أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - كفاح طافش - قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة الكرامة















المزيد.....



قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة الكرامة


كفاح طافش

الحوار المتمدن-العدد: 4622 - 2014 / 11 / 2 - 10:57
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    


كفاح طافش+ وائل الجاغوب
قراءة في إضراب نيسان /2012/ معركة الكرامة.
إن القول بأن السجون موقع نضالي متميز ، ومحطة من أجل بناء وإعداد المناضل الفلسطيني صائبة، وتحاكي وتعبّر عن سياق تجربة طويلة خاضتها الحركة الأسيرة، التقطت خلالها وأدركت خصوصية واقع الأسر، وهدفية الاحتلال من ورائه، والدور المطلوب من المناضل الغد/ القيام به، ومكانة الوعي والثقافة والإدارة، والفعل الجماعي المؤسساتي، والوحدة الداخلية كمقومات رئيسية للصمود والمواجهة كمهمتين رئيسيتين تتمثل الأولى في الصمود وهذا يتطلب الإعداد الداخلي والبناء التنظيمي والوطني والاعتقالي عبر تنظيم الأسرى، وتحديد هيئات وطنية وتنظيمية لهم، والثانية المواجهة وتستدعي التصدي لإدارة السجون، والمهمتين بينهما ترابط، فلا يمكن تحقيق الثاني دون العمل على إنجاز الأول، ولا يمكن الحفاظ على الأولى دون العمل على الثانية.
وهذا ما أدرك وتم العمل عليه تاريخيًّا من قبل الحركة الأسيرة، فلأساس الذي تم البناء عليه هو وعي حالة الترابط والامتداد التي يمثلها الأسرى والترابط مع القضية الوطنية والامتداد لمشروع التحرر الوطني في ساحة نضال خاصة استدعت أشكال مواجهة خاصة، فأبدع الأسرى أساليب ووسائل نضالية متعددة، منها ما أطلق عليه "خطوات تكتيكية" كالإضراب الجزئي عن الطعام، أو الامتناع عن الخروج لباحة السجن، الاحتجاج وتقديم الرسائل، والامتناع عن الزيارات العائلية، وغيرها من الخطوات وخطوات أخرى اعتبرت استراتيجية لطبيعتها وأدواتها ووسائلها، وامتلكت هذه الصفة بوصفها الخيار الأخير والأصعب والأكثر معاناة وبمقدمتها الإضراب المفتوح عن الطعام الذي استخدم مرات عديدة وأثبت نجاعته كأسلوب، وإن كان ثمنه باهظًا.
إن أساليب المواجهة لدى الأسرى قد شهدت تغيرًا وتطويرًا، وهذا ارتباطًا بالتغير الواقعي الملموس وتراكم التجربة لدى الأسرى والقدرة الأعلى على التقييم، والتعامل مع الشروط التي يجب توفرها قبل خوض الإضراب، فإلى جانب العامل الذاتي المتعلق بالأسرى برز الموضوعي والشق المتعلق تحديدًا بالجاهزية على المستوى الجماهيري خالرج الأسرى وملائمة المرحلة وطنيًّا ومدى تأثير الخطوات على إدارة السجون في شكل تعاملها مع الاحتجاجات، فقد بدأ الأسرى في مراحل مبكرة باستخدام خيار الإضراب المفتوح عن الطعام في سجن واحد كما تم في عسقلان عام 76، ونفحة 81، والجنيد 84، وقد سقط شهداء في هذه الإضرابات قبل إضراب عسقلان وبعده، من عبد القادر أبو الفحم، اسحق مراغة، باسم الجعفري، راسم حلاوة وغيرهم، وصلاً إلى إضراب عام 1992 والذي خاضته الحركة الأسيرة برمتها، لنصبح أمام مرحلة النضال الشامل، متجاوزين خوض سجن منفرد للإضراب، ليغدو متطلب الإضراب وحدة موقف عامة، وقد كان ذلك تتويجًا لمرحلة، وبدء بلورة معالم مرحلة جديدة في نضالات الأسرى.
إن التدقيق في عدد من الإضرابات المفتوحة التي خاضها الأسرى حتى عام 92 يقودنا إلى تسجيل عدد من الملاحظات، يمكن أن نكثفها بالنقاط التالية:
أولاً: البعد السياسي: إن تحرك الأسرى لم يخلو يومًا من جوهره السياسي بوصف نضالهم ضد الاحتلال بشكل رئيسي، وبتعريفهم لأنفسهم كإمتداد لحركة التحرر، ولواقع الأسر كموقع مواجهة يحمل خصوصية كونه موقع نضالي متقدم، وإن كان مظهر المطالب المقدمة مرتبط بواقعهم.
ثانيًا: الإضرابات المفتوحة بغالبيتها كانت محطة نوعية وتتويجًا لمرحلة، وانتقال إلى أخرى، كما حدث في إضراب عسقلان عام 76، والانتقال على أثره إلى مرحلة سمتها فرض التمثيل الجماعي للأسرى، وإضراب عام 84 الذي شكّل مفصلاً في تغير شروط الحياة اليومية، وإضراب نفحة 81 الذي أفشل محاولة إدارة السجون فصل الرأس عن الجسد، وعام 92 الذي شكّل مرحلة النضال الشامل...
ثالثًا: غياب الطلب السياسي المباشر، كالمطالبة بالاعتراف بالأسرى الغد/ والعرب كأسرى حرب، حيث أن حضور هذا المطلب كان خجولاً، ولم يدعم على الأرض بقوة.
رابعًا: الاعتماد المتزايد في تحشيد الدعم الجماهيري للأسرى، وتعاظم الدور الذي يمكن أن تضطلع به الجماهير بدعم ومساندة الأسرى، والذي وصل ذروته عام 92، وأثبت أن حراكًا واسعًا يمكن أن يقلّص مدة الإضراب، ويشكّل ضغطًا قويًّا.
خامسًا: البعد الديمقراطي بالتقرير بما يتعلق بخوض الإضراب المفتوح عن الطعام، حيث استطاعت الحركة الأسيرة أن تثبت تقليدًا ديمقراطيًّا، يعطي الحق لكل أسير المساهمة باتخاذ القرار، وهذا عبر إجراء الاستفتاء العام قبل إقرار البدء بالخطوة الاستراتيجية، وكذلك ضمان حق القوى المشاركة بالتقرير عبر اللجان الوطنية وصياغة آليات حسم ديمقراطية.
سادسًا: الحفاظ على الوحدة الوطنية كمتطلب ودافعة رئيسية لمشروع التصدي لسياسات إدارة السجون، وتطوير الأشكال التنظيمية والوطنية على قاعدة وحدة الحال لتطال عموم الأسرى، وتقود إلى الانتقال لمرحلة النضال الشامل كما تم 92، مدركين أن الهجمة الشاملة الشرسة التي أطلقتها إدارة السجون ضد الأسرى تتطلب ودًّا شاملاً يقوم على قاعدة الوحدة.
إن مرحلة ما بعد إضراب عام 92 قد شهدت توقيع اتفاق أوسلو عام 1993، وهذا ما أدخل الحركة الوطنية الغد/ في منعطف جاد ومرحلة جديدة، فقد أنهى مرحلة بكاملها من النضال الغد/ من دون أن يحقق البرنامج شكل أحد أبرز محاور العقل السياسي الغد/ الذي وسمت تخومه م.ت.ف" "1"، وشهدت الساحة السياسية الغد/ انقسامًا سياسيًّا عموديًّا وأفقيًّا عكس نفسه على الأسرى، وهذا طبيعي بحكم الامتداد السياسي الذي يمثله الأسرى، ومع توقيع اتفاق القاهرة في 4/5/1994م وبدء إطلاق سراح الأسرى بالأعداد المتفق عليها واتضاح شكل تناول قضية الأسرى من قبل المستوى السياسي الغد/ والذي قبل بترحيلقضية الأسرى إلى مفاوضات ما يسمّى الحل النهائي، وهذا خطأ فادح، وأفقد الأسرى شكل تناول قضيتهم، وعدم جدولة إطلاق صراحهم، وهذا ما دفعهم إلى الإعلان عن الإضراب السياسي الأول عام 1995، والثاني عام 1998، وقد كانت هذه محطات أظهرت الانقسام بين صفوف الأسرى، حيث لم تشارك جميع القوى السياسية في الإضراب، وهذا ما عكس حدة التباين والانقسام، وهذا ما حكم تحركات الحركة الأسيرة حتى عام 2004، وما عكس مدى تأثير الحالة الوطنية العامة على المستوى الغد/ على الأسرى،وما دفع قضية التحرر إلى مقدمة سلم الأولويات لديهم.


