أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شريف خوري لطيف - و جدران العلكة تتكلم أيضاً














المزيد.....

و جدران العلكة تتكلم أيضاً


شريف خوري لطيف

الحوار المتمدن-العدد: 5095 - 2016 / 3 / 6 - 21:34
المحور: الادب والفن
    



زقاق العلكة بمدينة سياتل في واشنطن و شارع اللبان في كاليفورنيا، أمكنة أُدرجت على خريطة السياحة العالمية. فإن سافرت لكاليفورنيا في سان لويس أوبيسبو لزيارة معالمها السياحية، فبالتأكيد ستقوم بزيارة لشارع «اللبان» أو شارع «العلكة الممضوغة»، لا تلمس شيئاً من هذه الطبقة السميكة من الجراثيم اللزجة، التي هي عبارة عن جدار بإرتفاع حوالي 15 قدماً وبطول 70 قدماً، إعتاد السياح والزائرين لصق اللبان الممضوغ بتلقائية بمجرد خروجه من فمهم على الجدار بطريقة مقززة تنم عن إن سلوكياتنا الشخصة ليست بمنأى أن نكون سبباً مباشراً في تلوث ما يحيط بنا في البيئة، رغم أنها دول رائدة للتحضر في العالم، وبمجرد إمعان نظرك في ألوان العلك وعشوائيته اللزجة تجد أنه أصبح يشكل لوحة فنية قذرة ترسم بعض الكلمات والأشكال والتصميمات الإيحائية بأغلفة اللبان مثل بعض الوجوه والورود وأسماء شركات اللبان العالمية. ومع إلتصاق ملايين القطع من الطبقات السميكة بجانب بعضها بإرتفاع أربعة أمتار نصف، ماشكل لوحة زخرفية يرتادها السياح والعرائس والعرسان لإلتقاط الصور التذكارية حتى أصبح زقاق العلكة محطاً للجذب السياحي و ربما يدر دخلاً للمدينة.

تناولت وسائل الإعلام العالمية والبرامج التليفزيونية ونشرات الأخبار أقذر منطقة سياحية لهذا الزقاق الذي أصبح معلماً سياحياً محلياً وعالمياً حيث تأسس سنة 1950 وتناولته الصحف العالمية مثل نيويورك تايمز ولوس أنجلوس تايمز والفرنسية برس والغارديان البريطانية ومدى الاشمئزاز من هذا الجدار، إلا أن المسئولين والتجار الأمريكييين والفرنسيين والإنجليز، عارضوا بشدة هدم الحائط بحجة أنه يتمتع بجذب سياحي، وشكلاً من أشكال الفنون، بل وساهم آلاف الأمريكيين و الأنجليز و الفرنسيين و بعض الفنانيين بأعمال فنية من العلك على الحائط وخاصة بين فترة الثمانينات والتسعينات.
والجدار الأخر للعلكة يوجد بمدينة سياتل بولاية واشنطن، حيث بدأت نفس العادة السيئة في لصق اللبان على الجدار سنة1991 لأكثر من 25 سنة وفي كل مرة يتم تنظيفه يعود رواد أحد المسارح المتخمة للجدار إلى نفس العادة المقرفة، بعد سماح المسئولين لهم بلصق مضغتهم اللزجة خلال وقوفهم في طابور مسرح الإرتجال المجاور لجدار العلكة، حتى تحول لمعلم سياحي مهم في المدينة. ورغم أن جدار سياتل يحتل المرتبة الثانية عالميا كأكثر منطقة سياحية تحمل ميكروبات وتلوثاً في العالم وأعظمها للإشمئزاز، حيث تحتل صخرة بلارني بأيلندا المرتبة الأولى والأكثر إحتواءاً على ميكروبات في العالم بحسب صحيفة لو فيجارو الفرنسية، إلا أنه أصبح من معالم جذب سياحي للمدينة.

ومن الجدران اللزجة للعلكة الغربية إلى جدراننا العربية التي سيجنا بها حولنا وعزلنا أنفسنا عن العالم لأننا من جنس أخر مختلف عن بقية البشر، فلم تعد عندنا للحيطان وِدان زي زمان لتسمع ما نهمس به خلف الجدران، بل أصبح لجدراننا لسان! هم يبصقون علكتهم على حوائطهم ونحن نبصقها في وجوه الأخرين لنقيم بها جدراننا اللزجة! حد أصبحنا أكثر شعوب الأرض لزوجة، بل أصبحنا مغرمين بوضع الجدران والفواصل في علاقتنا بكل ما يربطنا بالحياة وبهذا الكوكب، من جدران سياسية لأخرى إستراتيجية دفاعية تبعاً لنظرية المؤامرة التي يدبرها لنا العالم لأنه يحسدنا ويحقد علينا!

حد تهاوت جدراننا الفكرية البائسة وصارت أكثر تخلفاً وأكثر فولازية من جدار الفصل العنصري الصهيوني، يعلون جدارهم ليحمون أنفسهم بعد كل هجمة و بعد كل ممارسة عنصرية ضد بؤساء العُزل من الفلسطنيين، ونحن نعلى جدراننا الفكرية الصخرية لنعزل أنفسنا أكثر حد أصبحت الهوة شاسعة بيننا وبين العالم، لأننا لا نرى أنفسنا سوى كائنات من طينة مختلفة، جدران طبقية إجتماعية بين الغني والفقير، وجدران طائفية بين شيعي وسني، بين مسلم ومسيحي، وبين عربي ويهودي، جدران عنصرية ضد الأقليات من السُكان الأصليين، وضد أجناس الأرض.

