أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كفاح طافش - رمز الحصان في رواية زمن الخيول البيضاء















المزيد.....



رمز الحصان في رواية زمن الخيول البيضاء


كفاح طافش

الحوار المتمدن-العدد: 5069 - 2016 / 2 / 8 - 12:00
المحور: الادب والفن
    


رمز الحصان في رواية " زمن الخيول البيضاء " لإبراهيم نصر الله


إعداد
كفاح طافش






اهداء ..




-اليك يا من نسجت من أحلامك واقعا لا استطيع إلا العيش في كنفه .. زوجتي الغالية آسيا
- اليكم يا من شاركتموني ثمنية سنوات عجاف وما زلتم خلف القضبان بأنتظار حريتكم









توطئة

حين سنحت الفرصة لي بمطالعة ادب الكاتب ابراهيم نصر الله لاول مرة وقفت مشدوها امام قدرة فذة وغير عادية لملامسة روحي ووعي ، ففي الكتاب الاول الذي وقع بين يدي سردية "عو " استطاع الكاتب ان يسرق انتباهي حيث كثف بشكل رائع الشخص العربي ومعضلته القائمة على علاقته في الحاكم صاحب السلطة .
لم تكن عو غير دعوة للولوج الى ادبه واذ بي اقف امام شاعر وقاص كان له الدور البارز في تشكيل وعينا الفلسطيني الحديث دون ان ندري، فإذ به كاتب لاهم الاغنيات الوطنية التي صدحت بها حناجرنا في الانتفاضة الاولى " نزلو صبايا وشبان " والعديد العديد منها .
غير ان الشاعر تفتقت قريحته عن مشروع روائي حمل على عاتقه تسجيل المحطات التاريخية للشعب الفلسطينية فأراد ان يحمل حلم الكاتب الشهيد غسان كنفاني بأن يكتب ملحمة ادبية تسجل تاريخ الفلسطينيين، ففي مقابلة اجريت مع الكاتب اشار " لقد اردت ان اتمم حلم الشهيد غسان كنفاني بان يكتب تاريخ شعبنا عبر ملحمة روائية، فكنت بالبدايات اعتقد ان زمن الخيول البيضاء ستكون الملهاة الفلسطينية غير انني سرعان ما وقفت امام ثمانية روايات شكلت حتى الان جسم هذا المشروع "..(1).
ان زمن الخيول البيضاء تعتبر حجر الزاوية في بناء مشروع الملهاة الفلسطينية، فقد ذهب النقاد لوصفها "الالياذة الفلسطينية"..(2)، ومهما حاولنا نقل اجواء الرواية والتي تقع في 506 صفحات تلخص حقبة زمنية منذ الانتداب البريطاني وحتى احداث التطهير العرقي عام 1948، لن نستطيع ذلك، ولكن منذ ان تبداء رحلتك في غياهب الرواية الملحمية تقف امام علاقة فريدة نسجها الكاتب بين ابطاله والحصان الابيض ويسرعان ما يتمظهر لك سؤال مهم وجوهري ماذا اراد الكاتب من رمز الحصان في روايته ؟.
ان السؤال ذاك وضعني امام بحر لا نهاية له من تتبع العلاقة الفريدة بين ابطال الرواية والخيول بشكل عام، وسرعان ما تداعى لدي ان الحصان لم يكن رمز عاديا يمر مرور الكرام في روايته فقد كان فاعلا ايضا في روايته الملحمية الاخرى "قناديل ملك الجليل"، فماذا اراد الكاتب من رمز الحصان الابيض ؟ وكيف نشأت العلاقة بين ابطال الرواية وذاك الرمز ؟ وهل جاء رمز الحصان في الرواية كسياق طبيعي لاستخدام ذات الرمز بالادب العربي ؟
العديد من الاسئلة والتي يحاول البحث الذي اضعه بين ايديكم الاجابه عليها ، حيث اعتمد البحث على اسلوب البحث النوعي، كما مراجعة اغلب المقالات النقدية التي كتبت حول الرواية المنشورة في الصحف العربية والكتب النقدية، كما ان الافتراض الذي بنيت عليه الاستنتاجات في البحث جاء نتاج مقابلة مباشرة مع الكاتب وحصيلة لتعمق في البحث خلف دلالات رمز الحصان في الادب العربي عمومة وماهية ما اراده الكاتب في روايته .
ابراهيم نصر الله في سطور

