلب التغيير إلى تحول أعمى يحكمه التخلف المتراكم في اللاشعور الجمعي للجماهير " الراكدة خارج التحقيب الحضاري ".
ولا بد من الإشارة، يقول مطاع صفدي،إلى أن هناك متنورون يفتقرون إلى صفة التنوير؛ إنها الثقافة التي لا تمارس ولا تفكر بقدر ما أنها تقوم بأدوار هي في حقيقة الأمر تضليلا ثقافيا يتخذ شكل وطرح الطوباويات من فكر وأهداف معتبرة ذلك هو لغة التنوير. والتنوير نقيض الطوباوية التي نادى بها القوميون والعلمانيون واليساريون ولإسلاميون اليوم؛ فالأهداف كانت تفتقر إلى النقلة النوعية والطاقات الكفأة لتحقيقها ، فتساقطت بذلك الشعارات الواحدة تلو الأخرى؛ فالشعارات كبيرة، والخيبات،بالمثل، كبيرة وكثيرة برأي صفدي. ومن هنا مناداة أستاذنا الراحل، بضرورة الجمع بين التغيير والعقلانية إذ ليس هناك ما يمنع من ذلك وإلا لن يعتبر تنويرا؛ وهذا معناه أن التغيير يصبح ويصير إنتاجا مجتمعيا؛ وعكس ذلك،وهو ما تتبناه الثقافة اللاعقلانية، عندما يتم إقصاء الفعالية المجتمعية. هكذا، فكوارث المجتمع العربي تكمن في الثقافة الحريصة على تغييبه عن الاهتمام بقضاياه وشؤونه المصيرية حيث وصل الوضع المتردي والمأزوم ، يقول صفدي، إلى درجة انقلب فيها الجسد ضد ذاته،أو قل درجة انتقامه من " لحمه وعظمه " المتمثل في الإعدامات والاقتتال والمذابح وغيرها كثير. بهذا الانتقام من الذات، تكون الجماهير العربية قد خسرت نقلتها باتجاه اكتساب ثقافة التنوير. ومعلوم أن هذه الأخيرة، يقول مطاع صفدي، ليست تصورا مثاليا يفرض على المجتمع بواسطة أشكال سياسوية زائفة كالاختطافات أو القمع أو غيره، بل هي احتراما للذات البشرية واعترافا بحقوقها الطبيعية والمكتسبة وبالتالي دليلا قويا على مكانة السلطة المدنية وفق قاعدة المشاركة والمسئولية أو قل المتابعة، وبمسئولية، لأنشطة أجهزة الحكم والدولة. هكذا، فالثقافة التنويرية، كما يرى الراحل مطاع صفدي، لم يعد عملها مقتصرا على العلاقة اللفظية بين الإنسان واللاهوت، بقدر ما أن اهتمامها يصبح منصبا على تحرير الإنسان والعقل العربي. لقد ردد الراحل كثيرا فكرة أن الثقافة العربية ما زالت لم تتمكن من ردم الهوة بينها وبين عصر التنوير ليستمر ضياعها في الإغراق والانتشاء بوهم الثنائيات:الذات/الآخر ،الشرق/الغرب ،الأصالة/المعاصرة وبالتالي بقيت، في كل صيغها تلك، منفصلة عن الواقع ،رافضة مبدأ التنوير.



#محمد_بوجنال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العقل العربي وتحديات المنطقة
- - الثورة الثقافية- مطلب عربي
- خير الدين حسيب: قوة الثقافة الملتزمة تستدعي الكتلة التاريخية
- نديم البيطار : الثورة الثقافية أولا فالاجتماعية تاليا، فالاش ...
- سمير أمين : - الثورة الثقافية أولا -
- عبد الله العروي والدعوة إلى أولوية الحراك الثقافي
- ثقافة الشعوب العربية:هيمنة الاستبداد ومحاصرة الوعي
- في مكر مفهوم -الحق- في العالم العربي
- الممنوع عربيا في الثالوث: الديمقراطية، الحاكم، الشعب
- مقترحات إلى فدرالية اليسار الديمقراطي بالمغرب
- الشغل بعبع الدولة
- المصلحة سيدة القناتين المغربيتين
- العنف أوكسجين الدولة والقوى الإسلامية المتطرفة
- الفاعلون من خارج الدولة السلبية العربية
- الربيع العربي أو التبعية بصيغة جديدة
- الوضع العربي وليد فلسفة الاقتصاد السياسي
- اللغة مؤسسة تقتضي التفكيك
- الاقتصاد، الجنس،الدين،السياسة
- المرحلة تفرض الاشتغال على السؤال: ما معنى العرب؟
- أهمية الاقتصاد في فهم الالتفاف على الحراك العربي


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد بوجنال - مطاع صفدي: في حاجة العرب إلى ثقافة التنوير