أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد صلاح سليم - الفلسفة... لماذا؟ (1)














المزيد.....

الفلسفة... لماذا؟ (1)


محمد صلاح سليم

الحوار المتمدن-العدد: 5058 - 2016 / 1 / 28 - 06:15
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


قلما نجد مجالا يستطيع جميع من له "عقل" أن يساهم فيه بشكل أو آخر، وذلك نجده في الفلسفة. فإن موقفك من الحياة سواء كان إيجابيا أو سلبيا، ونظرتك للعالم سواء كانت مادية أو روحية، حتي دون حاجة للاطلاع على تاريخ الفلسفة، وأفكار الفلاسفة الكبار، فكل ذلك يقع ضمن اختصاص الفلسفة، وبذلك انت تساهم في إثراء الفلسفة حتى من حيث لا تدري.

لم تكن الفلسفة -التي تعني "حب الحكمة"- قديما تقتصر فقط على مباحث الوجود والميتافيزيقا ومعنى الحياة، بل تعدت ذلك إلي مباحث الطبيعة نفسها والأحياء وخبايا النفس الإنسانية والمادة، لذا هي حقا أم العلوم، حيث انبثقت منها العلوم الإنسانية والطبيعية، ولم تستغن عنها على مر العصور، حتى بعد الثورة العلمية الحديثة.

كان الدين يسيطر على الشعوب منذ القدم ويعطي تفسيرات للكون والحياة والموت محاولا أن يمنح الخلاص والأجوبة للتساؤلات الإنسانية المصاحبة للوعي، فالإنسان -على حد علمنا- هو الكائن الوحيد الذي سيموت وهو يعي أنه سيموت، وذلك الوعي حمله على التساؤل: ماذا بعد الموت؟ ومن أين أتيت؟ ولماذا أنا هنا؟ وكيف يجب أن أعيش؟

وحين سلم عقل المتدين لأجوبة الدين، أبى الفيلسوف أن يسلم، وطرح الأسئلة تجاه الدين نفسه، وشكك في جدوى ذلك اليقين الإيماني في منح الخلاص، وبحث عن ذلك "الخلاص" دون الحاجة بالضرورة إلى الدين، بل نظر إلى الدين نفسه كظاهرة تخضع للفلسفة.

فربما يجوز لنا أن نقول أن الفلسفة كانت هي محاولة تحرير العقل والفكر ليتمكن من فهم أسرار الحياة والكون، كأسلوب مناقض للطريقة الدينية.

ولما كانت كلمة السر في الفلسفة هي "التفكير الناقد الحر" وترتب على ذلك طرح التساؤلات والشك، تنبه كثير من رجال الدين إلى ذلك الخطر الذي يهدد أهم أسس السلطة الدينية القائمة على السمع والطاعة في مقابل الخلاص، لكن وبسبب قوة العقل البشري، وعدم جدوى قمع التفكير في القضاء نهائيا على التفكير الفلسفي الحر، حدث أن ظهر من وفق بين الدين والفلسفة، وجعل للأديان أساسا عقليا وفلسفيا، لا يعادي الفلسفة في الظاهر ويزعم توافقها مع الدين، لكن تلك الحدود الدينية التي حاولت "ترويض" الفلسفة وإخضاعها للدين، ورغم التأثير الكبير على تاريخ العقل البشري الذي حدث بسبب تلك المحاولات، لم تهزم "كبرياء" الفلسفة، فإنه من الصعب جدا أن تحبس صقرا في قن الدجاج فيتحول إلى دجاجة، وإن قصصت ريشه حتى.. فالفلسفة وجدت لتحلق في سماء الفكر الحر بلا حدود، والدين يقوم أساسه على العقاب المترتب على التمرد، وتحريم الأكل من شجرة المعرفة، ويضع حدودا للتساؤلات.

