أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جعفر المهاجر - من يُشفي جراحك ياوطن.؟















المزيد.....

من يُشفي جراحك ياوطن.؟


جعفر المهاجر

الحوار المتمدن-العدد: 5160 - 2016 / 5 / 12 - 15:26
المحور: الادب والفن
    


من يشفي جراحك ياوطن.؟
جعفر المهاجر.
وطني الجليل الجريح..
كم هي اللحظات قاسية وموجعة حين أراك جريحا تتقاطر عليك سهام الأعداء الخارجين عن أي عرف بشري.؟ وما أقساها وأشد وطأتها حين لايرتقي من يحكمك إلى الحالة التي أنت فيها. وينشغل بالمكاسب التي يحصل عليها من دم أبنائك الفقراء المسفوح على ثراك الحزين؟ إن قلبي يقطر دما على ما حل بك من أحزان ومآس وأهوال لاتتحملها الجبال الرواسي.. وأنا المواطن البسيط الذي هجره حكام البطش والطغيان والفساد وفصلوا جسمي عن ترابك المقدس. لكن روحي ستظل متعلقة بك إلى حد الهوس والجنون ولسان حالها يردد بيت الشاعر أحمد شوقي :
وطني لو شغلت بالخلد عنه.
نازعتني إليه بالخلد نفسي.
أيها الجليل الجريح : إن أجمل بقاع الأرض لاتعادل عندي ذرة من ترابك المقدس.وإن أحلى مياه الينابيع والشلالات لاتساوي عندي قطرة واحدة من مياه دجلة والفرات.
أيها الجليل الجريح: ياسيد الأمم والحضارات.. إن كل ذرة من كياني مصابة بألم فراقك . وقلبي ينزف دما حزنا على جراحك العميقة التي هي جراحي.
مرت عليك عقود وعقود من أعوام عجاف وجراحك تنزف دون توقف. وحاكموك ينعمون بالقصور والرياش والأموال ولذيد العيش.وفقراؤك يزدادون فقرا، والأمراض تفتك بالآلاف المؤلفة منهم. وهم يستغيثون. من يوقف نزيف جراحنا .؟ لكن لاأحد من الحكام الغارقين في ملذاتهم وترفهم يجيبهم ،ويسمع إستغاثاتهم ويشعر بآلامهم بعد أن أغلق عينيه وأذنيه حتى لايرى هول الفاجعة، ولا يسمع استغاثاتهم.
أيها الجليل الجريح.. في كل يوم يترصد المارقون البغاة من خوارج العصر .. المتعطشون لسفك دماء الأبرياء أبناءك الفقراء ليمزقوا أجسادهم بقنابل حقدهم الأسود دون ذنب أو جريرة . يترصدونهم بمفخخاتهم وأحزمتهم المعبئة بقنابل الموت في أماكن الحصول على النزر اليسير من أرزاقهم ليبقوا على قيد الحياة. فتلون دماءهم الطاهرة أسواقك ومساجدك وملاعبك الحزينة .
في كل يوم يرتكب وحوش العصر مجزرة بحق أطفالك ونساءك وشيوخك وهم متعطشون إلى سفك المزيد والمزيد من الدماء البريئة ليتقربوا بها إلى الله كما لقنهم شياطينهم شيوخ الرذيلة والسقوط . و بعد كل مجزرة بشرية تخرج البيانات من محطات العهر الطائفي النتنة التي تتكاثر كالأميبا لتعلن بكل شماتة وتباه إن محطة أعماق التابعة ( للدولة الإسلامية ) قد أصدرت بيانا تعلن فيه مسؤوليتها عن ماحدث.ألا تبا لكم أيها الأعراب الارجاس الحاقدون . فالعروبة والإسلام يبرآن منكم ومن تحريضكم وفتنكم إلى يوم الدين.ومن العار أن تنسبوا أنفسكم إلى أمة العرب والإسلام أيها اللؤماء الأدنياء والعربي الأصيل يقول:
وآنف من أخي لأبي وأمي
إذا مالم أجده من الكرام
أيها الجليل الجريح:إن المتصارعين بين ظهرانيك، وعلى ترابك الدامي منشغلون عنك ، ويعيشون في واد آخر غير واديك. إنهم غارقون في جني المكاسب حتى الثمالة، ويطالبون بالحصول على هذه الوزارة وتلك.ويرسمون الخطوط الحمراء لمكاسبهم ومغانمهم على مذبح آلاف ضحاياك الأبرياء. أبناؤك العاقون اليوم من عشاق السلطة والجاه والمال منهمكون في شدهم وجذ بهم وهم يتحدثون عن ( كرامتهم المهدورة ) و(مقامهم العالي المقدس) الذي مسه الضر، وهم الذين أساءوا إلى كرامة الملايين من أبنائك المقهورين .متجاهلين هذه الانهار من الدماء التي يسفكها البغاة على أرضك الدامية التي تشبعت بدماء الأبرياء. ولو حدثت في بلد آخر لتغيرت رئاسات ووزارات . ومثلت رؤوس أمام قضاة. لكن المتصارعين على المغانم والمكاسب على مذبحك يختلفون عن كل السياسيين الذين يخجلون من شعوبهم ، ويعترفون بأخطائهم. إنهم يذرفون دموع التماسيح عليك فقط في الفضائيات ، وكل منهم بارع جدا في الوصل بليلى. وحين يجتمع برئيس حزبه يتناسى كل شيئ . وتتصاعد شهيته لنيل المزيد من الأموال والإمتيازات .
إنهم يعتبرون مكاسبهم إرثا ثابتا لهم. وكل إجتماعاتهم في هذه العاصمة العربية وتلك تتركز على مايجنونه من مكاسب من جسدك الدامي ياوطني. ويطلبون العون في ذلك من أعدائك الخارجيين الذين يتربصون بك الدوائر ، ويمدون الوحوش البشرية بالمال والسلاح ليسفكوا المزيد من الدماء البشرية البريئة.