كاتب و شاعر فلسطيني من مواليد عمان – الاردن . عام1954 ، لأبوين فلسطينيين لاجئين هجرا من بلدتها البريج إثراء احداث التطهير العرقي في فلسطين عام1948 ، حيث تقع بلدتهم البريج 28 كم غربي القدس ... ( 3 ) .
يعتبر الكاتب اليوم من أبرز الكتاب الفلسطينيين العرب ، حيث حققت أعماله رواداً كبيراً و توالت الطبعات لأعماله في الرواية و الشعر بشكل لافت، كما حقق الكاتب حضوراً لافتاً في وعي القارئ و الناقد بشكل عام ، و لدى فئة الشباب بشكل خاص، حمل على عاتقه مشروعا وطنيا ضخما حدد له هدفا يعتبر من الأهداف المهمه في بلورة الهوية الوطنية الفلسطينية ، إنّ مشروعه الروائي بعنــــــــــوان (( الملهاة الفلسطينية )) تسجيلاً تأريخياًّ بحكاية الشعب الفلسطيني عبر أهم المفاصل التاريخية في حياة الشعب الفلسطيني ، فكتب إلى هذه اللحظة ثمان روايات تشكل سلسلة مترابطة و إن لم تأت وفق تراتبية الاحداث التاريخية. في خضم عملة على مشروعه التاريخيّ لم يستثن الكاتب الحاضر المعاش في تفاصيله الكثيرة محاولا الاضاءة على الجانب الاجتماعي في حياة الانسان الفلسطيني، فكتب عدة روايات أطلق عليها عنوان (( الشرفات )).

حظيت اعماله الشعرية و الروائية باهتمام واسع على المستوى العربي و الدولي، فترجمة الى العديد من اللغات و حظيت أيضا باهتمام الدارسين و النقاد و أنجز العديد من الدراسات النقدية حول أعماله، كما سجلت العديد من رسائل الدكتوراه و الماجستير التي درست إنتاجه الادبي و حصيلته الشعرية الضخمة.

درس ابراهيم نصرالله في مدارس وكالة الغوث في مخيم الوحدات، حصل على دبلوم تربية و علم نفس من مركز تجريب عمان – الاردن لإعداد المعلمين في عمان سنة 1976، و سرعان ما انتقل إلى السعوديه ليعمل مدرساً بين 1976 – 1978 ... ( 4 ). بعدها عاد إلى الاردن ليعمل في الصحافة الاردنية منذ عام 1978 – 1996 في الجرائد التالية تباعاً ( الاخبار، الدستور، صوت الشعب، الأفق ). كما عمل في مؤسسة عبد الحميد شومان – دائرة الفنون – مستشاراً ثقافيا للمؤسسة و مديرا للنشاطات الادبيه بين الاعوام 1996 – 2006 .

الكاتب عضو في رابطة الكتاب الاردنيين و اتحاد العام للكتاب و الادباء العرب، تفرغ للكتابة الابداعية منذ عام2006 منجزا العديد من مشروعاته الادبية ، في الشعر تخطت دواوينه تسعة عشر ديواناً، ترجم منها إلى اللغة الانجليزية، الايطالية ، الروسية، الاسبانية، البولندية، التركيه، الفرنسية، السويدية، و الالمانية. في الرواية كتب أربع روايات خارج مشروعيه الملهاة و الشرفات. في الملهاة الفلسطينية كتب : مجرد اثنين فقط، طيور الحذر، أعراس أمينة، تحت شمس الضحى، زيتون الشوارع، طفل الممحاة، زمن الخيول البيضاء، و قناديل ملك الجليل.و في مشروعه الشرفات كتب : شرفة العار، شرفة رجل الثلج، شرفة الهذيان، شرفة الهاوية، و شرفة الفردوس.
كما أعد العديد من الرويات و الدراسات فاقت تسعة كتب، رشح للعديد من الجوائز و حصل على أخرى، اهمها:
1- جائزة القدس للثقافة و الابداع – لجنة القدس عاصمة الثقافة العربية 2012 .
2- جائزة سلطان العويس للشعر العربي 1997 .
3- جائزة تيسير سبول للرواية 1994.
4- جائزة عرار للشعر 1991.
5- جائزة رابطة الكتاب الاردنيين 3 مرات (( أفضل ديوان عن ثلاث مجموعات شعرية مختلفة.
6- رشحت روايتاه (( زمن الخيول البيضاء و قناديل ملك الجليل )) للائحة القصيرة لجائزة البوكر عن الرواية العربية.


زمن الخيول البيضاء ... أكثر من رواية
لقد خلق الله الحصان من الريح..و الانسان من التراب. (( قول عربي )) وأضاف كاتبنا و البيوت من البشر(5) ، منذ ان يضع ابراهيم نصر الله في صدر روايته هذا التقديم يتركنا حبيسي الانفس امام ملحمة أدبية تفوق بفصولها حجم رواية تتسع لحكاية شعب و لأانها كذلك قسم الرواية إلى ثلاثة كتب : وهو كتاب الريح ، كتاب التراب، و كتاب البشر . و كانه يريد ان يقول لنا بأن متلازمة الريح و التراب و البشر هي مزيج خاص لحياة الانسان و كيف لا في حياة الفلسطيني على وجه الخصوص ، لان الحصان و الانسان و البيوت هي مترادفات تكررت بأنماط و أشكال عدة لتخلق فضاء رواية لا تتسع فقط للكلمات بقدر ما هي نسيج احلام و آلام و أفكار.