و جدران أخرى صارت أكثر بؤساً، هي جدار اللغة التي أصبحت حاجزا بيننا وبين العالم بدلاً من أن تكون جمالها في بساطتها لتشجع العالم على تعلمها لا بفرضها عليهم بل بتحبيبهم فيها وفينا. أصبحنا نفتخر بها ولا نعرف كيف نستخدمها ونظهر جمالها، مجدنا لساننا العربي فقط ولكن بمنأى عن كل ثقافات العالم وحاربنا كل اللغات العالمية كما أحرقنا كتب اللغة الإنجليزية في ثورة 1952!. حتى لغتنا العربية الجميلة التي تحمل عشرات المفاهيم للكلمة الواحدة، فصارت صدفات البحر مفعمة بحروفها، زي ما قال حافظ إبراهيم:« أنا البحر في أحشائه الدُر كامن،، فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي.»
فإن لم يكن بأعمال الإنسان فبالكلمة تكافح الظلمة وهذا أضعف الإيمان، فالكلمة نور تقشع ظلمة نفوسنا و تخرج من نفوس تحمل الجمال وتسلك طريقها لتسكن نفوساً أخرى ربما لم تكن تتمتع بقدر من الجمال و زرعت فيهم بذرة حياة. تلك الكلمة التي قال عنها إبن خلدون في مقدمته:« إنّ قوّةَ اللّغة في أمّة ما، تعني استمراريّةَ هذه الأمّة بأخذ دورِها بين بقيّة الأممِ، لأنّ غلبة اللغة بغلبة أهلِها، ومنزلَتها بين اللغات صورة لمنزلة دولتها بين الأمم». هنا المؤرخ الكبير لم يعزل العربية بمنأى عن لغات العالم بل جعلها في مرتبة متساوية كبقية الأمم لأننا شعوباً وقبائل لتتعارف.

الدول الغربية عرفت تُخرج من قاذورات فمها لوحات دعاها الإنسان الغربي بفنون وإبداع وتحدثت بكل لغات العالم، فأخرجوا من القبح جمالاً ولو جمالاً مقرفاً ويثير التقيؤ. بينما نحن مازلنا مغرمين بأنفسنا نلوك الكلمات كالعلكة في أفواهنا بلا أدنى مسئولية، ولا نرانا ولا نعرفنا إلا ونحن مزهوين بأنفسنا منشرحين بعِزّة وإحنا بنتغنى مع سيد مكاوي « الأرض بتتكلم عربي» !.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثورة البشموريين ضد العباسيين
- عن ثورات ربيعهم العدمي
- زيارة الممثل العالمي مورجان فريمان لمصر
- لماذا سجنت زّخّات الغيم (2)
- الحياة من فوق سرير بروكرستوس
- قراءات من طوق الياسمين
- رسالة من إمرأة؛ هي سِر الحياة
- عيد الختان المجيد
- كيف تتشكل وجداننا على متن حرفٍ
- مفهوم الكتابة وحرية الإبداع الثقافي في عالم واسيني الأعرج
- رسالة إلى صديقي المسلم؛ المذنب البرئ
- اترك إيمانك وكنيستك يا قبطي، فالمسيح كان يهودياً !
- الإنتحار الإستشهادي المقدس، بصمة وراثية عربية إسلاموية
- حلمي الصغير
- نبوآت الأيام الأخيرة عن مصر، هل بدأت تتحقق ؟
- واسينيات؛ ورشة تكوين للإبداع الأدبي، و قراءات من « إِمرأة سَ ...
- عزيزي العروبي، لا تكن داعشياً معتدلاً !
- أدب الثيؤطوكية؛ العذراء والدة الإله «2»
- دعشنة نوبل !
- أَدَب الثيؤطوكية؛ العذراء والدة الإله «1»


المزيد.....




- لا تفوت أحداث مشوقة.. موعد الحلقة 195 من قيامة عثمان الموسم ...
- أزمة فيلم -أحمد وأحمد-.. الأكشن السهل والكوميديا المتكررة
- بي بي سي أمام أزمتي -والاس- و-وثائقي غزة-... هل تنجح في تجاو ...
- من هم دروز سوريا؟ وما الذي ينتظرهم؟
- حسان عزت كما عرفناه وكما ننتظره
- -الملكة العذراء-: أسرار الحب والسلطة في حياة إليزابيث الأولى ...
- مكتبة الإسكندرية تحتفي بمحمد بن عيسى بتنظيم ندوة شاركت فيها ...
- زائر متحف فرنسي يتناول -العمل الفني- المليوني موزة ماوريتسيو ...
- شاهد فنانة إيرانية توظّف الفن لخدمة البيئة والتعايش
- إسرائيل تحتفي بـ-إنجازات- الدفاع الجوي في وجه إيران.. وتقاري ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شريف خوري لطيف - و جدران العلكة تتكلم أيضاً