أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - طارق المهدوي - أخلاقنا وأخلاقهم














المزيد.....

أخلاقنا وأخلاقهم


طارق المهدوي

الحوار المتمدن-العدد: 5072 - 2016 / 2 / 11 - 08:23
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



يفرز نمط الإنتاج القائم في الحياة الاقتصادية لأي مجتمع كل ما يحيط به من أوضاع اجتماعية وسياسية بل وفكرية وثقافية وأخلاقية أيضاً حيث تنتج الفئة المسيطرة على الثروة وبالتالي على السلطة المنظومة الأخلاقية الأنسب لضمان استمرار سيطرتها، مما يعني أن الأخلاق السائدة بأي مجتمع ليست سوى بناء فوقي منبثق عن قاعدة الحياة الواقعية التحتية للمجتمع ذاته في تجلياتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ومع ذلك فإن المنظومة الأخلاقية بمجرد اكتمال ملامحها تحصل على استقلالية حركية نسبية عن قاعدتها الواقعية كإحدى ضرورات المناورات اللازمة من جانبها لدعم الفئة الاجتماعية المسيطرة على الثروة والسلطة، سواء بالنظر إلى ضرورة ابتكار المنظومة الأخلاقية لكل ما من شأنه تقوية تلك الفئة وظيفياً وبنائياً مع تهيئة الأوضاع المحيطة بها حتى تستطيع الاستمرار في هزيمة خصومها، أو بالنظر إلى ضرورة ابتكارها لكل ما من شأنه ترويج الصفة المخادعة التي تنتحلها لنفسها باعتبارها أخلاق عامة محايدة ترعى المصالح المجتمعية المشتركة حتى تستطيع احتواء وتطويق الجماهير الافتراضية لخصوم الفئة المسيطرة فتحرمهم من عناصر قوتهم، أو بالنظر إلى ضرورة استخدام تلك الفئة لبعض دهاة المحترفين من رجال الدين والمفكرين والفنانين والإعلاميين والمشرعين ورجال القانون لإخراج وترويج ومتابعة الأخلاق التي تنتجها، ونظراً لأن المنظومات الأخلاقية تابعة من حيث نشأتها البنائية ومستقلة من حيث حركتها الوظيفية فهي تخوض الصراعات المجتمعية لصالح الفئات المسيطرة بالوجهين التابع والمستقل معاً، وإذا كانت الفئة المسيطرة على الثروة والسلطة وبالتالي المنتجة للأخلاق السائدة في مصر المعاصرة هي الأضيق اجتماعياً لاقتصارها فقط على الأقلية الأوليجاركية المشوهة من قادة الجيش والشرطة والقضاء والسلك الدبلوماسي، وإذا كانت القوى الوطنية الديمقراطية ذات الأبعاد الاشتراكية التي تضم تحالفاً افتراضياً من الماركسيين والليبراليين والقوميين هي صاحبة التعبير الحقيقي عن الفئات الاجتماعية الأوسع في مصر المعاصرة أي العاملين والفلاحين والعاطلين المحرومين من الثروة والسلطة، فإنه يكون حرياً بهذه القوى وهي تخوض صراعها الاقتصادي والسياسي ضد الفئة المسيطرة أن تطرح لصالح الأغلبية الجماهيرية الكاسحة من أنصارها المنظومة الأخلاقية الأنسب لها ولهم، والتي يجب أن تكفل تحقيق أقصى قدر ممكن من اعتبارات السلامة والعدالة والحرية والمساواة والخير والسعادة والرفاهية والجمال والآمان والاندماج والإبداع والعقلانية وغيرها، مع المواجهة الإيجابية لكافة المشكلات الأخلاقية المزمنة بين المتضادات التقليدية التي يكون لطرفيها درجات متقاربة من الوجاهة والمشروعية لحلها على نحو يرضي الطرفين معاً، سواء كانت تلك المشكلات طبيعية أو موروثة وسواء كانت قائمة داخل أروقة الدولة أو المجتمع أو السوق أو العلاقات الخارجية، وإذا كانت الفئة المسيطرة على الثروة والسلطة في مصر المعاصرة تتسم بطابعها الفاسد والمستبد والتابع الذي لا يفرز سوى أخلاق انتهازية أنانية من جهة وإقصائية تجاه الآخر الداخلي من الجهة الثانية ودونية تجاه الآخر الخارجي من الجهة الثالثة، فإن المنظومة الأخلاقية المستهدفة من قبل القوى الوطنية الديمقراطية ذات الأبعاد الاشتراكية تبدو على نقيضها تماماً وذلك بالنظر إلى الحقائق التالية:-
1- تترجم المنظومة المستهدفة أخلاق الأغلبية الجماهيرية الكاسحة باعتبار أن منتجيها هم المعبرين الفعليين عن المصالح الواسعة لهذه الجماهير حتى لو كان بعضهم مازال مخدوعاً بأخلاق الفئة المسيطرة التي لا تعبر سوى عن المصالح الضيقة المعادية للجماهير.
2- تعترف المنظومة الأخلاقية المستهدفة بوجود الصراع المجتمعي وتضع القواعد الكفيلة بالممارسة الإيجابية لهذا الصراع وصولاً إلى استثماره من أجل تحقيق أكبر فوائد أصلية متاحة مع أقل خسائر جانبية ممكنة لصالح المجتمع كله بكافة فئاته، وذلك على عكس قيام الفئة المسيطرة عبر أخلاقها السائدة بنفي وإنكار وجود الصراع المجتمعي أو بطمسه وتزييفه الأمر الذي يؤدي حتماً إلى المزيد من الاحتقانات والانحرافات داخل المجتمع.
3- تسعى المنظومة الأخلاقية المستهدفة لاستخلاص مكوناتها البنائية ومقوماتها الوظيفية من الواقع المصري المعاصر وليس من أي تاريخ قريب أو بعيد وليس من أي جغرافيا قريبة أو بعيدة كما هو حال أخلاق الفئة المسيطرة.
4- تحرص المنظومة الأخلاقية المستهدفة على التغلغل والانتشار الطوعي والاختياري داخل الدولة والمجتمع والسوق والعلاقات الخارجية، دون استخدام أية ألاعيب كهنوتية دينية على الأصعدة الغيبية أو القدرية أو الاتكالية ودون أية إجراءات رسمية قانونية بالتهديد أو الإغراء ودون أية وصاية نخبوية تبشيرية تمارس التوجيه الفوقي عبر قوائم الإرشادات والينبغيات.
5- تدرك المنظومة المستهدفة أن الأخلاق حالة مرنة قابلة للإحلال والتجديد والاستبدال والتحديث والتطوير بشكل مستمر تبعاً لما يحدث في القاعدة المجتمعية الواقعية التحتية من تغييرات اقتصادية واجتماعية وسياسية وفكرية وثقافية أولاً بأول.
طارق المهدوي