رأت زمن الخيول البيضاء النور في طبعتها الاولى عن الدار العربية للعلوم ناشرون تشرين الاول 2007 ، غير ان هذه الرواية كانت في إطار الاعداد منذ عام 1985 ، انجز الكاتب جمع الشهادات الشفوية الطويلة التي شكلت فضاء روايته بين عامين 1985- 1986(6). و كان الكاتب يعتقد في حينه انه بصدد رواية بعنوان الملهاة الفلسطينيه غير انه اصطدم بحقيقة مفادها أن تاريخ قضية بحجم القضية الفلسطينيه لا يمكن إنجازه في رواية واحدة، فتفتق تباعا ذهنه الادبي عن العديد من الروايات التي شكلت في مجملها مشروعه التي اطلق عليه (( الملهاة الفلسطينية)) لذلك تعتبر زمن الخيول البيضاء حجر الزاوية في مشروعه الضخم.
تقع الروايه في 506 صفحات، قسمها الى ثلاث أبواب ، تتبع خلالها مصائر عائلة فلسطينية (( كتبت الخيول اقدار رجالها )) مؤمنة ب (( أن عمر الرجال أطول من عمر الامبراطوريات ))، كما يتابع عددا من الشخصيات المتصارعة المتناقضة بصورة مريرة، لكن ما يجمع هذه الشخصيات هو حبها للخيول. و لم تخل الرواية من محاولة فهم سيكولوجية الوعي الفلسطيني الذي ما فتئ يقاوم الاستعمار منذ الاحتلال البريطاني حتى احداث التطهير العرقي عام 1948 محاولا البحث عن يوتيوبيا تشكل عنوانا لمعنى النضال ، فكتب ( انا لا اقاتل كي انتصر، بل كي لا يضيع حقي. لم يحدث ابدا ان ظلت امة منتصرة الى الابد، انا اخاف شيئا واحدا: أن ننكسر إلى الابد، لان الذي ينكسر الى الابد لا يمكن ان ينهض ثانية، قل لهم : احرصو على ان لا تهزموا إلى الابد )..(7). إن تسجيلا حقيقيا ينقش بذات القيمة داخل الوعي الوطني الفلسطيني حاملا و إياه معنى الهزيمة و النصر لقضية مركبة لتركيب و تعقيد القضية الوطنية الفلسطينية يأكد اننا امام ذهنية فذة لهذا الكاتب. أطل علينا ابراهيم نصرالله ببطل شعبي فلسطيني استقى شخصيته من عشرات الشهادات الشفويه المعززة بحكايات شعبية فلسطينية، تتبعته الرواية منذ طفولته، كرجل شجاع إلى أبعد الحدود و عاشق إلى ابعد الحدود، كما اطلت علينا روايته بشخصية ملتبسة تمحورت بضابط انجليزي قاس مهووس بحب الخيول و شاعر في آن واحد،و نساء من طراز فريد متماهيات مع خيولهن و خيول رجالهن، و عدد آخر من الشخصيات بالغة الكثافة و الحضور القوي.
تحاور الرواية مفاصل كبرى لهذه الفترة الزمنية الصاخبة منذ الانتداب البريطاني و حتى احداث اتطهير العرقي عام 1948 بالغة التعدد، فمن جهة الصراع المر بين الفلاحين الفلسطينيين و زعامات الريف و المدينة و الاتراك و الانجليز و المهاجرين اليهود و القيادات العربية من جهة اخرى، كما تقدم الرواية صورة عميقة لأدوار جيوش الانقاذ و ما حدث مع الجيش المصري بشكل خاص في عام 1948، حيث هناك العديد من التفاصيل التي جرى تغييبها تاريخيا و استقاها الكاتب من شهود فلسطينيية عاشوا ذلك بعينه.

تلتقي بهذه الملحمة الروائية التي تعتمد في بنائها المشهدي السينمائي بشكل خاص عدد من الفنون و تتكامل، و تتقدم الحياة الشعبية الفلسطينية في القرى و المدن المشهد الانساني الرحب و الحافل بحكايات البطولة و الحب، الحياة و الموت ، الخيانة و الصفاء، و الرحمة و القسوة. في حين تضيئ ميثولوجيا الخيل اعمق زوايا أرواح الشخصيات و القيم الكبرى لمجتمع بالغ الحيوية في طقوسه و حكاياته تشكل في النهاية حكاية شعب حقيقي من لحم و دم كان يحيى فوق ارض حقيقية له فيها تراث و تفاصيل أكثر من ان تحصى و أكثر من ان يغيبها النسيان ووجود ممتلئ صخبا و توترا و فرحا و مآسي و احزان.

و لأن الكاتب لا يريد اختزال حياة الفلسطيني و حكايته في بقع جغرافية بعينها ، نسج من وحي الخيال قرية فلسطينية أطلق عليها اسم " الهادية " كان له العديد من الدلالات اهمها السكون و السكينة التي سادت حياة ساكنيها قبيل أن تعصف بهم أحداث كبرى لتغير نمط حياتهم و تفجر فيهم صخباًعالياً ليزيد من الايقاع الهادئ لحياة قاطنيها. وما فلسطين غير أرض السلام و الوئام التي عصفت بها رياح عاتية أطاحت بكونها كذلك منذ الانتداب البريطاني وما خلفه وعد بلفور وليدا مسخ في رحم هذه الارض ، ألا وهو الكيان الصهيوني .

