أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد ابوطالب - التقرير السياسى الصادر من الجمعية العمومية لحزب العيش والحرية تحت التأسيس فبراير 2016















المزيد.....



التقرير السياسى الصادر من الجمعية العمومية لحزب العيش والحرية تحت التأسيس فبراير 2016


سعيد ابوطالب

الحوار المتمدن-العدد: 5105 - 2016 / 3 / 16 - 11:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لتقرير السياسي الصادر عن الجمعية العمومية لحزب العيش والحرية (تحت التأسيس)
حزب العيش والحرية·MONDAY, MARCH 14, 2016

أزمة مشروع السيسي لإنقاذ الدولة ومهام قوى الثورة
الخامس من فبراير 2016
مقدمة
استمد مشروع السيسي شرعيته في أعقاب 30 يونيو من سياق الحرب علي الإرهاب واقترن بفكرة استعادة الدولة، بمعني إعادة تأسيس دولة استبدادية وإجهاض الحركة الديمقراطية ومصادرة المجال السياسي. فمنذ انهيار تحالف 30 يونيو الهش لصالح مكونه الأمني/العسكري، بات مشروع السيسي واضحا حتى قبل انتخابه رئيسا. لم يخفي النظام الجديد بقيادة السيسي عداءه العميق لثورة يناير، و لم يتردد هذا النظام بأذرعه التنفيذية والقضائية والتشريعية(1) في الانقضاض على قوى الثورة وتصفيتها وإطلاق يد الأجهزة الأمنية لتمارس بطشها دون رادع من قبض عشوائي وتوجيه تهم ملفقة وهزلية للمتهمين (منها المشاركة في ثورة يناير) مرورا بظاهرة الاختفاء القسري ووصولا للتعذيب الوحشي في السجون وأماكن الاحتجاز. و تم ذلك بمباركة قطاعات واسعة من الشعب المصري لتململها من الثورة بشكل خاص، والسياسة بشكل عام، وتوقها للاستقرار بعد ثلاثة أعوام مرهقة من الآمال والإحباطات والصراعات السياسية والمجتمعية والطائفية. وكان تأييد قطاعات واسعة من المصريين لمشروع السيسي نابع من رهانهم عليه "كمنقذ" أو "مخلص" قادر علي إعادة تأسيس دولة قوية تقود عملية الإصلاح الاقتصادي والمؤسسي من أعلى، وتحكم قبضتها علي المجتمع و تلم شتاته. لكن هذا التأييد غير المشروط الذي وفرته لحظة 30 يونيو الاستثنائية للسيسي، والذي ظهر في "مظاهرات" التفويض يوم 26 يوليو 2013 لن يستمر كثيرا، بل بدأ يتلاشى بوضوح بعد فترة وجيزة من حكمه. فبالرغم من تراجع القوي الاسلامية، وخاصة الإخوانية، وغياب أي احتجاجات واسعة عن الشارع(2) و التغول الأمني غير المسبوق علي المجال العام، فإن ذلك كله لا يبدو كافيا ليؤسس السيسي مشروعه الجديد/القديم. و في التقرير الصادر عن جمعيتنا العمومية في 5 سبتمبر 2014 أشرنا الي التناقضات التي تهدد مشروع السيسي الوليد وقتذاك، ومنها أزمة حكم الدولة المصرية وأزمة المجتمع وغياب الظهير السياسي، بالإضافة للوضع الدولي والإقليمي. و بعد أكثر من عام على حكم السيسي، كُشف عمق الكثير من هذه التناقضات علي نحو لم نتوقعه، وتغيرت المحددات السياسية والاقتصادية علي المستوى المحلي والإقليمي دافعة بتحديات وتناقضات أخري في المقدمة، لنجد أنفسنا أمام نظام مأزوم تأخر كثيرا في الاتيان ببراهينه لمن راهنوا عليه.
يبدو أن الدولة المصرية وصلت إلى حالة بائسة من التفكك الداخلي بالقدر الذي يجعلها عاجزة حتى عن تأسيس سلطوية متماسكة ويجعل إحكام السيطرة علي أجهزتها أمرا صعبا وكأن كل مؤسسة من مؤسسات الدولة هي طائفة في حد ذاتها تتصرف طبقا لمصالحها دون وجود رؤية لدور أو مشروع للدولة ككل، حتى بالمعني الاستبدادي. فحتى أنماط العنف التي تمارسها الداخلية، والتي هي شريك رئيسي في التحالف الدولتي الحاكم، وتوحشها بلا سقف أصبح له مدلولات خطيرة. فبالرغم من أن رأس السلطة التنفيذية - بالتأكيد - هي التي تطلق العنان للداخلية لممارسة قمعها، فإن الدولة غير قادرة علي فرض حد أدنى من الانضباط على سلوك تلك المؤسسة – أو أي مؤسسة أخري. فأصبحت الداخلية تمارس قمعها دون وجود أي تصور عن الإطار الحاكم لهذا القمع. و يبدو أن كل مؤسسة في الدولة تعمل بمعزل عن الأخرى وتتصرف طبقا لمصالحها وضوابطها هي، أو حتى مصالح العاملين فيها. و يبدو أن نقطة الالتقاء الأساسية بين مؤسسات الدولة هي اتفاقها علي الحد الأدني من القمع وغلق المجال العام والعداء لثورة يناير بالقدر الذي يسمح لها بالاستمرار كما هي كمجموعة من الأجهزة منعدمة الكفاءة والتي لا تخضع لأي محاسبة أو رقابة أو حتى آليات ضبط داخلية.
