|
بعد الارتماء في الحضن الاطلسي و العربي بدات بحربها الداخلية
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 5023 - 2015 / 12 / 24 - 19:20
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من يتابع ما يجري في كوردستان الشمالية في هذا الوقت و يجد مدى ضراوة الحرب الدائرة في هذه المرحلة التي اشعلها اردوغان وحزبه، يسال لماذا يريد اردوغان التطاول في هذه المرحلة بالذات على الكورد ، و هل يستغل الظروف التي تسيطر عليه و تحصره في زاوية ضيقة و لا يجد طريقة اخرى للخروج من المازق المترامي الاطراف الذي وقع فيه، وهل يريد التعامل مع ما يجري في المنطقة بتحركات داخلية مغطية لما يقدم عليها في المنطقة كما فعل من خرق سيادة العراق المهزوزة اصلا، ام نتيجة فشل ذريع مني به في الفترة الاخيرة و تقدم مخنوعا مخذولا متنزلا للجميع و خاصة ازاء الحلف الاطلسي الذي عاند و لم ينفذ ما اراده منه، و غير حتى من استراتيجيته التي اتخذها طريقا كتصفير المشاكل مع المحيط الاقليمي، و غض الطرف عن الدخول الى الاتحاد الاوربي او بالاحرى بعد فشله في ذلك، وتوجه نحو ايجاد البديل له في المنطقة، مع ايقاد جذوة طموحه القديم الجديد؛ و هو استغلال الغليان في المنطقة من اجل تمادي باسم الاستقرار فيما يضمر في نفسه العقيدة العثمانية الجديدة . تريد تركيا ان تمر مرور الكرام من المرحلة دون ان تتضرر، و هي تحلم، و تتوقع ارتفاع منحنى قدرة وثقل و امكانية الكورد بجميع احزابهم و منهم حزب العامال الكوردستاني بعد توسع المجال امامهم باستخدام عدة اوراق في صراعهم مع تركيا الاردوغانية بعد المستجدات الاخيرة، و هي لا تطيق هذا و تفزع منه و تريد اجهاض ما يتم لصالحهم باي شكل كان . نحن نعلم و نتذكر جيدا كيف كان موقف تركيا ازاء حرب سقوط الدكتاتورية في العراق، و من ثم بعدها كيف تعاملت مع اقليم كوردستان و الدولة العراقية و استغلت ضعف موقف الاقليم، ولحد الان اردوغان يلعب على هواه فيما يخص مستقبل الاقليم و يستغل سذاجة القيادة الكوردية لامرار نواياه بحيل مختلفة . ان تركيا تحفظت في كثير من الخطوات لبقاء خط رجعة لها في التعامل مع المتغيرات مستقبلا من جهة، و امكانها ان تقف موقف المتفرج المحايد كي تكون حكما لا خصما في ادارة امور المنطقة من جهة اخرى، بعدما انغصت كثيرا في شؤون منطقة الشرق الاوسط بعد الثورات العربية وتلقت ضربات قاضية نتيجة اخطائها المتكررة وانحيازها هناك لصالح الاخوان المسلمين، و تراجعت كثيرا ايضا، بعد ان تلقت ضربات سياسية موجعة بعد تغيير الواقع في مصر و تونس و سوريا بشكل ما . الان كوردستان الشمالية تغلي، و تُقتل فيها يوميا العشرات ان لم تكن المئات منذ ايام، و لم نشهد الا تعتيما اعلاميا من قبل الجميع! و لم نلمس تغطية مناسبة لما يجري من قبل حتى اعضاء المحور الاخركايران و العراق و السلطة السورية و روسيا و حتى ارمينيا . اين تكمن السبب؟ و ما هو موقف كل منهم، و لماذا هذا الصمت المطبق ؟ تنازلت تركيا مذلولا مخذولا مخنوعا مركوعا لاسرائيل، و هذا اول الاهداف الذي كان يهم امريكا و السلطة الحقيقية فيها، و هي تحت ضغوط اللوبي الاسرائيلي، لم يكن التنازل بسيطا، بل حتى اتخذت تركيا قرارا ضد ثقة الناس بها، من خلال طرد قيادات حركة حماس التي كانت حتى الامس تدعي بانها تدعمهم ضد اسرائيل، يا لها من خنوع و خضوع و اذلال لدولة لم تهتم بسمعتها و قيمها، و هي عديمة الارادة في موقفها الضعيف المرحلي و وقعت على وصولات ضعفها لمدة اطول . اصطدمت تركيا بالنظام السوري