"إضراب 2004، الظرف الموضوعي يستدعي وحدة الذاتي"
إن سنوات أوسلو قد تركت أثرها على بنية الحركة الأسيرة، كما أزمة حركة التحرر الوطني قد وجدت تجليها في مواقع القوى السياسية داخل الأسر، فالظرف الموضوعي الذي ساد وسيطر خلال سنوات أوسلو، قد ترك أثرًا كبيرًا على الأسرى كقوى سياسية وكمناضلين، وقد كاد الرهان مع اندلاع انتفاضة الأقصى أن ينعكس واقع الانتفاضة على السجون بتأثيره، لكن الموروث والأزمة وعدم قدرة الحالة الانتفاضية ترجمة سقفها وفعلها سياسيًّا، وعدم القدرة على تجاوز مسببات الفشل واستمراره، وتكريس نمط تفكير لدى الفئة المسيطرة لدى القوى السياسية في الأسر حلقي مناطقي محدود، وانتشار ثقافة تعزز وتبرر البحث عن الخيارات الفردية، وتقدم كأولوية المصلحة الفردية على العامة، والمصلحة القائمة لفئة على حساب الحال التنظيمي والوطني.
لكن الهجمة الشرسة التي أطلقتها إدارة السجون، وتحديدًا مع مجيء مديرًا جديدًا لها عام 2003 " يعقوب حامنحت" ومحاولته تحسين صورة إدارة السجون على مستوى الشارع الإسرائيلي، بوصفها أداة أمنية، واتخاذ ذلك مبررًا لزيادة الميزانيات، وتركيز هجمة إعلامية ضد الأسرى، وتنفيذ سياسة القمع التي أقرتها حكومة شارون الغد/ ومناضليه، مهدت للبدء بتصعيد الخطوات من اعتداءات بالضرب، وقمع، وسحب منجزات وتنقلات، ومداهمات ليلية، وقد شُكّل لهذا الغرض وحدة خاصة أطلق عليها اسم "متسادًا" (3)، وأمام هذا الضغط اضطر الأسرى إلى التفكير في الخيار الاستراتيجي "الإضراب المفتوح" وتم التوافق أن يتم في نهاية شهر آب 2003 لكن انهيار الهدنة التي كانت حينها وسقوط حكومة أبو مازن كانت عوامل دفعت باتجاه التأجيل، وهذا ما أعطى إدارة السجون عام آخر للاستعداد وأفقد الأسرى عنصر المفاجأة... اتفق الأسرى على التأجيل ولم يطل حتى شرعوا بالإضراب المفتوح عن الطعام في تاريخ 15/8/2005، لكن أحد شروط نجاح الخطوة تتمثل بتشكيل قيادة موحدة للإضراب لم يتم تحقيقه، إضافة إلى الظرف الموضوعي المجافي، والقمع العنيف الذي تعرض له الأسرى المضربين، وقدرة إدارة السجون على إحداث شرخ في الموقف، عوامل مجتمعة أدت إلى عدم تحقيق الإضراب لأهدافه، لكن الأخطر لم يكن في الفشل، بل في التسليم لواقعه، وعدم التصدي لنتائجه، حينها يبدأ العدو لتحويله إلى هزيمة، وهذا ما عملت إدارة السجون عليه، حيث تم تشظية جسد الحركة الأسيرة، مما عنى تراجع الحضور التنظيمي للقوى السياسية، ليحل مكانه الحضور المناطقي الجغرافي الضيق، "وهي ظاهرة عانت منها الحركة الأسيرة قبل تنظيمها لصفوفها بداية سبعينات القرن المنصرم"، وبروز فئة تمثل الأسرى وصلت لمكانها نتاج انتماءها المناطقي/ البلدي وليس على قاعدة الكفاءة.
وبالتالي قدمت كل استحقاق للحفاظ على موقعها لتتحول السجون إلى مواقع نفوذ، وهذا الواقع أفرز ثقافته، ومفاهيمه، وقيمه، والتي جاء الانقسام السياسي على المستوى الوطني ليعززها، ويعكس نفسه سلبًا على واقع الأسرى.
إن الأمر الواقع الذي أفرزته محطة الإضراب عام 2004 قد وضع الأسرى أمام عدة مهام في ظل حالة وطنية/ إعتقالية مترهلة، وانقسام داخلي وتبلور مصالح فئة من الأسرى لا تنسجم وأي تغير في الواقع المعاش، بمعنى أن نتائج الإضراب باتت تحديًّا للأسرى ليس على مستوى شروط الحياة فقط، بل على المستوى الداخلي أيضًا، وقد بدأت المطالب تتبلور كالتالي:
أ . إعادة شروط الحياة كما كانت قبل عام 2000 وإعادة الإنجازات التي سحبت بعد إضراب 2004.
ب . إنهاء سياسة القمع والتنكيل والمداهمات الليلية.
ج . وقف سياسة العزل الانفرادي التي تزايدت.
د . الزيارات العائلية المعلقة لأهالي قطاع غزة، والمنع الأمني للكثير من الأسرى أبناء الضفة، والتشديد على العائلات بالتفتيش والانتظار.
هـ . الرعاية الصحية والعلاج الطبي وإنهاء سياسة الإهمال المتعمد بعد أن استشهد عدد من الأسرى نتاج الإهمال الطبي.
هذه المطالب ولدى التدقيق والنفاذ إلى جوهرها فإنها تمثل بداية حالة التمرد والثورة على واقع تكرس ما بعد إضراب 2004، وهذا ما دفع الأسرى إلى القيام بعدد من المحاولات من أجل توحيد موقف عام على برنامج احتجاجي منذ عام 2005 وتمت ذات المحاولة في سجن هدريم عام 2007 من أجل الأسرى المعزولين وتشكيل مد موحدة ، ولم ينجح الأمر، ولم ينجح عنه تحقيق قيادة موحدة أو برنامج متواصل، وبالتالي افتقدت القدرة على تركيم الفعل النضالي، واقتصر الاتفاق أحيانًا على خطوات متفرقة لم تشارك بها جميع السجون..
عزل الأمين العام للجيش نقطة تحول...
إن سياسة العزل سياسة عامة تنتهجها إدارة السجون ضد الأسرى وتتعدد أشكالها من عزل الأسرى عن التواصل بالحد الأدنى مع عائلاتهم من خلال منع الزيارة ووضع قيود عدة عليها، والتشديد على إصدار التصاريح للعائلات، واستخدام الزيارة وسيلة لعقاب الأسير عبر منعه عنها، ومنع الأسرى بشكل عام كما حدث عندما تم إيقاف الزيارات للسجون من عام 2001 إلى نهاية 2005، وزيارات أسرى غزة لأربع سنوات، إلى شكل آخر يتمثل بمنع إدخال الصحف الصادرة في الأراضي الغد/ سواء في الضفة أو في الداخل، والمراقبة والتعطيل للرسائل وغيرها من الأشكال التي تندرج بشكل عام تحت عنوان سياسة العزل، وأسوأ أشكالها يتمثل بالعزل الإنفرادي للأسرى الذي مورس بحق الأسرى على مدار سنوات الاحتلال، واحتل مطلب إنهاء سياسة العزل الانفرادي مكانة متقدمة ومتميزة لدى الأسرى، وقد استطاع الأسرى تقليص عدد المعزولين، لكن لم يستطيعوا إنهاء السياسة بشقها المتعلق بالعزل الانفرادي، التي اتسعت مع اندلاع انتفاضة الأقصى، حيث تم عزل عشرات المناضلين متذرعين بالأسباب والدواعي الأمنية، وقد طال العزل الأمين العام للجيش أحمد سعدات عام 2008، وقد كان جليًّا أن الأسباب الحقيقية التي تقف وراء عزله سياسية أولاً، وانتقامية ثانيًا، وللحد من تأثيره ثالثًا، ولاستهداف رموز الحالة المقاومة بما يشكلون ويمثلون..
إن عزل الرفيق أحمد سعدات قد دفع منظمة السجون الموحدة إلى الضغط بشكل أكبر على القوى من أجل تفعيل قضية العزل وتحديدًا مع حركة حماس التي ينتمي غالبية المعزولين لها "أربعة عشر معزولاً من أصل ثمانية عشر"، وقد بدأت حوارات واسعة من أجل الاتفاق على برنامج تحرك، لكن الظروف كانت مجافية، فلم تبرز استجابة من القوى مع أطروحات الجبهة الشعبية، وهذا ما جعل خيار التحرك المنفرد يتحرك لدى الجبهة تحت الضغط القاعدي والفصائلي ممثلاً بعدم القدرة على التوصل لاتفاق ، وقد عمل رفاق الجبهة على تطبيق برنامجين نضاليين خلال عام تضمّنا خطوات تكتيكية عدة، وهذا ما حرّك ملف المعزولين ولكن لم يعطي نتيجة عملية، وهذا ما عزّز البحث عن الخيار الاستراتيجي والتوجه نحو القوى مرة أخرى.
"خريف لم يكتمل وربيع لم يحل"
حددت الجبهة الشعبية سقف خريف 2010 موعدًا للتحرك الاستراتيجي، لكن هذا التحرك نتاج أسباب داخلية تتعلق بالجبهة، وبالوضع السياسي الغد/ العام إلى تأجيل نقطة الصفر والعودة إلى الحوار مع القوى مرة أخرى، هذا الحوار الذي أثمر عن التوصل للاتفاق مع فتح وحماس على برنامج تحرك استراتيجي "إضراب مفتوح عن الطعام" في ربيع 2011، لكن القويتين الرئيسيتين طلبا التأجيل وتحديدًا فتح لترتيب أوضاعها، وحماس للحديث عن الصفقة "صفقة تبادل الأسرى". واتفق على التأجيل لبداية الخريف المقبل، لكن ذلك لم يكن جديًّا حيث لم يكن حسم للأمر من قبل القويتين الرئيسيتين.. هذا ما جعل خيار الانفراد بالخطوة للجبهة تكتمل عناصره، من غياب إرادة جادة لدى القوى للتحرك، إلى الوضع الاعتقالي العام المتردي والذي لا يشجّع على إعادة طرح الخطوة، وإنشاد الأسرى لصفقة التبادل، والشك المتبادل بين حماس وفتح، والأزمة التي لم تعد منظمة الجبهة احتمالها داخليًّا نتاج استمرار عزل الأمين العام، والموقف الذي يجب اتخاذه للضغط من أجل إنهاء عزله، والقناعة التي بدأت تتبلور بأن الجبهة نهج وخيار ويجب أن تمارس قناعتها "4" بيان قف.
"الانفراد في خطوة استراتيجية"
أعلن رفاق الجبهة في السجون الإضراب في تاريخ 27/9/2011 م تحت شعار إنهاء ملف العزل الانفرادي، وقد استمر الإضراب إحدى وعشرين يومًا، ووتم تعليقه بعد التوصل لإتفاق مع إدارة السجون، تمثل بنقل أحمد سعدات إلى مشفى الرملة، والضغط من أجل إنهاء سياسة العزل من قبل إدارة السجون، لكن الأخيرة تراجعت عن الاتفاق الذي جاء بعد الإعلان عن صفقة التبادل بين المقاومة والحكومة الغد/ وكانت بمثابة متغير موضوعي أثّر على سياق الإضراب وقدرته على تحقيق أهدافه، فبعد التحاق سجن جلبوع وإيشل كان على الأبواب الصفقة أوقفت استمرار انتشار الإضراب وامتداده، وقد أشاد التقييم الواقعي الذي أجرته الجبهة لتقييم الإضراب إلى "أن الاتفاق على الحد الأدنى من مطالب الإضراب مع التميز بأن نجاح الخطوة مقرون بتنفيذ بنود الإضراب على أرض الواقع" "5"..
وقد ميّز تقييم الجبهة بين نجاح "الإضراب" بتحقيق مطالبه، ونجاح الخطوة الاستراتيجية الشاملة الأدوات والتكتيكات والوسائل والرؤية لما بعد الخطوة، والقدرة على تنفيذ ما اتفق عليه..
إن الخطوة التي أقدمت عليها الجبهة قد أعادت الإضراب كوسيلة يمكن أن وتحقق إلى دائرة الاهتمام، وغدت إمكانية خوض الحركة الأسيرة له موحدة واقعية، وبذات الوقت قدمت أوسع تحريك لملف العزل الانفرادي منذ سنوات، وأعطت إشارات هامة لناحية تجاوب الشارع الغد/ للتحرك ودعمه،وإمكانية إحداث إصطفاف صاحب مصلحة بخوض نضال جدّي ضد إدارة السجون، وإمكانية مواجهة نتائج إضراب 2004، وحملت بذات الوقت سلبيات لناحية تأثيرها على شكل العلاقات الوطنية الداخلية، ووحدة موقفها الذي لم يكن مجالاً لتحقيقه.
"نضوج الظرف الموضوعي والشرط الذاتي"
مع انتهاء الإضراب المفتوح، وإنجاز صفقة التبادل، وإصرار إدارة السجون على عدم التراجععن الإجراءات التي اتخذتها على مدار سنوات وأطلق عليها " إجراءات شاليط ..." وفشل سياسة الحوار دون ضغط التي مورست على مدار سنوات، عوامل دفعت الأسرى باتجاه البحث عن خيارات، وبمقدمتها الإضراب، "مشاريع قدمت سنناقشها في السياق"، ويضاف إلى ذلك التجربة الملحمية التي خاضها المجاهد خضر عدنان ضد سياسة الاعتقال الإداري، والمجاهدة هناء شلبي وانتصارهما قد شكّلا دافعًا مهمًا باتجاه نضوج الشرط الذاتي للإضراب، وبذات الوقت الظرف الموضوعي سياسيًّا، بحيث أن المستوى الرسمي أبدى اهتمامًا أكبر بقضية الأسرى، والجماهير الغد/ أبدت استعدادًا للمشاركة في دعم التحركات والذي دعمته قوى ومؤسسات، يضاف لذلك أن التحرك السياسي الغد/ الدولي، والحملات التي تتم على مستوى العالم من أجل فضح سياسة الاحتلال، والضغط من أجل تشكيل موقف دولي ضد سياسة الحكومة الاسرائيلية استعدت المشاركة من قبل الأسرى بهذا الجهد لإبراز ما يتم بحقهم في السجون، وطرح قضيتهم بقوة أكبر، مجتمعة عوامل دفعت الأسرى للتفكير بجدوى تحرك وضرورته..
"التجهيزات لمعركة الكرامة"
في سياق قراءة المعطيات المركبة لواقع الحركة الأسيرة والتي شكّلت نقطة الارتكاز نحو انطلاق قطار الإرادة لدى قيادات الحركة الأسيرة للتوجه نحو خطوط استراتيجية من أجل وقف الهجمة الشرسة التي ما فتأت إدارة مصلحة السجون على شقها وكذلك محاولة انتزاع ثلث المطالب الرئيسية بإنهاء قضية الأسرى المعزولين وكما تحقيق زيارة أسرى قطاع غزة والذين حرموا منها في العام 2007 على أثر سيطرة حماس على القطاع وبذريعة اختطاف الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليط، وتحسين شروط الحياة عبر إنهاء إسقاطات ما سُمّي بقانون شاليط، سبقت هذه القناعة بجدوى الإضراب المفتوح عن الطعام سلسلة من التحركات الضاغطة لفتح حوار مع إدارة مصلحة السجون، وأبا الأسرى تسميتها البرنامج التكتيكي غير أن إدارة مصلحة السجون أدارت الظهر ولم تستجب لرغبة الأسرى كونها اعتقدت أن الحركة الأسيرة ما زالت بوعيها غير قادرة على تجاوز هزيمة 2004 التي أسست منطق وقواعد للعبة جديدان، إلى أن مجموعة العوامل والتي سردناها سابقًا ساهمت في إعادة بلورت الوعي وكما تفاعل منظومة المصالح والتي أشار إليها تقرير داخلي لدى الجبهة الشعبية حول إضراب 2012 الذ اصطلح على تسميته "معركة الكرامة"، حيث جاء التقرير على التالي: "أن كل من حماس وفتح وغزة وكذلك الجهاد والجبهة الشعبية ودفعتها كلٌّ على حدا مصالحها لخوض الإضراب وقبله البرنامج التكتيكي حيث فنّدت مصالح التنظيمات كما جاء حرفيًّا في تقريرها"..