بالطبع الترهل الذي تعاني منه الدولة وجهازها الإداري هو إرث الحقبة المباركية، إلا أنه بعد عام ونصف تقريبا من حكم السيسي تبين مدي عمق الأزمة التي تعاني منها الدولة المصرية. وزيادة علي ذلك، يعاني مشروع السيسي من أزمة أخرى وهي عدم القدرة علي خلق نظام أو طبقة سياسية حاكمة حتى الآن، ويظهر الجيش أو الأجهزة العسكرية والأمنية كحزب حاكم أو نظام في حد ذاتهم، وهو أمر شديد الخطورة. فالتناقضات بداخل التحالف الحاكم (أو تحالف 3 يوليو) أعقد كثيرا مما توقعناه. وكشفت تلك الصراعات الداخلية عن نفسها بوضوح في انتخابات مجلس النواب و التي فشل النظام في إدارتها دون تخبط رغم عدم وجود أي معارضة فعلية بداخل المجلس، فانقلب أعضاء القائمة الانتخابية الأكبر "في حب مصر" - و هي قائمة الدولة/النظام - علي بعضهم واتهموا بعضهم بالعمالة، وبدأت تتضح معالم الصراع بين طبقة البيزنس المتمثلة في حزب المصريين الأحرار بداخل البرلمان ونظام السيسي (أو الأجهزة الأمنية). وظهر جليا غياب نظام بمعنى طبقة سياسية حاكمة بين الدولة والمجتمع على غرار الحزب الوطني، تدري جيدا كيف تدير الانتخابات لصالحها وتحتوي الخلافات الداخلية. وبذلك نجد أنفسنا بعد عام ونصف من الوعد بإنقاذ الدولة أمام دولة أكثر تفككا وتحالف حاكم متصارع. فأصبحت الدولة المصرية أشبه بمجموعة من المؤسسات المترهلة والتي يرتبط كل منها بشبكات مصالح خارجها.
وبينما يتعثر السيسي في تأسيس مشروعه الاستبدادي فهو لا يقدم أي تنازلات أخري، ولا يعوض عن إطلاقه آلة القمع المجنونة في أي مجال آخر. فمن الناحية الاقتصادية، تراجع السيسي عن بعض القرارات التي اتخذها في الأشهر الأولى من حكمه، مثل فرض ضريبة البورصة، مما يدل علي عدم استعداده لاستعداء طبقة رجال الأعمال أو اعتماد الحد الأدنى من السياسات لتحقيق العدالة الاجتماعية. ويجد النظام نفسه أمام أزمة اقتصادية متفاقمة وتدهور مستوي المعيشة خاصة مع تراجع الدعم الخليجي غير المشروط الذي حظي به السيسي بعد 30 يونيو لتغير الحسابات الإقليمية وطبيعة الصراع في المنطقة مع صعود داعش. و علي صعيد آخر لا يبدو أن هناك نية أو قدرة علي تحسين مستوي المرافق والخدمات الأساسية أو إصلاح الجهاز الإداري للدولة بشكل جدي. فالمعادلة المباركية القديمة مستمرة والتي تجمع بين جميع السيئات في آن واحد: الترسيخ لدولة استبدادية وغير تنموية وغير قادرة على القيام بوظائفها أو تقديم الحد الأدنى من الخدمات. ومع كل ذلك، فلا يبدو أن نظام السيسي قادر علي توفير استقرار حتى بالمعني الأمني مع استفحال الأزمات والمخاطر الحقيقية التي تواجه "الأمن القومي" مثل خطر الإرهاب بالأخص في سيناء.
و من ناحية أخرى، ارتكز النظام في لحظة تأسيسه علي ادعاء تغيير شروط علاقة الدولة بالمجتمع عن المسار الذي انحرف به نظام الاخوان من حيث قضايا المواطنة والنساء والخطاب الديني، إلا أنه بدا متخبطا إلى حد كبير في هذا الصدد. فبالرغم من عدم تبني النظام خطابا طائفيا كالذي تبناه الأخوان أو تحريضيا علي طوائف أخرى، وبالرغم من محاولاته الشكلية التقرب من النساء والأقباط، و بالرغم من ضمان شروط أفضل "للسلام المجتمعي" إلا أن هناك إشكاليات كبرى تواجه تأسيس دولة مدنية ودولة مواطنة حقيقية. فلقد شاهدنا انقضاضا علي حرية الفكر والإبداع ومحاكمات علي خلفية تهمة "ازدراء الأديان"، وممارسات طائفية ومتشددة دينيا من قبل رجال الشرطة مع بعض المتهمين. والأهم من ذلك هو رؤية الدولة المحافظة نفسها لقضايا المواطنة والنساء وما أسمته بـ"تجديد الخطاب الديني" عبر فرض وصاية الدولة كمستودع القيم الدينية والأخلاقية علي المجتمع. فمثلا تعاملت الدولة بالأساس مع المواطنين الأقباط عن طريق الكنيسة كممثل لهم، وسعت لإرسال رسائل شكلية إيجابية للأقلية المسيحية من المواطنين، إلا أن منظورها ما زال شديد الأبوية والطائفية لقضايا المواطنة ولم يحدث أي تغير حقيقي في بنية التشريعات والسياسات التي تكرس الطائفية والتمييز الديني. فلا يوجد أي مؤشرات عن وجود نية لتغيير عميق في علاقة الدولة بالمجتمع بل استمرارية لوصاية الدولة علي القيم المجتمعية، وهو ما يتفق تماما مع عداء هذه الدولة للتعددية بشكل عام وللسياسة "كمجال للتفاوض بمشاركة قوى المجتمع المختلفة" أيا ما كانت القضية (سياسية، ثقافية، دينية...).