بعد الموقف الذي اتخذته من اجل مصالحها و ليس الشعب السوري كما تدعي، و اعتقدت انها ستكون لها اليد العليا في تركيبة النظام البديل لحكم سوريا و انها لم تحسبه جيدا . عدا الصدامات الداخلية و ما فعلته جراء اعادة الانتخابات البرلمانية اخيرا، فانها لم تجد الا الخوض في التشويش الداخلي من خلال محاربة الكورد . و بعد اسقاط الطائرة الروسية والاستنجاد بالاطلسي الذي رفضت التعاون معه من قبل في اجرائاته في المنطقة، و هي تعلم انها العضو من الدرجة الثانية فيه، اصبح ارتماءها في حضنه و التحالف العربي مخذولا في هذه الظروف التي وقعت فيها، و لم يعير اكثر الاعضاء في الحلف اية اهتمام بهذا الموقف، عدا امريكا و السعوديا التان تريدان ان تستغلهاا في اهداف تنتظران تحقيقها في المنطقة، و اخيرا خضعت تركيا للامر الواقع في التنازل كثيرا دون اي ثمن و على حساب كرامتها و قيمها التي تفاخرت بها كثيرا من قبل . اما على الصعيد الداخلي، فان تركيا لم تستفد شيئا من التنازلات التي قدمتها للحلف و امريكا واسرائيل و الدول الاوربية العديدة، الا فيما استغلت مدى تاثير تنازلاتها على ما تقدم عليه من الحرب الداخلية ضد الشعب الكوردي، و هي نجحت في كتم الاصوات الدولية ازاء الجرائم اليومية التي ترتكبها ضد المدنيين العزل في كوردستان الشمالية فقط لحد ما . بينما هي لم تعرف مكانتها في الاصطفاف الجديد الحاصل في المنطقة و موقفها الهزيل الذي لا يمكن ان يضعها في موقع ذات اهمية لمستقبل المنطقة، لذا اقدمت على عدة حركات بهلوانية كما تدخلت بشكل مباشر في الموصل كي تقول انها موجودة و لها اهميتها، بينما اصطدمت باعتراضات كبيرة من كافة الجهات الداخلية عدا جزء من سلطة اقليم كوردستان التابع لها، لذا تخبطت في حركاتها. فان كل المؤشرات تدلنا على ان تركيا لم تنجح في الامتحان المرحلي كما فشلت من قبل اثناء سقوط النظام العراقي، لذا فهي تبحث عن موقع قدم لها مستقبلا، و استغلت اسرائيل هذا و فرضت عليها ما تريد و اكثر . اما حربها الداخلية ليس الا اشغال الداخل عما وقعت نفسها فيه، و هوالتخبط في موقفها و عملها و تعاملها مع الاحداث و المستجدات، و مدى عزلتها بعد اسقاط الطائرة الروسية و تعامل روسيا العقلانية مع الحادث، و ما فرضت عليها من بعيد و انزلتها الى القاع في صراعات المنطقة و موقفها المشين . يمكن ان نشبه تركيا بانها و بعد ان اوقعت بنفسها في قعر الوحل بانها في الاحتضار السياسي الحقيقي لها في المنطقة، بينما هي تريد و تصر على ان تنعش نفسها بحركات بهلوانية خارجية و داخلية، و حربها الداخلية واحدة منها اضافة الى ما سبقتها من التدخل المباشر في شؤون العراق و الموصل بالذات لالفات النظر عن وضعها الداخلي واخطائها المتكررة . و السؤال هل تنجح تركيا في كتم اصوات المعارضين داخليا و دول العالم ابان ما تقترفه من الجرائم ضد الانسانية في كوردستان الشمالية . الايام المقبلة ستجيب عن هذا السؤال و ما نتوقعه هو تحفظ امريكا و سكوتها مع الدول الاعضاء في الحلف الاطلسي لاسبابهم الخاصة البعيدة عن الانسانية التي يدعوها، اضافة الى دول المنطقة من المحور الذي تنازلت تركيا اليه و دخلت بقوة فيه باسم التحالف الاسلامي وليس كذلك بل انها التحالف السابق و اضيف اليه الاسم الاسلامي فقط، و هو تنازل كبير و مخزي، و عليه يمكن ان تسكت الدول الموجودة فيه ايضا، و لم يبق الا دول المحور الاخر و على راسهم روسيا وايران و العراق و ربما ارمينيا يمكن ان ترفع صوتها ايضا او تحتفظ شيئا ما لعوامل خاصة بها . .
