أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - نوري جاسم المياحي - الوداع .... الوداع














المزيد.....

الوداع .... الوداع


نوري جاسم المياحي

الحوار المتمدن-العدد: 5051 - 2016 / 1 / 21 - 10:11
المحور: سيرة ذاتية
    



من المعلوم ان الانسان مهما بلغ من عمر مديد وخبرة في الحياة وحكمة يبقى رهين العواطف والمشاعر الإنسانية ...فتراه ينهار داخليا لأي صدمة عاطفية بفراق عزيز او حبيب حتى لو كان متوقعا ..ففراق الاحبة صعب .. بالرغم من كونها مواقف طبيعية وحتمية في حياة كل انسان صغيرا او كبيرا ..
الموت هو خاتمة حتمية لكل حي ... والعاقل هو من يتقبله بالحمد والشكر ...الموت مؤلم وقعه وخبره للأحبة أكثر من الأموات أنفسهم ...فكم من عزيز ...نتمنى حبا له الموت ففي الموت له خلاص من عذابات المرض والامه ...وكم من طاعن في السن عاجز عن الحركة يتمنى الموت للخلاص من ذلة النوم في الفراش ...وطلب المساعدة من الاقربين له في الاكل والشرب وقضاء الحاجتين ...
ولكن هل يتقبل الانسان المحب تلقيه ببساطة خبر وفاة من يعزه ومن يحبه ...ابدا .. لا والف لا ..
في ساعة متأخرة من ليلة الامس ..وانا مستلقيا في فراشي بين اليقظة والمنام ..نزل علي ولدي الكبير فاستغربت نزوله في تلك الساعة ...ليعلمني ان فلان اتصل به هاتفيا ...وظهر على ولدي الحزن والتردد في اخباري محتوى الاتصال ولكنني قرأت الخبر في وجهه قبل ان ينطقه... وذلك خوفا علي الانهيار ومن وقع الخبر..
عندها انا بادر بسؤاله ... هل توفيت العلوية ام زكي ؟؟؟ ...اجابني بنعم ...وغدا ستنقل الى مثواها الأخير لتدفن ...وهنا وقعت في موقف لا احسد عليه ...فام زكي هي زوجة المرحوم اخي الكبير ... وكانت دائما تردد على مسامعي ...انها هي شاركت امي في ارضاعي ...وأذكر جيدا ..عندما أصبحت يتيما بموت ابي كنت صغيرا ..ولليتم اثار نفسيه لا يعرفها الا من عاشها ...ففقدان الاب في مرحلة الطفولة لا يعوض ..
عندها تولى رعايتي اخي الكبير فأحسن تربيتي بالرغم من كونه كان قاسيا ..ولولا حزمه وقسوته لما تحملت أعباء الحياة وقساوتها ولما أصبحت رجلا لا اهاب ظروف الحياة نكباتها ..وساعدته في ذلك زوجته العلوية ام زكي فشملتني بحنانها ورعايتها ...اي لعبت دور الام الثانية في مراحل معينة من حياتي ولاسيما تلك الفترات التي عشت فيها في بيت اخي ...
وكانت امي الحقيقية او من يطلق عليها الان الام البيولوجية أيضا فريدة في طيبتها وحنانها فكانت...مدرسة كاملة بالرغم من اميتها وكانت تعلمني القيم والأخلاق والعبر بالقصص والحكايات التي ترددها باستمرار على مسامعي...وهي كثيرة لاتعد ولا تحصى ...ومن هذه الحكم والدروس قولها في الوفاء ((نغل من ينكر فضل من رباه او ساعده او علمه ..))
وهنا وعند سماعي الخبر المؤلم لم أتمكن من حبس دموعي حزنا على وفاة العزيزة ام زكي ...وانا الكبير في السن والعاجز حتى عن القيام بواجب اصطحابها في رحلة الوداع النهائية في تشيعها وتنزيلها في قبرها كما يقتضي الواجب علي ...ولا سيما وان الكثير من ابناءها وبناتها واحفادها وأطفال احفادها ونسبانها وهم كثر موزعين بعيدا في مختلف اصقاع الأرض مهاجرون ..
وكم تألمت لشعوري بعجزي وانا اكبر من بقي حيا في العائلة من ان اودع اعز انسانة في حياتي بعد امي ...هذه الانسانة التي عشت معها او قريبا منها عقودا طويلة من العمر ...تفارقني وانا عاجز عن القاء اخر تحية على جثمانها ..وفي الوداع الأخير ...
هذا الانسانة الطيبة ..الحنونة على الجميع ...التي تحملت بصبر واناة كغيرها من الأمهات العراقيات البطلات والصبورات والحنينات ..فهي في نظري كانت قديسة مجاهدة تحملت نكبات الحياة وتعاستها ....ومع هذا لا اذكر يوما انها اغضبت أحدا ...او زعلت على احد صغيرا او كبيرا ..او زعل منها احد ..
فوداعا لك يا ام زكي ...واذهبي الى ربك راضية مرضية ..وكل الكلمات التي اكتبها عاجزة عن الوفاء بحقك ...فاعذريني على تقصيري بحقك ..ولا اظن انك تلوميني فاللوم يقع على بؤس الحياة وتعاستها فليس كل ما فيها جميل وسعيد ..
انني الان كانسان حي وفي هذه اللحظات أتذكر بحزن وألم كل مواقفك النبيلة ولا اذكر يوما وانت الان في ذمة الخلود ولا تسمعين كلماتي ..انك لم تقصري معي ...والنغل من ينكر ذلك كما علموني اهلي العراقيين ...اذهبي الى خالقك وبسلام ...
وانا اعدك بانني سألحق بك ولو انني لا ادري متى ..ولكن بالتأكيد سأتبعك والحق بك وبمن احب فانا بانتظار سماع صفارة القطار ليعلن دخوله محطة الوداع الأخير في حياتي ..وعسى ان نلتقي في مكان افضل وفي زمان افضل ...ان رحمنا ربنا ...فرحمته وسعت كل شيء...
وانا لله وانا اليه راجعون ..
اللهم احفظ العراق وأهله أينما حلوا او ارتحلوا



#نوري_جاسم_المياحي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ظاهرة اغتصاب الأطفال والتحرش الجنسي
- قصة يتيم عراقي في مهب الريح
- رعاية الايتام ضمانة مجتمعية
- أردوغان يتحدى وبوتن يقبل التحدي ..فمن سيربح ؟؟
- مفهوم الصلافة او الوقاحة السياسية
- ظاهرة اللصوص الصغار
- اللعب الخطر بدأ الان على المكشوف
- معاناة الشعوب سببه النفاق السياسي
- الدينار العراقي عنوان عزتنا ولكن ؟؟؟
- معالم الانتحار السياسي في العراق
- الاغتيال السياسي ليس حلا
- ولكم في الموت عبرة يا اولي الالباب
- عراقنا سيد بلا سيادة
- منطقتنا العربية حبلى وستلد ثعابين
- غبي من لا يستفيد من دروس التاريخ
- متى يستيقظ ضمير الساسة الامريكان والحكام العرب ؟؟
- لا تطلب الإصلاح في غير اهله
- الاصلاح السياسي لايتحقق بتكرار الاخطاء
- الفقير منين يجيب الرشوة يا خلق الله ؟؟
- ياساستنا الفطاحل. ما هكذا تمتصون نقمة الشعب


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - نوري جاسم المياحي - الوداع .... الوداع