أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد صالح الطحيني - نشأت الأديان















المزيد.....

نشأت الأديان


محمد صالح الطحيني

الحوار المتمدن-العدد: 5045 - 2016 / 1 / 15 - 12:29
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


- الدين عند السومريين

مجمع الآلهة السومرية - طعام الآلهة - الأساطير - التعليم - صلاة سومرية - عاهرات المعابد - حقوق المرأة - أدهنة الشعر والوجوه


نشر أور- أنجور في البلاد شرائعه باسم الإله الأعظم شمش، ذلك أن الحكومة سرعان ما رأت ما في الالتجاء إلى الدين من فوائد سياسية.
فلما أن أصبح الآلهة ذوي فائدة من هذه الناحية تضاعف عددهم مراراً حتى أصبح لكل مدينة، ولكل ولاية، ولكل نوع من النشاط البشري، إله موح مدبر. وكانت عبادة الشمس قد تقادم عهدها حين نشأت بلاد سومر، وكان مظهرها عبادة شمس "نور الآلهة" الذي كان يقضي الليل في الأعماق الشمالية حتى يفتح له الفجر أبوابه فيصعد في السماء كاللهب ويضرب بعربته في أعماق القبة الزرقاء. ولم تكن الشمس إلا عجلة في مركبته النارية. وشيدت مدينة نبور المعابد العظيمة للإله إنليل ولصاحبته ننهيل، وأكثر ما كانت تعبد أوروك إلهة أنينى العذراء إلهة الأرض والمعروفة لدى أهل أكد الساميين باسم إستير، والتي تشبه عند أهل الشرق الأدنى أفرديتى- دمتر الفاجرة الغمليجة عند الغربيين. وعبدت مدينتا كش ولكش أمّاً لهما حزينة هي الإلهة ننكر ساج التي أحزنها شقاء البشر فأخذت تشفع لهم عند الآلهة الذين كانوا أشد منها قسوة ؛ وكان ننجرسو إله الريّ و"ربّ الفيضانات". وكان أبو أو تموز إله الزرع؛ وكان سِنْ إله القمر، وكانوا يمثلونه في صورة إنسان يعلو رأسه هلال أشبه شيء بالهلالات التي تحيط برؤوس القديسين في العصور الوسطى؛ وكان الهواء كله في زعمهم مملوءً بالأرواح- منها ملائكة خيرين لكل سومر ملك منهم يحميه، ومنها أرواح خبيثة أو شياطين تعمل جاهدة لطرد الروح الخيرة الواقية وتقمص جسم الآدمي وروحه.
وكانت كثرة الآلهة تسكن المعابد حيث يقرب لها المؤمنون القرابين من مال وطعام وأزواج، وتنص ألواح جوديا على الأشياء التي ترتاح لها الآلهة وتفضلها عن غيرها، ومنها الثيران، والمعز، والضأن، واليمام، والدجاج، والبط، والسمك، والبلح، والتين، والخيار، والزبد، والزيت، والكعك. ولنا أن نستدل من هذا الثبت على أن الموسرين من أهل البلاد كانوا يتمتعون بالكثير من أصناف الطعام؛ ويلوح أن الآلهة كانوا في بادئ الأمر يفضلون لحم الآدميين فلما ارتقى أخلاق الناس لم يجدوا بدا من الاقتناع بلحم الحيوان.
وقد عثر في الخرائب السومرية على لوح نقشت عليه بعض الصلوات وجاءت فيها هذه النذر الدينية الغريبة: "إن الضأن فداء للحم الآدميين، به افتدى الإنسان حياته" ، وأثرى الكهنة من هذه القرابين حتى أصبحوا أكثر الطبقات مالاً وأعظمها قوة في المدن السومرية، وحتى كانوا هم الحكام المتصرفين في معظم الشئون، حتى ليصعب علينا أن نحكم إلى أي حد كان الباتيسى كاهنا- وإلى أي حد كان ملكاً.
