أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فخر الدين فياض - عراقة الديموقراطية في أوروبا ..كيف نفهمها















المزيد.....

عراقة الديموقراطية في أوروبا ..كيف نفهمها


فخر الدين فياض
كاتب وصحفي سوري

(Fayad Fakheraldeen)


الحوار المتمدن-العدد: 1372 - 2005 / 11 / 8 - 11:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في خبر مثير تناقلته وسائل الإعلام العالمية يتحدث عن حوارية جرت بين طوني بلير وأرييل شارون على هامش مؤتمر القمة العالمي الذي انعقد مؤخراً في نيويورك..
يقول الخبر أن طوني بلير دعا شارون لزيارة رسمية إلى بريطانيا من أجل توطيد العلاقات الثنائية وتحسينها بين البلدين، وعلى سبيل (المكافأة) لإسرائيل بعد انسحابها من غزة، وهو أمر مفهوم دبلوماسياً ويعني الكثير بالنسبة لمصالح دولة مثل إسرائيل.
إن بريطانيا التي تمثل مرتكزاً عالمياً في السياسات الدولية قادرة باستمرار على منح الدول الصغيرة شرعية عالمية، والأهم تحسين الحياة الاقتصادية لهذه الدول حين تنال (الرضا) الدولي.
إلا أن شارون (اعتذر) عن هذه الزيارة قائلاً حسب صحيفة (يديعوت أحرونوت): إن السجون البريطانية قاسية جداً ولا أحبذ أن أجد نفسي فيها!! وأردف شارون موضحاً لبلير أن هناك مذكرة استجواب بحقه صادرة عن القضاء البريطاني بتهمة ارتكاب مجازر حرب ضد الفلسطينيين وهي مذكرة ستقوده إلى السجن حتماً!!
ولم يستطع بلير الذي يتبوأ أعلى منصب في بريطانيا أن يطمئن شارون أو يوفر له أقل حماية إذا ما زار الأخير بلاده!
ومعروف أن الجنرال الإسرائيلي (دورون الموغ) قبل أن يصل إلى مطار هيثرو في لندن على متن طائرة إسرائيلية تلقى اتصالاً هاتفياً من السفارة الإسرائيلية وهو في الجو مفاده أنه إذا هبط من الطائرة على الأرض البريطانية فإن السلطات ستعتقله بتهمة ارتكاب جرائم حرب إثر قصف جوي على غزة عام 2002 قتل على إثره خمسة عشر فلسطينياً… وظل الجنرال ألموغ داخل الطائرة إلى أن أقلعت ثانية من لندن نحو تل أبيب!!
الموضوع ـ بريطانياً ـ لا يحمل أية مفارقة.. فالقانون سيد ومطلق الصلاحية، ونصوصه أوضح من التأويل ولا يحتمل (شطارة وفهلوة) على الطريقة العربية (بتاع كله).
إلا أن المفارقة التي تدهشنا نحن العرب هي أن المحاكم البريطانية تقاضي شارون وجنرالاته لقضايا لا تتعلق بأمن أوروبا.. وإنما لقضايا تتعلق بالعرب الفلسطينيين تحديداً.. في الوقت الذي لن يجرؤ نظام عربي (طبّع أم لم يطبّع) حتى على التفكير بمثل هذه المحاكمة.. وإنما على العكس تنهال دعوات (الكرم والضيافة) العربيين على شارون ووزرائه من القادة والحكومات العربية أكثر بما لا يقاس من الدعوات بين الدول (الشقيقة) بدءاً من مصر والأردن إلى ليبيا وتونس وقطر… فضلاً عن الدعوات الخجولة التي لن تلبث بعد قليل أن تظهر علانية وبالفم الملآن: أهلاً شارون!!