أيها الجليل الجريح: لقد طعنوا خاصرتك، وقطعوا شرايينك، وباعوك في سوق المزايدات، ونثروا لحمك لأسفل الغايات. . ليشمت بك الأعداء الغادرون. ويتطاولون على جسدك الدامي أكثر فأكثر.
وتمضي الأعوام ياوطني الجريح.والأرامل يسكبن نهرا من دموع غزيرة.
والرعب يجول في أحداق أطفالك. والرصاص الأعمى يحصد زهورك الملونة.والصور الدامية تتكرر كل صباح.ولا أمل يلوح في الأفق .
سوى الفجائع الكبرى.وصراعات الديكة المرير.وغبارالتهم الرخيصة المتبادلة على الشاشات البعيدة عن كل هدف نبيل.
تمر الأعوام ياوطني الجريح ثكلى حزينة ، متشحة بالسواد وفي كل ساحاتك المتعبة أوجد الأبناء العاقون أسواق عكاظ للتسقيط والتنكيل ببعضهم من أجل الفوز بالسلطة والمال على حساب المسحوقين الفقراء.
تمر الأعوام ياوطني الجريح. وأصوات كاذبة نسمعها تتصاعد.وهي تدس السم بالعسل. وتطلق الوعود الخلابة بلا حدود وتتحول بعد ذلك إلى رماد وجفاف وقهر وموت.
الأبناء العاقون ياوطني.يذرفون عيك دموع التماسيح. يلبسون ثياب الوطنية المزيف. يتاجرون بدماء أبنائك في الأسواق والجوامع .
في الحارات والشوارع وغايتهم القصوى إرجاعك تمزيق جسدك إربا إربا ليتقاسموه. إنهم يجوبون البلدان ليحرضوا عليك الصغار من أجل غاياتهم الشريرة.
إنهم يتدافعون بالمناكب ياوطني الجريح ليعيدوا دورة الزمن المر.
ويضيفوا أعواما عجافا أخرى إلى أعوامهم الشاحبة المكفهرة.
لاشيء يربطهم بالشعب ياوطني الجريح غير الصعود على الأكتاف المحرومة المتعبة. والتباهي بأحزابهم العقيمة، وببضاعتهم الرديئة في السر والعلن. لكن جيوبهم فاغرة كأفواه الحيتان تسرق وتسرق لأنهم يحبون المال حبا جما. ولا يبالون بكل الفجائع التي أصابتك. ولسان حالهم في سرهم يقول:
فليقتل الظمأ الفقراء.
ولتحصدهم المفخخات.
فهم ليسوا منا.
لأننا الأوائل بأموالنا وعشائرنا .
ولا يستطيع أحد مجاراتنا .
وعودهم الخلابة الكاذبة ياوطني.
تحولت إلى مواعيد (عرقوب )على مدى السنين.
كنا نقرأ في المرحلة الابتدائية .
عن (أشعب والسمك )
لكن أشعب القديم تلاشى أسمه.
وغاب في غياهب التأريخ.
بعد أن ظهر في ترابك الدامي اليوم.
المئات الذين يمكننا أن نطلق عليهم (أشعب والذهب.)
كل منهم يدعي زورا وبهتانا. إنه مانح البركات والخيرات.
ولا يعطي شيئا غير المآسي والنكبات. والأحقاد والفتن الطائفية البغيضة.
فأين هم من قول رسول الله ص:
(رحم الله آمرءا قال خيرا فغنم ،أو سكت فسلم)
إنهم يجيون الكلام المعسول فقط ويفعلون عكس مايقولون .
أين هم من قول ذلك الأعرابي إن كانوا عربا كما يزعمون :
أسكتني قول بن مسعود عشرين سنة حين قال :
(من كلامه لايوافق فعله فإنه يوبخ نفسه.)
فمتى توبخون أنفسكم وتسكتون أيها الأبناء العاقون؟
الذين تفولون مالا تفعلون.؟
( كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون. )
متى ستنتهي حشود الرغبات المحرمة في دمائكم أيها المتخمون المرابون. بعد أن حولتم الوطن الجريح إلى ساحة للصراعات العقيمة .؟
وصنعتم مشهدا من رماد ودم لايحسدكم عليه أحد في هذا العالم.؟
لقد شوهتم كل جميل ونبيل في وطن الأنبياء والمقدسات وأول الحضارات
لقد حولتم سيد أشرف الشجر الذي تباهى به العلماء والشعراء على مر التأريخ إلى ساحات دم وفجائع وجراح. فالشعب يستهجن اليوم دعواتكم الخاوية ويمقت صوركم الملونة الكبيرة التي ملأت كل فراغ في وطني.
ولسان حاله يقول:
( ألا كل شيئ ماخلا الله باطلُ.
وكل نعيم لامحالةَ زائلُ .) 1
وطني الجليل الجريح:
من سيشعل القناديل الملونة في أفقك الدامي .؟
من سيزرع السنابل في حقولك الجرداء.؟
من سيسقي كل ذرة من ترابك الطاهر إكسير الحياة.؟
متى أراك ياوطني سالما منعما وغانما مكرما.؟
عهدتك ياوطني إنك لاتمنح حبك إلا لأبنائك البررة المرابطين على مر الزمن. الأبناء الذين يقدسون ترابك وماءك وهواءك.الذين يبذلون مهجهم وأرواحهم في سبيل رفعتك وصعودك نحو الذرى، لاأحد ينقذك إلا هؤلاء الأصلاء الأوفياء. وهم وحدهم سيشفون جراحك ياوطني.
(في هذه الدوامة السوداء.
في هذه الأنواء.
متى أرى سماءك الزرقاء .؟
ووجهك الصامد، يامقبرة الأعداء .؟). 2
إشارة:
1 البيت للشاعر الجاهلي لبيد بن ربيعة العامري.
2 المقاطع الأخيرة للشاعر الراحل عبد الوهاب البياتي.
جعفر المهاجر.
12 /5/ 2016م