#عماد_علي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماذا نسمي من يُقدم على هذا ؟
-
ما سميت باصلاحات حكومة اقليم كوردستان ليست الا ذر الرماد في
...
-
هل التحالف الاسلامي مع اسرائيل ام ضده ؟
-
اذا تضايق البرزاني سيقسم اقليم كوردستان دون ان يرمش له جفن
-
من الدعم الى الطرد
-
كي ننصف الاجيال القادمة بما سجلناه في تاريخنا
-
تاسيس الدول الجديدة هو توقعات ام مخطط في طور التطبيق ؟
-
انه حمير من مسلاخ انسان
-
التعتيم الاعلامي على ما يحدث في كوردستان الشمالية
-
هل بالامكان ان يعيش الشعب العراقي بسلام و امان ؟
-
هل روسيا وامريكا ترحّلان الاسد من سوريا ؟
-
بقاء التاريخ مرتبط ببقاء الصراع الطبقي
-
هناك البعث الجديد يقف ضد الكورد في العراق الان ؟
-
هل العراقي يتحاور ام يتجادل ؟
-
اليسار الكوردستاني و الموقف من مستجدات المنطقة
-
ما بين الكبت و المواضبة في الحياة
-
ألم تحارب روسيا داعش ام يدعمه الاخرون ؟
-
استمرار تركيا في استفزازاتها !
-
الهدف الرئيسي لتركيا هو عزل اقليم كوردستان عن كوردستان سوريا
...
-
تنسيقات متناقضة بين اطراف محاور الشرق الاوسط الجديد
المزيد.....
-
بها حانة ومهبط هليكوبتر وحصن.. جزيرة بريطانية خاصة تطرح للبي
...
-
تاركة أمريكا في عزلة بين أقرب حلفائها.. أستراليا تُعلن عزمها
...
-
مجلس الأمن يدين أعمال العنف ضد المدنيين في السويداء ويدعو جم
...
-
ظنّ أن لقاح كوفيد دفعه للانتحار.. مسلّح يهاجم مركزًا صحيًا ف
...
-
من هو الوريث لحركة -اجعل أميركا عظيمة مجددًا-؟ ترامب يُبقي خ
...
-
مسيرة شعبية في أنقرة تطالب بدخول المساعدات إلى قطاع غزة
-
تشييع جثماني مراسلي الجزيرة في غزة الشريف وقريقع
-
إدانات واسعة لاغتيال إسرائيل مراسلي الجزيرة الشريف وقريقع
-
-أوصيكم بفلسطين درة تاجِ المسلمين-.. وصية أنس الشريف تشعل ال
...
-
أنس الشريف.. صوت غزة والشاهد على كل فصول إبادتها وتجويعها
المزيد.....
-
الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة
/ د. خالد زغريت
-
المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد
/ علي عبد الواحد محمد
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|