أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نوال السعداوي - وتظل النخبة المختارة تصفق














المزيد.....

وتظل النخبة المختارة تصفق


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 5118 - 2016 / 3 / 30 - 09:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



جاء أوباما للقاهرة، فى بداية حكمه، ليلقى خطابا أمام نخبة مبارك، المختارة بمعايير محفوظة فى جينات النظام الحاكم منذ الإله رع، نخبة الحكومة والمعارضة معا، وإن اختلفوا شكلا يتشابهون مضمونا، التهبت أكفهم بالتصفيق ثلاثين مرة خلال خطبة استغرقت خمسين دقيقة، وهتف أحدهم من شدة الحماس: أحبك يا أوباما، فتوقف الرئيس الأمريكى لحظة ليشكره قائلا: شكراً.
كان يحوط القاعة (بجامعة القاهرة) عشرة آلاف من البوليس المصرى، وثلاثة آلاف من البوليس الأمريكى، وإن كان
"أوباما" أسود البشرة وليس أبيض، فالسياسة لا تعرف إلا لون الدم الأحمر، وهى "لعبة" تتخذ شكل "العلم"، تغطى أقبح الجرائم بأجمل الكلمات، وتنطق باسم الله لإخفاء أبشع التناقضات، والكتاب المقدس يبرر قتل الشعب الفلسطينى واغتصاب أرضه باسم الأرض الموعودة، ولو كان أوباما
"امرأة" ربما ارتدى الحجاب باسم الحرية الشخصية، كأنما القهر والفقر والختان والحجاب واغتصاب الأرض، مسائل اختيارية وليست مفروضة بقوة السلاح أو بالتخويف من الجحيم.
تحت اسم "حرية الاختيار" يتجاهل أوباما الضغوط السياسية الدينية التعليمية التربوية الثقافية الاقتصادية الاجتماعية الأخلاقية، التى تفرض الحجاب على النساء والأطفال والفقراء، وأشاد أوباما فى القاهرة بملك السعودية، جعله مثلا عظيما للديموقراطية، لكنه فى نهاية حكمه، وبعد أن تحررت أمريكا من الحاجة للنفط، ومن التحالف السعودى للسيطرة على المنطقة، ولضرب السوفييت وأعداء الرأسمالية والاستعمار، ينقلب أوباما اليوم على السعودية لتصبح مفرخة للتيارات المتطرفة، بعد أن كانت مركزا للحريات والحوارات بين الأديان، ويعترف بأن ارهابيين سعوديين شاركوا فى تفجيرات سبتمبر فى نيويورك وواشنطن، لم يعد أوباما يحتاج السعودية إلا ليفرض عليها التعاون مع إيران، لخدمة مصالحه الجديدة.
وفى خطبته بالقاهرة أشاد أوباما بذكاء "نيتانياهو" لم يصف أحد الحكام العرب بالذكاء، حتى "مبارك" الذى فرش له شوارع القاهرة بالورود والسجاجيد، وعزف له الأناشيد، لم يذكر أوباما اسم "مبارك" مرة واحدة فى خطابه القاهرى الطويل، وفى نهاية حكمه، ينقلب أوباما اليوم على نيتانياهو، يصفه بالرعونة وإعاقة تكوين الدولتين الاسرائيلية والفلسطينية، وتمرده على سادته الأمريكان، حماة إسرائيل ومانحيها أكبر المعونات وأحدث الأسلحة النووية وبعد تشجيعه للتيارات الاسلامية ومنها جماعة الإخوان، تحت اسم الحريات الدينية والاعتدال والإصلاح والخصوصية الثقافية والهوية الأصلية، ينقلب أوباما اليوم ويندد بالدور السلبى لهذه التيارات، التى لم تنتج إلا الدماء والفتن الطائفية، وكأنما غاب عن "وعى أوباما" أهدافها الأصلية، كأنما لم تشارك أمريكا فى صنعها وتسليحها وتمويلها.
لم يعترف أوباما بأنه كان متآمرا مزدوجا، فى سياسته تجاه ما يسمونه الشرق الأوسط، وأنه استخدم المعونات والانتخابات والخصخصة لضرب الانتاج المحلى، وفرض التبعية والديموقراطية الزائفة، وكان مساندا لأى ديكتاتور يدين له بالولاء والطاعة، لا يشعر أوباما بالخجل وهو يلقى بالتهم على الذين خدموه ضد مصالح شعوبهم، منهم حكام العراق وسوريا والسعودية وإسرائيل وتركيا، وقد أصبح أردوغان فجأة السبب فى الفشل الأمريكى، لا تهتز شعرة فى جسد أوباما وهو يخدع العالم، ويمهد للانسحاب الأمريكى من المنطقة، بعد أن غرقت بلادنا (منذ عصر ريجان والسادات) فى وحل المعونات والديون والفقر والبطالة والفتن والتفتيت السياسى الدينى.
أوباما يتقن لغة الجسد، يبدو تلقائيا، يقفز السلالم الى مطار القاهرة فى بداية حكمه، يجيد العبارات العائمة، يدعمها بآيات قرآنية، يستخدم اسم أبيه المسلم "حسين" ليؤثر فى المصريين، وباسم التسامح الإلهى يتجاهل جرائم إسرائيل وضحايا جوانتنامو، ينتقل ما بين آلهة الأرض والسماء فى غمضة عين، ومن المصالح للمبادئ الإنسانية فى جملة واحدة.
حين تكلم أوباما عن التنمية كشف عن أهدافه الحقيقية من زيارة القاهرة، ليس فقط لحماية مصالح وأمن إسرائيل وأمريكا، بل أيضا للمزيد من فتح أسواق البلاد الاسلامية للبضائع الأمريكية الاسرائيلية، وتعبئة مليار مسلم لإبادة أنفسهم تحت اسم الله أكبر، ودفعت الحكومة المصرية، خمسمائة مليون دولار، نفقات زيارة أوباما للقاهرة، عشرة آلاف عسكرى لحماية أوباما، رغم الاعلان "الله يحميه" وليس العساكر، وعشرون مليون دولار خسرها المصريون بسبب عدم خروجهم لأعمالهم حسب الأوامر، وبقائهم بالبيوت وعدم فتح النوافذ حتى يغادر أوباما القاهرة فى أمان الله.
وصدرت الأوامر أيضا بإغلاق الجامعات والمدارس، بما فيها مدارس الأطفال، فى جميع المناطق التى يزورها أوباما، من جامعة القاهرة والأهرامات وحديقة الحيوان فى محافظة الجيزة إلى جامعة الأزهر والقلعة وجامع السلطان حسين، ومقابر الموتى فى طريق المطار وجبل المقطم إلى القصر الجمهورى بالقبة.
تعطل آلاف التلاميذ والطلاب المصريين عن الدراسة، أما السيدة زوجة أوباما فلم ترافق زوجها للقاهرة لتبقى مع ابنتيهما فلا تتعطلان عن الدراسة، وبدأ العمال المصريون
(بعد مغادرة أوباما) يخلعون الزهور والأشجار الصناعية من شوارع القاهرة وميادينها، ومعها خلعوا صور أوباما ومبارك المعلقة فى السماء، وتظل النخبة المصرية المختارة تصفق لكل عهد.



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا يكفى أن تكون امرأة
- مشروع جديد لإصلاح الأخلاق
- حوار لا أنساه بين أمى وأبى
- المنسيون فى التاريخ الرسمى للثورات
- القلاع الأبوية. الرأسمالية تتهاوى
- أتكون هى أنبل النساء؟
- الجبلاوى ونجيب محفوظ والنساء
- حوار بعد منتصف الليل
- منذ بداية اللامساواة والخطيئة الأولى
- ساندرا الحبيسة وقدسية الجسد؟
- معارك تحرير النساء اللا نهائية
- النقاب ورجم الشيطان
- وتسعد المرأة بعقلها المبدع؟
- مؤتمر النساء فى إسبانيا
- الاستغناء والانعتاق من العبودية
- مفاهيم متطورة للأبوة والرجولة
- العبء الذى قتل أمى وأبى
- بذور الإبداع والثورة لا تموت
- وكان للأطفال كرامة العظماء
- يملك الشرف الرجال وتدفع ثمنه النساء


المزيد.....




- خريطة مواقع قواعد أمريكا بالدول العربية بعد ما دعا له مستشار ...
- ترامب يعلن تنفيذ ضربات -دمرت- مواقع نووية إيرانية -بالكامل- ...
- ما هي ردود الفعل السياسية والاعلامية في إسرائيل
- ترامب يعلن ضرب 3 منشأت نووية في إيران
- كوليس الضربة الأمريكية
- إيران: استهداف منشآتنا النووية عمل وحشي مخالف للقوانين الدول ...
- لفهم مدى قوة الضربة الأمريكية بإيران.. مسؤول يكشف تفاصيل ما ...
- -حان دورنا-.. مستشار خامنئي يدعو معددا 3 وسائل للانتقام من ا ...
- أول تعليق من هيئة الرقابة النووية السعودية بشأن الضربة الأمر ...
- مصدر لـCNN: أي عمل عسكري إسرائيلي ضد إيران سيعتمد على رد فعل ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نوال السعداوي - وتظل النخبة المختارة تصفق