#طارق_المهدوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استدراج الملحدين في أكمنة الدولة المصرية
- الغياب المتبادل بين الفن والجماهير (4) التذوق
- الغياب المتبادل بين الفن والجماهير (3) الوعي
- الغياب المتبادل بين الفن والجماهير (2) التطبيق
- الغياب المتبادل بين الفن والجماهير (1) الإبداع
- من سجلات الفاشية العسكرية في زمن العولمة
- من سجلات الفاشية العسكرية في زمن المكارثية
- يا نجاتي...فرقع البلالين
- ليس فقط لأنهم كاذبون محترفون
- سبع أرواح
- محلك سر
- حول فنون ومهارات العمل الثوري اللحظي في مصر
- كوابيس جمهورية الخوف الأولى - الجزء الثاني
- كوابيس جمهورية الخوف الأولى - الجزء الاول
- ألاعيب أزهرية مكشوفة
- رضينا بالهموم ولكنها ما رضيت بنا
- صراع الفاشيات الدينية حول الهوية المصرية
- قائمون على أمن أوطاننا أم نائمون بين أحضان أعدائنا؟
- الانزلاق الاختياري المصري في مستنقع الصراع الروسي التركي
- يا فرحة ما تمت...خطفها الغراب وطار


المزيد.....




- مصدر يوضح لـCNN موقف إسرائيل بشأن الرد الإيراني المحتمل
- من 7 دولارات إلى قبعة موقّعة.. حرب الرسائل النصية تستعر بين ...
- بلينكن يتحدث عن تقدم في كيفية تنفيذ القرار 1701
- بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي.. ...
- داعية مصري يتحدث حول فريضة يعتقد أنها غائبة عن معظم المسلمين ...
- الهجوم السابع.. -المقاومة في العراق- تعلن ضرب هدف حيوي جنوب ...
- استنفار واسع بعد حريق هائل في كسب السورية (فيديو)
- لامي: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية
- روسيا تطور طائرة مسيّرة حاملة للدرونات
- -حزب الله- يكشف خسائر الجيش الإسرائيلي منذ بداية -المناورة ا ...


المزيد.....

- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - طارق المهدوي - أخلاقنا وأخلاقهم