1 . حماس: لقد عانت حماس بشكل كبير داخليًّا أثناء إضرابنا في أيلول 2011 حيث كانت القواعد الحمساوية غير متفهمة أن تتصدر الجيش قضية العزل، وهي تعلم حق العلم أنها مسئولية حركتها، غير أن القيادة لدى (حماس/السجون) كانت تعلم بكل ما يدور من حراك حول صفقة التبادل على ما يبدو، وبالتالي حسمت قرارها بعد المشاركة في الإضراب وهذا داخليًّا لدى حماس المتماسكة تنظيميًّا يعني عدم توفر الفرصة لدى قواعدها في المشاركة بعد تعميمها لقرار عدم مشاركتها وتهديد كل من يخرج عن القرار التنظيمي بالعقاب، هذا ما تلمسناه جليًّا عدم مشاركة مجاهدين من حماس غير آحاد لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، بعد عقد صفقة التبادل وتحرر قيادة (حماس/السجون) التاريخية وكما الوزن الكبير (لحماس/غزة) في الإفراجات نقل مركز القيادة من (حماس/غزة) إلى (حماس/الضفة)، وهذا لم يكن لدى القيادة الجديدة مع كل التحديات الداخلية غير البحث عن شرعية نضالية تحتمي بها، تؤمّن لها سيطرتها داخل حماس المأذومة بعد الصفقة داخليًّا بفعل عدم شملها العديد من قيادتها وكادوها، وهنا لا بد من التأكيد أن هذه الشرعية التي بحثت عنها هذه القيادة كانت تتناسب مع تطلعاتها نحو قضية العزل ومركزيتها لديهم خاصة بعد إحراج الجيش لهم كما ذكر سابقًا وكما أن الشعور العام لديهم بأنه قد حان الوقت لإعادة ضبط وتحسين شروط الحياة لتتناسب مع عدو توفر إمكانية الإفراج قريبًا بعدم وجود وعد للإفراج تحت طائل وجود جندي أسير، كما أن بواطن حماس كانت تفكر بانتزاع الدور القيادي في السجون، حيث أعطاها ما حدث من نكوص سجن دامون مؤشرًا لذلك، وهي التي تفهم جيدًا
(لأن الطبيعة تكره الفراغ)
2 . فتح غزة: لم يعد من الممكن لديهم الوقوف أمام الإرادة الجماعية المتواجدة في قواعدهم والتي تدفع باتجاه الإضراب من أجل تحقيق زيارة ذويهم خاصة بعد صفقة التبادل، كما أن شعورهم المتنامي بجدوى الإضراب والذي زرعته "معركة وحدة الأحرار" في خريف 2011، وإضرابي خضر عدنان وهناء شلبي وانتصارهما، كما عدم قدرة الهيئات التنظيمية لديهم توفير متطلبات حياة كريمة بفعل كل التضييق الحاصل عليها، كل ذلك دفع بقياداتها التي كانت توجد بشكل أساسي بتثبيت ذاتها كصيغة تمثيلية على صعيد حركة فتح عمومًا، إلى تبني خيار الاستراتيجي، وعدم قدرتها المناورة بتوجهها هذا والذي دفعت ثمنه خلال ثلاثة شهور في أقسامها من خلال تعطيل الإدارة لكل مجريات حياتها والتضييق على قيادتها وهي فترة البرنامج التكتيكي.
3. الجهاد الإسلامي: إن ضياع الجهاد لدوره بعد كل الأزمات الداخلية الطاحنة وكما عدم قدرته بلورة رؤية خاصة به بعد غرقه في تفاصيل العلاقة مع حماس من جهة والتبعية لها وكما فتح من جهة أخرى، ورفض الإدارة التعاطي معه كجسم له وزن داخل واقع الأسر وهذا ظهر في صلب الترتيبات التي حدثت مع إغلاق سجن النقب، كما أن موقف الجهاد المبدئي حول الصراع مع مصلحة إدارة السجون وفي اعتقادي التبعية المطلقة لحماس وعدم قدرتهم الخروج عن موقفها، أدى كل ذلك إلى دفعهم نحو قرار المشاركة وإن تضاربت الأسباب والمنطلقات.
4 . الجبهة الشعبية: إن عدم تحقيق "معركة وحدة الأحرار" لهدفها بإخراج المعزولين وبالتحديد الأمين العام أحمد سعدات وعاهد أبو غلمة، كما عدم قدرة الرفاق عمومًا تحمل حجم الخسارة المعنوية التي منيوا بها خاصة أن غالبيتهم خرج إلى المعركة ولا خيار لديه سوى النصر، حيث لم يهضم الرفاق عمومًا فكرة نسبية الإنتصار كمفهوم وفي نفس الوقت نسبية الهزيمة، وتعاملوا مع هذه المفاهيم باعتبارها مطلقة، إن كل ذلك ساهم بشكل كبير ظهور مظاهر عامة عديدة مسّت منظومة القيم الناظمة تاريخيًّا للواقع الحزبي داخل السجون وبالتالي بات من الضرورة بمكان العودة بعد "معركة الأحرار" للبحث عن صيغة إضراب عن الطعام يستطيع أن ينجز المهام. "6"
إن نظرنا لهذه الرؤية والتي أكدّ عليها تقرير الجبهة الشعبية نستطيع تلمس نظام الصالح المختلفة التي أدت لخلق فرصة وإمكانية للذهاب نحو خطة إستراتيجية، ومن نافد القول أن ما دفع نحو هذا التحرك لم يكن رؤية وطنية متفق عليها من جميع الفصائل وبالتالي لا يمكن أن نُسمّي الإضراب باسم أي فصيل بقدر ما هو ابن المصالح التي أدت له، وهنا نستطيع تلمس وجهة نظر أخرى ممن لم يشاركوا في الإضراب والمتمثلين (بفتح/الضفة) والذين يشكّلون حوالي ثلثي الحركة الأسيرة آخذين بعين الاعتبار أن قطاع عريض من القواعد التنظيمية التابعة لهم قد قررت المشاركة بشكل شخصي بعيدًا عن موقف أجسامها الرسمية والذين شكلوا ما عدده 350-450 أسيرًا من قوام الإضراب، إلى أن المصالح التي دفعت القوى المشاركة بهذه الخطة بشكلها الآخر مصالح مختلفة دفعت الجزء الرافض للخطوة من المشاركة كما عبّرت عنه بعض قيادات (فتح/ الضفة)..
إن جوهر المصالح التي خلقتها إدارة مصلحة السجون والامتيازات التي بنت على أساسها واقع السجون بعد إضراب 2004 عبر تثبيت صيغة "المماليك" في السجون وتثبيت التقسيم البلدي داخل فتح عبر تخصيصها أقسام بعينها لمناطق محددة، وكذلك تقديم مجموعة من التسهيلات لهذه القيادات وسجونها، وفي ذات السياق عدم شعور هذه القيادات بمسئوليه تجاه ملف العزل كون لا يوجد أي أسير من فتح بالعزل وكما عدم اهتمامهم لقضية زيارة أسرى غزة حيث أن الأخيرين بأغلبيتهم يقطنون في أقسام منفصلة..
هذه الصورة والتي قدمناها قبل الدخول في تحليل وتقديم الأحداث التي جرت منذ أوائل كانون الأول 2011 تباعًا في السجون وخاصة هدريم ودامون ونفحة، وكيفية نضوج فكرة الإضراب تساعدنا على تشخيص واقع الحركة الأسيرة والتي من الضرورة بمكان ذكرها، حيث سيجعلنا نتلمس ما أحرزته هذه الخطوة على صعيد واقع الأسرى عمومًا..
"دامون حالة من التوافق نحو البرنامج التكتيكي"
في أواسط شهر تشرين الأول وبعد تعليق إضراب "معركة الأحرار" كانت السجون تعيش في حالة من الغليان والتخبط ارتبطت بجوهرها بمسألتين أساسيتين الأولى صفقة التبادل والتي لم تنجز المرجو منها كما أوضحنا سابقًا، وثانيًا إضراب نخبة ونجاحها بإعداد خيار الإضراب كوسيلة نضالية إلى أذهان الأسرى عمومًا، هذان السببان شكّلان حالة ضغط على الأجسام التمثيلية مما دفعها في سجن دامون وبالتحديد في أواسط شهر تشرين الثاني البحث عن صيغة تدفع الحرج والمأزق التي حشرت به، جوهرها حمل المطالب التي بدت وكأنها مشروعة بوعي أغلب الأسرى ولكن لا تمس طبيعة قواعد العلاقة التي رسمت على مدار سنوات مع إدارة مصلحة السجون، تم التوافق على برنامج تكتيكي من خمسة مراحل يبدأ مع بداية شهر كانون الثاني وينتهي بالمرحلة الخامسة بتاريخ 27/4 والتي تحدثت عن إضراب مفتوح عن الطعام دون تحديد آلياته وأشكاله، البرنامج بمرحلته الأولى والتي تمتد لشهر يشمل إرسال رسائل إلى كل المعنيين في مصلحة السجون، والمرحلة الثانية تحدثت عن إضراب ليوم واحد كل أسبوع حُدد يوم الثلاثاء، والمرحلة الثالثة عن إضراب لمدة يومين متفرقين داخل الأسبوع الواحد، والمرحلة الرابعة عن إضرابات بأيام محددة وعدم إخراج العمال وعدم لبس الزي الرسمي.. هذا البرنامج والذي توافقت عليه الفصائل في سجن دامون وهي: "فتح، حماس، جبهة شعبية وديمقراطية، وجهاد" تم توزيعه على السجون وبالتحديد في الجنوب لضمان مشاركة السجون به، مما دفع سجن نفحة بالتحديد إلى التقافه ومحاولة إضافة بعض التعديلات البسيطة حيث دخل نفحة البرنامج تحت مظلة أنه مقدم من سجن دامون، وعلى قاعدة قيادة دامون للبرنامج، غير أن سجن دامون وسرعان ما تراجع عن البرنامج وبالتحديد فتح/ دامون حيث كشف البرنامج عدم توفر النوايا الجدّية للذهاب نحو النهاية، بحيث التف السجن على المرحلة الثانية منه بحيث أخذ يرجع وجبة أكل واحدة من الأيام المحددة مما أبعد دامون عن ساحة القيادة والمبادرة. في هذه الأثناء التقف سجن نفحة هذه اللحظة وتمظهر كونه السجن الأكثر جديّة عبر التزامه الكلي بالبرنامج وبهذا انتقلت حالة الحراك من دامون إلى نفحة بقرار دامون المتردد والذي تنازل عن دوره.
"هدريم حوار جدّي حول إضراب الربيع .. ورفض السجون التعاطي مع طموحاته"
من جهة أخرى وفي قرار المشهد العام داخل واقع الحركة الأسيرة، في أثناء إنضاج البرنامج التكتيكي في كل من دامون ونفحة والاتفاق عليه، بالجهة الأخرى جرى نقاش جدّي في أوساط القوى المتواجدة في سجن هدريم حول إضراب مفتوح عن الطعام في نيسان 2012 دون الحاجة للدخول في برنامج تكتيكي كون القناعة لديهم أن حجم المطالب لا يمكن تحقيقها عبر برنامج تكتيكي، وبذلك توافقت الفصائل على النقاط الجوهرية التالية والتي جاءت بعد أن بادرت حركة فتح بطرح المشروع على الفصائل:
1 . المطالب الرئيسية تحمل العناوين الثلاثة من زيارة غزة وإنهاء العزل وتحسين شروط الحياة.
2 . تخويل سجن من السجون من أجل قيادة الخطوة وطرح هذه المسألة للنقاش وأخذ رأي السجون الأخرى.
3 . اللجنة القيادية: من كل سجن يدخل من فتح ممثل + 3 حماس + 1 جيش + 1 جهاد + 1 جـ .د.
4 . موجبات فك الإضراب إفراجات أكثر من ألف أسير، حالات استشهاد.
5 . الاستفتاء على الإضراب لعموم الأسرى.
6 . آلية الفك في حال تحقق الحد الأدنى النصف +1 ، ودون الحد الأدنى ثلثين، غير أن التناقض الحاد الذي خلفتّه نتائج إضراب 2004 بين السجون أدى لعدم التعامل بجدّية مع المقترح هذا هذا من جهة، ومن أخرى كون السجون الأخرى الكبرى خاصة دامون ونفحة كانوا قد أنضجوا مشروعهم الخاص، غير أن ملفت للانتباه أن الجبهة الشعبية هي التنظيم الوحيد الذي لم تكن حواراته متناقضة وتخضع لمنطق التنافس كون الأخيرة لها هيئتها الإرادية وكذلك اللجان المتخصصة بهذا الحقل، فمثلاً حماس كانت تعاني من تناقض حاد داخل أطرها بحيث لم تشأ حماس في كل من نفحة ودامون تسليم قيادتها في هدريم قيادة دفة الأمور وهذا ما ينطبق على كل من فتح والجهاد، بالمحصلة نتلمس أن حراكًا مكثفًات كان يدور في السجون منذ تشرين الثاني/ 2011 لخوض إضراب مفتوح عن الطعام في الربيع، غير أن الاتفاق على موعد الخطوة لم يعني بأي حال من الأحوال إنضاج نقطة التقاء للسجون وخاصة أن حجم التناقضات وكذلك نظام المصالح هما من حددا سلوك الفصائل ولم تكن لديها رؤية وطنية مشتركة تشكّل جوهر السلوك لديهم".
"نفحة لحظة تاريخية التقفتها المصالح"
بعد انتقال التفاعل الوطني من دامون إلى نفحة، شكّل هذا انعكاس مباشر لما حمله الواقع هناك، فالمصالح المحددة للسلوك الوطني لكل فصيل والتي أشرنا لها سابقًا شكّلت المفاعل الذي دارت بداخله كل التفاعلات في سجن نفحة، حيث أشارت الجبهة الشعبية في تقييمها "لمعركة الكرامة" "أن هيئتها القيادية" لم تقرأ توفر الفرصة لدى سجن نفحة الذي كان غائبًا عن مشهد التفاعل في دخول خطوة استراتيجية" "7" غير أن السجن بأغلب أطيافه توافق على البرنامج التكتيكي والذي أنضج بشكله الوطني مع بداية شهر شباط/2012 "8"، حيث لم تدخل فتح/ الضفة والتي شكّلت ما عدده 160 أسيرًا بالبرنامج ونأت بنفسها عن أي تفاعل حول الاستراتيجي، هذا ما كان يُشكّل حالة ضغط كبيرة داخل السجن وكذلك راهنت إدارة مصلحة السجون على هذه الحالة لكي تحاول كسر إرادة الفصائل والتي تعززت في ذاك الوقت، فاعتمدت أسلوب عدم الاكتراث واكتفت بإغلاق السجن يوم الإضراب ولم تقبل بأي حوار مع الفصائل وقيادتها، هذا كله زاد من الدفع نحو ضرورة الإعداد للمرحلة الخامسة من البرنامج والتي نوقشت لأول مرة وبشكلها الوطني من جميع الفصائل وهي "فتح/غزة+حماس +جهاد+جيش" في جلسة عقدت بسجن نفحة بتاريخ 21/2/2012، حيث تم الاتفاق على عدة نقاط شكّلت مضمون المسودة الأولى لوثيقة الاستراتيجي والتي وُزعت على الفصائل لنقاشها، الجوهري في هذه الجلسة أنه تم الاتفاق بالتوافق على تقديم موعد الاستراتيجي من 17/4 _ 27/4 لما يحمله هذا اليوم من رمزية كونه يوم الأسير الغد/ وكذلك كون عشرة أيام لن تشكّل عائقًا وفارقًا جوهريًّا، وفي مراجع هذه الورقة النص الكامل لمسودة الاستراتيجي والتي اصطلح على تسميتها وثيقة العهد والشرف، وكما تم تحديد قائمة المطالب العامة والخاصة للسجن، وكذلك الحد الأدنى والأعلى وهي مرفقة في المراجع، وهذه الجلسة التي جاءت على إثر نقاش الفصائل للموقف من إعطاء فحص الـ (DNA)، حيث اتفقت افصائل على الذهاب نحو إضراب مفتوح عن الطعام ولم تتفق على موقف موحد من فحص الـ (DNA)، ففي اللحظة التي وافقت أغلب الفصائل إعطاء الفحص رفضت الجبهة الشعبية في السجن إعطاء الفحص بشكل طبيعي "9"، مما عكس أن واقع السجن الذي يعيش في ظل تناقضات حول الرؤى والبرامج قد لا يكون جاهزًا لخوض معركة باستحقاقاتها في شهر نيسان، غير أن موقف الفصال من الـ (DNA) لم يشكّل عائقًا حول استمرار النقاش والحوادث حول الاستراتيجي، ففي منتصف شهر آذار انسحبت الجيش من البرنامج التكتيكي كون الفصيلتين الكبيرتين فتح/غزة استأثرتا بقيادتها وحاولت تهميش دور الفصائل عبر تغيير مواعيد واستبدال خطوات "10"،، هذه الخطوة جعلت الفصائل تعتبر أن لا جدوى من إرهاق ذواتها في خطوات تكتيكية وبالتالي بادرت بعد أسبوع واحد من موقف الجيش على إيقاف البرنامج والتركيز على إنضاج وثيقة الاستراتيجي..
مع بداية شهر نيسان كانت الفصائل قد اتفقت على وثيقة نهائية حول الاستراتيجي وقامت بتوزيعها على أكثر من سجن مثل دامون وإيشل وعسقلان، وأخذت السجون تناقش إمكانية دخولها. فتح/ دامون رفضت المشاركة ملّلة ذلك كون المشروع مشروع حماس ولم يحسم ايشل موقفه، حيث حددت فتح مشاركتها بدخول سجن آخر غير نفحة بالخطوة، وعسقلان لم تشأ فتح تقديم موقف نهائي من الدخول وتركت الباب مفتوحًا لموقفها، مع بداية شهر نيسان وقّع ممثلي الفصائل في سجن نفحة على وثيقة العهد والشرف، حيث بذلك أغلق الباب أمام إمكانية التراجع عن الخطوة.. "في الوثائق النص الأصلي للوثيقة النهائية وتوقيع ممثلي الفصائل عليها".



