أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بير رستم - الأنثى والشعر














المزيد.....

الأنثى والشعر


بير رستم
كاتب

(Pir Rustem)


الحوار المتمدن-العدد: 5026 - 2015 / 12 / 27 - 17:37
المحور: الادب والفن
    




كتب الكثير – وما زال يكتب – شعراً ونثراً عن الأنثى وعشقها إلى درجةً يشعر المرء بالخوف والفراغ والجدب من دون هذا المخلوق الشفاف والنوراني ويتساءل: لولاها ولولا طيفها وعبقها الرباني ولولا عشتار وخصوبتها، ما كان لون الحياة، بل هل كان للحياة والطبيعة لوناً وجمالاً بالأساس. بل هل كانت هناك شيء أسمها الحياة من دونها ودون طغيانها وجبروتها العشقي هذا؛ حيث منها وبها بدأت – وتبدأ دائماً – الانفجارات الجسدية والكونية الكبرى لتولد ملايين البراكين هنا وهناك وتبدأ السيول الجارفة الحارقة في رواء الوديان السحيقة العطشى وتبدأ البراعم بالتفتح وتكون الولادات؛ ولادة الرب والإنسان والحياة معاً.

تُحدِثنا كتب التاريخ؛ إنها (الأنثى) كانت الرب والإلهة قبل أن يطيح بها الذكر عن عرشها ليستولي على مكانها دون مكانتها لتبقى هي سيدة القلوب وملكتها ويبقى الرجل – الذكر عبداً خانعاً ذليلاً في محرابها المقدس، نعم.. هذا ما يذكرنا بها معابدها وتماثيلها التي عبدت وسجدت لها قديماً. أما كتب الشعر والعشق فما زالت تروي قصص وحكايات عشقها وأفروديتها وعن جمالها وخصوبتها التي أعطت الحياة معنى الوجود ومعنى المعنى. ولكن وبعد هذا التاريخ الطويل من حكايات الشعر والجمال والحب والأنثى، هل يمكن للشاعر أن يرمي بعدته وعتاده ويستريح مكتفياً بما دونه وسطره في تلك القواميس والدواوين، أما ما زال أمامه الكثير ليقدمه لهذا الكائن الملائكي مكفراً بذلك عن ذنوب وخطايا أجداده الذين أطاحوا بعرش الأنثى ومملكتها.

إن المجموعة التي بين أيدينا (أرواح تائهة) للشاعر الشاب (أحمد عثمان) هي محاولة أخرى على هذا الدرب؛ درب جلجلة الشائك والمدمي وذلك تكفيراً وابتهالاً؛ تكفيراً عن ذنوب الأجداد وابتهالاً وتقرباً لمحراب جسد الأنثى والعبادة لها وبها معاً حيث ينبوع الكينونة والوجود، الولادة والموت في الآن ذاته. وما يميز هذه المجموعة هي جرأتها و(وقاحتها) العارية ومن دون الرتوش وذلك بتطرقه لمواضيع العشق والجسد والإله الأنثى ونادراً الوطن وقضاياه وأعياده وأيديولوجياته. وقد نحى (أحمد عثمان) في التعبير عن خلجات وغليان الجسد دروب القدماء والمدارس الكلاسيكية من بحور وسجع وتنميقٍ في الكلام ولكن من دون أن يقلد أو يسطح مواضيعه، بل عرف كيف يزاوج بين جرأة الحداثة في المواضيع ورزانة الأسلوب الكلاسيكي، وهذا ما أضاف إلى مجموعته خصوصية أخرى. وإننا نورد المقطع الشعري التالي نموذجاً عن جرأته في تناول المواضيع، وإن لم يكن الأكثر شغباً وإثارةً في المجموعة.

اذكريني حينما أموت وحين أصلي
فربما في صلاتي إلى الله
تدركين ما معنى أنا
فتضاءُ يوماً عليَّ الشموع
لأبحث في ملامح وجهك حينها
عن محمد وعن يسوع
فتعثرين على روحي التائهة
وتحظى روحي بهذا القمر
أتراني نسيت أن أجعل من خصلاتك شهبا
تضيء عليَّ طريق آثامي
وتُؤنسُ سكْرتي وقت السحر
أتراني نسيت أن أجعل من عينيك معبدي
وأبني بجانب ثغرك مذبحا للرب
أتَمسَّحُ على عتباتها

جانبٌ آخر يتناوله الشاعر (أحمد عثمان) في مجموعته (أرواح تائهة) ألا وهو الإرث والمورث الثقافي الاجتماعي بما يتضمنه من عادات وأعراف اجتماعية قبلية والحكم على الأنثى بأنها (الضلع القاصر) وتكبيلها بقيد الشرف و(غشاء البكارة) وكأن الشرف لها وبها تفتقد ومن دون أن يكون للذكر نصيبٌ منها، والمقطع التالي يتناول الموضوع بتلك الجرأة المعهودة لدى جيل الشباب عامةً والمعروف عنها التمرد والثورة على كل القيم الأخلاقية (البائدة)، فها هو يكتب:

أرجوكَ قفْ مكانك لا تقتربْ
أخاف على ذاك الغشاء
أخاف على ذاك الذي من أجله أُنتهك

.. أخاف إن اقتربت
أن ترقبني بعض العيون

أتريد أن أغدوا أمامهم يوما
إنسانة فاجرة..