فلما أسرف الكهنة في ابتزاز أموال الناس نهض أوروكاجينا كما نهض لوثر فيما بعد، وأخذ يندد بنهمهم وجشعهم، ويتهمهم بالرشوة في توزيع العدالة، وبأنهم يتخذون الضرائب وسيلة يبتزون بها من الزراع والصيادين ثمرة كدهم. وأفلح وقتا ما في تطهير المحاكم من هؤلاء الموظفين المرتشين الفاسدين، وسن قوانين لتنظيم الضرائب والرسوم التي تؤدى للمعابد، وحمى الضعفاء من ضروب الابتزاز، ووضع الشرائع التي تحول دون اغتصاب الأموال والأملاك. لكن العالم كان قد عمر حتى شاخ، وتأصلت فيه الأساليب القديمة التي غشاها الزمان بشيء من التبجيل والتقديس.
واستعاد الكهنة سلطانهم بعد موت أورو- كاجينا كما استعادوا سلطانهم في مصر بعد موت إخناتون؛ ذلك أن الناس لا يترددون في أن يؤدوا أغلى الأثمان لكي يعودوا إلى ما خطته لهم أساطيرهم؛ وكانت جذور الأساطير الدينية حتى في ذلك العهد السحيق قد أخذت تتأصل في العقول. ومن حقنا أن نفترض أن السومريين كانوا يؤمنون بالحياة الآخرة، لأن الطعام والأدوات كانت تدفن مع الموتى في القبور ، ولكنهم كانوا يصورون الدار الآخرة، كما صورها اليونان من بعدهم، عالماً مظلماً تسكنه الأطياف التعسة ويهوى إليه الموتى أياً كان شأنهم من غير تمييز بينهم.
ولم تكن فكرة الجنة والنار والنعيم الدائم والعذاب المخلد، قد استقرت بعد في عقولهم، ولم يكونوا يتقدمون بالصلاة والقربان طمعا في "الحياة الخالدة"، بل كانوا يتقدمون بهما طمعاً في النعم المادية الملموسة في الحياة الدنيا. وتصف إحدى الأساطير المتأخرة كيف علمت إي إلهة الحكمة أدابا حكيم إريدو جميع العلوم، ولم تخف عنه من أسرارها إلا سراً واحداً- هو سر الحياة الأبدية التي لا تنتهي بالموت. وتقول أسطورة أخرى أن الآلهة خلقت الإنسان منعما سعيدا، ولكنه أذنب وارتكب الخطايا بإرادته الحرة، فأرسل عليه طوفان عظيم عقاباً له على فعله، فأهلك الناس كافة ولم ينج منه إلا رجلاً واحد هو تجتوج الحائك، وأن تجتوج هذا خسر الحياة الخالدة والعافية لأنه أكل فاكهة شجرة محرمة.
وكان الكهنة يعلمون الناس العلوم ويلقنونهم الأساطير، وما من شك في أنهم كانوا يتخذون من هذه الأساطير سبيلاً إلى تعليم الناس ما يريدونه هم، وإلى حكمهم والسيطرة عليهم. وكانت تلحق بمعظم الهياكل مدارس يعلم فيها الكهنة الأولاد والبنات الخط والحساب، ويغرسون في نفوسهم مبادئ الوطنية والصلاح، ويعدون بعضهم للمهنة العليا مهنة الكتابة. ولقد بقيت لنا من أيامهم الألواح المدرسية وعليها جداول للضرب والقسمة، والجذور التربيعية والتكعيبية، ومسائل في الهندسة التطبيقية.ويستدل من أحد الألواح المحتوية على خلاصة لتاريخ الإنسان الطبيعي على أن ما كان يتلقاه أطفال ذلك العهد من هذا العلم لم يكن أسخف كثيرا مما تلقاه أبناؤنا في هذه الأيام. فقد جاء في هذا اللوح: "إن الإنسان في أول خلقه لم يكن يعرف شيئاً عن خبز يؤكل أو ثياب تلبس، فكان الناس يمشون منكبين على وجوههم، يقتلعون الأعشاب بأفواههم ليقتاتوا بها كما تقتات بها الأغنام، ويشربون الماء من حفر في الأرض".
ومن أعظم الشواهد الناطقة بما بلغه من هذا الدين- وهو أول الأديان التي عرفها التاريخ- من نبل في التعبير والتفكير، ذلك الدعاء الذي يتضرع به الملك جوديا للإلهة "بو" راعية لكش ونصيرتها:
أي ملكتي، أيتها الأم التي شيدت لكش
إن الذين تلحظينهم بعينيك ينالون العزة والسلطان، والعابد الذي تنظرين إليه تطول حياته؛ أنا ليس لي أُم- فأنت أمي ، وليس لي أب- فأنت أبي... ؛
أي إلهتي بو؟ إن عندك علم الخير، وأنت التي وهبتني أنفاس الحياة، وسأقيم في كنفك أعظّمك وأمجّدك، واحتمي بحماك يا أُمّاه .