"مصلحة السجون تحاول الالتفاف على موعد الإضراب"
مع اتضاح نوايا الفصائل بشكل عام وفي كافة السجون "حماس+الجيش+ الجهاد+الجد" الدخول في الإضراب وتوفر القرار من هيئاتها القيادية وكذلك قرار فتح/ غزة الدخول في الإضراب، أخذت مصلحة السجون على عاتقها تكتيك محدد بتشكيل "لجنة غباي" والتي كان على رأسها "إتسك غباي" أحد ضباط مصلحة السجون المركزيين والذين أنهوا خدمتهم غير أن حنكته ومعرفته الطويلة بالأسرى الغد/ في السجون الإسرائيلية وحوارهم على مدار سنوات طوال جعلته خيار إدارة مصلحة السجون حيث كانت الأخيرة في مرحلة انتقالية على إثر تغيير مديرها المركزي العام والذي لم يكن له سوى أشهر على رأس عمله حيث قدم إلى مصلحة السجون من الشرطة حيث كان يشغل منصب مسئول شرطة القدس واسمه "فرانكو".
تكتيك هذه اللجنة اعتمدت على تحديد السجون وإخراجها من دائرة التفاعل، حيث أخذت بزيارة السجون سجنًا سجنًا، وتركت سجن نفحة خارج زيارتها الأولية، هذا جعل السجون تتردد بحيث أجمعت الفصائل أن هذه اللجنة "لجنة شاؤول ليفي" وبهذا المستوى لأول مرة تشكلها مصلحة السجون لسماع مطالب الأسرى منذ إضراب 1992، هذا التكتيك استطاعت أغلب السجون التقاطه وكان جوابها "إن أردتم نقاش أحد حول المطالب ومحاولة إحتواء الإضراب ذهبوا إلى نفحة"، هذه العبارة سمعتها اللجنة بأكثر من سجن مثل جلبوع وشطة وهدريم وعوفر والنقب، غير أن اللجنة أصرّت على تكتيكها، فوصلت لزيارة سجن نفحة في 4/10، حيث عثدت جلسة معها بحضور ممثلين عن فتح/غزة، وحماس والجيش واستمعت للمطالب ولم تكن تحمل معها أي إجابة وعلى إثر ذلك تم تبليغها بأن الأسرى في السجن سيدخلون يوم 17/4 بإضراب مفتوح عن الطعام، وإن أرادت اللجنة احتواء الموقف أن تقدم إجابات واضحة وصريحة.. قدوم اللجنة والجلسة معها زاد من إصرار الفصائل على خوض الإضراب، كما عبّر عن ذلك ممثلي كل من فتح/غزة،حماس، الجيش.
مع دخول السجن بكل التحضيرات وقرار عسقلان الدخول بالبرنامج أخذت آمال النصر تتوطد وتترسخ، غير أن مصلحة السجون لم تترك الساحة دون مبادرة، فيوم 16/4 وفي ساعات ما بعد العصر عقدت جلسة بين ممثلي الفصائل في سجن نفحة لتناقش إجابات قدمتها "لجنة غباي" محاولة إطفاء فتيل الإضراب، بحيث تمحور عرضها بالنقاط التالية:
1 . تم تشكيل لجنة بين مصلحة السجون والشاباك لفحص ملفات الأسرى المعزولين بحيث يتم عقد جلسة بينكم وبين هذه اللجنة فور عدم دخولكم إلى الإضراب، بحيث ستدرس هذه اللجنة كل شهر أسماء أربعة أسرى معزولين من يوافق على خروجه يعود للأقسام الطبيعية، ومن لا يوافق على خروجه يتم نقله إلى قسم آخر خاص بالأسرى المعزولين بشروط حياة موازية لأسرى العاديين.
2 . بخصوص زيارة أسرى غزة هناك موافقة مبدئية من قبل وزير الأمن الداخلي ورفع بتوصية إلى الشاباك حول ذلك والجهات المختصة، وفي حال جلوسكم مع الشاباك يتم طرح المطالب عليهم.
3 . بخصوص ظروف الحياة وشروطها لدينا استعداد بنقاش مطالبكم بشكل جدّي عدا مسألة التعليم حيث أن هناك قرار محكمة منتظر حول المسألة."11"
إن النقاش الذي دار على إثر هذا العرض حمل في جوهره ضرورة الذهاب نحو الإضراب بحيث زادت القناعة بأن النصر يدنو ويقترب للتحقق، وفي المحصلة كان يوم 17/4 يوم الكرامة ونصرتها في أوساط حفنة ثائرين داخل السجون وبقوام ألف أسير بدأت المعركة ولحقتها أفواج من الأسرى بأكثر من سجن، ومع دخول الإضراب ليومه الخامس كان قوام الأسرى المضربين حوالي 1500 أسيرًا حسب تقديرات وأرقام إدارة مصلحة السجون..
"إدارة السجون في مواجهة نشوة الانتصار"
مع الإعلان عن تعليق الإضراب، وانتشار نبأ خروج المعزولين بعد اثنتي وسبعين ساعة من زنازين العزل إلى أقسام السجون وزيارة أسرى غزة، حتى سرت فرحة الانتصار بين الأسرى جميعًا، بعد معركة طويلة وقاسية على مدار ثمانية وعشرين يومًا كانت مفصلية ليس لناحية تحقيق المطالب بل لما هو أعمق، ففي نتائج مرحلة كاملة ما بعد إضراب عام 2004، وأعادت الاعتبار للأسير الغد/ وقدرته على تحقيق مطالبه عبر الخيار النضالي، والتصدي لسياسة إدارة السجون التي خرجت خاسرة من هذه الجولة، وباتت تبحث عن الطرق والوسائل للتبهيت من نتائج الإضراب أولاً، وبث حالة من الشك وعدم الثقة فيما بين القيادة والقاعدة ثانيًا، واستهداف الخيار النضالي للأسرى والدفع باتجاه إعادة تكريس واقع ما قبل الإضراب ثالثًا، ولتحقيق ذلك اعتمدت إدارة السجون الخطوات التالي:
أولاً: الانسحاب من الفاهم المتعلق بإلغاء كافة العقوبات التي تم فرضها على الأسرى أثناء الإضراب "غرامات مالية- منع زيارات- ...الخ"، وهذا بهدف تشكيك الأسرى المضربين بالنتائج والاتفاق وقيادة الإضراب، وجعل الأسرى يتساءلون إذا لم يتم إلغاء العقوبات فكيف سيتم تحقيق متبقي المطالب؟ وهذه الخطوة جاءت بعد عدم إخراج المجاهد ضرار السيسي من العزل مع زملائه الآخرين وإبقاءه معزولاً تحت مبررات أمنية.
ثانيًا: المماطلة في عقد الجلسة الخاصة بتحسين شروط الحياة للأسرى كما تم الاتفاق عليه في لقاء "عسقلان"، وهذا توافق مع اتخاذ إجراءات بحق الأسرى تمثلت بتصعيد سياسة مداهمات الغرف ليلاً كما حدث في سجن دامون وايشل ونفحة، في محاولة لإيصال رسالة للأسرى بأن الإضراب لم يحدث تغيرًا جديًّا في شروط الحياة اليومية، والتنصل لاحقًا من عقد لقاء للجنة التي يجب أن تحاور قيادة الإضراب والاكتفاء بجلسة لسماع مطالب من قبل نائب مدير مصلحة السجون وقيادة الإضراب في سجن نفحة.
ثالثًا: إنتقال إدارة السجون إلى طور التملص الكامل من ما تم الاتفاق عليه بإشهادتها أن الاتفاق تم مع "الشاباك" ولم تكن إدارة السجون طرفًا بالأمر، هذا الطرح جاء بعد تأكد إدارة السجون أن ردة الفعل من قبل الأسرى لن تكون شديدة، بعد عدة اختبارات مهدت للتملص.
رابعًا: الإداريين: وتسجيل خرق للاتفاق بما يختص المجاهد حسن الصفدي تحديدًا كما تم بموضوع العزل الانفرادي وهذا لذات الأهداف.
خامسًا: محاولات إدارة السجون الحفاظ على حوارات جانبية مع القوى السياسية في الأسر والابتعاد عن صيغة التمثيل الاعتقالي الوطني، ومحاكاة بعض المصالح الصغيرة للقوى على حساب القضايا الرئيسية..
إن السياسة التي اعتمدتها إدارة السجون هدفت إلى تحقيق ما ذكر من أهداف، ويمكن القول أنها نجحت نسبيًّا بذلك، وهذا لضعف العامل الذاتي الوطني/ الاعتقالي المتعلق بالأسرى كما سنوضح لاحقًا.
"اللحظة الاعتقالية المتشكّلة تتبدد"
إن التقاط الأسرى للحظة الفعل والإعلان عن الإضراب، الموفق بتوقيته ومطالبه، والذي عبّر عن وجود حالة واعية قادرة على التقاط الضرورة وفرضها على السياق الواقعي، لكن الحالة اتي التقطت اللحظة لم تستطع أن تستجيب لمتطلباتها، والتقاط لحظة أخرى متشكّلة مؤسس عليها، تمثّلت بإمكانية إنجاز مهمة الوحدة الاعتقالية، تحت شعار أن النصر لعموم الأسرى والحفاظ عليه يتطلب وحدة اعتقالية كشرط ضروري، ولهذا الغرض كان يفترض أن يتم تحويل صيغة لجنة قيادة الإضراب إلى لجنة التنسيق الوطني على مستوى الحركة الأسيرة، والشروع في حوار جاد مع السجون التي لم تشارك بالإضراب وضمها وتمثيلها في لجنة تنسيق وطني موسعة، مهمتها الحفاظ على نتائج الإضراب، وهذا الطرح نابع من دراسة تجارب الحركة الأسيرة، والتي وفّرت لنا خلاصات هامة، بمقدمتها أن الحفاظ على نتائج الإضراب يتجاوز بأهميته الإضراب نفسه، وهذا لا يتم دون توحيد الصف الوطني، حيث أن نجاح الخطوة كاملة استراتيجيًا يتمثل بتجاوز الواقع الذي أفرزه إضراب عام 2004 ونفي مسبباته، وقد توفرت الفرصة أمام لجنة الإضراب، لكنها لم تلتقطها، وانشدت إلى حوار غير مجدي حول نتائج الإضراب الملموسة، ومارست ضغطًا على إدارة السجون لتحقيق إنجازات تفصيلية، كانت ستغدو تحصيلاً حاصلاً لو أنها بذلت جهدها باتجاه توحيد الصف تحديدًا لدى حركة فتح التي حصلت قيادتها التي شاركت في الإضراب المشروعية النضالية التي تؤهلها لقيادة مشروع استنهاض تنظيمي ووطني، وكذا الأمر بما يتعلق بحركو حماس التي خاضت قيادتها حوارًا داخليًّا حول عدم إغلاق ملف العزل وبقاء المجاهد ضرار السيسي، والإداريين وتحديدًا حسن الصفدي، والتي اضطرت لمواجهة تشكيك بدور طاقمها المحاور، وهذا ينطبق على حركة الجهاد الإسلامي، والجبهتين وتحديدًا الشعبية كانت منشدة إلى إنجاز عملت على مدار سنوات لتحقيقه تمثّل في إنهاء العزل الانفرادي وإخراج الأمين العام منه، وحركة فتح/غزة التي هدد وجودها مجتمعة في نفحة والتلويح باستهدافها من قبل إدارة السجون بإجراء النقل لسجون أخرى، وحفظ تنفيذ زيارات العائلات لأسرى غزة.
إن لحظة التوحيد التي تشكّلت قد مرّت دون التقافها لأسباب ذاتية محضة ليس إلاّ، فالإمكانية كانت قائمة، وبالتالي الاستثمار الأبرز الذي كان يجب أن يجسّد للانتصار لم يلتقطه الأسرى، وإن التقطوا لحظة ضرورة التحرك وإعدادًا لها، واعتمدوا خيار ممارسة النهج وإن تعذر الإجماع وكان للخطوة بعدًا سياسيًّا عميقًا يستحق الدراسة على المستوى الوطني، لناحية إعادتهم الاعتبار لخيار المقاومة كسبيل لتحقيق الأهداف، ولناحية إمكانية الائتلاف وممارسة النهج وإمكانية الانتصار، ودور ومكانة العامل الذاتي.
"واقع الحركة الأسيرة الراهن"
على ضوء ما ذكر بما يتعلق بنقاط اللحظة المتشابكة ما بعد الإضراب، لناحية إمكانية إعادة بناء الجسد الاعتقالي، وحضور العامل الذاتي للأسرى وعدم نضوجه باتجاه التصدي لمهمة الوحدة، قد ترك أثرًا بالغًا في واقع الحركة الأسيرة اليوم، بحيث أن المهمة التي لم تنجز بشكل كامل، ممثلة بتجاوز آثار ونتائج إضراب 2004 على شتى الصعد والمستويات، وبمقدمتها شكل العلاقة مع إدارة السجون، وقدرة الأسرى على احداث التغيير عبر استخدام الوسائل النضالية وإعادة الاعتبار لهذا الخيار، وبالتالي نفي مفاهيم وقيم تمرست وأفرزها واقع تراجع به الحضور التنظيمي لصالح انتماءات ضيقة "جغرافية بلدية"، وتراجع الهم العام لصالح الخاص الذي تقدم، وتراجع قيم مثّلها الأسرى عبر وحدة حالهم، تعاضدهم، ووحدة صفهم، ووعي الدور المناط بهم، فالمهمة ما زالت قائمة، والإضراب جولة هامة في سياق معركة، الاستمرار بها أصبح له متطلبات، بمقدمتها العمل على وحدة الموقف، ولكن بإمكانية نجاح الأسرى بالاستمرار للتصدي لذات المهمة؟
وللإجابة على هذا التساؤل من الضروري محاولة قراءة واقع الحركة الأسيرة ما بعد الإضراب، ولتسهيل ذلك فإننا سنلجأ إلى محاولة تناول حال التنظيمات الرئيسية وبمقدمتها حركة فتح التي تشكّل أكثر من نصف الحركة الأسيرة.
"حركة فتح – البحث عن خيار لاسترداد المشروعية القيادية"
إن نجاح الإضراب جزئيًّا، رغم الحملة الإعلامية التي شككت بذلك، وقد جعل موقف حركة فتح ضعيفًا وغير مبررًا لناحية عدم المشاركة الرسمية، وهذا ما ألحق ضررًا بمشروعية قيادتها، وفتح المجال بشكل أوسع أمام حركة حماس تحديدًا لتبوء مكانة متقدمة في القيادة والتقرير بحكم تنظيمها على مستوى السجون ومشروعية المشاركة في الإضراب، وبالمقابل فإن الدور الذي يجب أن تتصدى له حركة "فتح" لم تتمكن من التصدي له، ولم تعمل على إنتاج العوامل والشروط الضرورية لتغدو مؤهلة لهذا البعد، وبالملموس فإن حركة فتح التنظيم الوحيد الذي لم يستطع مركزة عمله التنظيمي من خلال تشكيل هيئة قيادية موحدة، حيث استطاعت حركة حماس أن تقدم على هذه الخطوة ما بعد إضراب 2004 والتي اعتبرت احدى خلاصاته "مركزة العمل التنظيمي لدى القوى كمقدمة لمركزة العمل الوطني الاعتقالي"، وكذلك الجبهة الشعبية عام 2007، والجهاد الإسلامي، حيث أصبحت لهذه القوى هيئات عامة على مستوى السجون، في حين افتقد الجسد الأكبر لمثل هذه الهيئة "حركة فتح"، وهذا نتاج عدة عوامل منها: العامل الجغرافي، والثقافة السائدة التي أصبحت تدعم الموقع الشخصي على حساب المصلحة التنظيمية العامة، وعدم حسم الحالة القيادية لدى حركة فتح لأمرها بهذا الاتجاه، مع العلم أنه وقب الإضراب كان يمكن توحيد صفوف الحركة وخوض الإضراب مما كان سيؤثر إيجابًا على إمكانية توحيد الجسم التنظيمي، وما كان سيعكس نفسه على الكل الاعتقالي، لكن هذه اللحظة لم تجد استجابة لالتقاطها والعمل عليها، وبذات الوقت فإن نتائج الإضراب لم تؤثر باتجاه الدفع نحو تجاوز الخلل الذي حصل لدى حركة فتح، وانصبَّ الجهد الداخلي نحو محاولة محاصرة الأصوات التي انتقدت ودعت للتغيير منت جهة، ورد فعل تمثل بالبحث عن خيار يمكن أن يعيد الاعتبار للدور، كما تم من خلال طرح بعض المشاريع "كالإضراب السياسي"12"، أوالإعلان عن التحضير لخطة استراتيجية، لكن هذه المحاولات بمجرد أن لفتت الانتباه، وامتصاصًا للغضب، وعبّرت بذات الوقت عن حالة من رد الفعل انتهت، ولم يحدث تغييرًا، سوى مزيدًا من الفصل بين الأسرى حيث أن سجن عسقلان يتواجد به أسرى فتح فقط ويرفض العديد من الأسرى المنتمين للقوى الأخرى الدخول إليه، وكذلك أقسام في سجن دامون، حيث يعيش أسرى فتح في أقسام وأسرى الجبهتين وحماس والجهاد في أقسام، وكان معهم أسرى ينتمون لحركة فتح خاضوا الإضراب، وكذلك الأمر في أحد أقسام سجن جلبوع.
إن هذا الواقع يشير إلى استمرار غياب حركة فتح عن القيام بدورها والتصدي لمهامها، وهنا ما يزيد الانقسام، ليغدوا انقسامًا وطنيًّا اعتقاليًّا، فالإضراب وعد المشاركة به رسميًّا من قبل فتح الرسمية في السجون عدا نفحة، وتحقيق الإضراب نتائج إيجابية نسبيًّا، أو عدم التقاط اللحظة المتشكلة بعد الإضراب والمناخ السائد لإعادة اللحمة الاعتقالية بشكل عام، عوامل دفعت باتجاه خلق حساسية بالتعاطي، يضاف لذلك عدم إقدام حركة فتح على استخلاص الدروس والعبر وترتيب بيتها الداخلي كخطوة باتجاه إعادة صياغة العمل الاعتقالي الوطني العام، وبالتالي فإن واقع أكثر من نصف الحركة الأسيرة مرتبك، وقراره مرتبط بفئة قيادية لم تحسم خيارها باتجاه التغيير، ولا تمتلك المقومات اللازمة والمصلحة لإحداثه.
"حركة حماس، مسعى لسد الفراغ"
إن العوامل التي جئنا على ذكرها بما يتعلق بدوافع حركة حماس التي دفعتها لخوض الإضراب، يضاف لها ما بعد الإضراب استثمار النتائج، والتقدم باتجاه سد الفراغ القيادي الذي نجم عن غياب حركة فتح، بوصفها التنظيم الثاني الأكثر عددًا، والحالة المنظمة على مستوى السجون، والفاعلة باتجاه حوار القوى الأخرى، مع الإشارة إلى أن انفصالها في أقسام منفردة وبمشاركة بعض القوى في عدد من السجون، جعلها تنشدّ أكثر إلى مصالها التنظيمية الخاصة، مع عدم إسقاط البعد المتعلق بالفضاء الاعتقالي المعنية به أيضًا، مع الإشارة إلى أن حركة حماس تتعرض لضغوط داخلية بشأن إبقاء المجاهد ضرار السيسي في العزل وبشق شروط الحياة، وهذا ما عبّر عنه من خلال طرحها عدد من الأفكار لاستئناف مشروع نضالي من أجل تحقيق مطالب حياتية وموضوع العزل."13"



"الجبهتين الشعبية والديمقراطية والجهاد الإسلامي"
إن متبقي القوى الجبهتين والجهاد الإسلامي يتصدون الحالة التي تحاول تقديم أفكار ومشاريع من أجل إعادة توحيد الحركة الأسيرة "14"، لكن قدرتهم على التأثير محدودة، بحكم الحجم، والتأثر بمواقف القوتين الرئيسيتين والالتزام بالحد الأدنى على حالة وطنية اعتقالية موحدة.
إن واقع الحركة الأسيرة ما بعد الإضراب يمثّل نقطة قوة من جانب، ومن جانب آخر نقطة ضعف، الأولى تمثّلت بصياغة نهج يعمل على تجاوز نتائج 2004، ومحاولة إعادة الاعتبار للخيار النضالي في الأسر، وهذا النهج يتعارض وسياسة وتوجهات إدارة السجون، مما يخلق مصارحات عدة، أما نقطة الضعف فتمثّلت بتعمق حالة الانقسام والتشرذم في جسد الحركة الأسيرة، ما بعد الإضراب وذلك نتاج لموضوعية شكل التحرك، فكما أسلفنا أن تلاقي المصالح كان المحرك تجاه استظهار الإرادة الجامعة بالتوجه نحو الإضراب، وبالتالي مع انتهاء الإضراب ولغياب الرؤية الوطنية البرنامجية المشتركة تعمّق الانقسام، فالمصالح الفئوية الضيقة هي التي ما زالت كمحرك الفصائل، فهي تتلاقى أحيانًا وتتناقض كذلك وهذا يعكس نفسه لعدم وجود توجه باتجاه إعادة اللحمة للجسد الاعتقالي جادًّا، إضافة إلى تأثير الانقسام الوطني العام ولعدم تقدم المصالحة التي تعكس نفسها سلبًا على واقع الحركة الأسيرة.
يوميات الإضراب:
صبيحة 17/4 انتصرت الإرادات بقرارها المسبق وتمظهرت سلوكًا مباشرًا، فمع دخول العدد الصباحي الساعة السادسة صباحًا كانت السجون قد أبحرت نحو مصيرها التي حددته سابقًا، فرغم وعي الألم وحز الجوع كانت الكرامة تحرك مئات الأسرى، فمع كل ما سبق وذكرناه عن سياسة إدارة مصلحة السجون ، انتفض من اقتنع بتصره القادم مع كل ما قدم من ترتيبات وضمانات لتحقيق الأهداف، فبعد توزيع الوثيقة النهائية الموقعة من قبل ممثلي الفصائل وقيام ذات الممثلين بالقسم والعهد أمام اللجنة الشاهدة خارج الأسوار اتضح أن لا عودة دون انتزاع الحقوق..
صبيحة 17/4 كان يومًا آخرًا، فبعد محاولات إدارة مصلحة السجون إحباط الدخول بالإضراب وفشلها بذلك، كان الأسرى في كل من سجن نفحة والمتمثل بدخول فتح/غزة وحماس والجهاد والجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية وأفراد من أقسام فتح/الضفة، وسجن دامون المتمثل بدخول أسرى حماس والجهاد والجبهتين الشعبية والديمقراطية، وسجن إيشل المتمثل بدخول حماس والجهاد والجبهة الشعبية، وسجن عسقلان المتمثل بدخول جميع الفصائل، وهدريهم بدخول الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية وأسيرين جهاد وأسير حماس وأسير فتح، سجن جلبوع وشطة تمثل بدخول حماس والجبهة الشعبية والديمقراطية والجهاد..
قُدّر عدد الأسرى بحوالي الألف أسير الذين شرعوا بخوض غمار التحدي مقتنعين بجدوى الخيار، أما باقي الأسرى ممن لم يدخلوا ولأسباب عدة، فمنهم من رتّب دخوله بعد أيام حسب الظروف الموضوعية، وخاصة أسرى التنظيمات التي توفر لديها قرار المشاركة المركزي كحماس والجبهة الشعبية والجهاد والجبهة الديمقراطية وآخرين المتمثلين بحركو فتح/الضفة والتي تعتبر أغلبية في السجون وتسيطر على قيادة السجون في أكثر من موقع كانت قد قررت عدم المشاركة بالخطوة لعدة أسباب، إذ شرعت الفئة المتنفذة بداخل فتح بالتحريض وتعبئة قاعدتها بإدعاءات عدة منها أن الإضراب سياسي، وأن من يقف وراء الإضراب حماس وأنه يخدم رؤيتها ومصالحها"، وبذلك نمظهر الإنقسام الواضح داخل السجون غير أن قيادة فتح وتحت ضغط قواعدها، والتي تمرد منها المئات ودخلوا الإضراب حددت يوم 1/5 في حال عدم تلقي إجابات من "لجنة غباي" الدخول في الإضراب غير أن هذه العملية اتضح فيما بعد نها تحايل وتلاعب، ولم تكن تحمل مضامين جدّية، وهذا ما استمر عليه فيما بعد..
الواضح أن الإضراب عن الطعام هو من أنجح الأساليب السلمية الضاغطة لتحقيق المطالب، طرح مفهوم الإضراب كونه عمليًّا أداة أخرى في صندوق الأدوات/الغد ضد إسرائيل والذي لا يتضمن الكفاح العنيف، بل ممارسة الضغط على إسرائيل في بُعد الوعي، في ظل التوجه إلى إمكانية فقدان السيطرة على الوضع، في حالة وفاة أحد السجناء جوعًا."15"
كذلك كان يوم 17/4 يحمل في طياته العديد من المعاني أهمها أن الحركة الأسيرة قد كسرت حدود وعيها والذي رسم بعيد فشل إضراب 2004 وكذلك انتصارًا للمنطق الثائر الذي يرفض الاستسلام للواقع وبهذا تكون فعليًّا قد ذهبت نحو إعادة تشكيل صورة جديدة لواقع الأسر بكل مالها وما عليها، ولهذا كانت إدارة مصلحة السجون وبكل أدواتها القمعية جاهزة لمثل هكذا خطوة وأساسها معركة الوعي والإرادة، محاولة بث حالة من التمايز بين السجون التي لم تضرب ومنحها مجموعة من الامتيازات وكذلك محاولة شن حملة مسعورة على كل من أعلن إضرابه عن الطعام، فكيف كانت سياسة إدارة مصلحة السجون؟
"سياسة وتكتيك إدارة مصلحة السجون"
في سياق دراسة تاريخ إضرابات الحركة الأسيرة كان كل إضراب يمر يحمل معه تغييرات في سياسة إدارة مصلحة السجون وآلية تعاملها مع الأسرى وذلك باعتقادنا يحمل في طياته آليات خوض المعارك المتبادلة، فلكل معركة تكتيكها وآلياتها، فقد تعوّد الأسرى بشكل خاص دراسة تكتيكات إدارة مصلحة السجون والتحضير لها، إلا أنها دأبت على تحديثها ومحاولة تغيير وتبديل لتربك كل الاستعدادات وطبيعتها، ففي مرور سريع لآخر إضرابين جرى على واقع الحركة الأسيرة، ففي 2004 لأول مرة تقوم إدارة السجون بمصادرة الملح والسجائر من الأسرى وهذا الإجراء أربك قواعد الأسرى وقيادتها، وفي 2011 في إضراب أيلول ذهبت مصلحة السجون إلى إجراء منع الفورة للأسرى المضربين مما شكّل نمطًا جديدًا، وفي إضراب نيسان 2012.. ما أهم الإجراءات التي قامت بها إدارة مصلحة السجون؟
مع دخول اليوم الاول للإضراب أخذت إدارة مصلحة السجون على عاتقها فصل الأسرى المضربين في أقسام لوحدها بعيدًا عن الأسرى الآخرين، هنا الإجراء شمل فصل التيار الكهربائي عن الغرف التي يتواجد بها الأسرى المضربين، وبموازاة إجراءات النقل والفصل أخذت قوات إدارة مصلحة السجون بإجراء التفتيش للأقسام التي حددت مكانًا للأسرى المضربين ومصادرة جميع المقتنيات والموجودات محولة الغرف إلى زنازين يتواجد بها فقط فرشة وسرسر وكذلك أغراض بسيطة مع كل أسير تمثّلت "منشفة + غيار واحد + غطاء واحد + شامبو وصابون + غيار داخلي واحد + معجون أسنان وفرشاة أسنان""، وإمعانًا منها في عملية التنكيل حطمت العديد من مقتنيات الأسرى وقامت على سبيل المثال في سجن نفحة بنزع أبواب الحمامات وتركها مفتوحة مباشرة مع الغرف، شمل هذا الإجراء مصادرة الملح والسجائر واعتبرت ممنوعات وكل أسير ضبطت معه تعرض لعقوبة المالية بمبالغ طائلة، هذا الإجراء تزامن أيضًا وفي السجون التي يتواجد بها عدد بسيط من الأسرى المضربين بإنزالهم على زنازين السجن ممارسين ذات الإجراءات معهم، وفي سجون أخرى تم نقلهم فعلى سبيل المثال لا الحصر تم افتتاح أقسام جديدة في سجن أوهلي كيدار لأسرى سجن إيشل الذين دخلوا يوم 17/4.
غير أن هذه الإجراءات لم تحمل معها أي جديد، فقامت إدارة مصلحة السجون وبإجراء جديد إلى عدم فصل قيادة الإضراب وقيادة التنظيمات في أماكن خاصة بعيدة عن القاعدة، هذا الإجراء حمل معه عدة معاني نفسية غير أن سلوكات توازي معه عبر محاولة بث شعور عام لعدم الاكتراث وإزالة كل المظاهر التي تدل إلى إمكانية العودة لسابق العهد، فبعد أن قامت بإخراج الثلاجات قامت بتفكيك كل البنى التحتية لها مرسلة رسالة مفادها أن المسألة طويلة وأن عدم الاكتراث جوهر السلوك وأن بقاء لجنة الإضراب والحركة الأسيرة داخل الأقسام بث الكثير من التساؤلات، فبعت تركهم داخل الأقسام انتهجت أسلوبًا آخرًا وهو عدم الحوار والتعاطي مع القيادة مما عكس شعورًا عامًا بأن المعركة طويلة خاصة أن جلسات عدة عقدتها مصلحة السجون مع ممثلي الأسرى الذين لم يضربوا مما زاد من حجم التوتر داخل أوساط المضربين، ومع مرور الأيام اتضح نجاعة هذه السياسة مما عكس حالة من الإحباط الحاد في أوساط الأسرى كذلك التخبط، وهذا ظهر في آخر عشر أيام للإضراب.
بشكل عام لم تحمل إدارة مصلحة السجون بسياستها الجديدة، فبعد أن منعت الأسرى الخروج للفورة في إضراب أيلول 2011 سمحت لهم ذلك في نيسان 2012، وبعد عدة أيام وبقرار من المحكمة سمحت بزيارة المحامين مع وضع سلسلة من العراقيل بوجه المحامين واستخدام حالة الطوارئ عند قدوم المحامي للسجن لمنعه من رؤية الأسرى، لذلك لم يفاجئ الأسرى، وبهذا تكون إدارة السجون استخدمت فقط سلاح الوعي والمعنوية بمحاولتها الاستفادة من حالة الفرقة والانقسام داخل واقع الحركة الأسيرة.