وفي معيار المصلحة ليس لبريطانيا أية فائدة في معاداة إسرائيل (كرمى لعيون العرب) وإنما الموضوع يتعلق بالقانون فقط.. القانون الذي لا يجرؤ صاحب أكبر منصب في البلاد على خرقه!!
المصلحة البريطانية العليا هي في سيادة القانون أولاً، وهو الأمر الذي يصعب علينا فهمه نحن شعب (الشطارة والفهلوة والمحسوبية)!!
من جهة ثانية بريطانيا هي بلد محتل لجزء من تراب العرب وقامت بعملية غزو كلفت العراقيين الكثير من القتلى والجرحى وخسائر اقتصادية لا تعوض.. وما تزال، والعالم يتحدث اليوم عن همجية الجندي البريطاني (بمعية) الأميركي في بغداد والموصل والبصرة.
وإن أردنا أن نكمل الصورة فإن لندن قد شهدت أكبر مسيرة في العالم ضد الحرب على العراق، والتي ضمت معظم التيارات السياسية والفكرية والثقافية والاجتماعية (بالطبع في بريطانيا لا يتم حشد طلاب المدارس والعسكر والمخابرات داخل المسيرات).. ولو جمعنا عدد الذين تظاهروا من العرب منذ بداية غزو العراق حتى اليوم، فإنهم لن يصلوا إلى حجم مسيرة واحدة شهدتها لندن ذات يوم وعبرت عن رفضها للسياسات الاستعمارية التي ينتهجها طوني بلير وجورج بوش بما تعنيه من خرق لحقوق الإنسان وانتهاك سيادة الآخرين على أرضهم.
هل من سبيل لفهم هذه المفارقة؟!..
إن لندن تعيش تفجيرات إرهابية لا تميز بين طفل وامرأة ورجل.. الجميع أبرياء ولا ذنب لهم سوى أنهم يقيمون في بريطانيا، محطات لنقل المدنيين وسط لندن تنفجر بأهلها… واستنفار للشرطة البريطانية والمجتمع يعيش حالة من الطوارىء… وفي لحظة ما يقتل شاب ذو ملامح عربية يحمل حقيبة على ظهره ويرفض الامتثال لأوامر الشرطة ثم يطلق ساقيه للريح، والشرطة التي تعيش قلق ورعب التفجيرات تطلق النار عليه وترديه قتيلاً.
ومع ذلك يخرج قائد شرطة لندن بعد أيام ليقدم استقالته ويعتذر من الشعب البريطاني أولاً ثم الشعب البرازيلي وعائلة الشاب الذي قتل خطأ!
بينما نحن العرب ننسف (بناية) إذا لم يمتثل قاطن مسلح لأوامرنا ونعلن حالة الطوارىء في عز السلم.. ونمارس إرهاباً ضد كل من لا يقولها (نعم) بصوت عالٍ، ونعتقل الأبرياء بالجملة.. ولم نسمع أن (شرطياً) عربياً ذات يوم قدم استقالته أو اعتذر عن (فاحشة).. فضلاً عن رئيس فرع أو قائد شرطة أو وزير!!
يصور البعض الديمقراطية وكأنها مصنع يخترع ملائكة: حرية رأي وتعبير.. حقوق إنسان.. سلام وتعاون… الأمم الكبيرة والمتحضرة بمثابة (أم) رحوم للبلدان الصغيرة والقوميات التي لم تستطع بناء دولة الأمة… وإلى آخر هذه التعبيرات التي حاول البعض إيجازها بتعريف الديمقراطية بأنها: منع أية ظاهرة استبدادية داخل وخارج المجتمع..

وقد يكون هذا التوصيف بالمعنى النسبي صحيحاً أو بالمعنى (الإرادوي) الذي يطمح إلى الوصول بموضوعة الديمقراطية نحو مستوى عال من التحضر والسلام الإنسانيين.
إلا أن الواقع للأسف ليس كذلك!!
الديمقراطية تعطي لكل الأفراد والجماعات والكتل بكافة اتجاهاتها الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية حرية التعبير عن نفسها ضمن ما يسمى (السقف القانوني)، والعالم اليوم يمتلىء بصراعات تتعلق أولاً بالاقتصاد والهيمنة عبر حكومات أو شركات خاصة (عابرة للقارات) أصبحت تلعب دوراً أكبر بما لا يقاس من دور كثير من حكومات العالم.
صناعة النفط، صناعة السلاح، صناعة (تشكيل) وخلق أسواق جديدة وبحث عن مصادر الطاقة… وإلى آخر هذه التكتلات الضخمة التي استطاعت أن تثبت في قلب العالم مثل جزر ضخمة لا يمكن تجاوزها دون الوقوف طويلاً أمام الضريبة العالمية التي تدفعها المجتمعات الإنسانية، خصوصاً تلك التي ما زالت تعيش (قلاقل) سياسية وتحولات ديموغرافية ولم تصل بعد إلى مرحلة الدولة، فضلاً عن دولة الأمة..
هناك جزء كبير من العالم الصناعي أو ما بعد الصناعي ينظر إلى الدول المتخلفة والتي يطلق عليها أحياناً تعبير ـالدول الناميةـ (درءاً لجرح مشاعر شعوبها)!! إنها مجتمعات تشكل عالة على الدول المتقدمة في أوروبا وأميركا ولا يستطيعون رؤيتنا إلا مجتمعات استهلاكية غير منتجة، نعلق حياتنا بكليتها على إنتاجية الآخرين وتقدمهم الحضاري..
ولو سئلنا: ماذا نقدم للعالم اليوم؟! لانتابتنا (كريزة) خجل وهرولنا باتجاه أقرب كومة رمل في صحرائنا الواسعة لندفن رؤوسنا بها!!
ومع ذلك ما زلنا ننتظر ونطالب (الآخر) بأن يقدم لنا كل احتياجاتنا دون أية محاولة للنهوض من جانبنا.. وكأن العالم الحضاري مطلوب منه اليوم أن يقدم لنا الحريات العامة مع سيارة الفورد مثلاً، وأن يقدم لنا أراضينا المحتلة معلبة مثلما يقدم لنا علب (المارلبورو) والجبنة الهولندية، وأن يقدم لنا وحدتنا الوطنية مع تلفزيون سوني أو مكيفات توشيبا!! ويبعث لنا الديمقراطية عبر البريد الالكتروني لننعم بربوعها الخضراء المسالمة، فضلاً عن (طرد) يحمل قانون أحزاب حضاري، وقانون مطبوعات يليق بالبشر وبرلمان يعبر عن طموحات الوطن و… (بوليس) لا ينزل بهراواته على رؤوس النساء لأنهن تجرأن وفكرن بإنجاب طفل لا يحب العسكر أو الأحزاب أو العقائد ذات اللون (الكاكي)!.
وإذا لم يفعل العالم كل ذلك.. فإننا نتهمه بالانحياز وعدم المساواة ونشكك بديمقراطيته وعقلانيته الكاذبة والمنافقة، ونعلن الحرب والقطعية على هذا العالم الذي لا يرى مصالحنا وحضورنا الكوني!!
هل من سبيل لفهم إشكالية الديمقراطية؟!!