وكان يتصل بالهياكل عدد من النساء منهن خادمات، ومنهن سراري للآلهة أو لممثليهم الذين يقومون مقامهم على الأرض؛ ولم تكن الفتاة السومرية ترى شيئا من العار في أن تخدم الهياكل على هذا النحو، وكان أبوها يفخر بأن يهب جمالها ومفاتنها لتخفيف ما يعتري حياة الكاهن المقدسة من ملل وسآمة؛ وكان يحتفل بإدخال ابنته في هذه الخدمة المقدسة، ويقرّب القرابين في هذا الاحتفال، كما كان يقدم بائنة ابنته إلى المعبد الذي تدخله.
وكان الزواج قد أصبح وقتئذ نظاماً معقداً تحوطه شرائع كثيرة. فكانت البنت إذا تزوجت تحتفظ لنفسها بما يقدمه أبوها من بائنة ؛ ومع أن زوجها كان يشترك معها في القيام بهذه البائنة، فقد كان لها وحدها أن تقرر من يرثها بعد وفاتها . وكان لها من الحقوق على أولادها ما لزوجها نفسه، وإذا غاب زوجها ولم يكن لها ابن كبير يقيم معها كانت تدير هي المزارع كما تدير البيت. وكان لها أن تشتغل بالأعمال التجارية مستقلة عن زوجها ، وأن تحتفظ بعبيدها أو أن تطلق سراحهم. وكانت تسمو أحياناً إلى منزلة الملكة كما سمت شوب- آد وتحكم مدينتها حكماً رحيماً رغداً قوياً. غير أن الرجل كان هو السيد المسيطر في الأزمات جميعها وكان من حقه في بعض الظروف أن يقتل زوجته أو يبيعها أمة وفاء لما عليه من الديون. وكان الحكم الأخلاقي على الرجل يختلف عن الحكم الأخلاقي على المرأة حتى في ذلك العهد السحيق، وكان ذلك نتيجة لازمة لاختلافهما في شئون الملكية والوراثة. فزني الرجل كان يعد من النزوات التي يمكن الصفح عنها، أما زني الزوجة فكان عقابه الإعدام ، وكان ينتظر منها أن تلد لزوجها وللدولة كثيرا من الأبناء؛ فإذا كانت عاقرا جاز طلاقها لهذا السبب وحده، أما إذا كرهت أن تقوم بواجبات الأمومة، فكانت تقتل غرقاً. ولم يكن للأطفال شئ من الحقوق الشرعية، وكان للآباء إذا تبرءوا منهم علناً أن يحملوا ولاة الأمور على نفيهم من المدينة.
غير أن نساء الطبقات العليا كن يحيين حياة مترفة، وكان لهن من النعم ما كاد يعدل بؤس أخواتهن الفقيرات، شأنهن في هذا شأن النساء في جميع الحضارات. فالأدهان والأصباغ والجواهر من أظهر العاديات في المقابر السومرية وقد كشف الأستاذ ولي في قبر الملكة شوب- آد عن مدهنة صغيرة من دهن أزرق مشرب بخضرة، وعلى دبابيس من ذهب رؤوسها من اللازورد، كما عثر أيضا على مثبنة عليها قشرة من الذهب المخرم. وقد وجد في هذه المثبنة التي لا يزيد حجمها على حجم الخنصر ملعقة صغيرة لعلها كانت تستخدم في أخذ الصبغة الحمراء من المدهنة. وكان فيها أيضا عصا معدنية يستعان بها على ملوسة الجلد، وملقط لعله كان يستعمل لتزجيج الحاجبين أو لنزع ما ليس مرغوبا فيه من الشعر. وكانت خواتم الملكة مصنوعة من أسلاك الذهب وكان أحدها مطعما بفصوص من اللازورد، وكان عقدها من الذهب المنقوش واللازورد. وما أصدق المثل القائل أنه لا جديد تحت شمس وأن الفرق بين المرأة الأولى والمرأة الأخيرة ليتسع له سم الخياط.

يتبع الدين عند المصريين القدماء



#محمد_صالح_الطحيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أخلاق الجنس
- الزواج
- الفن
- العلوم
- الآداب
- مهام الدين الخلقية
- طرائق الدين
- المعبودات الدينية
- نشوء الاديان
- المجنون6
- اعتدت
- عندما تبكي السماء
- أعمى
- الروائي المصري إدوار خراط
- دعيني ....
- المجنون 6
- أتسألين ...؟!
- سادية
- حكاية من عالم القطط
- المجنون 5


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
- المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس ...
- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...
- الأرجنتين تطلب توقيف وزير الداخلية الإيراني بتهمة ضلوعه بتفج ...
- هل أصبحت أميركا أكثر علمانية؟
- اتفرج الآن على حزورة مع الأمورة…استقبل تردد قناة طيور الجنة ...
- خلال اتصال مع نائبة بايدن.. الرئيس الإسرائيلي يشدد على معارض ...
- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد صالح الطحيني - نشأت الأديان