أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مصطفى العمري - قراءة نقدية ... لتأريخ اسلامي مخيف















المزيد.....

قراءة نقدية ... لتأريخ اسلامي مخيف


مصطفى العمري
(Mustafa Alaumari)


الحوار المتمدن-العدد: 5055 - 2016 / 1 / 25 - 07:37
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قراءة نقدية .. لتأريخ اسلامي مخيف




بطريقة الاحتيال المعرفي نفذ نفرٌ قليلٌ من اصحاب العقل المنطلق , في المساحة العربية الاسلامية محاولين تشكيل وعي مختلف و مغاير , همُّ هذا الوعي ان يكون حداثوياً جديداً , يسير وفق المعايير العلمية للنهضة التي يواكبها العصر . هذا النفاذ السائر بخوف و ترقب من بطش المجتمع شكل عائقاً حقيقياً أمام النمو الطبيعي للبحث العلمي في المجتمعات العربية و الاسلامية المنكوبة , بغلظة النصوص و الفتاوى و الكثير من رجال الدين .

كل العلماء و الفلاسفة الذين ينتمون الى تلك البيئة المنكوبة , كانوا يملكون وعياً لم يصرّحوا عنه , إختنق ذلك الوعي و مات مع موتهم .

مع كل هذا الحذر و الخوف ترشح لنا من وعيهم ما نستطيع ان نستنج منه علمانية قديمة بلباس ديني ( كابن رشد و عبدالله بن المقفع )

السابقون و اللاحقون من الفلاسفة و المفكرين العرب أرادوا ان يوصلوا رسالة كبيرة وعظيمة , مفادها و استدلالتها قرانية عصرية حديثة , و هي ان لكل زمان معرفته و نصوصه و استنتاجاته الخاصة به , يجب ان يعيش الناس في زمنهم و مرحلتهم , و يتركوا فيه أحراراً لا ان يقمعوا او يقتلوا . يقول جون ستوارت إننا اذا اسكتنا صوتاً نكون قد اسكتنا الحقيقة .

محال جداً ان تعود بنا الى الزمن الماضي لأنه سيُعد نكسة كالتي نعيشها الان , الرجوع الى أي حقبة تأريخية من تأريخ المسلمين من بداية الدعوة الى اخر صحابي , سنجد السيف و الدم , فتشوا في تأريخ أي شخص ترونه جليلاً مؤمناً تقياً لا يأتيه الباطل و لا يروم عمل المنكر , ستكتشفون انه تزوج سبية وربما بعد قتل زوجها , ستجدونهم ملطخين بالدم من الرؤوس و الاقدام و الاعقاب .

سألني احد الذين كانوا مقيدين بالنصوص الدينية بقوة قال : ما رأيك في عمل رسولك عندما تزوج صفية بنت حييّ بعدما قتل زوجها و أهلها و الاسرى من قومها ؟

فأجبته على الفور قلت له هل تعلم كيف تزوجها ؟

انها بمشورة احد اصحابه ولو كنت مع الرسول لأشرت عليه بعكس ذلك الصحابي ان لا يتزوجها و يتركها في قومها و ان يحتجز الاسرى في مكان ما او يعتقهم . اقتنع الرجل بجوابي لكنه بقي مصراً على استهجان فعل الرسول .



على الرغم من ان هذه الاسئلة كانت غير قابلة للعرض و لا للبحث و لا للتفكير فتموت حبيسة مقهورة بدواخل اصحابها ,هذه الاسئلة و غيرها باتت تؤرق الكثيرين من العقول الباحثة المتسائلة , و رجال الدين عاجزون كسالى في البحث و المسايرة مع عمق الاسئلة و جديتها .

ما عادت الاجوبة الماورائية تقنع العقل المتحرك الذي يبحث عن الدلائل العلمية ولم تجدي تلك التبريرات التي تحيل العقل لمشهد غير مرئي و تطلب منك الايمان و التصديق .

في كتابه الفكر الاصولي و استحالة التأصيل يقول الدكتور محمد اركون : كل المسلمات المدعوة ميتافيزيقية يستحيل البت فيها , ولذلك ينبغي ازاحتها من الخط التأريخي الذي يجبرنا العقل الأدواتي على إتباعه .



إصرار الاسلاميين على جر المجتمع الاسلامي للانقياد خلف قيادة (السلف) يستدعي , إصرار عقل اخر مختلف للتنقيب في تأريخ السلف وعندما يُبحث في تأريخ السلف بحثاً علمياً (إبستملوجياً) كما في الدراسة التي قدمها المفكر المغربي محمد عابد الجابري , سيجد الباحث أننا أمام مهزلة حقيقية و سيطلب منا إزاء هذه المهزلة التصديق و الايمان و الاذعان , و إلا ستكون نصوص الفقيه حادة و قاتلة .

نصوص الفقية التي عجزت عن الاجابة و تغيبت عن الحوار العلمي و تهربت من البحث الجاد , سنجدها شاخصة بقوة رافعة رايتها بعدما احاطها الجهال و المخدرون و المنتفعون بصيحاتهم , لدحر كل من يسأل او يفكر .

الاصرار على البحث في ذلك التأريخ الذي تلطخت بالدماء ايدي الجميع من الذين قادوه و صاغوا ثقافته , أكانوا مبشرين بالجنة او لم يكونوا, يستدعي نتيجة مفادها الكفر بذلك التأريخ و الانعتاق حيث اللارجعة .



الذين يريدون إزاحتنا نحو تأريخ ميت هل راجعوا ذلك التأريخ و ما حمله من قسوة و شدة و قهر لعباد الله من المختلفين و المأتلفين معه ؟



في الدراسة التي قدمها ناقد العقل العربي ,محمد عابد الجابري,

يقول : الجاهلية مصطلح اسلامي يقصد به ليس فقط الجهل بمعنى عدم العلم و انتفاء المعرفة بل ... ايضاً ما يرافق الجهل و ينتج عنه , أعني به الفوضى و انعدام الوازع الجماعي سياسياً كان ( الدولة ) او اخلاقياً ( الدين ) من هنا تشبيه الجاهلية بالظلماء و الاسلام بالنور فالظلمة تعني هنا الفوضى و التطاحن و غياب افق مستقبلي كما تعني الجهل و عدم تقدير المسؤولية , في حين ان النور يعني الوضوح في العلاقات و المسؤوليات و أيضاً و ضوح الافاق , هذا فضلاً عن حلول النظام محل الفوضى و التضامن محل التطاحن , السؤال المهم , هل حقق الاسلام بالفعل هذا التحول الجذري في حياة عرب الجاهلية ؟

و نستطيع ان نشطر هذا السؤال على عدة اسئلة مشابهة, أسئلة تعمق الجرح لكنها ستدمله بدون مضاعفات سلبية . سنتحفظ عليها الان لكنها ستبزغ ان شاء لها ذلك .



عندما نراجع نصوصنا الدينية و التأريخية سنجد ان الانموذج الاقرب لها في هذا العصر هي ( داعش) لا مناص في ذلك و لا تردد , داعش التي تتقن قراءة القران و حفظ الاحاديث الصحيحة المرسل منها و الآحاد و الضعيف , داعش التي اتبعت منهجية العنف و التفنن عند السلف الصالح ! عندما قام احدهُم بقتل احدهِم ثم قطع رأسه و وضعه منصبة للقدر بعدها اضرم النار لتختلط رائحة الاكل بدم البشر مع نكهة العمل الصالح و غبار الشعر المحترق , ثم يضاجع سيف الله زوجة المقتول لتكون زوجة له في نفس الليلة التي قطعت اوداج الرأس لينفصل عن الجسد بمباركة المسلمين !

لم يكن المسلمون على قدر من المسؤولية البحثية العلمية او الجرأة التي تمكنهم من ادانة المنتمي للدين الاسلامي , بل هناك الكثير من التبريرات المنهالة بقوة لكي تقلب المنكر الى صالح و كذلك العكس .

وجه داعش القبيح ما هو الا توأم لذلك الوجه القبيح الاخر . الوجه التأريخي الذي يتقاتل عليه الداعشيون من سنة و شيعة لأعادتنا له بالقوة . داعش حركت المناخ العربي و الاسلامي بقوة و اضحت الاسئلة و التساؤلات المضمرة و المعلنة شاخصة بقوة أيضاً , أعمال داعش الاجرامية سرعت في مركبة البحث لاكتشاف زيف المقدسات او المحذورات المركونة في اذهاننا بالقوة و الخوف .

لست هنا للمقارنة بين داعش و السلف فهذا أمر ساتركه للقارئ , لكن الذي اريد البوح به , هو أننا بحاجة الى منهجية مختلفة تماماً عما كانوا (السلف ) و كنّا , منهج :



1_ يرحم بعقولنا من التسخيف و المصادرة الى حيث الحرية فيما أفكر او أؤمن به.

كما يرى ابن حزم الاندلسي : لا يحل لأحد ان يقلد أحداً حياً ولا ميتاً و كل أحد له من الاجتهاد حسب طاقته .

2- الاستعانة بالعقل الغربي المتقدم , لم يتخلى العقل العربي من طلب المساعدة من العقل الغربي من زمن بعيد جداً فالمأمون صاحب العقل المتحايل المنطلق استنجد بالثقافة الغربية و لولاها لم يكن المأمون شيئاً .



التصور الشائع ان التقدم يتحقق تلقائياً بواسطة التراكم .. و لكن مسيرة تاريخ الحضارة و واقع المجتمعات المتخلفة يؤكد العكس تماماً فالتخلف هو الاصل أما الخروج من هذا الاصل فيتطلب طاقات استثنائية كافية و أفكاراً تقدمية خارقة و جهوداً واعية كثيفة , كما يقول المفكر السعودي ابراهيم البليهي .

و الحق أني طلّقتُ التأريخ و مزابله وسيرة السلف و نصوص الدين التي كتبت بعد مئتين سنة و أحاديث التلفيق و التصفيق للحاكم لأتركه لداعش و من يشابهها في الرأي و القمع بالسيف او الكلمة . وركنت الى انسانيتي التي تدفعني الى حب الاخر مهما كان لونه او دينه او قوميته .

مصطفى العمري

( من كتابي القادم قراءات معاصرة(



#مصطفى_العمري (هاشتاغ)       Mustafa_Alaumari#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاحزاب الاسلامية بين جهاد النكاح و الخدمة الجهادية
- الحديث النبوي و تمزيق الامة … القيود الفكرية في الفكر الاسلا ...
- القيود الفكرية في الفكر الاسلامي 4
- روافد عراقية .. من محافظة الناصرية . مصطفى جمال الدين
- روافد عراقية .. من محافظة الناصرية علي الشرقي 2
- روافد عراقية .. من محافظة الناصرية علي الشرقي 1
- علماء الاسلام . واستحمار المسلمين . قراءة في خطاب الشيخ القر ...
- العراقيون وحراك الثورة ..


المزيد.....




- وزراء خارجية 20 دولة عربية وإسلامية يدينون الهجمات الإسرائيل ...
- هكذا يتدرج الاحتلال في السيطرة على المسجد الإبراهيمي بالخليل ...
- خطوات تثبيت تردد قناة طيور الجنة نايل سات وعرب سات 2025 .. ث ...
- نتنياهو: لا أستبعد اغتيال المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي ...
- الخليل.. إسرائيل تخنق البلدة القديمة وتغلق المسجد الإبراهيمي ...
- الاحتلال يهدم غرفة زراعية ويواصل إغلاق مداخل سلفيت ومستعمروه ...
- المفتي قبلان: عدم التضامن مع إيران يعني خسارة العرب والدول ا ...
- بعد سنوات من الصمت.. “الجمل” يعيد الروح الرياضية للمؤسسة الع ...
- العراق يدعم اجتماع وزراء خارجية الدول الإسلامية في إسطنبول ب ...
- ريشون ليتسيون أول مستوطنة لليهود في فلسطين


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مصطفى العمري - قراءة نقدية ... لتأريخ اسلامي مخيف