واللهوة واللّهية هي أفضل العطايا وأجزلها (8) وهنا لا نجد أن لسان العرب قد تحدث عن الملهاة بمعناها المحدث، بل تحدث عن فعل اللهو واشتقاقاته ما يقارب المعنى ولا يحسمه في القول بالملهاة التي تبتعد، وتقترب، وتحايث المعنى المراد من محتوى النص الروائي بين أيدينا، وما يشتمل عليه من معاناة للشعب، ومن استنزاف للأرض والحرث، والنسل، والمقدرات، وهي تنتقل من حضن استعمار بغيض إلى آخر، من زمن الحكم العثماني الذي أدخلها أتون الحروب الكونية في كل أصقاع الأرض، يلمّ رجالها وشبابها ليساقوا إلى الحروب وصولاً إلى القرم، ويُلمّ ما تجود به أرضها وحرثها ضرائب للدولة العلية السنية التي وزعت دركها وجبّاتها في القرى والتخوم منزلين في الناس الرزايا وجامعين العطايا في استعمار وبسط ظلم، وظلمات من الجهل والعماء، قد لا يشهد لها التاريخ مثيلاً في العسف والخسف لتحصيل الضرائب.


صار العرب آلة صماء بيد الأتراك، وأصبح الأتراك آلة صماء بيد الألمان الذين يسوقونهم حملات عسكرية، ولا همَّ لهم إلاّ إشغال بال الإنجليز (9) وصولاً إلى وقوع البلاد تحت براثن الاستعمار الإنجليزي الذي واصل فصول مأساة أهل البلاد ظلماً وجوراً: غود مورننغ مستر غرين، رددها أكثر من عامل عندما مرّ المستر ريتشارد غرين،.. ابتعد بنياشينه التي عرفوا فيما بعد أنّها من حصاد الحرب العالمية الأولى، كما لو أنه لم ير ولم يسمع شيئاً (10).


ثم صارت البلاد تحت وطأة الاحتلال الصهيوني بالاستناد إلى وعد بلفور للصهيونية التي واصلت اقتلاع الشعب من جذوره في حروب متعاقبة مستمرة دون هوادة، ما يجعل من هذه النازلات والماحقات فصولاً من تراجيديا مأساوية، فلماذا هي ملهاة وليست مأساة مثلاً؟ مع ملاحظة أن لبلزاك مطولة روائية رائعة أسماها الملهاة البشرية أيضاً (11)، ما يدفعنا إلى التبصر بالاجتهاد في مرامي اجتراح الروائي لهذه التسمية التي تتربع على الغلاف مؤشرة إلى غير تأويل، وتفسير يظلّ قابلاً لإعادة التأويل والتفسير بحكم العلاقة الجدلية التي ماتني تربط النص بالمفسر.


















في الحصان .. رمز .. وتاريخ .. ودلالات
الحصان بشموخه يمتلك القيمة التاريخية التي عرف بها، ولم تهتز تلك القيمة مع التطور الحضاري، بل زاد الاهتمام به، وخصوصا الخيول الأصيلة التي أقيمت لها الإسطبلات الراقية، وخصص لها الأطباء البيطريون الذين يعتنون ويشرفون عليها ويضمنون راحتها، مسخرين لذلك أحدث التقنيات.
أما في الأزمنة القديمة، فقد اعتبر اقتناء الخيل والاهتمام بها مظهرا من مظاهر القوة والجاه والسلطان، وكان للخيل الدور الهام في حياة العرب. ومن قبل ذلك لم يكن ترويضها لدى الإنسان القديم ممكنا، إلى أن حل ذلك الوقت الذي استطاع فيه ابتكار بعض الأدوات، ومنها أدوات الصيد. ولم يستخدم الحصان في أعمال المزارع والجر إلا في القرن الـ 19.
وكان في البداية يركب عاري الظهر ولم يستخدم السرج ولا اللجام إلا مع الحصان العربي الأصيل. أما دور الحصان لم يختلف كثيرا عبر التاريخ، وإن انحصر الآن في السابقات المحلية والدولية، التي تبرز قوة الحصان، ومهارة مدربه، وبقي امتلاكه كما كان من قبل دلالة على الجاه والقوة.

الحصان تاريخياً
عرف الإنسان الحصان منذ العصر الحجري، واعتمد المؤرخون على ظهوره وفترة تحديدها من الرسوم الصخرية، التي سجلت صورا للأحصنة. وتــم توافــــد الخيول من آسيا من قبل البدو، حيث يعتقد بأنهم أول مـــن أستأنسها ثم نقلوها إلى الصين فآسيا الصغرى وأوروبا وسوريا والبلاد العربية ومصر. وفي الفترات الأولى استخدم الحصان للحرب والمباهاة والتفاخر. ومن قبلها ظهر الحصان في افريقيا مع غزو الهكسوس لمصر في حوالي القرن الـ 15 قبل الميــــلاد وذلك لجـــر العجـــلات الخفيفــــة.