وتدل كل هذه المؤشرات على أننا بصدد لحظة تحلل وتآكل للدولة على إثر تراكم عقود من فشل الدولة المصرية الحديثة سواء في تأدية وظائفها الأساسية أو في علاقتها بالمجتمع، وأننا أمام نظام مأزوم ومفلس وبلا مشروع سياسي حتى بالمعني السلبي الاستبدادي... نظام يصر على إعادة إنتاج دولة قديمة في سياق جديد وضمن مشهد إقليمي ودولي مختلف. ولكن وجود تناقضات بنيوية وأزمات داخلية مستحكمة تواجه النظام لا تعني بالضرورة عدم قابليته للاستمرار. فلا يمكن التنبؤ بسقوط أو استمرار هذا النظام و لا يمكن التنبؤ ما إذا كان سيسقط ببطء وعلي المدي الطويل أم سريعا في لحظة انفجار... و لكن الأهم هو إدراكنا أن سقوط النظام أو تغييره غير مرهون فقط بتناقضاته وأزماته الداخلية، إنما هو مرهون أيضا بقدرتنا نحن - القوي الراغبة في التغيير- علي طرح أنفسنا كطرف في الصراع وكبديل للانحطاط و الركود. و ينبغي أن ندرك أن النظام الحالي في ظل غياب أي استحقاقات سياسية واقتصادية أصبح يستمد شرعيته بشكل كبير من غياب البديل. و لذلك فمع غياب المشروع السياسي للنظام وغياب أي بدائل أو مشاريع حية أخري وتراجع القوى الإسلامية، نجد أنفسنا أمام فرصة ذهبية و مسئولية ضخمة. فبالرغم من أننا في لحظة انهزام مرحلي مؤلمة لثورة يناير، فإننا بصدد سياق سياسي مختلف عما عشناه في أعقاب 30 يونيو، ومن المؤكد أن لحظة الالتفاف الاستثنائي حول السيسي قد انفضت في نفس الوقت الذي تراجعت فيه القوى الاسلامية تماما عن المشهد كطرف مؤثر في الأحداث، وربما برهن عزوف الجماهير عن المشاركة في انتخابات مجلس النواب عن اشتياق حقيقي لوجود مشروع بديل للسلطة القائمة. فعلينا أن نعي أن جزء من مسئولية غياب السياسة عن المشهد حاليا يقع علي عاتقنا نحن، وأن علينا أن نطرح علي أنفسنا كمعارضة دورا يتخطى رفض مشروع السيسي، ويطرح مشروع سياسي بديل يؤمن بضرورة تحول جذري في المجتمع والدولة وينحاز للطبقات الفقيرة والمهمشة والمشاركة الشعبية في بناء الدولة ولقيم تقدمية أصيلة من حيث مبادئ المواطنة وحقوق النساء وتأسيس دولة مدنية. فإذا لم نغتنم الفرصة الآن لتنظيم أنفسنا و تنظيم المجتمع سوف تتجاوزنا الأحداث...
و لذلك ينقسم هذا التقرير إلي جزئين، الجزء الأول معني بتحليل المشهد السياسي الراهن عن طريق عرض التحديات التي تواجه نظام السيسي والتي يمكن اختصارها في: تفكك التحالف الحاكم وترهل وانحطاط الدولة وأجهزتها - الإرهاب ومظاهرات الإخوان ولجوئها للعنف - فقدان الشرعية الدولية - الأزمة الاقتصادية الاجتماعية، ثم أركان مشروع السيسي و كيف واجه تلك التحديات، وأخيرا محددات المشهد السياسي الراهن. أما الجزء الثاني من التقرير فينشغل بسؤال "مهامنا" أو "ما العمل" في ظل هذا الوضع السياسي. و يحاول هذا الجزء من التقرير تقديم رؤية لعمل الحزب في الفترة القادمة خاصة من خلال معركة المحليات و دورها في بناء الحزب.
التحديات التي واجهت سلطة الجيش (نظام السيسي) بعد 30 يونيو 2013
* تفكك التحالف الحاكم وترهل وانحطاط الدولة وأجهزتها:
يبدو من ناحية أن هذا النظام يحاول أن يجد شكلاً جديداً للقوى التي مثلت التحالف الحاكم على مدى العقود الماضية - و الذي انفرط عقده بخلع مبارك – فلا هو استطاع حتى الآن أن يجد موقعاً فوق هذه القوى مجبراً إياها على تنفيذ مشروعه، ولا هو استطاع أن يجمعها طواعية حول مشروع يقف في المنتصف بين أطماعها. يواجهه أيضاً في ذلك ترهل و انحطاط الدولة و أجهزتها بما يثقل خطواته في اختلاق وتنفيذ مشروع إعادة التأسيس بدون تحالف مع هذه القوى.
* الإرهاب ومظاهرات الإخوان ولجوءها للعنف:
بالرغم من توجيه أجهزته الأمنية ضربات متوالية وقاصمة لجماعة الإخوان المسلمين بدعم شعبي واسع تضمنت مقدار هائل من انتهاكات حقوق الإنسان أثمرت نجاحاً واضحا في تفكيك التنظيم وجعله مهلهلاً وغير قادر على الحركة، فإنه لا يزال يتخبط في مواجهة الجماعات الجهادية في سيناء بكلفة بشرية عالية وفي ظل تعتيم عن ماهية الحملة وأهدافها ونتائجها. كما أنه لا يستطيع السيطرة على عمليات فردية قد تحدث في المدن من حين لآخر.
* ارتباك الشرعية الدولية للنظام:
أما بالنسبة لموقع نظام السيسي دولياً فقد تخطى بشكل ما الإدانة الدولية في الفترة من يوليو لأغسطس 2013. فالوضع الاقليمي يدفع لمزيد من التواطؤ مع النظام المصري في سياق احتياج القوى المختلفة (أمريكا – روسيا – السعودية) لحليف في المنطقة وأسواق لبيع السلاح والديون. ويبدو السيسي قادراً على الحفاظ على علاقات جيدة معها جميعاً رغم التناقضات الموجودة بينها ويتحالف في توازنات دقيقة لا يمكن تصور استمرارها لفترات طويلة. ولكنه يبدو – حتى الآن – قادراً على الإفلات من دفع أثمان سياسية ضخمة نتيجة أحد هذه التحالفات أو احتسابه في كنف أحد هذه القوى دون أخرى.
يمكن فهم النجاح الدبلوماسي في إسكات الأصوات المتابعة لتدهور أوضاع حقوق الإنسان في مصر في ملفات كالاختفاء القسري والتعذيب وتراجع حرية التعبير رغم تصاعد الاستياء في دوائر الرأي العام في الغرب (كمؤسسات حقوقية و أكاديمية وبعض البرلمانيين) وفي تخطي تأثير أزمات كأزمة سد النهضة، ورغم أن الانفلات والفشل وعدم الشفافية في تعامل مؤسسات الدولة الأمنية مع أزمات (مثل حادثة الطائرة الروسية ومقتل الباحث الايطالي) يجعل موقف مصر الدولي محرج ويعرضها لانتقادات لكنه لا يضعها في حصار كامل.
فالنظام يعوض هذه المشاكل بعمل صفقات مكلفة مع شركات ودول أجنبية ما كانت لتمر لو كان هناك نظام ديمقراطي شفاف على المستوى الداخلي - مثل صفقة المفاعل النووي مع روسيا أو اتفاقات المشاريع والاقتراض - تلك التي يتم تمريرها بدون غطاء تشريعي. يساعده في ذلك أن الدوائر الحاكمة في الغرب تغض النظر عن ملفات حقوق الإنسان والشفافية والديمقراطية طالما سيحقق ذلك مصالحها.