إذا استطعنا أن نفهم ما معنى صرف مليارات الدولارات على صناعة السلاح ومليارات توازيها على الإبداع الفكري في الولايات المتحدة آنذاك قد نستوعب هذه الإشكالية ونستطيع فهم (روح) لندن التي أرسلت آلاف الجنود لغزو العراق وفي الوقت نفسه خرج الملايين إلى الشوارع رفضاً لهذا الغزو الأحمق؟!!..



#فخر_الدين_فياض (هاشتاغ)       Fayad_Fakheraldeen#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعارضة السورية ..احذروا تقرير ميليس
- تقرير ميليس ..دمشق بعد بغداد
- -!!مشروع الإصلاح العربي بين طغاة -التقدمية-..وطغاة -السلف ال ...
- الدجيل ..الآن
- زغرودة ..قصة قصيرة
- ماذا يقول الشهداء ..للدستور؟
- الحالم ..قصة قصيرة
- أبو محلوقة..!!القصة الفائزة بالمركز الأول في مهرجان المزرعة ...
- هدى ..ذبيحة ما ملكت إيمانكم
- فهرنهايت.. والفحش الثقافي العربي
- طفولة ..قصة قصيرة
- الجنرال ..قصة قصيرة
- طفولة ..إلى حلم لم تعشه هدى أبو عسلي ..وفتيات بلدي
- بغداد 2005 لحمي على الحيطان لحمك ..ياابن أمي
- ذاكرة ...قصة قصيرة
- فرسان الطاولة المستديرة ..والفيدرالية
- حوار مع حسن عبد العظيم الناطق باسم التجمع الوطني الديموقراطي ...
- الإصلاح التاريخي ..سوريا إلى أين؟
- !!( الديموقراطية أولا وإلا ..(كش مات
- اللهم أنقذنا من (إنسانية) جورج بوش !!


المزيد.....




- بالتعاون مع العراق.. السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية ...
- مسؤول إسرائيلي حول مقترح مصر للهدنة في غزة: نتنياهو لا يريد ...
- بلينكن: الصين هي المورد رقم واحد لقطاع الصناعات العسكرية الر ...
- ألمانيا - تعديلات مهمة في برنامج المساعدات الطلابية -بافوغ- ...
- رصد حشود الدبابات والعربات المدرعة الإسرائيلية على الحدود مع ...
- -حزب الله-: استهدفنا موقع حبوشيت الإسرائيلي ومقر ‏قيادة بثكن ...
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- طعن فتاة إسرائيلية في تل أبيب وبن غفير يتعرض لحادثة بعد زيار ...
- أطباق فلسطينية غيرتها الحرب وأمهات يبدعن في توفير الطعام


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فخر الدين فياض - عراقة الديموقراطية في أوروبا ..كيف نفهمها