قلنا إن العقل البشري منذ اكتمال تطوره، وحين بدأ يعي أنه سيموت، وتبادرت التساؤلات على ذهنه، كان أمامه أحد طريقين: طريق البحث عن أدلة عقلية وممارسة التفكير الحر المتجلي في الفلسفة، وطريق الأسطورة والأديان، ثم كان أن حدثت صراعات بين الفلسفة والدين، ثم محاولات توفيق وإخضاع الفلسفة للدين، ويتجلى ذلك في قول القديس أوغسطينوس مخاطبا الفلاسفة: "للقبول بتلك الحقيقة كان يلزمكم التواضع، وهو فضيلة من الصعب إقناع رؤوسكم المتعالية بها، ما الذي غير قابل للتصديق بالنسبة لكم؟ خاصة وأنتم أصحاب العقائد التي تدعوكم هي نفسها إلى ذلك الاعتقاد، ما الذي غير قابل للتصديق عندما نقول لكم إن الرب قد ظهر في نفس وجسد إنسان؟ لماذا تمنعكم الآراء التي هي آراؤكم والتي تهاجمونها هنا من أن تكونوا مسيحيين؟ إلا لكون المسيح قد جاء في التواضع بينما أنتم تتكبرون؟"

وبقدر ما يرى البعض أن المسيحية قد "هزمت" الفلسفة لمدة خمسة عشر قرنا، تهيمن رؤيتها عن الخلاص والإيمان والحياة والكون، إلا أنه ربما يجوز لنا أن نستنتج من تلك المحاولات المضنية التي جاهدت لكبح جماح الفلسفة، وتبني بعض الفلسفات الكبرى وصبغها بصبغة لاهوتية مسيحية، أن ذلك ما هو إلا اعتراف ضمني بقوة العقل البشري المتمثلة في الفلسفة، حيث لا يمكن النجاح في الإلغاء الكامل لدوره، فكانت ممارسة التفكير موجودة، لكن محدودة بحدود الإيمان.

ولسنا هنا بصدد سرد ومناقشة العلاقة بين الدين والفلسفة من صراع ووفاق، لكن ما يهمنا من الإشارة إلى مثال من تلك العلاقة، فقط إظهار قوة الفلسفة حتى في أشد لحظاتها ضعفا -إن صح التعبير- حين خضعت مجبرة في مرحلة ما للسلطة الدينية.. وتلك القوة المعبرة عن قوة العقل نفسه فهمها هو ما سيساعد في الإجابة على التساؤل: لماذا الفلسفة؟

مرة أخرى.. إن بزوغ الفلسفة بشكل عام هو بزوغ مصاحب للعقل والوعي منذ بدايات تاريخ الإنسان، تبلورت في تلك الأسئلة البسيطة الصياغة، معقدة المعنى والتي تصبح أكثر تعقيدا وتشويقا مع مرور الزمن، وتفاعل العقول والحضارات، لذا فإن أهمية الفلسفة الأولى تتأتى من أهمية العقل نفسه، فلو كنت صاحب عقل، وتدرك أهمية عقلك في الحياة، إذا ليس من الصعب إقناعك بأهمية الفلسفة.

يتبع...



#محمد_صلاح_سليم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلتحيا الوحدة الوطنية!!
- أحلام مريضة
- الدين بين الحقيقة والضرورة!
- لا تسأل .... فالله يحب الصامتين!
- الوهم المقدس
- الدين بين الغاية والحقيقة .. ودور العلم في نقد النص الديني !
- ......محاربة الإله .... حقيقة أم خيال ...؟؟


المزيد.....




- الإمارات ردا على قرار السودان بقطع العلاقات معها: -سلطة بورت ...
- هيئة البث الاسرائيلية: إصابة 3 جنود في معارك جنوب قطاع غزة ب ...
- محاولات يامال وتصديات سومر وهدف أتشيربي القاتل يلخصون ملحمة ...
- تنديد أممي وأوروبي بتوسيع الهجوم على غزة وحظر دخول المساعدات ...
- اليمن.. -أنصار الله- تعلن استهداف مطار رامون الإسرائيلي وحام ...
- نتنياهو في أول تصريح له بعد القرار الأمريكي بشأن الحوثيين: إ ...
- استقبال الرئيس الصيني شي جين بينغ في مطار موسكو
- اتفاق مصري يوناني بشأن فلسطين وإسرائيل
- 50 شركة ألمانية تحيي ذكرى جرائم النازية وتقر بمشاركتها في ال ...
- رهانات ماكرون باستقبال الشرع؟


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد صلاح سليم - الفلسفة... لماذا؟ (1)