#جعفر_المهاجر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيبقى خندق الشعب موئل الرجال الأحرار.
- المحاصصة أصل الداء ورأس كل بلاء.
- هل سيلبي البرلمان تطلعات الشعب العراقي.؟
- خطر الإرهاب وازدواجية المعايير في مكافحته.
- سلاما نخيلات العراق الشامخات-2
- الردة السوداء.
- النائب ظافر العاني والضخ الطائفي المتهافت.
- ضحايا التطهير العرقي في العراق.-6
- ضحايا التطهير العرقي في العراق-5
- ضحايا التطهير العرقي في العراق.-4
- ضحايا التطهير العرقي في العراق-3
- ضحايا التطهير العرقي في العراق-2
- ضحايا التطهير العرقي في العراق.-1
- بغداد ُ يادوحً الرجا
- كلما أوقدوا للحرب نارا أطفأها الله .
- رسالة إلى وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور حسين الش ...
- طوفان الغضب المقدس.
- سلاما أيتها الشهباء.. ياتوأم الشمس.
- ماأبهى حكمتك ، وأنقى ضميرك ياسيد المقاومة.!
- الأديب الراحل جعفر سعدون لفته الجامعي وحديث عن الحياة والموت ...


المزيد.....




- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جعفر المهاجر - من يُشفي جراحك ياوطن.؟