الهجرة مستمرة ولن تتوقف إلا بسقوط الراسمال وحكوماته

سامان كريم

الحوار المتمدن-العدد: 5102 - 2016 / 3 / 13 - 21:22
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    

سؤال: أزمة المهاجرين كما تم تسميتها والتي برزت منذ أكثر عام، جموع مليونية عبرت البحر تركت تواجه مصيرها لوحدها وكان الموت والجوع يطاردها في رحلتها.. ادعاءات الاتحاد الأوروبي باحترام حقوق الإنسان لم يكن له وجود ترجم الى غلق الطرق والأعتقال والضرب بحقهم.. ليأتي أخيرا بأتفاق مع تركيا للقضاء على الهجرة التي يسمونها غير شرعية.. الأتفاق الذي قال عنه رئيس المجلس الأوربي بأنه "يبعث برسالة واضحة تقول إن ايام الهجرة غير المنضبطة الى اوروبا قد انتهت." الأتفاق تلخص في أعادة ما اسموهم بالمهاجرين غير النظاميين اللذين يعبرون تركيا الى اليونان.. وتوطين لاجئ سوري واحد من تركيا مقابل كل سوري يعاد الى تركيا.. أضافة الى ما بعد هذا الأتفاق سيء السمعة قام حلف شمال الأطلسي بنشر بوارج حربية للمساعدة في ايقاف تدفق المهاجرين.. الأتحاد الأوربي يخالف قوانينه ويظهر وجهه القبيح لمعالجة هذا النزوح المليوني والذي كان سببه سياساته وبرامجه القذرة تجاه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.. برايك ماذا يعني هذا الأتفاق؟؟..

سامان كريم: الاتفاق بين تركيا والاتحاد الاوروبي يعني تسخيف لقضية حقوق الانسان بالنسبة للحكومات الغربية وامريكا, يعني النفاق والكذب والحقارة والوجه العاري والوقح السافر للبرجوازي سواء كان غربيا او شرقيا. هذه هي الحقيقة.. هذا الاتفاق يعني طي صفحة حقوق الانسان بشكل كامل وقلب اوراقها على البياض.. ليستنى لها، اي للبرجوازية الغربية الحاكمة في المانيا وفرنسا وبريطانيا وباقي الحكومات الاوروبية ان تكتب حقوق الأنسان وفق رنة جديدة وبمقياسات ربح الراسمال. وهذه هي حقيقة الراسمال وسلطته البرجوازية اينما كان.
قلنا ان حقوق الانسان وكل ما يمت بصلة للحقوق المدنية والفردية والاجتماعية والعمالية بما فيها حريات التنظيم والتظاهر وسطح عالي نسبيا للمعيشة.. كلها كانت ليست من سنن وتقاليد الغرب بالمعنى الدارج والمالوف في الوعي العمومي والراي العام، بل كانت وفي الحقيقة تحققت هذه المطالب بالقوة والتنظيم وبالنضال الطبقي والتحرري للطبقة العاملة وباقي الحركات النضالية في البلدان الاوروبية وخصوصا في فرنسا والمانيا, وليست صدقة او تقليد برجوازي حاكم.
البرجوازية الاوروبية تحاول بكل قواها ان تقلد النموذج الصيني من حيث نمو وتنمية الراسمال، بدأت به المانيا واليوم بريطانيا وباقي البلدان.. النموذج الذي يعني قبر مكاسب الطبقة العاملة عبر قرنين من التاريخ النضالي بوجه البرجوازية وسلطتها, يعني قبر التنظيم والعمل التنظيمي والنقابي واللجاني والاتحادات العمالية, ويعني اجبار العمال على ساعات عمل اضافية ويعني تقليل الاجور ويعني تغير قوانين العمل المتطورة التي حصلت واقرت بفعل النضال الطبقي. نرى اليوم كيف تحاول الحكومة البرجوازية الفرنسية الخانعة لملوك الخليج الرجعين, تغير قانون العمل الفرنسي لصالح الراسمال وفي سبيل تكسير الازمة الاقتصادية على رؤس العمال, ونرى ذلك في سياسات الترشيق والتقشف وقطع الخدمات الاجتماعية..
الاتفاق التي تم بين تركيا والاتحاد الاوروبي جزء من هذه الحلقة والهجوم الذي تتبناها الحكومات الاوروبية على المكاسب التاريخية للطبقة العاملة والقوى التحررية والتقدمية في اوروبا. هذه الحكومات او الاتحاد الاوروبي تعرف بشكل تام ان احد الاسباب الذي تخلق حالة الهجرة المليونية هي الحروب واشعال الازمات السياسية في منطقة الشرق الاوسط واسيا وافريقيا. الحروب التي تتم اشعالها من قبلهم ومن قبل قائدهم امريكا سواء عبر حكوماتهم بصورة مباشرة او تحت مضلة الناتو كما حصل في ليبيا... ليبيا التي كانت موقع وبلد مهم لتوفير العمل والشغل لمئات الالاف من العمال والموظفين, اصبحت اليوم جهنما وبلداً خطيرا يهجر منه اهله وسكانه الاصليين..

من جانب أخر, ان الهجرة الحالية هي نتجية مباشرة لعولمة الراسمال ونموذجها الوقح بقيادة امريكا. النموذج الذي يفرض بالقوة من جانب ويهدم كل بنيان اقتصادي للبلدان المختلفة بحجة "اعادة الهكيلة" من الجانب الاخر. بالتالي تفشي الفقر والمجاعة نتيجة لتوسيع رقعة البطالة وعدم وجود اي ضمان للعاطلين عن العمل.. اذن هناك اسباب سياسية واقتصادية لهذه الهجرة.. وليس هناك طريق لحل هذه القضية عبر حلول ترقيعية وفوقية مثل بوارج الناتو في البحر واغلاق الحدود والاتفاق بين تركيا والاتحاد.. كلها حلول ترقعية ووقتية ايضا.. الهجرة مستمرة وليس هناك اي امل او اي حل لوقف هذه العملية, الا بسقوط الراسمال وحكوماته. وبصورة عاجلة الا بابعاد الحروب عن المناطق في جميع بقع العالم.. الا بفتح الحدود بصورة متساوية للجميع وفي كل البلدان وبدون اي عائق مثل ما يمر الراسمال بسهولة عبر العالم... عولمة الراسمال توفر ارضية عولمة تنقل العمال بسهولة عاجلا اواجلا..

#سامان_كريم (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل