أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عدنان يوسف رجيب - مناقشة المنهج الإقتصادي في الإسلام















المزيد.....

مناقشة المنهج الإقتصادي في الإسلام


عدنان يوسف رجيب

الحوار المتمدن-العدد: 5054 - 2016 / 1 / 24 - 22:02
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مناقشة المنهج الإقتصادي في الإسلام

عنان يوسف رجيب

تثار حاليا كما في فترات زمنية مختلفة سابقة، أحلام بعض الإسلاميين التي يدعون فيها، لما يسموه، إحياء دولة الخلافة الإسلامية.... أي، يقولون، إنهم يريدوها.... ويقيموها.... كما كان الحال في دولة الخلافة سابقا !.... هكذا يصورون الأمر..... كما لو كان، فعلا، في التأريخ ثمة دولة خلافة إسلامية راشدة، تدين بمنهج إسلامي محض متكامل....تبلور فيه الوضع الخلافي، من الإقتصاد الى السياسة الى الحقوق الى سلطات الدولة الى الثقافة والى كل شيئ.....
نستعرض هنا، بشكل وحيز، أقوال التأريخ وأفكار الإسلام (كـ دين)، ولنناقش، أولا، نقطة هامة أساسية تتعلق بسبل التطبيقات الإقتصادية منذ بداية الإسلام الى الأزمنة والقرون التي تلت ذلك التأريخ – ليومنا هذا، وذلك لنستوضح: هل ثمة ما يؤكد وجود معطيات لما يسمى "منهج إقتصادي إسلامي" في الفكر الديني للإسلام ....... أي هل يوجد مشروع إقتصادي ممنهج من صلب العقيدة الإسلامية، ومن خلال التشريع والتوجه الديني و الفلسفة (إذا ما كان هناك ثمة فلسفة) الإسلامية....

لعل من المفيد، إبتداء، إعطاء فكرة عامة جدا، و مقتضبة في آن، عما يحمله مشروع المنهج الإقتصادي، عموما، من أبعاد. إن هذا يشير الى إن المنهج الإقتصادي، للدولة أو المجتمع، له أساسيات هامة ضرورية، من أولياتها، مثلا، نظام حساب الموارد الوطنية و الناتج الإقتصادي الوطني لها، وكذلك سبل توزيع الثروة الوطنية على مجتمع الدولة. كما يتضمن المنهج الإقتصادي طريقة تهيئة العمل للعاملين و نوع القوى العاملة الرافعة الإقتصاد و توجهات الإنتاج الوطني - الإجتماعي والكيفية التي يتوجه فيها نشاط مؤسساته. وتلك قواعد يجري وفقها حساب مدخول العمل [الفردي والعائلي، وبالتالي المجتمعي]، من خلال تنوع و مقدرة القوى العاملة وماهية المجالات الإقتصادية للإستفادة منها. كما يجري حساب طرق الإستغلال الإقتصادي في تطوير الثروة الوطنية، إضافة لمناحي و توجهات أخرى معقدة غاية التعقيد، حاول النظامان العالميان الرأسمالي و الإشتراكي الإلمام بها من أجل صيرورة إقتصادية متكاملة لمجتمع ما.

هنا يتبين إن الهيكلية الإقتصادية العامة و الهامة هذه، يفتقر لها الجوهر الديني الإسلامي. عليه، وفق هذا المستلزم المادي الذي يبين عدم وجود منهج إقتصادي إسلامي، نرى إن التاريخ يحدثنا و الواقع يقر بأنه ومنذ بدايات الإسلام: حاول أفراد مسلمون عديدون، من خلال وعيهم الشخصي وفهمهم وإجتهادهم الخاص، [الفردي]، أن يبتدعوا طرقا إقتصادية لتطبيقها على المجتمع، قد يسموها مشروع أو منهج إقتصادي إسلامي، (و ذلك من كونهم هم مسلمون كأفراد، ولكن الطريقة نفسها هي ليست إسلامية).
هنا، عند مراجعة أحداث التأريخ، بعناية، نجد إن كل محاولات الأفراد المسلمون كانت تتوجه الى الأخذ بمناهج و توجهات إقتصادية من خارج الإسلام، والتي قد تكون مطبقة أصلا على أرض الواقع، في مجتمعات أخرى. يتوضح من ذلك إن محاولات هؤلاء الأفراد المسلمون كانت – في جوهرها - هي المزاوجة و دمج بعض هذه الفلسفات مع بعضها بطريقة أو بأخرى.... و لكن جل هؤلاء الإسلاميين فشل في مسعاه، كما لم يواكب أو حتى ينتبه لطريقتهم من جاءوا بعدهم.

أحد هؤلاء الإسلاميون هو (الشهيد) السيد محمد باقر الصدر، الذي أصدر (كتاب) أسماه " إقتصادنا"، ويقصد به الإقتصاد الإسلامي. حينما تتم قرائته، يتبين إنه لم يكن فيه شيئ أصيل نابع من جوهر الفكر الإسلامي (الذي لا تحتوي على منهج إقتصادي خاص به). لقد حاول السيد الصدر[في - إقتصادنا] أن يزاوج ما بين المنهجين الإقتصاديين العالميين الرأسمالي والإشتراكي، وليأخذ الإفضل من كل منهما. هذا هو ما قاله السيد الصدر بوضوح، (في كتابه)، سواء بالمقدمة أو من خلال التعقيبات التي أجراها في متابعتة لعملية إيجاد طريقتة الخاصة لإستحداث ما يدعى بالإقتصاد الإسلامي.
كان السيد الصدر، مثلا، يأخذ – من هذين المنهجين الإقتصاديين- جملا و أفكارا، وحتى عناوين، يجدها، برأيه، جيدة وملائمة للمجتمع، الذي يريده هو إسلاميا. ومن خلال محاولته للمزاوجة (الخلطة) بين منهجي النظامين الإقتصاديين الإشتراكي والرأسمالي، خرج بطريقة (سماها بـ منهجا) للإقتصاد الإسلامي.
غني عن القول أن نبين: سيكون ما وضعه السيد الصدر هو ليس إسلاميا بالجوهر، أي لا ينتمي تماما للروح و والتوجه الفكري الإسلامي، إنما هو إجتهادات و جهود شخصية فردية، مع جزئيات هنا وهناك، قد تكون سطحية، هي من داخل التشريع الإسلامي. و لذا – كما تم القول به- كان إقتصاد السيد الصدرعبارة عن مزاوجة (خلطة) من نظامين إقتصادين عالميين ليس لهما علاقة – موضوعية أصيلة- بما يدعى فلسفة أو منهج إسلامي.
ولا بد، هنا، من الإشارة الى إن محاولة السيد الصدر (لإيجاد منهج إقتصادي إسلامي) لم يجري الترحيب بها من كثير من الأوساط الشيعية كما من الأوساط السنية. لقد كانت واحدة من المحاولات، التي إعتبرها البعض إنها خارجة عن كونها إسلامية، أو إن شخصية القائم بها غير مرغوبة من آخرين، كذلك تم رفضها من أشخاص، بسبب إنهم كان في نيتهم، هم أنفسهم، أن يقوموا بمحاولات أخرى شبيهه بها ، مما يجعلهم لا يؤيدون محاولات غيرهم. وهكذا بقيت محاولة السيد الصدر حبيسة صدره تقريبا، و حبيسة رفوف بعض المكتبات، و مع بعض من مريديه..... ورغم مرور عشرات السنين على نشر فكرته لكن لم تجري أي محاولة لتطويرها أو حتى الإعتراف بها، من جهات دينية كثيرة.

وهكذا، فيمكن القول، إن ثمة محاولات عديدة حصلت في أزمنة سالفة مختلفة من قبل أفراد مسلمين عديدين لوضع منهج، يمكن أن يسموه، إسلاميا، لكن المحاولات لم تنجح لإنبثاق منهج إسلامي. السبب الجوهري والأساسي واضح، هو إن الواضعين كانوا يعتمدون على إمكانياتهم الشخصية (مثل حالة السيد الصدر)، وألمعيتهم، أي إنهم كانوا مسلمين وليسوا إسلاميين (أي جاء نتاجهم وفق قابلياتهم وإمكانياتهم كأشخاص أفراد – لكنهم دينيا ينتمون للإسلام). لذا كانت النتيجة ليست إسلامية... لكون جوهر الإسلام نفسه، كما أسلفنا، لا يحوي فلسفة او مشروع يمكن الحصول منه على منهج إقتصادي متميز.

إن المحلل الناقد المتتبع لتأريخ الإسلام سيجد بسهولة هذا المعنى واضحا، أي عدم وجود منهج إقتصادي إسلامي. و مما يؤكد ذلك عمليا، هو عدم وجود طريق إقتصادي واحد واضح، تم السير عليه (وتطبيقة) منذ بداية نبوة النبي محمد و تابعيه الخلفاء الراشدين والى وقتنا الحالي في القرن الحادي والعشرين.

النبي محمد كان في زمنه جدب و فقر وفاقة،[للجزيرة العربية كلها]، وكان المسلمون يعتاشون على بيت المال (الضعيف جدا) من خلال الغزوات و الحروب ومهاجمة القوافل لفرض الأتاوات عليها. وكذلك مما يحصل عليه المقاتل الإسلامي من القتيل، فهو يأخذ متاعه وسيفة وفرسه و ...الخ.
أما على صعيد الإقتصاد المجتمعي [الوطني ]، لم تكن هناك مشاريع واسعة واضحة، أيا كانت، للعمل الإنتاجي بشكله الواسع أو البسيط، سواء كانت فردية أو بشكل جماعي [صنائعي - مثلا].فالنبي محمد في مجتمعه الإسلامي، لم يقدم أي مشروع أو نظام إقتصادي ممنهج واضح، ولم يوجه فيه الناس للقيام بصناعات أ و نتاجات معينة من أجل حاجاتهم اليومية والعامة، أي لم يقم النبي محمد بذلك كتوجيه أساسي من عندياته و لا كانت هذه مقررة من خلال تعاليم دين الإسلام.
كانت الحاجات الصناعية اليومية (فردية أو شبه جماعية) موجودة أصلا قبل الإسلام، ويتبادلها الناس، عادة، لتسهيل أمور حياتهم، ولم يغير وجود الإسلام شيئا جوهريا في هذا التوجه الصناعي الإقتصادي (البسيط). كما لم تكن هناك معرفة، أو حتى وعي، في ذلك الوقت، لإستغلال أي ثروة إقتصادية للموارد.
لذا لم يحصل أي تغيير جوهري لأوضاع المجتمع الإسلامي إقتصاديا بالإتجاه الإيجابي المفيد، بسبب عدم وجود جديد إقتصادي في الحكم الجديد (الأسلامي). و يعني ذلك بوضوح، أن لا توجد أية آيات أو مفاهيم في القرآن أو في الشريعة تنحو منحى توجه منهجي إقتصادي أو حتى شبه مشروع إقتصادي.

وعلى الجانب الآخر، كان هناك النشاط التجاري، بعموميته، (في القوافل التجارية والحماية لها والخدمات المتعددة لها والسقاية في أماكن الراحة وغيرها)، والذي كان يعتبر الجانب الحاسم الهام في تواجد و بناء الثروة والعمل في المجتمع قبل و أثناء الإسلام.

إن هكذا وضع إقتصادي مجتمعي يعتبر متخلفا جدا، ليس فقط لظروف تلك الحقب الزمنية (قبل ألف وأربعمائة سنة)، بل حتى قياسا لظروف إقتصادية إجتماعية لمجتمعات متطورة أخرى غير إسلامية، كانت متواجدة في نفس تلك الفترة الزمنية و متقاربة جغرافيا. فالمعاينة التأريخية المتفحصة تبين إن وضع المجتمع الإسلامي في الجزيرة العربية بعيد تماما عن أي قياس لإعتباره ضمن إقتصاد موجه أو بالتالي ممنهج لتسيير المجتمع على كل الأصعدة، من حيث الصناعة و إستخدام و توزيع الموارد الطبيعية (الوطنية) والفرز الطبقي، (وجود فقر الكثيرين). إلا إن شيئ من هذا كانت تتميز به مجتمعات أخرى غير إسلامية.

وينسرح هكذا وضع إسلامي إقتصادي - إجتماعي [متخلف] بكليته الى فترات ما بعد حكم النبي محمد، أي الى فترات حكم الخلفاء الراشدين وصولا الى كل فترات دول الخلافات المتتالية بعد ذلك. ففي كل هذه الفترات الطويلة نسبيا، [قد تمتد لمئات السنين]، لم يكن هناك، ما يدعى، بمنهجية إسلامية للإقتصاد في المجتمع، أو حتى لم يكن هناك توجه أو طريقة واحدة متبعة مستمرة لتخطيط إقتصاد ومعيشة المجتمع، خصوصا ما يتعلق بالفقراء من الناس. لقد كانت هناك (بعيض) من التوجهات العامة، التي هي بعيدة تماما عن كونها مشاريع أو منهج متكامل ناجز.... منها مثلا الضريبة التصاعدية على الموارد، للتجار وبضائع القوافل، مثلا. وكذلك في توزيع الخراج من بيت المال على الناس، إضافة لحصول المقاتل المسلم على متاع القتيل. كما فرض النبي محمد قرار الخمس لآل البيت من كل مدخولات المسلمين.

وبسبب عدم وجود منهج إقتصادي في الفكر الإسلامي ، إتخذ الخلفية الراشدي الأول أبو بكر، طريقته، (هو بذاته تقريبا) ـ لتكون إقتصاد للمجتمع . فكان، مثلا، يحاول أن ينصف بعض الشيء الفقراء، لكنه كان، كذلك، يحابي القريشيين و المقربين في العطاء من بيت المال. و حصلت تململات هنا وهناك ضد هذا الوضع الإقتصادي غير الممنهج..... ولم يملك الضدان، الناس الفقراء من جهة، والخليفة أبو بكر ومن حوله، من جهة أخرى، أي سند إسلامي يؤيد أو يكون ضد هذا الطرف أو ذاك.

أما عند خلافة عمر بن الخطاب، فكان الوضع الإقتصادي الإجتماعي أساسا محزن. ورغم إن عمر بن الخطاب حاول كذلك أن يعطي شيئا لفقراء المسلمين ويرفع لحد ما من وضعهم الإقتصادي، إلا إنه أبتدع طريقة إقتصادية جديدة، [لم تكن في عهدي النبي محمد او أبو بكر]، فقد عمد عمر لتقسيم المجتمع الإسلامي الى طبقات وفئات و رتب عديدة، (بلغت حسب المؤخين المعنيين الى إثنتين وثلاثين رتبة !). وهذه التقسيمات تعني مقادير المدخول للعوائل التي يعطيها الخليفة للمسلمين من بيت المال.
فكانت أفضل الطبقات (المراتب) هي عوائل القريشيين، و تليها عوائل الصحابة و المقربين ، ثم عوائل الشهداء، ثم.... ثم عوائل الخزرج ثم عوائل الأوس أو عوائل الأنصار......الخ. و وفق ذلك كانت مقادير العطاءات (المداخيل) حسب رقم الطبقة (أو الرتبة) الإجتماعية التي صنفها عمر بن الخطاب نفسه. أفضل المداخيل تعطى للطبقة الأولى، وهم القرشيين، و أقل العطاءات ربما للخزرج أو الأوس أو الأنصار ؟! كان كثير من المسلمين يشعرون إن هكذا تقسيم طبقي فئوي بعيد عن العدالة بالنسبة لهم، فهو لا يعطي المداخيل حسب قيمة العمل والنتاج مثلا أو حسب الحاجة (عدد أفراد العائلة)، أو حسب التقوى و خدمة الناس أو حسب العمل الإسلامي.... فقد يكون القرشي بلا تقوى، وهو لص وقليل العيال ، لكنه يستلم من بيت ا لمال أكثر بكثير من خزرجي منتج تقي يقدم خدماته الكثيرة للناس وهو كثير العيال.
وهنا يتوضح سوء عدم وجود منهج إقتصادي واضح في الإسلام ينظر فيه ويناقشه الجميع ومن ثم يطبقه و يسير عليه الجميع.

وعندما جاء عثمان بن عفان للخلافة، لم يجد هو الآخر أمامه أي منهج إقتصادي إسلامي. هنا ترك عثمان طريقة عمر (الإقتصادية) وإستبدلها بوضع آخر. فقد عمد عثمان الى تقسيم المسلمين الى ما يشبه الطبقتين الإجتماعيتين، بدل الإثنتين والثلاثين طبقة الفاروقية. فقسم عثمان المسلمين الى الأقرباء والمحاسيب، الذين لهم الفيئ والأطيان و المواشي والسلطة، وبالتالي الرفاه الكامل.... بينما المسلمين الآخرين لهم الشحة والفقر والإهمال... لذا ثار عليه المسلمون أنفسهم و قتلوه بقساوة تامة (وجرت المأسي، بعدئذن، من جريرة قميص عثمان).
ثم جاء على بن أبي طالب للخلافة، و كان واضحا له كذلك عدم وجود منهج إقتصادي إسلامي، و كان قد عاين من سبقوه من الخلفاء الراشدين، فلم يجد في توجهاتهم الإقتصادية (الشخصية) ما يلبي طموحه و طموح الناس....فعمد الى أستحداث منهج ينصف الفقراء والمعوزين أكثر من ذي قبل، و يعدل بين الجميع، ولا يعطي لزيد دون عمرو، كما يقيم مطالب العوائل حسب إحتياجاتها.... هنا ناصره عامة الناس [خصوصا الفقراء] ورضيوا، لحد ما، بمنهجه الإقتصادي. لكن أغنياء القوم و زعماءهم و المتنفذين، (منذ عهود قبله)، لم يرتضوا منهجه الذي طبقه على الجميع بعدالة، بضمنهم على نفسه وأخيه عقيل.... و جرى ما جرى من تحريض و سوء ضد منهج العدالة هذا.

نخلص من هذا إنه بسبب أن الإسلام لم يحتوي في جوهره على منهج إقتصادي للتطبيق على المجتمع، لذا إختط النبي محمد و خلفاءه الأربعة من بعده، كل منهما منفردا، منهجا مختلفا عن الآخرين.

وإذا ما عاينا الفترة والخلافة الأموية، لتفحص مواردها و توجهاتها على الصعيد الإقتصادي والوطني العام، نجدها، قد إنغمست، مثل سابق الفترات الإسلامية الراشدية،، إلى المنحى التجاري والفتوحات – الحرب . ولتنظيم إقتصاد الناس، كانت الخلافة - ومنذ بدايتها- ، فيها شعرة معاوية هي المنهج والحكم، في السياسة والإقتصاد المجتمعي.....فمعاوية، هو الآخر، يعرف تماما إن ليس هناك منهج إسلامي إقتصادي، لا في فكر الإسلام نفسه ولا في حكم من سبقوه من الخلفاء. لذا كان [معاوية] يعطي و يرحم (إقتصاديا)، متى ما أصبح جوره وظلمه شديدا...... لذا، فهو [يرخي] (شعرته).... لـ يغدق و يتساهل، مؤقتا، في العطاء لتحسين إقتصاد الناس وتوفير شيئا من العيش الكريم لهم.... ومتى ما ضمن سكوتهم و قلة شكواهم، شد [معاوية] من (شعرته !!)، ومنع العطاء للناس، لكنه يغدقه على أعوانه و غوانيه... وهكذا سار حكم الخلفاء في الدولة الأموية فيما بعد بما يشبه ما خططه لهم معاوية (كبيرهم الذي علمهم السحر)، سواء من ناحية عدم وجود توجه إقتصادي إسلامي ممنهج، ومن ناحية الإسراف في الصرف على الملذات والأبهة على حساب حقوق الناس في بيت المال ، ولهؤلاء الناس، بعد ذلك، التقتير والبؤس والشقاء في العيش.

ولم تكن الخلافة العباسية بأفضل من سابقتها في أحوال منهجها الإقتصادي، موردا و حربا و توزيعا.... و كان الجوع والعوز و المرض يغزو الناس برمتهم عدا الذين يحيطون بالقصر ومن تشتد ألسنتهم بالمديح والقبول بالذل. فهؤلاء لهم الملذات و الثراء و الجواري والغلمان، وباقي الناس كلهم تراب. وهكذا منهج إقتصادي هو خاص كذلك، كون أن ليس ثمة منهجا إقتصاديا مكتوبا بالقرآن أو بالشريعة الإسلامية.... على إن الوضع الإقتصادي العام عند العباسيين يشابه،[ لحد ما]، الوضع الذي كانت عليه الدولة الأموية قبلا. بنفس الوقت كانت الخصلة الرائعة في الخلافة العباسية، هي التوجه الواعي لدفع التطور العلمي - الفلسفي العام للأمام، والذي إرتقت فيه بغداد عاليا.

وإذا ما عاينا حال الخلافات الأخرى، نرى أن الوضع الإقتصادي كان مزريا جدا، فيما بعد، مع الخلافة الفاطمية أو العثمانية. و لنفس الأسباب والمضامين الإجتماعية و السلوكية السابقة تقريبا.

لذا يمكن القول:على مدى فترات هذه الخلافات [جمع خلافة ؟!] كذلك، و منذ فترة بداية الإسلام وحكم الخلفاء الراشدين، لم يتبين وجود أي منهج إقتصادي إسلامي واضح، بل ما كان، فعلا، واضحا، هو التناقض و الخصام بين خلفاء [ دول الخلافات]، وهو الأساس، ذلك بسبب إن كل خلافة و دولة كانت ضد الأخريات....

قد يكون من المدهش حقا أن يفترض البعض، بل، وقد يعمل على توجيه أفكار الناس لوجود [ما يدعى] فلسفة إسلامية ؟! إذن يلزم القول: بأي معيار تقاس مثل هذه الفلسفة، والإسلام لم يضع، أصلا، حتى قاعدة أولى بسيطة لطريقة [بمنهج أو مشروع] لمعيشة الناس (إقتصاديا).....

الآن في زمننا الحالي - بعد الخلافة العثمانية – والى قرننا الحادي والعشرين، نجد إن كل الدول الإسلامية و العربية، لا تشترك مع بعضها في مناهج إقتصادية متشابهة، أي ما يدعى – بـ مناهج - إسلامية !. كما إن هذه الدول لا تحكم بمناهج إقتصادية من عندياتها.... بل إن قسم منها تسير وفق الإقتصاد الغربي وأخرى مع المختلط (؟!!) و غيرها مع غير المتجانس ومنها كذلك مع الإقتصاد العابث وغيرها مع التنوع غير الواضح، لكن ليس هناك ما يمكن أن يدعى إسلاميا..... لكون أن ليس هناك منهج إقتصادي إسلامي... ..

إذن لنقف ونتسائل بقوة: أي دولة خلافة يريد الخلافيون الإسلاميون أن يبنون ؟؟!! أليست أولى المبادئ والأساسيات لأقامة دولة إسلامية غير متوفرة....ثم، هل كانت هناك، في التأريخ، دولة خلافة إسلامية حقا للحذو حذوها ؟؟!!



#عدنان_يوسف_رجيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في العراق إنتفاضة شعب ومروق
- وإنتفض الشعب العراقي بجسارة
- صراع الشيعة والسنة الدائم وقدسية عائشة
- كواكب الكرات الأرضية
- العراق تحت مظلة تقسيم دولي بتنفيذ أداة داعش
- تداعيات عن إختفاء الطائرة الماليزية
- بعض الحقائق عن إختفاء الطائرة الماليزية
- القضية العراقية الراهنة وموقف المتآمرين
- هكذا هو البعث دائما ... أسد علي وفي الحروب نعامة
- القومية والدين - الظروف الموضوعية والذاتية
- إنه البعث الفاشي يا ناس - النظام السوري لا يترك السلطة
- هل توجد برامج في القرآن تلبي حاجات الإنسان
- الحضارات والتطرف القومي
- مظاهرات الحكام
- فاقد الشيئ لا يعطيه: الحكام العرب يفتقدون للوعي والمصداقية
- تغيير في مسيرة الشعب المصري
- الأوضاع العربية الحالية ومؤتمر القمة القادم في بغداد
- وسقط نظام بن علي الدكتاتوري الهش
- ملاحظات حول مبادرة السعودية في الشأن العراقي
- قيمة الإنسان في شيلي وفي منطقتنا العربية والإسلامية


المزيد.....




- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عدنان يوسف رجيب - مناقشة المنهج الإقتصادي في الإسلام