* الأزمات الاقتصادية و الاجتماعية:
و فيما يحاول إحكام قبضته على مجتمع منهك ومتململ عن طريق الأجهزة الأمنية والإعلام الموجه للحفاظ على دعم شعبي لسلطويته، فلا يزال النظام يواجه أزمات ضخمة في التعامل مع المجتمع. فمحاولته الظهور كمنقذ للشعب المصري من الفوضى والخراب تتعارض مع خضوعه – طوعاً – لأجندات نيوليبرالية تزيد من تعاسة الجماهير وذلك رغم تقديمه لبعض المسكنات – كمنظومة جديدة للتموين و طرح وجبات و تعويضات لحوادث وما إلى ذلك - لا يبدو أنه يستطيع الحفاظ على استمراريتها و يعتذر دائماُ بثقل تكلفتها. هذا فضلاً عن التصريحات المتكررة حول الدعم والمعاشات وغيرها مما يمثل مزيداً من التهديد للمواطنين من الطبقات الوسطى والدنيا مما ينعكس على تصاعد حركة الاحتجاجات.
كما لا يزال يواجه النظام صعوبات التعامل مع أزمة المجتمع وتصاعد العنف فيه. فرغم محاولات السيطرة على مظاهر العنف الطائفي والقبلي والجنسي فيما يحاول أن يجعله يبدو كاستجابة لمطالب نسوية أو استجابة لنداءات ببعض الحساسية في التعامل مع الأقباط في أزمات ومناسبات مختلفة – حتى و لو ضمن منطلقات النظام السلطوية والأبوية، لا تزال هذه المظاهر حاضرة رغم ميل الإعلام - إعلام النظام و الموالي له – للتعتيم على حوادث مختلفة وعدم مناقشتها بجدية إذا اضطر لذلك أو لاستخدامها سياسياً في المباعدة بين الفئات المستضعفة في المجتمع وبين القوى الديمقراطية مع اعتماد النظام بشكل أساسي على المؤسسات الدينية الرسمية المحافظة مثل الأزهر وتزايد نفوذها خاصة في ظل توطد العلاقات مع المملكة العربية السعودية.
أركان مشروع السيسي لإنقاذ / استعادة الدولة و مواجهة نظامه لهذه التحديات
* تصورات قديمة للتنمية بين أجهزة دولة مترهلة وعالم مأزوم:
قدم السيسي نفسه منقذاً للمجتمع من كل أزماته – خصوصاً تلك التي أطاح السخط منها بسلفيه مبارك و مرسي – فراهن على المشروعات القومية الكبرى لتسريع النمو ومواجهة مشكلة البطالة مع الإسراع بتنفيذ الأجندة النيوليبرالية (الرفع التدريجي للدعم عن الطاقة - تحويل الدعم العيني لدعم نقدي - إلخ) والسعي لفتح مصر كسوق للشركات المتعدية الجنسية ومنحها عروض سخية في إطار خطة تنفيذ ما يسمى بالمشروعات القومية الكبرى بضمانات تمويل خليجية والسعي للحد من الآثار الكارثية على مستوى حياة الناس بتوسيع مظلة الضمان الاجتماعي وتحسين منظومات توزيع الخبز والمواد التموينية، في غياب أي تصور للتنمية أو رؤية اقتصادية اجتماعية شاملة تتضمن تطوير منظومات الصحة والتعليم وتحسين الخدمات ورفع كفاءة الجهاز الإداري للدولة.
في ظل ترهل أجهزة الدولة - الذي تم الإشارة إليه سابقاً كأحد التحديات التي تواجه هذا النظام - تم الاستعاضة عنها بتكليف الجيش بالقيام بمهامها فتم اللجوء للجيش لتنفيذ المشروعات الاقتصادية الكبرى تجنبا للتعقيدات البيروقراطية والفساد وعدم الكفاءة مما بدأ يؤدي لمزيد من التوسع في النشاط الاقتصادي العسكري، ذلك الذي جرى تقنينه بتعديل قانون جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة والسماح له بتأسيس شركات منفردة أو بالشراكة مع شركات محلية أو أجنبية مما يؤدي للمزيد من التشابك في علاقات الشراكة بين جماعات من العسكريين مع المصالح الرأسمالية المحلية والدولية.
هذا التصور المعيب يرى الجيش كمؤسسة منفصلة تماماً عن مؤسسات الدولة ومنزهة عن الفساد والترهل، رغم تعزيز الدولة لإمكانيات الفساد والتدهور هذه بالإبقاء على العسكريين غير خاضعين لقانون الكسب غير المشروع مع هذا التوسع، غاضة النظر عن تكون جماعات العسكريين متكالبين على جني الأرباح من هذه المشروعات والشراكات مما يؤدي إلى تعارض في مصالح هذه الجماعات وانقسامات بالتالي داخل الجيش نفسه.
أما التصور الآخر – و المتعلق بفتح مصر كسوق للاستثمارات الأجنبية بعروض سخية في إطار استعادة الشرعية دولياً – فيعيبه قصور آخر وهو أنه لا يرى أبعاد الأزمة الاقتصادية العالمية وتراجع الشركات الدولية الكبرى عن ضخ استثماراتها في مثل هذه الأسواق المحفوفة بالمخاطر ولا يرى حتى حركة التجارة العالمية وتأثيرها على مشروعات كتفريعة قناة السويس الجديدة و المشروعات المصاحبة لها.
نتيجة لهذه التصورات ما زالت الأزمة الاقتصادية تتصاعد، وينكشف ثقل أعباء الاقتراض والاستدانة من الخارج والداخل وتتواتر التقارير والتحليلات عن تعثر المشروعات الكبرى بسبب نقص مشكلات التمويل وضعف الجهاز الإداري، و يتضح فشل النظام في تطبيق حقيقي وفعال لقوانين الحد الأقصى والأدنى للأجور ، كما يتضح محدودية آثار محاولات النظام التخفيف من حدة تزايد الفقر وتهدئة التوترات الاجتماعية.
* بناء شرعية جديدة معتمدة على قوى إقليمية:
بدأ السيسي محاولة بناء نظامه في لحظة 30 يونيو الاستثنائية التي وفرت لنظام السيسي دعما شعبيا غير مسبوق ودعما خليجيا غير مشروط في ارتباطها بحروب أهلية وفوضى ضربت الإقليم وخصوصا في سوريا والعراق واليمن وليبيا، وخدم نظامه – في محاولاته لاكتساب شرعية - التحولات في المشهد الإقليمي والعالمي التي أسفرت عن تصدر شعار "الحرب على الإرهاب" للمشهد.