وهكذا فلا مفر من الاعتراف بالواقع والبيئة الموبؤة والمكبلة للطاقة الكامنة في الجسد والروح والمقيدة للحركة وحرية المعنى والوجود وبالتالي عليك العمل على السطح والقشور ودون الخوض في الأعماق الإنسانية، لكن روح الشاعر (قلمه – كلمته) والمعروفة عنها التمرد والثورة على كل ما هو غير إنساني ومكبلٌ لها تأبى أن ترضخ لهكذا واقع وشروطها وبالتالي تحاول أن تخترقها بفتح كوات تتسلل من خلالها ضوء الشمس والحرية.

وأخيراً بقي أن نقول أن الشاعر (أحمد عثمان) يضع وليده البكر بين يدي القارئ يهديه مشاعره وأحاسيسه ومعاناته؛ حيث معاناة الولادة هي الأقسى والألذ من بين كل ما يعانيه المرء خلال مسيرته الحياتية، وهو (الشاعر) لا يدعي أنه قدم الأفضل لكن يحق له أن يقول إنه قدم الصدق؛ صدق الكلمة والحب والمعاناة، ولا يطلب من القارئ إلا التعامل بود ودون حقد مسبق مع هذا الوليد الجديد.



#بير_رستم (هاشتاغ)       Pir_Rustem#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأحزاب الكوردية والعوامل الكامنة وراء انشقاقاتها!!
- الدولة الكوردية.. إعتراف الآخرين هو تحصيل حاصل!!
- قراءة .. في تداعيات الأزمة السياسية في روج آفاي كوردستان*.
- حزبيتنا ..تقف وراء قراءاتنا الخاطئة!!
- القادة العظماء ..هم بهذا أو ذاك الشكل -أنبياء-!!
- نحن السوريون .. وقضية التحالفات مستقبلاً!!
- الأتاتوركية الجديدة (إمَّا أنْ تحبوا وإمَّا أنْ ترحلوا)
- أزمة التحالفات في الحركة الوطنية الكوردية
- الأمة الديمقراطية .. كرؤية ومشروع سياسي.
- نحن الكورد .. علينا أن لا نكون -حنبليين- في السياسة!!
- الآخر بين الاستلاب و الإقصاء _الكورد نموذجاُ_
- هل ..يحق لنا أن نغير قوميتنا كما نغير ديننا؟!!
- الدب الروسي .. لا نريد إعادة تجربة مهاباد!!
- علي سيريني .. وقنابله الموقوتة في صناديق الميلاد!!
- قضايا ومواقف ..في عدد من المسائل الكوردية العاجلة!!
- تركيا.. ومسألة المنطقة العازلة.؟!!
- الكورد.. والإستراتيجية الأمريكية الجديدة.
- المجتمع المدني ..مفهوماً وواقعاً سياسياً!!
- الكورد.. قوة سياسية جديدة في المنطقة.
- هوية العراق.. في آخر خطوطها الحمراء!!


المزيد.....




- صوت الأمعاء الخاوية أعلى من ضجيج الحرب.. يوميات التجويع في غ ...
- مقتل الفنانة العراقية ديالا الوادي بدمشق
- لبنان: المسرح.. وسيلة للشفاء من الآثار النفسية التي خلفتها ...
- -طحين ونار وخوف وأنا أحاول أن أكون أمًا في غزة الجائعة-
- وفاة الفنانة ديالا الوادي في حادثة سرقة بدمشق
- مشروع قانون فرنسي لتعجيل استعادة الممتلكات الثقافية المنهوبة ...
- أكثر 10 لغات انتشارا في العالم بعام 2025.. ما ترتيب اللغة ال ...
- مشروع قانون فرنسي لتسريع إعادة منهوبات الحقبة الاستعمارية
- خلال سطو مسلح على شقتها.. مقتل الفنانة ديالا الوادي بدمشق
- فن الشارع في سراييفو: جسور من الألوان في مواجهة الانقسامات ا ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بير رستم - الأنثى والشعر