أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محرز راشدي - الرّمز في الخطاب قديما وحديثا














المزيد.....

الرّمز في الخطاب قديما وحديثا


محرز راشدي

الحوار المتمدن-العدد: 5068 - 2016 / 2 / 7 - 02:26
المحور: الادب والفن
    


الرّمز لغة هو كلّ سبيل إلى أداء المعنى، فبكل ّ أداة توسّطت بها للتّعبير عن مكنونك فأنت ترمز، بالإشارة أو بالحال أو بالنّصبة. و"رمز إليه، وكلّمه رمزًا : بشفتيه وحاجبيه" وفي مستوى ثانٍ الرّموز شاملة لكلّ الوسائط غير اللّغوية المؤدّية لمعنى، يمكن للّغة أن تقوله، ومثال ذلك التّماثيل الأيقونية.
وفي مستوى ثالثٍ، الرّمز هو طريقة في اشتغال اللّغة مخصوصة، وبالتّالي فإنّ تدبّر حدّ الرّمز يقضي بتدبّر حدّ اللّغة، وخصائصها.
فاللّغة مؤسّسة اجتماعية العمدة فيها التّواطؤ، وهي عبارة عن "نسق عضوي منظّم من العلامات"، والعلامة اللّغوية محكومة بعلاقات حضورية وأخرى غيابية، والعلاقة بين الدّال والمدلول حسب دي سيسور أسّها الاعتباط.
وينضاف إلى تلك الخصائص، احترام اللّغة لمبدإ الاختصاص، لكن في كلّ اللّغات ثمّ خروج عن هذا المبدإ فيما يعرف بالمشترك اللّغوي، كما أنّ المفضي بالملفوظ قد يتحيّل في أداء المعنى الواحد، أو المسمّى الواحد عن طريق التّركيب لا عن طريق المفردة وهو ما يمثّل جوهر الكناية، فالكناية في العمق هي علاقة إبدالٍ مع المفردات في حين أنّها مركّبات.
وما يمكن أن نخرج به هو أنّ اللّغة بعلاماتها وكناياتها تبنى على أساسٍ من التّواطؤ وعلى ضربٍ من الاستدلال العقلي لبلوغ الدّلالة المقصودة، في حين أنّ الرّمز يشتغل دون شرط المواضعة. وهذا الأمر يبدو على غايةٍ من الخطورة، لأنّ العلامة أو الكناية تكون جماعية سابقة للخطاب، وفي المقابل الرّمز يكون فرديًّا، مزامنًا للخطاب، ومن ثمّ فهو أمارة تاريخيّة الخطاب.
والرّمز لمّا كان إبداعيًّا، غير تواضعي، فيفترض فيه أن ينشئ في الخطاب ضربًا من الغموض يعطّل بمقتضاه خطية اللّغة، ويبطئ نسيب الكلام ونسيب القراءة ونسيب الفهم: فهو ينشئ علاقة تنافر بين مكوّنات الجملة، تقتضي البحث عن تبريرٍ لها، وهذا الأمر لا يستقيم إلاّ إذا جمّعنا الملفوظ / الرّمز مع الواقع مع المتلفّظ، حتّى ندرك معنًى أوليًا للرّمز قد تقوّيه لا حق القراءات، و قد تعدّله.
في هذا السّياق سننظر في الرمز من جهة أنه يتفاوت حضورًا ووظيفةً من لحظةٍ معرفيةٍ وحضارية إلى أخرى.
ففي الابستيمية القديمة الأصل العلامة، وتوظيفها يتم بحسب مقتضيات توظيف اللغة، لكنّ توظيف الرموز طارئ، حدث عابر وليس أصلا.
وعليه نستنتج أن النظام المعرفي القديم كان متناغما ومتحالفا مع نظام العلامة، وهذا التحالف مرجعه اليقينية التي تحكم الرؤية القديمة، والدغمائية التي فرضتها تلك المنظومة.
فالنظام المعرفي الذي بني على مفاهيم دغمائية يتساوق مع النظام الاجتماعي الذي بني على أسبقية الجماعة على الفرد، ومفهوم العلامة وجد تجليه الأمثل في مفهوم الدولة، ذلك أن الدولة والعلامة من نفس الجوهر : هي مكونات طاحنة، لا زمانية ومن ينخرط فيها تنفيه من الذاكرة.
أما في العصر الحديث ومنذ الحداثة الأولى الموسومة بكونها رومنطقية أضحى الرمز أصلا في بناء الخطابات وخصوصا الخطابات الفنية.
فالحداثة الإنسانية تتميز بانتشار فكرة النسبية، ومن جهة أخرى بالاعتراف بأسبقية الفرد على الجماعة إذ أن المجتمع ليس إلا عبارة عن مجموعة من الأفراد. والكشوفات العلمية تؤكد أن كل معارفنا تطرح حولها عديد الأسئلة وكل سؤال يحتمل أكثر من جواب، وكل جواب ملغم.
النظام المعرفي الحديث إذن هو نظام قلق، نظام سؤالي يجمع مفهوم الاحتمال والتعدد والفرادة. وعلى مستوى الأداء الجمالي الرمز هو المعادل الذي يجمع عدم اليقين والاحتمال والتعدد والفرادة.
وليس من عجب بعد ذلك أن يكون الرمز تعبيرا فرديا، نسبيا، متلفعا بالغموض والقلق.
وتبعا لذلك فتوظيف الرموز قديما نرصده في محطتين كبريين، هما الحكايات المثلية والخطابات الصوفية، المحطة الأولى تخوض في السياسي والثانية في الديني، وهما من الأقانيم الثلاثة المقدسة التي لا يسمح للعامة بالاقتراب منها، فيكون الرمز وقتئذ نوع من الحيلة، ولذلك فتوظيفه ليس خيارا، ليس مزية فنية بل هو إكراه ووجوب.
وبالتبعية كانت الرمزية في القديم تغرف من معين المعرفة القديمة، و تبني دلالات قريبة المأخذ و يمكن التوصل إليها بواسطة العقل، إذ يوجد نوع من القياس بين الدلالة الأصلية و الدلالة الجديدة.
أما بخصوص النظام المعرفي الحديث فالأمر يختلف، إذ نكاد نعدم وجود نسب بين الدلالات الأولى للعلامة والدلالات الرمزية المسندة إليها. وبتعبير أدق نجد أنفسنا إزاء مفردات وتراكيب نستغرب حضورها في النص الشعري، فضلا عن الوضعية التي أعطيت لها، و هي وضعية الرمز، وهذا ما يجعل دلالتها أكثر ميوعة. وإجمالا، في الابستيمية الحديثة المتحالفة مع الرمز النص يقترح والقارئ يؤول.



#محرز_راشدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفهوم الشّاعر النّبيّ في الكون الشّعري الرّومنطيقيّ
- القَصِيدَةُ اللَّعُوبُ وَالقَارِئُ زِيرُ النُّصُوصِ
- الجنون: من الحفر الايتمولوجي إلى الأنساق التّحويليّة.
- يوتوبيا الشّعر العربي الرّومنطيقيّ أو النّبيّ الطّائر
- الشّعر والسّحر: كيمياء الشّعر


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محرز راشدي - الرّمز في الخطاب قديما وحديثا