أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن العاصي - فكرة زرقاء في زمن رمادي














المزيد.....

فكرة زرقاء في زمن رمادي


حسن العاصي
باحث وكاتب

(Hassan Assi)


الحوار المتمدن-العدد: 5105 - 2016 / 3 / 16 - 20:15
المحور: الادب والفن
    



قراءة أولية للشاعرة والناقدة التونسية سليمى السرايري لقصيدتين من ديوان الشاعر حسن العاصي تحت الطبع بعنوان " أطياف تراوغ الظمأ " الذ ي سيصدر عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام في القاهرة

أولاً-قصيدة مناديل الوداع

هؤلاء الذين ترافقهم تنهيدة غائرة كلّما توغّلوا في السفر وارتفعت كفّ الموج عاليا حتى أضحت المسافة الفاصلة بين النار والرماد، ضئيلة، هكذا بدأ الكاتب رحيله أو رحلته معبّرا عن وجع ما يسكنه، وجع لا يُلمس باليدين، بل نشعر به يتصاعد في انسيابيّة مريحة رغم قطرات الشوق لوطن من برتقال أصبح مجرّد رحيل...

هل كان الرحيل هنا إلى الحياة أم إلى سراديب أكثر قتامة ممّا نحن فيه؟؟
هل يشير الكاتب إلى الثورات الفاشلة وما انجرّ عنها من خراب موظفا :

الرمل – الرماد – اليَمْ – الملح...

مفردات متشابهة لا هواء فيها ، لا حياة
مفردات تكمّمنا فنشعر باختناق غريب يجعلنا نرحل بدورنا..ونسافر بعيدا....
مسافة واضحة من الإرهاق في هذه الرحلة،
هناك حيث المساحة التي تهيئ للكاتب كتف الراحة

هو يستلذ هذا السفر رغم ضبابية الطريق، رغم القهر المتربّع على ناصيةالنهاية الرابضة بدورها على فوهة الطين...هكذا نلمس معاناة الذات الشاعرة، تلك التي تغوص أعمق من مجرّد جراح وقهر وصمت غاااااائر في الخراب...
المراكب المهاجرة إلى مدى لا نعرف مداه، تتحوّل فجأة إلى توابيت، تشبيه فضيع، أليم، غارق في القتامة وصرخة مكتومة نكاد نلمحها تطير فوق تلك الشواطئ الساكنة كنورسة حزينة ضائعة......

لم أكن ادري قبل الآن أن الصدى صفحات يمكن لنا تصفحها وقد انكسر شظايا جارحة حدّ انصهار اللحود، هكذا نمضي مكتملين في الوجع ضائعين في المتاهة ، راقصين على إيقاعات جوفاء مثل جماجم الميّتين المقتولين في زوايا مختلفة.

لكن الشمس تشرق كلّ صباح ويتجدّد الأمل رغم اختناق الفضاء وانكماش الوقت، مازال الكاتب يبسط يده قليلا للأبديّة و عيناه تحملان غموض الحرف وشراهة الكلمة وعنفوانها وارتعاشها...فنجده يرسم لوحة قريبة من روح المتلقّي في شفافية شديدة الرهافة وهو الذي جعل من المدينة صوتا يحمله في غفوة حالمة لا فرق لديه بين الفراش الوثير وبين السهول على مشارف مدينة غارقة في تشبيهات سريالية، يرسم لوحاتها بضربات ريشة محترفة ويصوّر لنا رحلة فوق الماء....

للشاعر أروقة جميلة فهو يعرف كيف يقيم لنا معارض تشكيليّة كثيرة الألوان رغم الترابيّة الطاغية بين القتام والبياض، بين الوجع والفرح، بين الصمت والكلام ، بين الأمل و اليأس، عشنا معه غربة متشقّقة عطشا لوطن يبحث عنه يريده بقوة و إصرار وانتظار حتى و إن تحولت بيوته إلى مسامير غائرة في جلده الذي يرجو أن يهرب منه ذات اشتهاء فيتحوّل إلى طائر....

