أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلقيس حميد حسن - أم تمارا .. الراحلة دونما وداع














المزيد.....

أم تمارا .. الراحلة دونما وداع


بلقيس حميد حسن

الحوار المتمدن-العدد: 1385 - 2005 / 11 / 21 - 10:45
المحور: الادب والفن
    


علمتنني الغربة والمنافي أن لا احب الوداع..وعلمتني حياة النضال أن لا انس أحدا ممن عشت معهم هموم الأيام الصعبة ..
أم تمارا ..
تلك الأخت والصديقة الرفيقة .. التي كانت ابتسامتها حاضرة كل حين .. وكانت البساطة وحب الناس تملأ كل تقاسيمها التي لا تخلو من معاني الفقر الممزوجة بلوعة الغياب والفقدان .. الفقيدة سلام .. أم تمارى . ما الذي سأسترجعه معك راحلة بلا وداع ؟
هل استرجع أيام بيروت العصيبة ؟
أأسترجع زمن الفقر والقصف الإسرائيلي والحروب الأهلية التي عشناها في لبنان؟ عشناها بكل ما تحمله من موت منتظر ومفاجآت لا تعرف الرحمة , حاملين أمل التغيير في عراقنا الحبيب ,هل يعيدني رحيلك لشريط ذكريات اختزنتها أرواحنا فاعتصرت شبابنا يوماً يوماً, وألماً ألما ً؟
هل أنسى صرخة بر يخت التي كتبناها على ورقة لنضعها على حيطان بيوتنا ؟

لا تثبت مسمارا في الحائط
ضع السترة فوق الكرسي
لا تــتـمون إلا لليوم الواحد
فغدا عائد......
والغد لن يعود ..هكذا.. ونحن بكل عنفواننا يا أم تمارا ..قد غادرتنا السنين بلا عدد.. وسوف لن تعود حتما ......

هل استجدي طائر الموت الذي حط بصمت على سريرك لأ قول له رويدا , إنها لم تعش طويلا بعد , تمهل .. فهي لم تنس بعد أشباح الفقر الموجع الذي عاشته طفلة, وفقدان الأحبة قرابين لوطن أدمانا عشقه وأضاعنا في دروب المنافي والتشتت , هل ادعوه ليتوقف قليلا , لأقص عليه ما تحملته ِ من عذابات الانتماء للوطن الذي كان العوز والفقدان والغربة اقلها وكم كنت صلبة , مناضلة , مليئة بالتفاؤل والثقة بالمستقبل ؟
أم تمارا
هل أتذكر برحيلك بيوتنا التي كنا نسكنها ببيروت ؟
تلك البيوت البائسة التي لا تتعدى أن تكون مجرد سقوف نحتمي بها مع أطفالنا لننتظر سقوط الطاغية صدام يوما بعد آخر ؟
هل استرجع نكاتك وضحكاتك في كل أمر؟ أم صدقك و جديتك وصراحتك التي لا تعرف اللف والدوران ؟
ماذا أتذكر لأوقف سيل الدموع ؟
وكيف املك أن لا اشهق بعبرة المفجوع بعد أن كنت مثالا نقدمه للناس على انك الحب الذي هزم المرض حين داهمك في بيروت ..
لقد هزمتيه يا أم تمارا سنينا , هزمتيه بحبك لابنتيك ولزوجك الذي شاركك كل الأوجاع بروح مرحة اجترحت معجزة انهزام مرض عضال كالسرطان , لتسترجعي صحتك وشعرك وفرحك البريء بالحياة ..
كيف عاد ذاك المرض الخبيث لك بعد اكثر من عشرين عاما انخرطت ِ بها نضالا ودفاعا من اجل المرأة والإنسان ..
أم تمارا
كلماتي هذه ليست رثاء , فأنا لا اعرف كيف يمكن أن تكونين غير موجودة , كنت أراك في كل مرة اذهب بها إلى السويد, عدا سفرتي الأخيرة في تموز الماضي , لم يكن خبر مرضك قد بلغني بعد وكنتُ عابرة عجلى على مدينتكم ..
في نهاية العام الماضي آليتي أنت وزوجك ألا أن تلتقون بي كما في كل مرة , كم كانت سهرة ممتعة معكم , ضحكنا كثيرا وتذكرنا أيام النضال , تذكرنا أيام بيروت وسوريا , وتناقشنا بأمور هامة كثيرة منها العلمانية والمرأة والحجاب , قلنا شعرا وسياسة وفلسفة حتى منتصف الليل .. ما كنت اعلم أنها ستكون آخر مرة , ومن أين لي بذلك وطائر الموت غدّار......
أم تمارا
يوجعني أنني لم أرك أخيرا . واستصبر بابيات شعر للعباس بن الاحنف حين يقول:

ولما دعوت الصبر بعدك والبكا
أجاب البكا طوعا ولم يجب الصبرُ
فان ينقطع منك الرجاء فانه ُ
سيبقى عليك الحزن ما بقي الدهر ُ

يوجعني أنني سوف لن أر ابتسامتك التي تمنحني الأمل بالحياة , وطيفا يمنحني القوة والقدرة على العطاء
يوجعني أنني لم اقل لك انتظري أرجوك فنحن بحاجة إلى تفاؤلك في زحمة واقع يقتلنا يوميا .
يوجعني انك رحلت بصمت , مبكرة دونما رؤية العراق الذي كنت به تحلمين ......
20-11-2005



#بلقيس_حميد_حسن (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جهات الإرهاب الأربع
- سيّاف البعث ذاته
- مدارات مريم نجمة
- المكرمات في موت البنات!
- مَنْ لوجع المرأة العربية؟
- ويلتمسون من القاتل نجاةً!
- شهداؤنا الفقراء
- عمرو موسى وجامعته
- مَن ْ يُوقف فتاواهم المجنونة؟
- دستورنا الجديد .. عتيق
- وقوفاً بالأمل مع الدم العراقي
- إليكن يا حاملات الوجع الأزلي
- بـُـحّ صوتنا والقوم نيام..المرأة والدستور
- * حقوق المرأة في الدستور العراقي والتثقيف فيها
- صمتَ القمني فانفجرت شرم الشيخ
- الإعلان عن قرب نهاية حملة التوقيع على بيان المرأة
- ندوة وعصافير
- نداء
- !!المرأة في العراق عورة؟
- دروس الهزيمة


المزيد.....




- قناديل: أرِحْ ركابك من وعثاء الترجمة
- مصر.. إحالة فنانة شهيرة للمحاكمة بسبب طليقها
- محمد الشوبي.. صوت المسرح في الدراما العربية
- إيرادات فيلم سيكو سيكو اليومية تتخطى حاجز 2 مليون جنية مصري! ...
- ملامح من حركة سوق الكتاب في دمشق.. تجمعات أدبية ووفرة في الع ...
- كيف ألهمت ثقافة السكن الفريدة في كوريا الجنوبية معرضًا فنيا ...
- شاهد: نظارة تعرض ترجمة فورية أبهرت ضيوف دوليين في حدث هانغتش ...
- -الملفوظات-.. وثيقة دعوية وتاريخية تستكشف منهجية جماعة التبل ...
- -أقوى من أي هجوم أو كفاح مسلح-.. ساويرس يعلق على فيلم -لا أر ...
- -مندوب الليل-... فيلم سعودي يكشف الوجه الخفي للرياض


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلقيس حميد حسن - أم تمارا .. الراحلة دونما وداع