مثل المتقاعد في المغرب كمثل حمار يحمل أعباء

عساسي عبدالحميد

الحوار المتمدن-العدد: 5023 - 2015 / 12 / 24 - 19:19
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    

كان لأحدهم حمارا يركبه ويحمل عليه أثقاله، وكان يسخره في أعمال الحرث و البيدر و نقل الغلال في أيام الحصاد والقطاف ،كان المسكين صبورا يرضى بكومة برسيم و سطل الماء نظير كل الشقاء...
كبر الحمار ووهنت قوته ولم يعد يقوى على القيام بكل تلك الأعمال التي كان يكلفه بها صاحبه ،....بيد أن هذا الأخير آثر الا أن يستمر الحيوان المسكين في العمل عوض الذهاب الى السوق و شراء حمار آخر أصغر سنا وأكثر قوة ،و أن يدع رفيق عمره الذي خدمه سنينا عديدة في ركن الحظيرة يكمل ما تبقى له من أيام قرب مذود وجفنة الماء...
================
قد يموت الحمار الواهن تحت نير أحماله فيرميه صاحبه على قارعة الطريق فريسة لآكلات الجيف ..و قد يبيعه صاحبه لرجال السيرك ليطعموا لحمه لسباعهم المروضة ، و قد يكون من نصيب بائع النقانق ليخلط ما صلح من لحمه مع لحم الجواميس المريضة و يعرضها " صوصيصا لذيذا " لا يمكن مقاومة رائحته على مشواة عربته لمرتادي الأسواق و السكارى الخارجين ليلا من الحانات متمايلين مقهقهين ...
================

هذا هو حال من شارف على التقاعد بالمغرب ، حالنا كحال الحمار والسفيه، عوض أن يرتاح المتقاعد و يقضي ما تبقى من عمره المسلوب قرب أبنائه و أحفاده سيعمل لسنين أخرى ان بقيت من عمره، لأن صناديق التقاعد قد سرقت في عهد الملك الراحل الحسن الثاني ، وليست صناديق التقاعد وحدها التي نهبت فقد تم استنزاف ثروة الفوسفاط و بعلم الملك الحسن الثاني ، وتم سرقة المكتب الوطني للمطارات و بعلمه، و مكتب البريد والمواصلات آنذاك و بعلمه ،
================

الحكومة المغربية اليوم و التي يقودها حزب اسلامي محسوب على تنظيم الاخوان الدولي و يرأسها شخصا كان يقول للمغاربة وهو في المعارضة، سوف نجعل موارد الفوسفاط على موائد كل الفقراء ، سوف نشغل شبابنا و نزوج عوانسنا و نحرر سبتة ومليلية ....ها هو اليوم رئيس الحكومة عبدالاله بنكيران يحاول اصلاح صندوق التقاعد عبر أجسادنا الواهنة ليضيف لنا سنين أخرى من الاستعباد والشقاء والمرض و يقتطع جزءا من رواتبنا التي ((شندرتها )) الديون ....
================

كل المصائب كبرت و استفحلت مع قدوم هؤلاء الاسلاميين، في عهدهم تذيلنا جميع الرتب في مختلف القطاعات و لسان حال رئيس الحكومة الاخونجي يقول، يكفيكم أيها المغاربة السلم والأمان وراحة البال عوض أن تفكروا و تتساءلوا من نهب صنديق وخزائن الدولة ،فالعاقل اللبيب يرضي بكسرة خبز يابس و كأس شاي (( الما والزاغريت..)) على أن يحل بكم ما حل بليبيا و اليمن وسوريا من دمار وبوار، وفي ربيع الشعوب لآية لقوم يتدبرون (( واش فهمتوالدمدومة و لالالالالا )) ..
================

نظام التقاعد سيتم تمريره على ظهورنا و أجسادنا الواهنة بتواطؤ مع نقابات الموخربيق وبوسبرديلة السمايطي و الاسلامي يتيم مول البوكير ، هذه النقابات أوكل لها القصر الملكي مهمة تدبير سخط الناس ومعاناة الشغيلة لتفادي أي انفلات أمني قد يكون النظام في غنى عنه ، فالعمل النقابي بالمغرب تماما كدور البغاء و الخمارات و المخدرات و شبابيك القمار هي وسيلة من وسائل ضبط الأمن ليس الا. ...
==============
اليوم تحاول الحكومة اصلاح صناديق التقاعد على حسابنا نحن المستضعفين و ليس على حساب لصوص المال العام الذين شرعت لهم خزائن الدولة منذ الاستقلال الشكلي الى يومنا هذا...وسيأتي يوم وهو قريب سنحاول اصلاح ما هو أهم لكن هيهات ...ثم هيهات ثم هيهات ....
================

سيأتي يوم وهو قريب سنعض فيه على أصابعنا ندما وحسرة عما لحق بقطاع التعليم من شلل و أعطاب ، سنندم يوم سمحنا لتجار المخدرات و التهريب و لصوص المال العام الاستثمار في التعليم الخصوصي على حساب المدرسة العمومية التي كانت ملاذا و أملا لأبناء الشعب المغربي، سنتحسر عندما نرى أمما و قد حققت قفزات نوعية نتيجة اهتمامها بالتعليم والمدرسة العمومية، بينما نحن ستتقدم علينا دولا كجيبوني و الصومال و اليمن في مؤشر التنمية البشرية ....حينها ستقوم الحكومة المغربية على الاستعانة بفقهاء الجوامع والزوايا و جنود الثكنات لتعليم أبنائنا التهجي وكتابة الحروف ....
================

هذا هو حالنا مع النظام المخزني القمعي ، فديمومته مرتبطة دائما بتجهيلنا و استعبادنا و استغلالنا حتى ونحن في ذروة كبرنا و وهننا تماما كذلك الحمار الصبور المسكين الذي يحمل الأثقال وهو في أرذل العمر والذي قد يسكت قبله تحت عبئ الأحمال لتنهش ما تبقى من لحمه كلاب القرية أو سباع السيرك أو تكون نقانق لحمه مضغة في أفواه مرتادي الأسواق الشعبية .....

#عساسي_عبدالحميد (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات