أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طوني سماحة - عهد قديم وعهد جديد-10- جولة على معتقدات القارة الفتيّة















المزيد.....

عهد قديم وعهد جديد-10- جولة على معتقدات القارة الفتيّة


طوني سماحة

الحوار المتمدن-العدد: 5091 - 2016 / 3 / 2 - 00:46
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أبصرت الأرض النور قبل خلق البشر.
الناس الأوائل خرجوا من التراب.
كل ما هو موجود أتى من الأرض، حتى الوعل نفسه.
كان الأطفال في الماضي السحيق ينبتون من باطن الأرض، تماما مثل الازهار.
يومذاك وجدتهم النساء اللواتي كن يتنزهن. وجدتهم ممددين على العشب.
أتين بهم الى بيوتهن واطعمنهم. وهكذا تكاثر الناس على الأرض.
هكذا أصبح هذا القطر مأهولا، لأننا أقمنا فيه وتعلمنا الصيد.
(مترجم عن قصيدة شعبية لقبائل الاسكيمو او الاينويت)

لا شك ان الأميركتين شكّلتا حالة فريدة من نوعها كون شعوبها هي الوحيدة التي لم تختلط بسائر الحضارات والثقافات، وبالتالي لم تتأثر بأي منها سلبا او إيجابا. وعلى الرغم من حالة العزلة التي عاشتها شعوب القارة البعيدة، إلا أننا نجد أن ديانات قبائلها، وان اختلفت عن ديانات الشرق والغرب في الشكل، إلا أنها تنسجم معها من حيث ربط غموض الظواهر الطبيعية وقواها الفائقة بمظاهر الالوهة.

في البداية لا بد من الإشارة الى انه لا وجود لرؤية دينية موحدة لشعوب أمريكا الشمالية والجنوبية. فإذا ذهبنا الى الشمال الأمريكي تختلف قصص الخلق من قبيلة لأخرى، إلا أن الروح الكبير يلعب دور العامل الموحد لتلك الثقافات والديانات. تخبرنا احدى الروايات ان الروح العظيم أمر حيوانات الأرض بالغوص في الماء (أو حسب بعض الروايات أنه هو قام بالغوص) ليخرج منه طينا يشكل به الأرض. تستطرد بعض الروايات لتخبرنا انه تم تشكيل الأرض على ظهر سلحفاة وما زالت تسمية جزيرة السلحفاة شاهدة على هذه المعتقدات في كندا. تخبرنا روايات أخرى أن المبدع (Transformer) ظهر أول الامر بشكل انسان ذات قوى خارقة مما سمح له بخلق الأرض. تؤمن بعض القبائل بوجود شقيقين مبدعين، واحدهما الخير وثانيهما الشر. غلوسكاب هو الشقيق الذي أبدع الشمس والقمر والنجوم والحيوان والسمك والانسان، فيما شقيقه ملسوم هو من أبدع الثعابين والعقارب والجبال والاودية وكل ما من شأنه أن يجعل الحياة صعبة للإنسان. تخبر حكاية أخرى لشعوب الاسكيمو أن الشمس والقمر كانا أشقاء. قام الاخ بممارسة الرذيلة مع أخته مما حدا بها الى الانفصال الدائم عنه.

يتميز شعوب القارة الامريكية بطقوسهم. فللولادة طقس، كما للبلوغ والزواج والموت وتنقية الروح طقس. كان الشامان (ما يوازي الكاهن في الديانات القديمة الأخرى) يتمتع بقدرات فائقة. فهو صلة وصل بين عالم الأرواح والاحياء. يرى المستقبل وتؤثر نبوءاته في مجاري الحياة العامة بما فيها الحرب والصيد وإيجاد المفقود، كما التوفيق في حالات الخلاف بين شخصين أو مجموعتين، وتشخيص الامراض وإيجاد علاج لها.

كلما اتجهنا جنوبا، كل ما وجدنا شعائر القبائل وطقوسها وممارساتها تختلف جذريا او سطحيا الى ان نصل الى أمريكا الجنوبية. كانت شعوب الازتك التي تسكن في أواسط المكسيك الحالية تتعبد لعدد كبير من الآلهة الذكور والاناث. قسّم الازتك الكون الى ثلاث عشرة سماء وتسع طبقات أرضية بما فيها العالم السفلي. نظر الازتك الى السماء التي تسكنها الشمس والقمر وكوكب الزهرة (نجمة الصبح ونجمة المساء) على أنها أفضل السماوات. قسّم الازتك آلهتهم حسب رؤيتهم للوجود: فهناك آلهة الزراعة الذين يتمثلون بإله الشمس وإله الحياة والهواء ونجمة الصبح، كما نجد عندهم الثعبان الإله ذات الريش والثعبان الضبابي. أما آلهة الطبيعة فهم آلهة الشمس والقمر والنجوم والضباب والهواء والأرض. ولا ننسيّن أنه كان لديهم آلهة الخلق وآلهة النار والزمان والكهولة. كان هناك أيضا للخصوبة آلهتها، كما للجنس والتجارة والعالم السفلي.

كما شامان أمريكا الشمالية، كذلك كان كهان أمريكا الجنوبية يمارسون السحر ويقومون بممارسة الطقوس والعبادات المختلفة. كان لهم شأنهم في المجتمع، وكثيرا ما كان الملك هو الرئيس الروحي والزمني في المملكة. بنى الازتك أهراماتهم ومعابدهم التي خصصوها للعبادة من خلال الرقص والتعاويذ والصلوات. أقام الازتك ساحات أمام المعابد وخصصوها لممارسة شعائرهم والتي منها ذبح ضحاياهم من البشر. كان الشعب يجتمع أمام الساحات للمشاركة في الرقص والتهام الطعام والغناء وتقديم الذبائح. أما النبلاء فكانوا يجلسون على مقاعد مرتفعة حول المعبد ليشرفوا على الاحتفالات. آمن الازتك أن الناس ينتهون في أماكن ثلاثة بعد الموت. فالمحارب والمرأة التي توافيها المنية وهي تلد يصبحان عصافير تتبع الشمس في السماء. أما أولئك الذين لا يحصلون على ميتة مجيدة فينتهي بهم الامر في العالم السفلي (Mictlan). وفي النهاية، كل من توافيه المنية غرقا يرحل الى أدنى عالم من السماوات ألا وهو عالم المياه (Tlalocan).

ننهي هذا الجزء بقصة الخلق كما وردت لدى إحدى قبائل أمريكا الشمالية: عندما خلق الروح الكبير الأرض، جعل فيها الكثير من الأشياء الجميلة والصالحة مثل الشمس، القمر، النجوم، السهول المغطاة بالثلوج، الجبال والبحار. خلق الروح أيضا السمك والطيور على أنواعها والثديات والدببة. أخيرا، خلق الروح شعب الاينوباك، الذي كان يكن له حبا عظيما، وعلمه كيف يحيا ويستفيد من الطبيعة. أخيرا، قرر الروح خلق أسمى كائناته "الحوت القطبي"، الذي ما أن أبصر النور حتى أخذ يسبح في المحيط فرحا وبخفة متناهية.

أدرك الروح أن شعب الاينوباك بحاجة للحوت كيما يحيوا. فجلده يدفئهم ويسمح لهم ببناء حيطان المنازل. كان لحمه طعام الحياة الذي يسمح لهم بالبقاء على قيد الحياة في الشتاء القارس الطويل. أهدى الروح الحوت لشعب الاينوباك. سمح لهم باستخدام جلده في مراكب الصيد. فتح الروح ممرا في المحيط المتجمد خلال فصل الربيع حيث كان الحوت يصعد الى سطح المياه، مما سمح للصيادين بتسديد سهامهم اليه خلال اجتيازه هذا الممر. لكن الروح العظيم اتخذ قرارا حاسما. عندما كان الحوت يجتاز الممر، كان الروح يفصل بين السماء والارض المتجمدة بغطاء كثيف من الضباب. قال الروح "على الرغم من سماحي لشعبي بقتل أسمى وأجمل مخلوقاتي، إلا أنني لن أساهم معهم في صيده."

مع نهاية جولتنا على ديانات العالم القديم شرقا وغربا، شمالا وجنوبا، سوف تكون المرحلة القادمة فتح صفحات الكتاب المقدس بعهده القديم خاصة لندرس حقيقة ما قاله بعضهم ان الله هو تطور طبيعي لميثولوجيا العالم القديم وخاصة الكنعانيين. كما سوف نقوم بمقارنة شخصية هذا الاله وصفاته مع شخصيات آلهة العالم القديم وصفاتهم. سوف نتطرق أيضا لتعاليم هذا الاله ومقارنتها بتعاليم الديانات القديمة. إذا سوف يكون السؤال الأداة في عملية البحث "من هو الله؟"



#طوني_سماحة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عهد قديم وعهد جديد-9- قراءة في الهندوسية
- هل قال أيوب أن السماء ترتكز على أعمدة أربعة؟
- مرحبا أيها الحب!
- عهد قديم وعهد جديد-8- قراءة في البوذية
- كافر أنا
- عهد قديم وعهد جديد -7-جولةعلى آلهة حوض البحر الابيض المتوسط
- رأيت يسوع- قصة خيالية
- منطق آلهة سادية أم بشاعة وسادية القدماء؟ رد على مقال الاستاذ ...
- عهد قديم وعهد جديد -6-الحرب على كنعان، إبادة جماعية أم دينون ...
- حسناء باريس... وردة ذبلت أم أشواك دامية؟
- عندما يكون الدم ثمن الحرية
- إنسان يموت وكلب يعيش
- عهد قديم وعهد جديد -5- إسمع ما يقوله إيل الثور الإله، سيّدك
- عهد قديم وعهد جديد -4- وسمع الإله دعائي وباركني
- إنها الحياة-6- ومن الحب ما قتل
- عهد قديم وعهد جديد -3- مبروك للعروسين
- عهد قديم وعهد جديد -2- بين الطائرة والمدرسة
- عهد قديم وعهد جديد -1- البداية
- يسوع الثائر 10 - الخاتمة
- إنها الحياة-6- كلب على لائحة الشرف


المزيد.....




- دولة إسلامية تفتتح مسجدا للمتحولين جنسيا
- فيديو البابا فرانسيس يغسل أقدام سيدات فقط ويكسر تقاليد طقوس ...
- السريان-الأرثوذكس ـ طائفة تتعبد بـ-لغة المسيح- في ألمانيا!
- قائد الثورة الإسلامية يؤكد انتصار المقاومة وشعب غزة، والمقاو ...
- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...
- الاحتلال يستغل الأعياد الدينية بإسباغ القداسة على عدوانه على ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طوني سماحة - عهد قديم وعهد جديد-10- جولة على معتقدات القارة الفتيّة