أنواع وفصائل
وينتمي الحصان إلى الفصيلة الخيلية، ويعتبر حيوانا ثدييا وحيد الحافر، أما أنواعه فهـــي متعددة، وتتفاوت فيما بينها تفاوتا كبيرا، في الشكـــل والحجـــم والسرعــــة والقدرة على التحمل، فمنها الحصان العربي والحصان الإنجليزي والحصان المهجن الأصيل بين العربي والإنجليزي، والمخصص لسباقات الأرض المنبسطة، والحصان البربري.
وللخيول ألوان كثيرة، ومن أشهر ألوانها الكميت والأشقر والأحمــر والعسلي والأسود والأشهب. ومن صفات الجمــال والمحاسن للخيول هو وجود الحجل لديهـــا (البيــاض فوق الحافر)، وكذلك الغرة (البياض في الجبهة)، وسعة العينين والمنخارين واتساع الجبهة واستقامة الظهر وانتظام القوائم وتقوس الرقبة وقوة العضلات وضيق الخصر. ويمتلك الحصان 32 زوجا من الصبغيات (الكروموزومات). في حين يمتـلك الإنسان 23 زوجا.

الحصان العربي
يعد الحصان العربي من أعرق سلالات الخيول في العالم وأغلاها ثمنا، ويرجع ذلك إلى عناية العرب بسلالات خيولهم الممتازة والمحافظة على أنسابها.
فهي تجمع بين جمال الهيئة، وتناسب الأعضاء ورشاقة الحركة، وسرعة العدو من جهة، وحدة الذكاء، والمقدرة العالية على التكيف فالحصان العربي الأصيل، يعتبر من أقدم الجياد على الإطلاق بدمه الأصيل، بل إن الحقائق التاريخية تشير إلى أن بلاد العرب لم تعرف إلا سلالة واحدة من الخيل الأصيل استخدمت لغرضين وهما الحرب والسباقات.
يمتاز الحصان العربي بصفات الجمال والشجاعة، وينتمي لخمس عائلات عرفها العرب، وكل عائلة تمتاز بصفة تميزها عن غيرها، بينما تجتمع العائلات الخمس بصفة موحدة، وهي أن قدرة حمل الأكسجين في كريات الدم لديها أكثر من غيرها من الخيول الأخرى.

أصالة
تعتبر أصالة الخيل إحدى أهم الخصائص التي يتم البحث عنها، وتصنف الأصالة في الخيل إلى أن ميلادها تم من سلالة أصلية دون الاختلاط بدماء هجينة، إضافة إلى ضرورة وجود السلالة بصفة مستمرة. ويؤكد المؤرخون أن الخيل العربية الأصيلة هي الخيل ذات السلالة الأصيلة الوحيدة للخيول العربية.
بينما تسمى خيول السلالات الأخرى بـ (مؤصلة) وليست أصيلة ذات دماء نقية، فالحصان العربي الأصيل تم تهجينه لإعطاء أنواع أخرى صفاته، وجميع هذه الأنواع تسمى هجينة، ويعتقد البعض أن كلمة "أصيل" تطلق على الخيل العربية فقط، وهي تطلق على جميع الخيول، التي تحتفظ بصفات سلالتها دون مخالطة، سواء كانت عربية أو أوروبية أو غيرها. ومن السلالات توجد الخيل المصرية والكردية وخيول هضبة الأناضول والمنغولية وغيرها الكثير.

خصائص الخيول الأصيلة
يعتبر الحصان العربي من أجود وأسرع أنواع الخيول، وتم تهجينه في أوروبا وبكثرة. ويتصف بالجمال الفائق الذي يميزه عن بقية الخيول في العالم.
ومن أهم صفاته أنه يمتاز بوجه صغير جميل وعينين واسعتين، وأذنين صغيرتين وتقعر خفيف في الوجه مما يضفي عليه نوعا من الجمال الوحشي في بعض الأحيان، ويتميز الحصان العربي بكبر حجم الصدر الذي إن دل على شيء فإنما يدل على كبر حجم رئة الحصان العربي، والتي تؤهله للقيام بالأعمال الشاقة وتفرده في سباقات الخيل للمسافات الطويلة (الماراثون). ويتميز أيضا بوجود تقعر خفيف في منطقة الظهر، والذي يعتبر من محاسن الحصان العربي. وتتميز أرجل الحصان العربي بالقوة والمتانة، وهي التي تؤهله للقيام بأعمال شاقة سواء في الحرب أو السباق.

خيول الذاكرة
حفظت الذاكرة أسماء أشهر الخيول في التراث العربي، ولعل أشهرها داحس والغبراء، لأن حربا اشتعلت بسببهما بين قبيلتين من أكبر القبائل العربية، وهما عبس وذيبان، واستمرت الحرب أربعين عاما إلى أن أصلح بينهما الحارث بين عوف، وهرم بن سنان..(12). أما "الصفا" فهي من نجل الغبراء، وهي فرس مجاشع بن مسعود السلمي، واشتراها عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، بعشرة آلاف درهم، فلما غزا مجاشع قال عمر: تحبس منه في المدينة، وهو في نحر عدوه، وهو إليها أحوج، فردها إليه..(13).
ومن أشهر الخيول أيضا أطلال، وهي فرس بكير بن شداد الشداخ، وكان يمتطيها يوم القادسية، وقد حجم الناس عن عبور نهرها وخندقها، فصاح بكير وثبا أطلال، وكان عرض النهر أربعين ذراعا فجمعت أطلال نفسها ثم وثبت، فإذا هي وراء النهر، فقال الأعاجم هذا أمر من السماء وانهزموا. وهناك خيول أخرى ارتبطت أسماء معظمها بقادة عرب مثل الحرون، أعوج الأكبر، الخطار، الشيماء، الحموم، وغيرها.