"السجون دخول مجنزء ومتقاطر"
في ظل كل التعقيدات التي أحاطت واقع الحركة الأسيرة إبّان دخول قرار الإضراب لحيز التنفيذ، لم يكن واقع الحركة الأسيرة أفضل أثناء الإضراب، فحالة الانقسام العام التي عبّر عنها بتباين المواقف بين شقين الأول: ذهب نحو قراره بخوض غماد التجربة، والآخر رفض المشاركة ولكن للأسف لم يعي طبيعة دوره وشكله فلك يكتفي بقراره ذاك بل ذهب نحو ممارسة دور سلبي ساهم بشكل أو بآخر بإطالة أحد الإضراب هذا من جهة، ومن أخرى دفع مصلحة السجون نحو استخدام سلاح الوعي الذي أشرنا له سابقًا بشكل فعّال..
إلاّ أن السجون بمختلف توزيعها الجغرافي والفصائلي، كانت تعيش بحالة من الحراك الداخلي، فعلى سبيل المثال التحق بالإضراب بتاريخ 22/4 أسرى حماس والجبهة الشعبية والجهاد في سجن مجدو، أما في النقب التحق جزء من أسرى الجبهة الشعبية بذات التاريخ فقط، وفي تاريخ 25/4 التحق أسرى الجبهة الشعبية في سجن عوفر ومعهم عدد من أسرى فتح بقوام 32 أسيرًا وأربع أسرى جبهة ديمقراطية بعد اتفاق في السجن على أن يقوم الأسرى المتبقون في السجن بالإضراب ليوم بعد يوم "17"، هذا الزخم والتلاحق أعطى انطباعًا لدى إدارة مصلحة السجون أن الإضراب ككرة الثلج كلما طال أمد دحرجتها كبرت وعظمت، وبالتالي سارعت نحو قيادات فتح/الضفة التي لم تدخل الإضراب والتي أحرجها موقف عسقلان بالدخول وكذلك الضغط المتصاعد من قواعدها التنظيمية، وهذا ما عبّرت عنه رسالة قام بإرسالها القيادي في فتح الأسير كريم يونس (والتي ستنشر في الوثائق لهذه الورقة) حيث قام بإرسالها بتاريخ 19/4/2012 بعد عقد اجتماع بينه وبين "لجنة غباي" غير أن هذا التكتيك لم يكفي، فاتخذت إدارة مصلحة السجون قرارًا بجمع قيادات حركة فتح بالسجون من الشمال إلى الجنوب باجتماع عقد في دامون حضره مسئولي فتح وقيادتها، حيث عقد بتاريخ 26/4 هدف هذا الاجتماع لحث قيادة السجون بعدم الدخول في 1/5 بعد أن حددت هذا التاريخ كآخر فرصة لإدارة السجون بالرد على مطالب المضربين، وبالتالي إعطاء الوقت الإضافي "للجنة غباي"، وكما هدف الاجتماع للضغط على سجن عسقلان لكي ينهي إضرابه، بالفعل وفّر هذا الاجتماع الفرصة لمصلحة السجون أن تحاول الالتفاف على القيادة الفعلية للإضراب بفتح حوار ونقاش مع قيادات الأسرى غير المضربين مما عزّز منطقها بعدم جلوسها مع لجنة الإضراب والضغط نحو عدم الجلوس إلا بعد تعليق الإضراب، وكما أنجز هذا الاجتماع المهمتين اللتين رصدتا لهما فلم تدخل السجون عدا سجن إيشل في تاريخ 1/5، وكما في بدايات شهر أيار انسحب عسقلان من الإضراب بطريقة دراماتيكية، ونظرًا لنجاح الاجتماع الأول منحت إدارة السجون الفرصة لذات القيادات للعمل على معالجة إشكالية دخول إيشل والإحراج الذي نجم عن ذلك لها، وعلاً بتاريخ 8/5 عقد الاجتماع وحضره قيادة سجن
إيشل المضرب عن الطعام، وعلى إثر ذلك انسحب إيشل من الإضراب بعد أسبوع لدخوله.
هذه السياسة التي اتبعتها مصلحة السجون والتعاطي من قبل قيادات السجون التي لم تدخل الإضراب أنجح معركة الوعي التي خاضتها الأولى مما عمّق أزمة حادة داخل واقع الحركة الأسيرة بقيت آثاره مترسخة بعد انتهاء الإضراب وهذا ما سنمر عليه لاحقًا..
خلاصة القول أن الشرط الأساسي المنصرم لم يتوفر في واقع الحركة الأسيرة مما زاد من مخاطر فشل الإضراب، غير أن النواة الصلبة للإضراب والتي تماسكت وراء إرادتها ومنحت الثقة الكاملة لقيادتها نجحت بالمحصلة بانتزاع أهم مطالبها، ووفقًا للجنة قيادة الإضراب تمثّلت النواة الصلبة بالتقريرات التالية حيث كان من الصعب إحصاء دقيق للأعداد وتوزيعهم على الفصائل، فشكّت حماس 600 -700 أسير، والجبهة الشعبية 200-250 أسير، الجهاد حوالي 250 أسير، وفتح/غزة حوالي 200 أسير، وفتح /الضفة 100-150 أسير، والجبهة الديمقراطية حوالي 30 أسير، هذه النواة الصلبة التي بألمها وجوعها وصبرها وإرادتها اجتازت كل المطبات والصعاب آمنت بالانتصار وحققته بعزيمة وإيمان بالإرادة والقدرة على الفعل تجدد كل يوم وعلى مدار 28 يومًا..
"حوارات لجنة الإضراب خلال 28 يومًا من الإضراب"
بشكل عام وكما أشرنا سابقًا لم تقم إدارة مصلحة السجون بفتح حوار مع قيادة الإضراب، بل حاولت عبر سياستها المركزة من فتح حوارات جانبية من هذا العضو أو ذاك، غير أنها جوبهت بأكثر من محاولة بالتصدي والرفض وربط أي عملية نقاش حول الإضراب بحضور كافة أعضاء اللجنة، غير انها استطاعت مناقشة قيادات متفرقة من أعضاء لجنة الإضراب في أكثر من مناسبة ولكن الجوهري بالسلوك رفض التعاطي مع أي طرح خارج جلوس اللجنة مجتمعة، وبعد مرور اثنين وعشرين يومًا وافقت إدارة السجون على عقد اجتماع للجنة الإضراب عقد في نفحة حضره كامل الأعضاء بتغيب الأسير عاهد أبو غلمة ممثل الجبهة الشعبية والذي كان متواجدًا في العزل، هذا الاجتماع ناقش عرضًا قُدّم من مصلحة السجون خجول لم يرقى لمطالب الحد الأدنى التي توافقت عليه الفصائل، وبالتالي خرج الاجتماع بقرار استمرار الإضراب والتصعيد من خطوات الإضراب برفض إجراء الفحص الطبي وعد تلقي الفيتامين، وكما استخدام تكتيك تصعيد طلب المساندة الطبية مما زاد الضغط على إدارات السجون ودفعها للبحث عن مخرج.
في كل هذه الأثناء كان التفاعل الجماهيري خارج الأسوار أخذ يتعاظم وللضغط على إدارة مصلحة السجون يزداد عبر صمود الأسرى وعدم تراجعهم، وكذلك خوف الأجهزة الأمنية من تفاقم الأوضاع في الساحة الفلسطينية، بحالة سقوط أي أسير شهيدًا، كل ذلك ساهم بشكل مباشر بتدخل الأجهزة الأمنية الاسرائيلية المتمثلة بالشاباك، وكما دخول جهاز المخابرات المصري على المشهد والإعداد لاتفاق ينهي الإضراب ويُلبّي مطالب المضربين، وهذا ما سنأتي على ذكره بشكل منفصل لاحقًا..
(اتفاق عسقلان وتعليق الإضراب):
جلست الحوار الرسمية عقدت في سجن عسقلان، حيث تم إحضار أعضاء لجنة قيادة الإضراب إلى سجن عسقلان للاجتماع مع ممثلي "الشاباك وإدارة السجون، وتم عرض الاتفاق الذي تم. برعاية وتدخل مصري، والذي تضمن النقاط التالية"18":
1 . إنهاء إضراب الأسرى الغد/.
2 . إخراج الأسرى المعزولين وتوزيعهم على السجون خلال 72 ساعة.
3 . السماح للأسرى الممنوعين من الزيارة من قطاع غزة والضفة الغربية زيارة أقاربهم من الدرجة الأولى ما لم يكن هناك أسباب أمنية تمنع الأهالي.
4 . يتعهد جهاز "الشاباك" العمل مع مصلحة السجون لتحسين شروط الأسرى المعيشية.
5 . موافقة لجنة الإضراب على هذا الاتفاق المكونة من الأسماء التالية ــ وبعدها يصبح ساري المفعول.
6 . لا يتم الاعتقال الإداري أو تجديد الاعتقال إلا لأسباب أمنية موجهة وحقيقية وجدّية وتقدم هذه المعلومات لمحكمة مختصة من أجل مناقشتها.
ومرفق مع الاتفاق وثيقة تعهد يوم أعضاء لجنة قيادة الإضراب بالتوقيع عليها حال الموافقة على الاتفاق، وقد جاء نصها كالتالي:
1 . التعهد بعدم السماح لأي أسير غد/ في السجون الإسرائيلية ممارسة أي عمل أمني ضد أهداف إسرائيلية.
2 . المقصود بالعمل الأمني هو الإعداد أو التحريض أو المشاركة في أعمال أمنية ضد أهداف إسرائيلية.
3 . وبناءً على هذا التعهد يقدّم الإسرائيليون للأسرى الغد/ الأمور التالية:
أ . إخراج المعزولين وتوزيعهم على السجون خلال 72 ساعة.
ب . السماح بزيارة الأسرى من غزة والممنوعين من الضفة.
جـ . العمل على تحسين ظروف الأسرى المعيشية.
4 . في حال تم اختراق هذا الاتفاق بأعمال أمنية ضد أهداف إسرائيلية أو عاد الأسرى إلى الإضراب مرة أخرى يعبر هذا الاتفاق لاغيًا.
هذه الوثيقة كما عرضت على لجنة قيادة الإضراب، بعد أن استطاعت الأخيرة أن تحدث تغييرًا وحيدًا في النص يتعلق بكلمة "إرهابية" والتي كانت واردة في النقطة الأولى في وثيقة التعهد إلى تعبير "أمنية" وتم رفض أي محاولة تطرح أي قضايا خارج إطار الاتفاق المعروض، حيث حاولت لجنة قيادة الإضراب عرض فتح حوال مع إدارة السجون على شروط الحياة والاتفاق ثم التوقيع، تم رفض الأمر، وعرض أن يتم تشكيل لجنة من إدارة السجون والشاباك تحاور لجنة الإضراب حول تحسين شروط الحياة، على أن يتم ذلك بعد 72 ساعة من انتهاء الإضراب، وتم التراجع عن هذا العرض بذات الجلسة بعد أن طرحت قضية الأسرى الإداريين وشمولهم في الاتفاق، حيث أكدت لجنة قيادة الإضراب أنها لا تستطيع الحديث باسم الأسرى الإداريين، وأنهم أصحاب القرار بما يتعلق بإضرابهم، وقد تدخل الجانب المصري هاتفيًا، وأوضح للأسرى أن الاتفاق يشمل الأسرى الإداريين المضربين عن الطعام بحيث يتم إطلاق صراحهم بعد انتهاء مدة التمديد الأخيرة لهم، وبعد حوار تراجع الشاباك وإدارة السجون عن موعد لجنة شروط الحياة والحوار حولها، مع التأكيد على أن يتم الأمر لاحقًا، مع تعهد مصري بأن تحسين شروط الحياة سيتم، وهذا ما سمعه أعضاء لجنة قيادة الإضراب.