و لكن من ناحية أخرى، تستمر الأزمة الاقتصادية العالمية ويستمر الانخفاض الكبير في أسعار النفط مما يؤدي لتراجع المساعدات الخليجية وتزايد كلفتها بما يؤدي للمزيد من الارتهان للسعودية رغم تعارض المصالح والخلافات في المواقف - خصوصا المواقف حول سوريا وإيران وروسيا - ومخاطر أن يؤدي هذا إلى تورط مصر في الحروب الإقليمية التي تخوضها السعودية خصوصا بعد إعلان ما سمي بالتحالف العسكري الاسلامي (السني) وتقديم أشكال غير واضحة من الدعم في نفس اللحظة.
* الابتعاد الكامل بجهاز الدولة عن القوى الاجتماعية:
بدأ السيسي وجوده بسعيه لنظام يخضع أطراف التحالف الحاكم (الرأسمالية الكبيرة والقيادات البيروقراطية) قسراً، استنادا لشعبيته. لكن تطور به الأمر، مع اتضاح عدم سيطرته على الأمور بشكل كامل، إلى التحول التدريجي من السعي لإخضاعها إلى السعي لاسترضائها أو الخضوع لضغوطها وظهر ذلك جلياً في إصدار بعض القوانين كقانون الاستثمار، والتصالح في قضايا نهب المال العام أو العدول عن بعض القوانين الأخرى كإلغاء الضريبة على الأرباح الرأسمالية وضريبة الثروة والتجميد الفعلى لقانون الحد الأقصى للأجور ..إلخ.
كما أدى تصور السيسي بإخضاع الجميع والسيطرة على الأمور، مع الانهيار السريع لتحالف 30 يونيو لصالح المكون العسكري/الأمني و ترك أمور إصلاح أجهزة الدولة، وخصوصا القضاء والشرطة، لها نفسها مع مخاوف الاقتراب منها بأي مشاريع للإصلاح تخوفاً من انهيارها وآثاره إلى استمرار وتفاقم عدم الكفاءة والعجز عن فرض الانضباط عليها وانعكس ذلك على شعبيته (انتهاكات و جرائم الشرطة خصوصاً(.
* نظام سياسي جديد بلا طبقة سياسية:
يظل هناك علاقة متبادلة بين فشل النظام في ترميم وإعادة بناء التحالف الحاكم وبين عزوف السيسي عن بناء ظهير سياسي، يكون إطارا لحل سلمي لتناقضات أطرافه وجسرا بين النظام والجماهير، من ناحية، وميله للاعتماد على الأمن والإعلام والتواصل المباشر مع الجمهور من الناحية الأخرى. فهذا النظام يطرح على نفسه موقعاً معادياً للسياسة بشكل عام - وربما يتخوف رأسه من إعادة بناء ظهير سياسي بعد تجربة سلفه مبارك – و بالطبع لا يريد وجود معارضة حقيقية. فحتى بعد تراجع حركة الإخوان المسلمين والعنف الإخواني بتأثير الضربات الأمنية والانشقاقات الداخلية، يمد النظام القمع لينال كل القوى المحسوبة على ثورة يناير في مواجهة التسييس الواسع في المجتمع كنتاج لثورة يناير والسعى لمحاصرة المجال العام والقضاء على السياسة.
هنا سيبقى البرلمان، الذي يهيمن عليه ضباط الجيش والشرطة المتقاعدون ورجال الأعمال مع تمثيل محدود جداً للقوى الديمقراطية، محطاً للأنظار فربما يتحول إلى ساحة صراع بين الطرفين الأول والثاني، وربما يدفع ذلك السيسي لتكوين ظهير سياسي. وربما ينتج عنه تقدماً للقوى المدعومة من رجال الأعمال بما يشكل ضغطاً لتشكيل التشريعات والسياسات.
أهم محددات المشهد السياسي الراهن
مما سبق طرحه يمكن تصور المشهد السياسي الراهن بشكل واضح نسبياً بالإضافة إلى نظرة على أداء النظام والأطراف الأساسية المحيطة به – على الأقل في المدى القصير – و ذلك في ضوء بعض المحددات الآتية :
تستمر حالة عدم الاستقرار السياسي ويستمر تخبط النظام برهاناته إقليمياً وخارجياً، وتستمر الصراعات داخل التحالف الحاكم فيغيب الظهير السياسي وتتزايد عسكرة النظام، تارة بالمزيد من الهيمنة الاقتصادية وأخرى باستئثار العسكريين المتقاعدين على المناصب الرئيسية في الجهاز الإداري للدولة ومناصب المحافظين ونوابهم.
يزيد تفاقم الأزمة الاقتصادية بسبب غياب رؤية تنموية متكاملة وتعثر المشروعات الكبرى المشكوك أصلاً في جدواها الاقتصادية والتوسع في القروض وكل ما يترتب على ذلك من مشكلات مردودها الرئيسي على الفقراء أزمة البطالة وارتفاع الأسعار وانهيار الخدمات. مما يؤدي إلى تزايد الفجوة بين التوقعات والواقع ونفاذ صبر المواطنين وتصاعد غير مسبوق، منذ تولي السيسي الرئاسة، في الاحتجاجات الاجتماعية. و لكن هذه الأزمة الاقتصادية وحدها لا تؤدي لانتفاضة اجتماعية، وتراجع الشعبية يقابله التعب والإرهاق من جانب الجماهير والقلق من الأوضاع الإقليمية، والأهم غياب البديل الذي يمتلك روابط تنظيمية يعتد بها مع حركات المقاومة الاجتماعية.
تفاقم الأزمة الاقتصادية وتصاعد الاحتجاجات الجماهيرية في غياب أي تصور لدى النظام للخروج من الأزمة قد يدفعه لمزيد من القمع واصطفاف الطبقة الوسطى خلف الجيش والأجهزة الأمنية لإنقاذ البلد من "الفوضى"، وقد يدفع النظام هوسه بإيجاد إنجاز ضخم له للتورط في حرب خارجية (الإنفاق الهائل على التسليح - التحالف الاسلامي بقيادة السعودية)، وقد يؤدي تأزم الوضع دون انفراج - مع الاستمرار في الفشل من ناحية وتراجع الشعبية وتزايد السخط من ناحية أخرى - لانقلاب قصر يزيح السيسي لصالح جنرال آخر يكون أكثر استعداداً لعقد صلح مع الإسلاميين وإعادتهم للمشهد في صيغة تعايش على النمط المباركي.