الكاتب يكتنفه حزن دفين ، نلمسه في تموّجات القصيدة منذ البداية وهو الذي ، مازل يسترق النظر إلى وجوه حاضرة غائبة، كانت يوما تملأ حياته فرحا... يحمل بين يديه مدينة من الذكريات تختلط في تجاويف مفقودة ...صرخات مبتورة الأجنحة أبت إلاّ أن ترتفع في نصّ بلا فواصل ولا نقاط فكلّ المحطات متشابهة نلمحها تئن وحيدة في العراء.... والكاتب تعبر جسده العاري من كلّ الخطايا، مدينة بيضاء ، ملكة شهيدة في زمن تشقّق عطشا للآمان


ثانيا-قصيدة أطياف تراوغ الظمأ


وليست الصدفة التي جاءت بي إلى هنا،،
كان لي حضورا في تقاسيم الماء ذات مرور ،
فعرفت أن بين التقاسيم و بين أطياف تراوغ الظمأ، خيط متين...
"الظمأ والماء" ....
رغم التناقض الكبير يظلّ ذلك الخيط يمسك بكلّ الصهاريج غير عابئ بانفجار الماء حين يغادر الكلّ
رغبة أو أملا في الوصول إلى نقطة ما في ذات شاعرة رسمت ثم عزفت بعناية فائقة وذكيّة، تلك التقاسيم...
الموت حاضر بقوّة بين السطور، يتوارى أحيانا ، وأحيانا يطفو مثل نورس محلّق فوق الماء..
ألمس ألما خاصا يمدّ جناحيه.
ألم يجعلني اقرأ لوحة قاتمة ..
مكان يرتفع في زواياه السكون والصمت الرهيب...
ربّما تكون / مقبرة ؟؟
في مفردات قليلة ندرك المكان والإشارة القاتمة إلى هناك............
وحدك ...... مراسم الدفن...... يغادر الجميع .....الوصول.......
الوصول إلى أين؟؟؟
سؤال يفرض نفسه بقوّة لنجد اتجاها نحو مسافات تتعرّى...
الطين الأحمر.......
و وطن يموت حزنا فوق الوريد.....
كم بليغة هذه الصورة ،، تشعرنا بكثافة معاناة الانسان
وكأنّنا غرباء في أوطاننا أو لعلّنا مازلنا نبحث عن وطن من برتقال....
وطن يأتي بالفراشات في صمت مميت..
أوليس الصمت عدم الحياة؟؟
"حياة الصوت..."
الصوت الذي يحمل دائما زقزقة العصافير
وخرير الماء بتقاسيمه الجميلة وكأنّه لوحة تشكيليّة أتقنتها ريشة فنان عاشق.....
ونحن ندرك أنّ هذا الفنان العاشق، رغم رماديّة الوقت،، رغم الموت الرابض بين الحجارة،
هذا الفنان العاشق، يملك قلبا مسكونا بأوراق اللوز...
اللوز رمز للجمال والحياة
اللوز في الأساطير الإغريقية رمز للخصب "الإنجاب"
لذلك تتوق هذه الشخصيّة المتناقضة للحياة مرورا بكل مراحل الموت والحزن
فندرك بدورنا أن البكاء فسحة للراحة حتى و إن كانت تلك الراحة ذهولا....
كلّنا نعانق حجارة القبور حين يكون الموت سيّد الموقف، فتودّع قلوبنا أعزّاء لنا
نغمس أصابعنا في الخوف رغما عنّا..
نعدّ خصلات الليل حين تصل عربات الرحيل
فنؤمن أن الموت عصفور رابض فوق غصن الحياة....
أستاذي الشاعر
تقبّل مروري الهامس ودمت فكرة زرقاء في زمن رمادي



#حسن_العاصي (هاشتاغ)       Hassan_Assi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مثل ظباء المروج
- مختمر أيها الحقل
- لأنني أخشى الغرق جداً
- لا تبكوا مرة واحدة
- لو تشرّعون وثنية الرحيل
- على قارعة الغبار
- مازال في وجعي وعد
- نتوحد في الاحتضار
- السلطة الفلسطينية .. مسلسل من فساد
- أمة التمر والخمر
- رثاء الشهيد خليل جنداوي
- استوقد بالماء غمومي
- هل تتحول القارة السمراء إلى مستوطنة إسرائيلية ؟
- يقع في عويلستان
- نتوسّد ملامح الفصول
- سهد يستعذب الأرق
- أبشركم بتراب يمور
- أطعمت ظلها للطيور
- ضرع لايروي ظمئ
- ولجت شهقة الإندفاق


المزيد.....




- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن العاصي - فكرة زرقاء في زمن رمادي