إن ما يمكن تسجيله على أداء لجنة قيادة الإضراب يتمثل بعدم الإعداد المسبق الجيد لجلسة حوار مفصلية من هذا النوع، بحيث أن المحاور من الشاباك وإدارة السجون استطاعوا أن يحصروا الحوار بإطار الاتفاق المعروض، ورفض كامل لأي محاولة من أجل الإضافة أو الإيضاح، تحديدًا بما يتعلق بشروط الحياة اليومية والمطالب المتعلقة بهذا الجانب، إضافة إلى محدودية القدرة على المناورة من قبل لجنة قيادة الإضراب التي أصبحت أمام محطة مفصلية إما الموافقة على الاتفاق والتوقيع، أو الرفض واستمرار الإضراب.
وفي لحظتها فإن حجم المسئولية كبيرًا، إضافة إلى أن بنود الاتفاق تلبّي مطلبين رئيسيين: الأول: متعلق بإخراج المعزولين، وهذه قضية أمنية سياسية مركبة خاضت لأجلها الحركة الأسيرة العديد من الخطوات، والثانية: زيارة غزة وإنهاء المنع الأمني، ويضاف لهما الإفراج عن الأسرى الإداريين المضربين عن الطعام، وبند يتعلق بتحسين شروط الحياة بشكل عام،هذا كان عامل مشجع للجنة الإضراب إضافة إلى عامل الرعاية المصرية، وبالمقابل فإن الخبرة مع إدارة السجون وتعهداتها كانت سلبية، بحيث أنه حال توافرت لديها الظروف تتراجع، وفي النص لا ضمان عليها ويفتقد للتفعيل، إضافة إلى الأمر معلق برسم الحوار مع لجنة مشتركة بين إدارة السجون والشاباك، ولا تعهد مكتوب حول إمكانية عقد اللقاء، وتخوف لجنة الإضراب من إرتدادات عدم تحقيق تقدم في شروط الحياة، أو إنجاز يتعلق بمجموعة مطالب حيوية للأسرى.
إن الحوار الذي استمر لساعات في سجن عسقلان، والتفاعل الداخلي بإطار اللجنة القيادية للإضراب قد أنتج وجهتي نظر، الأولى: تدعم باتجاه الموافقة على الاتفاق بما يحتويه من إيجابيات، والثانية: رفض الاتفاق والاستمرار في الإضراب حتى تحقيق ملموس في بند شروط الحياة اليومية، وقد حسم الأمر بإطار التصويت داخل اللجنة بالتوقيع على الاتفاق "19".
إن التقييم لنتيجة الإضراب تجعلنا نقول أنه استطاع تحقيق إنجاز على مستوى مطلب العزل الانفرادي، وزيارة غزة، لكنه لم يحقق إنجاز ملموس على مستوى المطلب الثالث المتعلق بشروط الحياة اليومية هذا على صعيد المطالب، أما على مستوى ما شكّل ومثّل لإضراب على المستوى السياسي فإنه مثّل إنجاز على صعيد تثبيت مبدأ زيارة غزة، المعلقة بقرار سياسي حكومي، ومساهمة من الأسرى باتجاه فك الحصار الظالم على أهلنا في غزة، وإثبات على إمكانية وفاعلية الخيار النضالي كنهج يمكن أن يحقق نتائج، ونصر وطني في ظل حالة وطنية عامة على المستوى الوطني الغد/ متراجعة، إضافة إلى إنجاز العزل الذي عانى منه العديد من قادة الشعب الغد/ واستهدفوا عبر عزلهم والذي يشكّل محاولة تصفية جسدية ومعنوية..
لذا فإننا نعتبر أن الإضراب قد حقق جزءًا مهمًا من مطالبه، وأعاد الاعتبار لهذا الخيار، وشكّل دفعة باتجاه طوي مرحلة امتدت من عام 2004 في حياة الحركة الأسيرة..
(إستخلاصات وتوصيات):
في مرور سريع لدراسة تجربة إضراب نيسان 2012 نستطيع وضع مجموعة من الاستخلاصات والتوصيات التي تلمسناها والتي نعتقد بضرورة نقاشها بشكل جدّي وفعلي إن كان أوساط الأسرى أو المؤسسات التي تعنى بقضية الأسرى..
أولاً: على صعيد الأسرى:
1 . إن الشرط الموضوعي الذي لا بد من توفره الوحدة، وبالتالي تغليب الحوار وإعطائه المدى المطلوب في إنجاز نقطة إلتقاء تعتبر الحد الأدنى التي يحققها من رؤية وبرامج الفصائل المختلفة، فخطورة عدم توحد الحركة الأسيرة وراء رؤية واحدة ينذر بتعقيدات.
2 . إن حالة الانقسام العمودي الذي أفرزه الإضراب يؤكد على ضرورة فتح حوار وطني واسع النطاق وفي كافة السجون لمحاولة تحديث أجندة الحركة الأسيرة ورفع آثار الإضراب وهذا لا يمكن إنجازه دون توفر عدة شروط أهمها تدخل جدي من قبل وزارة الأسرى وكما مقدرة فتح في السجون على تشكيل قيادة مركزية تمثّلها في هذا الإطار كون الفصائل الأخرى قد أنجزت ذلك منذ سنوات.
3 . الحفاظ على الدور المساعد والداعم لكل من يقرر رفع لواء المواجهة ضد إدارة مصلحة السجون عبر استخدام سياسة واضحة برفض لعب دور الوكالة بالضغط نحو تثبيت استراتيجية محددة وبالتالي حتى في ظل الانقسام عدم السماح للعدو المشترك الاستفادة من هذا الانقسام.
4 . من خلال دراسة النتائج وسلوك لجنة الإضراب نؤكد وفي حال ظروف مماثلة تثبيت مبدأ الحوار الجماعي ورفض الصيغ الفردية وكما ضرورة توفر التكتيكات الواضحة والمدروسة لتصعيد حالة الإضراب عن الطعام بما لا يؤثر في سياق وجوهر الخطوة، كما اتضح أن هناك ضعف في أداء لجنة الإضراب بحيث قبلت الحوار في جلست عسقلان وفق منطق الشاباك وإدارة مصلحة السجون، وبالتالي تجاوز ذلك من خلال الاتفاق على أجندة واضحة مسبقًا.
5 . الاكتفاء عند قرار وقف الإضراب بالتواصل الهاتفي مع اللجان الفرعية في السجون والتي بدورها تقوم بإنجاز هذه العملية، وهذا تجاوزًا للإرباك الذي حدث على إثر انتهاء الإضراب بعد توقيع اتفاق عسقلان.
6 . الحفاظ على رفع القضايا ذات الصلة الإنسانية كمطالب لا يمكن التغاضي عنها وهذا متعلق بملف العزل والزيارات.
7 . من الواضح أن هناك شق من المطالب لم يتم إنجازه في هذه الجولة وبالتالي المطلوب الإعداد لتحرك جدّي ينجز باقي المهام يتوفر به الشروط السابقة الذكر.
8 . ومن خلال التجارب المتراكمة اتضح أن دائرة الاستخبارات في إدارة مصلحة السجون تمارس سلوكًا خطيرًا من خلال تثبيت أمر واقع وكذلك الكذب ومحاولة التملص والالتفاف على
التفاهمات، وبالتالي نوصي بإعادة النظر لطبيعة العلاقة مع هذه الدائرة وإعادة الحوار بمستويات أخرى مع إدارة السجون.
9 . الحفاظ على الانتصار عبر ترسيخ ذلك بخضم معركة الوعي الدائرة داخل السجون منذ دخول الإضراب والتي استمرت ما بعد الإضراب.
ثانيًا: على صعيد الدور الخارجي الوطني العام:
1 . التواصل والإعداد الجاد مع المؤسسات التي تعنى بشؤون الأسرى مثل وزارة الأسرى والمؤسسات المجتمعية الحزبية المختلفة عبر إعداد برنامج نضال مشترك، فقد أكدت التجربة أن من أهم عوامل الانتصار الضغط الذي عبّر عنه الشارع الغد/ بشكل عام.
2 . الحفاظ على الدور المساند والداعم لكل من يقرر رفع لواء المواجهة ضد إدارة مصلحة السجون عبر استخدام سياسة واضحة برفض لعب دور الوكالة بالضغط نحو تثبيت استراتيجية محددة، وبالتالي حتى في ظل الانقسام عدم السماح للعدو المشترك الاستفادة من هذا الانقسام.
3 . تطوير الفاعليات النضالية المكملة لنضال الأسرى في السجون، واعتماد عناوين محددة للتحرك، كما تم مع الإداريين والأسرى المرضى، فتحديد عنوان وإبرازه والعمل عليه يمكن أن يكون مفيدًا لعموم قضية الأسرى.
4 . العمل على عقد مؤتمر وطني بمشاركة القوى والمؤسسات الرسمية والأهلية بهدف العمل من أجل صياغة استراتيجية وطنية موحدة للنضال من أجل حرية الأسرى.
ختامًا: نؤكد أن إضراب نيسان/ 2012، يحتاج لوقفة نقدية واسعة عبر إعداد دراسة شاملة وتحمل أبعاد عدة من أجل تلمس ما حقق بالقوة ليتمظهر بالفعل عبر توسيع مبادئ واستنساخها في ساحات نضال شعبنا المختلفة.
بقلم: وائل الجاغوب و كفاح طافش
سجن نفحة.
مراجع:
"1" جميل أبو هلال / النظام السياسي الغد/ بعد أوسلو.
"2" مروانن البرغوثي/ نقابة خاصة/ جريدة القدس تاريخ 20/10/2010.
"3" متسادا، وحدة خاصة شكلتها إدارة السجون، تختص بالاقتحام والتفتيش لغرف الأسرى، قتل على يدها الشهيد "محمد الأشقر" في سجن النقب عام 2007.
"4" بيان داخلي صادر عن قيادة فرع الجبهة الشعبية في السجون.
"5" تقييم داخلي صادر عن قيادة فرع السجون للجبهة الشعبية حول تقييم خطوة الإضراب غير مطبوع.
"6" مصدر سابق.
"7" مصدر سابق.
"8" مرفق في الوثائق نسخة عن البرنامج التكتيكي الذي تم التوافق عليه في سجن نفحة.
"9" مقابلة مع كفاح طافش/ ممثل الجبهة في سجن نفحة.
"10" مرفق في الوثائق تقرير داخلي للجيش فرع السجون، بعد انتهاء معركة الأحرار.
"11" مصدر سابق.
"12" الإضراب السياسي/ مشروع قدم في سجن إيشل حول الاعتراف بالأسرى كأسرى حرب.
"13" مشاريع نوقشت في إطار لجنة الإضراب.
"14" مشاريع توحيد الواقع الاعتقالي نوقش في إطار اللجنة الوطنية سجن نفحة.
"15" مصدر سابق.
"16" مقال أوري ديكل نشر في جريدة القدس بتاريخ 23/5/2012.
"17" لجنة قيادة الإضراب.
"18" أعضاء لجنة الإضراب/ عاهد أبو غلمة/ وجدة جودة/ جمال الهور.
"19" مصدر سابق.