خيول الشعر
منذ الجاهلية والشعراء العرب يتغنون بالخيول لدلالات كثيرة لها علاقة بالحرب والقوة، أو لإبراز جمال هذه الخيول وصفاتها التي لاقت التقدير على مر العصور، إذ لا يوجد كائن لاقى ما لاقاه الحصان من تقدير واهتمام، قال امرؤ القيس واصفا الحصان في معلقته الشهيرة:
مكر مفر مقبل مدبر معا
كجلمود صخر حطه السيف من عل ..... (14)

وقال زهير بن أبي سلمى واصفا الخيل:
قد عوليت فهي مرفوع جواشنها
على قوائم عوج لحمها زيم..... (15)
وقال المتنبي:
أعز مكان في الدنى سرج سابح
وخير جليس في الزمان كتاب..... (16)

في الأدب العربي
وبقي الحصان رمزا يحضر وبكثرة في الأدب العربي الحديث، بل ويحتل عناوين الإصدارات، مثل لماذا تركت الحصان وحيدا، للشاعر الراحل محمود درويش، الذي قال في قصيدة بديوانه:
"لماذا تركت الحصان وحيدا"
لماذا تركـــت الحصــــان وحيدا
لكي يؤنس البيت يا ولــــدي
فالبيوت تموت إذا غاب سكانها.... (17)

بينما اختار فيه الشاعر أمل دنقل عنوان "الخيول" لإحدى قصائده التي قال في مطلعها:
الفتوحات في الأرض
مكتوبة بدماء الخيول
وحدود الممــــالك
رسمتــــها السنابك
والركابان ميزان عدل يميل
مع السيف حيث يميل.... (18)

الخيول في الفن
رسم الفنانون الخيول في الكثير من اللوحات، عبر تاريخ الفن، ولكن هناك من تخصص برسم الخيل دون سواها ومنهم جورج ستابس الذي يعد أعظم رسامي الخيول في الفن البريطاني، ورسم عشر صور بعنوان ماريس والمهرات والتي وضعت ضد وجهات النظر التقليدية من الريف الانجليزي.
وتعد لوحة "ماريس والمهرات في مشهد نهر" واحدة من أفضل من هذه السلسلة. ويقوم الفنان بعناية فائقة بدمج الخيول في المناظر الطبيعية، من خلال دمج ألوان مختلفة من الخيول مع الخلفية.

لوحات
ومن اللوحات الشهيرة في العالم العربي لوحة الفنان تمام الأكحل، بعنوان "لا تتركوا الحصان وحيدا"، محاكاة لقصيدة محمود درويش الشهيرة "لماذا تركت الحصان وحيدا".
وفي عالم النحت برز الحصان كواحد من أهم المواضيع في النحت، منها تمثال ماركوس أويليوس في هضبة كابيتولين، وهو أحد النماذج الأولى لعصر النهضة، وهو تمثال يتم فيه تجسيد على صهوة الجواد، وفي العادة يتم تصوير الحكام والقادة العسكريين، في وضعيات معينة، فإن تم تصوير الفارس على حصان ذي قدمين مرفوعتين يعني أن الفارس قد قتل في المعركة، وإذا كانت قدم واحدة للحصان مرفوعة فهذا يعني أن الفارس قد مات متأثرا بجراح المعركة، أما إذا كانت جميع أرجل الحصان غير مرفوعة عن الأرض فإن ذلك يعني أن الفارس قد مات طبيعيا وليس في معركة، على الرغم من عدم وجود الدلائل التي تدعم هذا الاعتقاد.

فرسان السينما
وفي عالم الفن السابع استعان المخرجون بالكثير من الخيول خاصة بتلك الأفلام التاريخية التي تتحدث عن أشهر المعارك التي جرت في التاريخ مثل فيلم "طروادة" أو "الإسكندر الأكبر".
وفي أفلام أخرى استخدم المخرجون الخيول في عناوين أفلامهم مثل فيلم "خيل الله" للمخرج المغربي نبيل عيوش، وهو فيلم مقتبس عن رواية "نجوم سيدي مومن" لملحي بينبين. ويتحدث الفيلم عن مسار منفذي اعتداءات الدار البيضاء المنحدرين من سيدي مومن، حيث كانوا يعيشون حياة فوضوية إلى أن تم تجنيدهم من قبل إسلاميين.

أسماء الخيل في القرآن الكريم
وردت الخيول في القرآن الكريم، في أكثر من آية، مثل العاديات في قوله تعالى "وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً"، والموريات في قوله "فالْمُورِياتِ قَدحاً" والصافنات، حيث قال تعالى : "إذ عُرض عليه بالعشي الصافنات الجياد"، وأخيرا الخير في قوله "فَقال إِنِي أَحْبَبْتُ حُب الخير عن ذكْر ربِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ".