إلا أن الأزمة يمكن أن تدفع – مع زيادة الاحتجاجات و تخبط النظام - ببعض مساحات للحركة والتنفيس تساهم في فتح المجال السياسي، ففشل النظام في عمل الحد الأدنى من الإصلاحات في جهاز الدولة وتخفيف حدة الفقر قد يؤدي به أيضا للفشل في إعادة بناء النظام السلطوي، كما هو واضح حتى الآن، ولكن تبقى مخاطر استمرار حالة التحلل السياسي والاجتماعي لفترة طويلة دون وجود أي مخرج هي الأقوى والأكثر وضوحاً.
مهامنا
النظام معادي لكل أشكال التنظيمات السياسية والنقابية والمجتمعية، ويطلق يد الأمن تبطش وتحاصر حركة الجماهيروترهبهم بحملات القبض والإخفاء القسري من أجل فرض نظام استبدادي سلطوي، إلا أنه لا يزال يواجه مقاومة تتعدد صورها في الاحتجاجات الاجتماعية التى تحمل مطالب مشروعة من احتجاجات الموظفين والعمال والفلاحين والعاطلين عن العمل ووقفات المطالبة بالإفراج عن سجناء الرأى، والحركة الطلابية دفاعا عن اتحادهم المنتخب، أيضا مشهد البرلمان الأخير الذي سعى النظام بدأب أن تكون انتخاباته منزوعة السياسة ورتب لها بتفاهمات و"تظبيطات" الغرف المغلقة، ورغم عتمة هذا المشهد إلا أنه ثمة ضوء ساطع في العديد من الدوائر لمرشحين ومرشحات استطاعوا أن يخوضوا معارك ويحصلوا على أصوات مكنت البعض منهم بالفوز وأخرين حققوا نتائج ومعارك جادة من بينهم نساء ومسيحيين وعمال.
بمجرد انتهاء انتخابات البرلمان انطلقت مبادرات المحليات في مختلف المحافظات تؤكد أن هذا الشعب لا يزال يقاوم الحصار، ويسعى لانتزاع حقه في المشاركة وصنع القرار ومواجهة الفساد، هذا بالإضافة إلى العديد من المبادرات والمجموعات التى تشكلت مع ثورة يناير في مختلف المحافظات نشطت على قضايا مجتمعية محلية وقضايا المواطنة والنساء، هذا يجب أن يكون محل اهتمام القوى الديمقراطية ومن بينها حزبنا الذي يسعى إلى استكمال عملية بنائه عبر نضالات وسط الجماهير والقوى الحية في المجتمع بروافدها المختلفة.
وانتخابات المحليات فرصة للقوى الديمقراطية و من بينها حزبنا للعمل مع هذه المجموعات ويجب أن نبدأ العمل من الآن ونقطع الطريق على القوى التقليدية "الرجعية – أصحاب المال" فى سعيهم لاستقطاب هذه المجموعات، فواجبنا ومسئولية التنظيمات الديمقراطية هي دعم كل هذه القوي المحلية ذات المزاج الديمقراطي والتي ارتبطت بثورة يناير لتتحول إلي رصيد للنضال الديمقراطي وطرف في الصراع مع القوي التقليدية في لحظة تحول حقيقية في المجتمع تراجعت فيها شعبية القوي التقليدية (المرتبطة بالدولة والإسلاميين). إن واجبنا هو دفع هذه القوى المتقدمة لكسر عزلتها والوصول إلى جمهور واسع تتفاعل معه سياسياً في آتون المعركة.
ونقدم من خلال هذا المعركة وفي سياق سعينا لاختراق جماهيري واسع علي أرضية القضايا المحلية رؤيتنا وبرنامجنا في سياق سعينا لخلق نفوذ سياسي للقوي الديمقراطية التقدمية، وأيضا تمكين القطاعات الشعبية التي سنعمل معها من أجل بلورة مهامها ورؤيتها بما يجعلها أكثر قدرة على القيام بأدوار تقدمية في المجتمع، وتصبح قادرة على تنظيم نفسها وانتزاع مساحات أوسع في المجال العام، فضلا عن أن هذا التفاعل مع الجماهير هو فرصة حقيقية لبناء الحزب وتطوير خطابه وآليات عمله وجعله أكثر فاعلية وحيوية.
على مدى عقود طويلة، تتشكل المجالس الشعبية فى ظل غياب الجماهير. فكانت دائما تتم بترتيبات من الحكومة والحزب الوطنى، فالمحليات من الملفات التى حرص نظام مبارك أن تكون تحت السيطرة التامة، لخطورة الملفات المتعلقة بالمحليات فهى مرتبطة بالمصالح والخدمات المباشرة بالمواطنين والمواطنات من صحة إلى تعليم وسكن إلى خطط تنموية...إلخ، وبطريقة إدارة مواردها، والمراقبة على السلطة التنفيذية. بطبيعة الحال أى نظام سلطوي لا يمكن له أن يسمح بمشاركة شعبية وممارسة القواعد الديمقراطية، وتحولت المجالس المحلية لمجرد تشكيلات لمجموعات مصالح وامتلأت بالفساد.
بانطلاق ثورة 2011 بادرت الجماهير بوعى أصيل إلى الالتفات إلى المحليات، وتكونت المجموعات التى سعت لممارسة حقها في المشاركة الشعبية والسياسية، وبادرت بالانخراط في حملات حول المحليات وتشكيل مجموعات محلية بغرض تحسين الخدمات ومواجهة الفساد. فلا يجب أن تتباعد القوى السياسية عن اختيارات الجماهير بل علينا أن نضع قضية المحليات على أولوياتنا، ونعمل على تمكين المواطنين والمواطنات من خوض الانتخابات المحلية خاصة ودستور 2014 يتيح فرصة لتمثيل النساء والشباب والمسيحيين والعمال والفلاحين.