#كفاح_طافش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا تونس
- حكاية من زمن الردة - شعر
- هاجس الهواجس
- صرخة
- عبث اضافي
- بلاغ عاجل


المزيد.....




- اليونيسف: استشهاد ما يقرب من 14 ألف طفل في غزة منذ بدء الحرب ...
- اعتقال عدد من موظفي غوغل بسبب الاحتجاج ضد كيان الاحتلال
- الأمم المتحدة: مقتل نحو 14 ألف طفل في غزة منذ بدء الحرب
- موقع: عباس يرفض طلبا أمريكيا لتأجيل التصويت على عضوية فلسطين ...
- ??مباشر: مجلس الأمن يعقد جلسة للتصويت على عضوية فلسطين الكام ...
- لازاريني: حل الأونروا يهدد بتسريع المجاعة وتأجيج العنف بغزة ...
- الأونروا تحذر من حملة خبيثة لإنهاء عملياتها
- اقتحام بلدتين بالخليل ورايتس ووتش تتهم جيش الاحتلال بالمشارك ...
- مفوض عام الأونروا: -المجاعة تحكم قبضتها- على غزة
- موعد غير محسوم لجلسة التصويت على عضوية فلسطين في الأمم المتح ...


المزيد.....

- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان
- نقش على جدران الزنازن / إدريس ولد القابلة


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - كفاح طافش - قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة الكرامة