الحصان الأسطوري
يعتبر حصان طروادة جزءا من أساطير حرب طروادة، ويعتبر أكبر الأحصنة الخشبية في التاريخ، ويبلغ من الطول 108 متر ومن الوزن 3 أطنان، ليكون أمتن حصان خشبي في العالم، ومن بعده هناك حصان زقاونة لدى شعب الرومان والجرمان.
وتروي الأسطورة أن حصار الإغريق لطروادة دام عشر سنوات، فابتدع الإغريق حيلة جديدة، حصانا خشبيا ضخما أجوف بناه إبيوس وملئ بالمحاربين الإغريق بقيادة أوديسيوس، أما بقية الجيش فظهر كأنه رحل بينما في الواقع كان يختبئ وراء تيندوس، وقبل الطرواديون الحصان على أنه عرض سلام.
وقام جاسوس إغريقي، اسمه سينون، بإقناع الطرواديين بأن الحصان هدية، بالرغم من تحذيرات لاكون وكاساندرا، حتى أن هيلين وديفوبوس فحصا الحصان فأمر الملك بإدخاله إلى المدينة في احتفال كبير.
احتفل الطرواديون برفع الحصار وابتهجوا، وعندما خرج الإغريق من الحصان داخل المدينة في الليل، كان السكان في حالة سكر، ففتح المحاربون الإغريق بوابات المدينة للسماح لبقية الجيش بدخولها، فنهبت المدينة بلا رحمة، وقتل كل الرجال، وأخذ كل النساء والأطفال كعبيد.