هذا ما دفع الحزب إلى العمل من الآن على دعم القيادات والمبادرات الموقعية في محافظات مختلفة من أجل تمكين مرشحين من القيادات المجتمعية والعمال والفلاحين والمهنيين (نساء ورجال) ممن ينحازوا لثورة 25 يناير ومطالبها في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية.
أيضا العمل على دعم مبادرات جماهيرية محلية من أجل العمل على قضايا مجتمعية حول حقوقهم المشروعة فى التعليم والصحة والسكن والمواصلات والنقل والعمل والأمن.
فتحقيق الديمقراطية وقيم المواطنة والمشاركة الشعبية وتمكين المواطنين والمواطنات من العمل السياسي وإتاحة الفرص لهم يبدأ من العمل القاعدي الذي يربط القيادات الطبيعية بمجتمعاتهم ويتيح لهم فرصة الممارسة واكتساب الخبرات العملية على المستويين المجتمعى والسياسي.
كما سوف يسعى الحزب للعمل وسط جبهة واسعة من الأحزاب والمجموعات المحلية ومنظمات المجتمع المدنى من أجل إصدار قانون للمحليات قائم على:
* اللامركزية التى تعمل على توزيع السلطات والصلاحيات بما يمكن المواطنين والمواطنات من إدارة شئون نفسهم وممارسة ديمقراطية تشاركية تعزز ثقتهم بنفسهم وبقدرتهم على صنع القرار وتحديد اختصاصات واضحة للمجالس المحلية تمكنها من صناعة القرار والتخطيط لاحتياجاتها وإدارة مواردها، وانتخاب المحافظين ورؤساء الأحياء.
* العمل على إدماج قضايا النساء وتعزيز مشاركتهن المجتمعية وصنع القرار في القضايا المحلية، فنصيب النساء في هذه القضايا ليس بقليل فتحرم النساء من حقهن في التعليم والحصول على الرعاية الصحية بحكم واقع ثقافى وعادات اجتماعية يجب مراعاتها في وضع الخطط الخاصة بالخدمات، كما أن تدهور خدمات مثل نقص المياه وانقطاع الكهرباء أو عدم توافر الصرف الصحى يحمل النساء بأعباء مضاعفة نتيجة لنقص هذه الخدمات، ناهيك عن أن 30% من الأسر تعولها نساء، وهي نسبة كبيرة منهن في المناطق الفقيرة التى تعمل فيها النساء في القطاع غير المنظم وهن أولى بالحماية، أيضا المرأة الريفية التى تعمل و تساهم اقتصاديا وأغلبهن لا يتقاضين أجر، فوفقا للاحصائيات الرسمية فنسبة 72% من النساء في العمالة غير المنظمة يعملن لدى العائلة بدون أجر فهؤلاء النساء يحتجن إلى خطط تنموية تدمج قضايا النوع وتخلق فرص اقتصادية من أجل تمكينهن وحماية اجتماعية لهن .
* هذا يتطلب أيضا أن تُطبق الموازنات التشاركية والمستجيبة للنوع التي تشارك المجتمعات المحلية في إعداد الموازنات أى تبدأ بإعداد الموازنات من المستوى المحلى من خلال تلبية مطالبهم واحتياجاتهم، فضلا عن أن تضع الدولة الموازنة بما يلبي احتياجات الرجال والنساء، وتضمن تمتعهم ووصولهم للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
العمل على المحليات هو تطبيق لاستراتيجية عمل أقرها "العيش والحرية" منذ بداية تأسيسه تستهدف بناء تنظيم سياسي من خلال النضال وسط النقابات والاتحادات و الروابط والجمعيات والتعاونيات والحركات الاجتماعية عبر آليات متعددة من التنسيق والعمل المشترك وبناء التحالفات والجبهات، وتحفيز ودعم كل من يتعرض للاضطهاد والاستغلال على أساس النوع أو الدين أوالجغرافيا إلى بناء تنظيماتهم بالإضافة إلى التضامن معهم ودعمهم للتصدى لما يتعرضون له من اضطهاد واستغلال.
فعلى مستوى العمل العمالي يتبنى الحزب عدد من الاستراتيجيات لعل من بينها استراتيجية التضامن والمساندة مع التحركات المطلبية للعمال والمساهمة في دعم حركتهم بما يمكنهم من القدرة على المقاومة والتصدى للانتهاكات التى يتعرضوا لها من تدهور علاقات العمل أو حرمانهم من حقوقهم المالية (أجور – أرباح) أو منعهم من ممارسة حقهم في التنظيم.
ومع استمرار سياسات الخصخصة وبيع المصانع والشركات في صفقات مشبوهة، صدرت العديد من الأحكام القضائية ببطلان عدد من هذه الصفقات، ولم تنفذ الدولة أحكام القضاء بل أصدرت قانون يحصن التعاقدات واستمرت في عمليات البيع والإجهاز على صناعات استراتيجية منها الغزل والنسيج و السكر مع الاستمرار في تسريح العمال دون حصولهم على حقوقهم. انتقل أيضا الصراع بين العمال من جانب والحكومة وأصحاب رأس المال من جانب آخر، فلم تعد الاحتجاجات قاصرة على مطالب تحسين الأجور ومواجهة الفساد المالى والاداري، فثمة مبادرات وحملات تتشكل الآن من أجل التصدى لعمليات الخصحصة التى تتم (الغزل والنسيج – السكر)، أيضا انتقلت حركة العمال إلى مستوى أعلى من التضامن والعمل الجبهوي فيما يتعلق بالتصدى لقانون الخدمة المدنية وإصدار قانون الحريات النقابية، جميع هذه المعارك لا يمكن أن يكون حزبنا بعيدا عنها فهى ليست مجرد مطالب لفئة من المجتمع بل هى معارك مركزية ورئيسة من أجل العدالة الاجتماعية، ويتعين على الحزب أن يرتبط بها ويأخذ زمام المبادرة ويكون طرف فاعل في عدد من الجبهات والتحالفات التى تشكلت ( حملة معا للحريات النقابية – تنسيقية رفض الخدمة المدنية – انقذوا صناعة الغزل والنسيج – انقذوا صناعة السكر)، بالتأكيد تشكيل عمل جبهوى مع تنظيمات نقابية وعمال ليس بالأمر الهين بسبب الوضع المؤسسي للتنظيمات النقابية، وتنوع الوعي السياسي، ونقص خبرات العمل المشترك، وهذا يجعل من مهمة الحزب صعبة وضرورية في بناء توجه اجتماعي وسياسي لهذه الحركة.
