|
التبسم واجب اجتماعي ودرب من دروب المناعة النفسية!!
حميد طولست
الحوار المتمدن-العدد: 5133 - 2016 / 4 / 15 - 02:46
المحور:
المجتمع المدني
التبسم واجب اجتماعي ودرب من دروب المناعة النفسية!! يقول صلى الله عليه وسلم : "تبسمك في وجه أخيك صدقة"، لما للابتسامة من إيجابيات كثيرة ومزاياها عديدة ، يصعب على إحصائيات العالم قياس دفأها ، لكونها اللغة الوحيدة التى تفهمها جميع الشعوب دون ترجمة، لما تحمله من معلومات قوية تستطيع التأثير على العقل البواطن للإنسان ، والنفاذ ، دون إستئذان ، إلى أعماق نفسه ، وادخال السّعادة على قلبه المفجوع ، وبلسمة جراحه العميقة، ، وانعاش أعضائه ونشر الارتياح بدواخلها ، ومنحها الأمل والتفاؤل . رغم أن الابتسامة هبة من الله عز وجل للطبيعة البشرية، وسلوى من همومها ، تفتح مغلق علاقاتها الإنسانيه وتذيب خلافاتها مع الغير . ورغم ما للابتسامة من المزايا والفضائل الكثيرة -التي وهبها الله عز وجل للطبيعة البشرية – التي تسلي الإنسان عما يتعرض له من ضغوط الحياة المعاصرة -على قصيرها الذي لا تستاهل هدرها في البكاء على أي شيء - المتشابكة المزعجات ، المعقدة المُنغِصات ، نجد في مجتمعنا ، مع عظيم الأسف ، من يعمل - ربما عن غير قصد منه- على زعزعت ثقة الناس في مفعولها السحري ، الذي أقرته الشرائع والأعراف ، وذلك عبر بعض السلوكيات المجتمعية السلبية ، ممثلة في عبارات التيئيس ، التي يزخر بها قاموس التعامل المجتمعي عندنا ، والتي يرددها ،القريب قبل الغريب، على مسامع كل إقترف الإبتسام ، فتأسر إرادة التبسم لديه ، وتثبط الرغبة فيه عنده ، وتقيد تطلعه للبشاشة ، وتعمق الإحساس بالضعف على اقترافها ، وتجعل منها فعلا مشكوكا في فعاليتها وعواقبها ، عبارات تبدو بسيطة طريفة في ظاهر منطوقها ، لكنها خطيرة في تأثيرها على المتلقي ، بما تحمله بين طياتها من مدلولات قادر على التسلل ، دون استئذان ، إلى أعماق المعني بها ، فتغير رؤيته لفعل الإبتسام ، وتجعله ينظر إلي الإبتسامة نظرة يائسة بائسة ، تؤثر سلبا على شخصيته ، وتعظم آلامه وأوجاعه، وتحوله إلة كائن هش منكسر. فإذا نحن ألقينا نظرة على كيفية تعاطي المجتمع عامة ، والأسر والعائلة والوالدين ، على وجه الخصوص ، مع الإبتسام مع الغير عمة ومع الأطفال خاصة ، فإننا ندرك حجم المأساة التي نزرعها بيننا وفي أولادنا عن غير قصد، والتي تشب معهم وتترسخ في مبادئهم وأفكارهم، فتغير نظرتهم للعديد من الثوابت ومن ضمنها نظرتهم للابتسامة ومفعولها ، الذي ساهمت ماديات العصر ، وعولمة القيم ، وتعدد الوسائط ، إلى تحويلها إلى نكتة ورمزا للقيم البالية المتجاوزة ، وإلى فعل مشكوك في غاياته.. ومن تلك العبارات ، الطريفة والخفيفة ، المرهقة والهدامة للنفوس ،في نفس الآن ، المسؤولة على التغيير الجدري ، الذي لحق بمنظومة القيم الإنسانية ، والتي كانت وراء كتابتي لهذه المقالة، اسرد بعض مما اتسقر منها في ذاكرتي من عهد الطفولة ، رغما عني، وكادت ، أن تجردني من هذه النعمة التي من الله بها على الإنسان ، رحمة به . فكثيرا ما نسمع الرجل الشعبي يقول لمن يجهد نفسه حتى يكون بشوش المحيا ، باسم الوجه ، الين الكلام ، تحببا وتلطفا مع الناس ، إيمانا منه بأن الإبتسامة هي الطريق الاقصر الى قلوب الاخرين : تيضجك غير على خلاها ، ثم كثيرا ما نسمع الأخ يقول لأخيه ، جهرا أو همسا أذا جاءه مبتسما : آشنو باغي عاود ثاني ؟ كما تقول الأم لإبنها إذا هو أبتسم لها: آشنو درتي ثاني آآلمسخوط ؟ أما إذا تبسم الإبن لأبيك فيقول له : ماعندي فلوس يا المفلس ، فين الي عطيتك البارح ؟ وحين يبسم أحدهم للغريب فيقول له : واش كتعرفني ؟ وإذا أنت تبسمت تأدبا أو مجاملة لأنثى ، فيتهمك بالتحرش وقلة الأدب وتقول لك : غير خلي صحكتك عندك ، راكم عيقتو!! وإذا تبسمت لمسؤول في ادارة ما، فينهرك قائلا : خلي الضحك را الإدارة وقبط الصف !! وإذا حدث وأوقفك شرطي مرور ، وتبسمت في وجهه تأدبا ، فيواجهك بقوله : عطيني لوراق وما تضحك لي ما نضحك ليك !! أما إذا كنت دائم الإبتسامة فتسمع من يقول عنك ، ضاحك على خلاها !! أما إذا اعترتك لحظة سعادة في مجتمعك البائس البئيس ، وتبسمت لنفسك ، تعبيرا عن متعة، أو سعادة ، أو تعجب ، فستسمع من يقول عنك : مسكين "أهبيل" تيضحك غير بوحدو !! ما جعلنا نقتنع أننا في الشعب لا يستحسن الإبتسامة إلا بعد الموت فيقول ؟ سبحان الله مات وهو مبتسم !! الرحمه يا بشر ، كفوا عن مثل هذه السلوكات السلبية ، والعبارات المحبطة ، رغم طرافتها ، واعلموا أن الابتسامة واجب اجتماعي ودرب من دروب المناعة النفسية .. حميد طولست [email protected]
#حميد_طولست (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-التأسلم- الموضة الجديدة !! 2
-
-التأسلم- الموضة الجديدة !! 1
-
عظمة المرأة ليست في الأمومة فقط !!
-
بداية الإصلاح محاسبة الرؤساء !!
-
لكراسي تخطف الأبصار وتعمي الأنظار!!!
-
ظاهرة التعصب الكروي !!
-
علاقة لا تحركها شيء سوى الحب والارتباط الروحي
-
سلامة تدبير الشأن المحلي في صدقية المنتخبين .
-
هل يكفي العرب، يوم واحد للكذب؟
-
اللي تسنينا براكتو دخل لجامع بلغتو-
-
لقد تخلفوا عن لحظة تاريخية حاسمة!؟
-
الخطاب السياسي المغربي المطلسم !!
-
تدخل السياسي في الثقافي أية آفاق !!.
-
لأم، الإنسان الأولى بِالإِكْرَام وَالإِحْسَان والاحتفاء.
-
تدخل السياسي في الرياضي !!
-
مستشارين لا عهد لهم بالتسيير.
-
التطوع يخلق التقارب والتآلف والمودة...
-
-لولا المشقة لساد الناس كلهم- !!
-
مشاركتي في مسيرة الرباط .
-
الاستثمار في نغمة الاصلاح.
المزيد.....
-
الأمم المتحدة: 80 ألف شخص فروا من رفح منذ كثفت إسرائيل عمليا
...
-
بعد إعلان إسرائيل إعادة فتح معبر كرم أبو سالم.. الأمم المتحد
...
-
الأونروا: لن نتمكن من إيصال المواد الغذائية لأهل غزة غدا بسب
...
-
ماسك: انتخابات 2024 قد تكون الأخيرة بالنسبة للأمريكيين بسبب
...
-
نادي الأسير: اعتقال 25 فلسطينيا في الضفة بينهم أسرى سابقون
-
السعودية تدين اعتداء مستوطنين إسرائيليين على مقر الأونروا في
...
-
التصويت على عضوية كاملة لفلسطين بالأمم المتحدة غدا
-
كنعاني: من المعيب ممارسة التهديد والضغط ضد المحكمة الجنائية
...
-
هيومن رايتس تتهم الدعم السريع بارتكاب -تطهير عرقي- في غرب دا
...
-
80 منظمة حقوقية تدعو للإفراج عن الناشط المصري محمد عادل
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|