رمز الحصان الأبيض ودلالاته في الرواية .. استخلاصات عامة
الخيول البيضاء هي احد ابطال الرواية ، وقد شغلت مساحات واسعة من هذه الرواية ، كما كان لها اكثر من دلالة ، بحيث انها تضع القارئ امام عدة تساؤلات عن دورها ، وعن دلالاتها . ولكل قارئ حقه في فهمها كيفما يشاء ، حسب خلفيته الثقافية والاجتماعية وبيئته المحلية .
وفي تقديري ان لجوء الكاتب الى الخيول الأصيلة ، البيضاء الجميلة ، ليكون لها دور كبير في روايته ، انما جاء من باب تأكيده المتكرر على " الأصالة " فالخيول الأصيلة عدا عن جمالها الساحر ، هي خيول وفيّة لفارسها ، لا تتزاوج إلا مع الأحصنة – جمع حصان – الأصيلة من بنات جنسها ، فمثلما لا تنقاد لغريب ولا تسمح له بامتطاء ظهرها ، فإنها لا تسمح لحصان غريب عن جنسها ان يتزاوج معها حتى ولو كان أصيلا هو ايضا .
وقد شاهدنا كيف أن العربي لا يفرط بفرسه الأصيلة ، وهو يعمل لها شهادة ميلاد متسلسلة من جهتي الأمّ والأب ، ونادرا ما يقدم على بيعها مهما دفعته الحاجة الى ذلك ، وكأنها فرد من أفراد الأسرة أو العائلة ، واذا ما اضطر الى اهدائها الى عزيز عليه فإن العرف والعادة ان يعيد المُهدى اليه أوّل مهرة تنجبها الى من أهداه إياها . وقد شاهدنا الخيول البيضاء " الريحانية " كيف شاركت في الأفراح والأتراح وفي الكفاح ،حتى انها سقطت قتيلة في نفس المعركة التي سقط فيها فارسها شهيدا .
فهل اراد اديبنا ان يسحب ذلك على البشر ؟؟
وأنا اقول ....... ربما .وأؤكد على هذه الـ " ربما " حيث شاهدنا ولا نزال نشاهد كيف ان بعض الأبناء توارثوا الكفاح والجهاد والأصالة عن آبائهم وأجدادهم والعكس صحيح ايضا.
وتشبيه الانسان الجيّد والخيّر بالفرس الأصيلة ليس جديدا في هذه الرواية ، بل هو أصيل في ثقافتنا الموروثة سواء منها الرسمي أو الشعبي .
فنحن نشبه المرأة المحصنة الوفيّة بالفرس الأصيلة ، ونشبه الرجل الرجل بالحصان الأصيل ، وكثيرا ما نسمع مخاطبة النساء بـ :"أمك أصيلة خلّفت أصيلة " ومخاطبة الرجال " بيّك أصيل خلّف اصيل "
وفي تقديري ان بطولة الخيول الأصايل في الرواية الملحمية هي بمثابة الهام لاصالة الحكاية و ارتباطها العضوي مع تفاصيلها التي لا تستطيع فك عراها مطلقا.
كما ان الحصان الابيض دلالات عدة جاء معضمها في السياق الغير تقليدي فإن اردنا التعمق اكثر في ثنايا الرواية نتلمس ان الكاتب ربما اراد ان يؤكد ان القضية الوطنية الفلسطينية المتمثلة بالانسان الفلسطيني مرتبطة ارتباط عضوي مع الارض فلسطين، فمن جهة يمكن تخيل ان فلسطين هي الخيل البيضاء النقيية التي حددت بشكل مباشر ببلورة حياة الانسان الفلسطيني المتمثل ببطل الرواية، وكأنني اقول ان فلسطين تراءت لكاتبنا على شكل فرس بيضاء لا يمسها السوء مهما اختلفت الظروف وتكالب الزمن عليها، فهي من جهة لاعب مؤثر في حياة الانسان الفلسطيني، ومن جهة اخرى يقع عليها الفعل المباشر لسلوك ذاك الانسان فهو مطالب بشكل اساسي بالحفاظ على اصالة وعروبة هذه المهرة ( فلسطين ) عبر عدم السماح لها بالمزاوجة مع غير الاعراب و الاصيل من الخيل " ان المهرة الاصيلة لا يقربها سوى فحل اصيل") 19 ) وفي موطئ اخر بالرواية " صنها تصنك، وارعها برفق تكن حصنك" .. (20) ، ومن ذاك الذي " ان من تعرفه الخيل لن يجهله الناس" ... ( 21) هم الشهداء فقط والذين تعرفهم الارض حق معرفة فهم من رووا بدمائهم الطاهرة ثراها.
كيف لا تكون الفرس البيضاء الارض الام وهي التي قبلت حوافرها في الرواية في موضعين دليل على الاحترام والتبجيل والتقدير " أمام دهشة العيون المتطلعة اليه انحنى امامها حتى استوى على ركبتيه، أمسك حافرها الاول، رفعه برفق، وقد منحته اياه، قبله بهدوء وأعاده الى الارض بهدوء أكثر، ثم امسك بحافرها الثاني، وقبله بالطريقة نفسها وهي تراقبه بإنفعال" ....(22)، ان مشهد درامي كهذا يؤكد ان الفرس البيضاء تعدت كونها فاعل حسي بالرواية الى رمز تدور كل احداث الرواية حوله .
ومن البديهي ان نتسأل هل ربط الكاتب تجربة شخصية في الخيول حتى غدت فاعلا في وعي رواياته وشكلت احدى اهم الشخصيات الفاعلة بالرواية ؟؟
فقد اشار الكاتب في المقابلة التي اجريت معه " ليس هناك شيء مباشر فيما يتعلق بتجربتي بالخيل، لكن الخيل ظاهرة اساسية شغلت الفكر الانساني والطموح الانساني للاقتراب منها ومعايشتها، وكان لها مكانها في الحياة العربية، والحياة الفلسطينية امتدادا لتلك الحياة، ولعل الخيل والطير من اقوى الرموز حضورا في الحياة البشرية، ومنذ ان كتبت عن الطيور في ( طيور الحذر ) كنت اتطلع للكتابة عن الخيول "(23) . وكأن الكاتب هنا يؤكد على ان عروبة فلسطين وقضيتها هو صورة اخرى ارادها لامتداد رمز الخيل في التجربة الوطنية الفلسطينية، ولم تأتي خار ذاك السياق الذي يؤكد فيه ان الابداع في صياغة الرمز هو ليس بالضرورة وعي ذاتي بقدر ما هو تنميط فكري وتكثيف لرؤية شمولية تأخذ قارئها الا فضاءات رحبة تاركتا اياه طليقا ليعمل الفكر في دلالات الرمز.
ان الرمز وان كان رحبا برحابة الرواية التي حملت مشروعا فكريا وانسانيا ووطنيا بحجم " زمن الخيول البيضاء"، غير انه دلالات لا بد من تتبعها والبحث عنها كي نستطيع تلمس الفضاء الفكري والوجداني لتجربة اكبر من الكلمات، وفي خلاصة القول، ان رمز الخيل البيضاء اكبر من كونه في هاذه الرواية دلالة مباشرة وسطحية، لذلك وفي شكل لا لبس فيه يؤكد هذا البحث على ضرورة قراءة هذه الرواية والتمعن في شخوصها للبحث عن حقائق تاريخية غيبتها قوة النسيان، وكما قال الكاتب في المقابلة التي اجريت معه " الفترة التي غطتها زمن الخيول البيضاء لم تغطيها أي رواية من روايات الملهاة، أو أي رواية اخرى، ولذا وكما اشار احد النقاد كانت الرواية المفقودة في ادبنا الفلسطيني، بكل تشابكات فترة ما قبل النكبة، وأظنها غدت منذ صدورها جزءا اساسيا من الذاكرة الفلسطينية" (24).



#كفاح_طافش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزمة اليسار الفلسطيني بين أزمة العمق وعمق الازمة
- الثورة ... الحزب .. الدولة ..
- قراءة في الانتخابات الاسرائيلية القادمة
- ماذا بعد
- اليسار الفلسطيني ما بين الحاضر والامس
- يا تائها - شعر
- هكذا كان جوعنا
- الربة السوداء - قصة قصيرة
- هاجس الحرية - من كتاب هواجس اسير
- بلاد الحلم - شعر
- ايها الموت
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ...
- لماذا تونس
- حكاية من زمن الردة - شعر
- هاجس الهواجس
- صرخة
- عبث اضافي
- بلاغ عاجل


المزيد.....




- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كفاح طافش - رمز الحصان في رواية زمن الخيول البيضاء