ومن المهام أيضا التى يحرص حزبنا على العمل عليها هو تغيير الاتجاه المحافظ تجاه قضايا النساء داخل الحركة العمالية والنقابية والعمل على دمج قضاياهن فيها، ويصبح مواجهة العنف والتمييز تجاه النساء في أماكن العمل وداخل التنظيمات النقابية قضية أولوية داخل الحراك العمالى، فيعمل الحزب على استهداف العمل مع النساء العاملات أنفسهن وتحفيزهن على العمل على قضاياهن و تبنى النقابات العمالية لها .
وعلى مسار آخر ذي صلة، يتوجه الحزب إلى القضايا الفلاحية وينشغل بأوضاع الفلاحين والعمالة الزراعية (رجال – نساء) فالسياسات الزراعية التى تبنتها الدولة على مدار عقود لم تسهم إلا في إفقار الفلاحين وتدهور أوضاع الريف المصري بشكل عام وأدت إلى تراكم الديون على الفلاح، وانتزاعه من أراضيه التى يزرعها. فرغم عقود من حرمان الفلاحين من حقهم في التنظيم، فإن نضالهم لم ينقطع للدفاع عن الأراضي التى يقومون بزراعتها أو المطالبة بدور للدولة واضح لدعم زراعة المحاصيل المختلفة. إن الحزب يضع هذا الملف على أولوياته ويسعى إلى دعم و مساندة مبادرات فعلية على الأرض مثل مزارعى القصب في جنوب الصعيد وتمكينهم من تأسيس اتحاداتهم، وتكرار هذه التجربة في محافظات وزراعات أخرى، وأيضا تقديم الدعم القانوني والمشاركة في الفاعليات التضامنية لدعم الفلاحين المدافعين عن حقهم في أراضيهم الزراعية ( سرسو الدقهلية – الكولة سوهاج(.
لم يكن الحزب بعيداًعن تحرك الطلاب في الجامعات دفاعاً عن اتحادهم المنتخب الذي جاءت نتائجه على غير رغبة الدولة، إدراكاً من الحزب بأهمية التنظيم بأشكاله المختلفة من أجل تمكين الجماهير من الحركة والتفاوض والدفاع عن نفسها وحقوقها.
إن هذه المسارات التى يناضل من خلالها الحزب (العمالية – الفلاحية – الطلاب) والمجموعات المجتمعية التى تعمل على قضايا النساء والتمييز الدينى هى مرتكزات أساسيه للحزب، ويعمل على فتح آفاق أوسع للحضور السياسي لهذه المجموعات والفئات الاجتماعية، ويري الحزب رغم التضييق و الحصار الأمنى إلا أن ثمة فرص تجعل هناك إمكانية مؤاتية علينا ان نتعامل معها بالجدية اللازمة، ومنها:
* عدم الرضا عن أداء مؤسسات الدولة وتردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية يدفع الجماهير إلى الاحتجاج و التحرك من أجل مطالبهم وهذا كان واضحا خلال الفترة الماضية.
* تراجع "التيار الإسلامى" في الشارع وخفوت خطابه المحافظ والطائفي مما يشكل فرصة محفزة خاصة للنساء والمسيحيين على الانخراط في المجال العام و السياسي.
* عدم وجود ظهير شعبي منظم ومتماسك يستند إليه مشروع "السيسي"، فهو إلى الآن يجمع حوله مجموعات مصالح بينها تناقضات وصراعات ويسمح ذلك بمساحات من الحركة على القوى الديمقراطية أن تعمل عليها وتستفيد منها.
يجب أن تتحمل القوي الديمقراطية ومن بينها حزبنا المسئولية وأن تكون طرف في المعادلة وتتجاوز الحصار المفروض عليها، وأن تقدم نفسها للجماهير كبديل سياسي بعيدا عن مشاريع التذيل للدولة أو الإسلاميين، بديل قادر على استكمال مسار الثورة والعمل على تحقيق التغيير الديمقراطي والعدالة الاجتماعية .
هوامش
(1) والتي كانت هي ذاتها التنفيذية قبل انتخاب مجلس النواب.
(2) فيما عدا بعض الاستثناءات مثل المظاهرات الرافضة لقانون الخدمة المدنية.
 5�-;-6�-;-@�-;-�-;-



#سعيد_ابوطالب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دفء مقعد المقهى
- اجنحة الفراشات
- الحزب والابنية الوسيطة
- أطباء بلا حقوق ومهندسون ضد الحراسة
- المهدى
- تقرير سياسى لحزب العيش والحرية تحت التاسيس المصرى
- قراءة جديدة : فى الحاجة الى استراتيجية اشتراكية جديدة
- تنظيم الحزب والعمل الجماهيرى
- اليسار والنقابات المهنية
- اليهود والمسلمون
- مصر إناء يغلى على النار
- زيارة السيدة العجوز
- الطبقة الوسطى بين التهميش والهجرة
- تمزيق سترة قديمة
- مصر بين الوحدة الوطنية والفتن الطائفية
- الاقباط بين الاندماج والجيتو
- السيد النبى


المزيد.....




- سعودي يوثق مشهد التهام -عصابة- من الأسماك لقنديل بحر -غير مح ...
- الجيش الإسرائيلي يواصل ضرباته ضد أهداف تابعة لحماس في غزة
- نشطاء: -الكنوز- التي تملأ منازلنا في تزايد
- برلين تدعو إسرائيل للتخلي عن السيطرة على غزة بعد الحرب
- مصر تعلن عن هزة أرضية قوية في البلاد
- روسيا تحضر لإطلاق أحدث أقمارها لاستشعار الأرض عن بعد (صور)
- -حزب الله- يعلن استهداف ثكنة إسرائيلية في مزارع شبعا
- كييف: مستعدون لبحث مقترح ترامب تقديم المساعدات لأوكرانيا على ...
- وسائل إعلام: صواريخ -تسيركون- قد تظهر على منظومات -باستيون- ...
- رئيس الوزراء البولندي: أوروبا تمر بمرحلة ما قبل الحرب وجميع ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد ابوطالب - التقرير السياسى الصادر من الجمعية العمومية لحزب العيش والحرية تحت التأسيس فبراير 2016