أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ثائر دوري - لشو الحكي خلص الكلام














المزيد.....

لشو الحكي خلص الكلام


ثائر دوري

الحوار المتمدن-العدد: 1368 - 2005 / 11 / 4 - 11:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تتحدث نكتة قديمة عن رجل متزوج من امرأة بكماء سمع أن طبيباً قادر على معالجة البكم ، فحمل زوجته و ذهب إليه قائلاً :
- دكتور هل تستطيع أن تجعل زوجتي تتكلم ؟
و بعد أن فحص الطبيب الزوجة أكد للزوج أن المسألة بسيطة فكل ما يحتاجه الأمر هو مجرد عملية جراحية لا تستغرق سوى ربع ساعة . و بالفعل نجحت العملية وبدأت الزوجة تتكلم لكن بدون توقف لا ليلا و لا نهاراً ، لا صبحا و لا عشية ،تتكلم على الغداء و العشاء و الإفطار ،و حتى أثناء النوم !! لا تتوقف حتى لالتقاط أنفاسها أو لتستمع لشخص يكلمها ، و كأنها تعوض عن سنين الصمت . لم يعد الرجل يحتمل هذا الوضع فعاد إلى نفس الطبيب قائلاً :
- دكتور جئتك في المرة الماضية طالبا منك أن تجعل زوجتي تتكلم . لكني لم أعد أحتمل كلامها فهي منذ أن تكلمت لم تتوقف عن الكلام . و أريد منك أن تعيدها إلى وضعها السابق .
يحمل مضمون هذه النكتة تشابهاً كبيراً مع الوضع الداخلي السوري ، فبعد صمت هو الخرس أو أشد منه استمر عقوداً بفعل القمع و القبضة الأمنية تكلم الجميع دفعة واحدة و تابعوا الكلام دون أي توقف ، فصار الجميع يتكلمون في وقت واحد دون أن يستمع أحد للآخر و إذا حدث و استمع له فهو لا يفهم ما يسمع ، أو يفهمه بشكل خاطيء ، فإذ قلت له :
- سنذهب إلى البحر ؟
رد عليك بأنه يكره الصحراء و اتهمك بأنك من أنصار التصحر . فبات الحوار السياسي أشبه بحوار الطرشان . فكل من لديه فكرة حبيسة في داخله منذ عقود انطلق يتحدث عنها دون أن يتوقف ليلتقط نفسه أو ليقيس ردود أفعال الآخرين على أفكاره ، و أهم من ذلك دون أن يختبر أفكاره في الواقع . فاختلطت الألسن و اللهجات و صار الكلام يجر الكلام حتى غمرنا طوفان الكلام . و بالطبع لم يكن الحل أن يرجع الزوج زوجته إلى الطبيب طالباً منه إسكاتها بل كان عليه احتمالها ريثما ينتظم كلامها بعد أن تشعر أنها عوضت سنين الصمت . لكن السلطة السورية فضلت خيار الزوج لأنه بدا لها سهلاً ، فعادت لمحاولة إسكات الناس قبل أن تكتشفت أنها لم تعد تملك الأدوات اللازمة لذلك في ظل المتغيرات الدولية و التطورات التي طرأت على العالم و أهم من كل ذلك تغير موقعها و تراجع وظيفتها في النظام الدولي .
كان الرهان أن الحديث سينتظم بعد أن يشبع الناس رغبتهم بالكلام ، لكن الناس لم يشبعوا من الكلام بل أضافوا، في مرحلة تالية ، إلى فوضى الكلام فوضى الأفكار ، فبتنا نسمع أفكارا و أراء غريبة لا يمكن أن تدخل تحت أي تصنيف فلا منطق يحكمها و بالتالي لا يمكن أن تجادلها أو ترد عليها ، كما يطلب منك بعض الديمقراطيين الجدد حين تعبر عن امتعاضك مما تقرأ أو تسمع . فكل من خطرت له فكرة و هو متكأ على أريكته يسلي صيامه أمام التلفزيون صار يطلقها دون أي تدقيق بمدى جديتها و مدى تلائم الواقع معها . لا بل يعتبرها فتحاً لم يسبقه أحد إليه و أنه سيغير وجه الكون بالفكرة ، التي جاءته في الظروف السابقة .....
ذات يوم كان مدرس الجغرافيا يشير إلى منابع نهر العاصي في الهرمل شمال سهل البقاع اللبناني على الخريطة ، ثم أشار بشكل عابر إلى نهر الليطاني الذي ينبع من جنوب سهل البقاع . بانت المسافة بين منبعي النهرين ، العاصي و الليطاني ، قصيرة جداً مما شجع أحد الطلاب على أن يفكر بفكرة اعتبرها عبقرية ، فقام و سأل أستاذ الجغرافيا بمنتهى الجدية :
- أستاذ لم لا يحفرون الأرض و يوصلون بين منبعي النهرين
تجاهل الأستاذ السؤال و تابع شرح الدرس . لكن الطالب عاد ملحاً بسؤاله. فصمت الأستاذ قليلاً و بانت عليه الحيرة .ثم سأل الطالب بدوره :
- و لم تريدهم أن يوصلوا بين منابع نهري الليطاني و العاصي ؟ ما الفائدة من ذلك ؟
لم يجب الطالب على سؤال الأستاذ لأنه لا يملك هدفاً لفكرته العبقرية . لكنه اعتبر نفسه منتصراً على الأستاذ الذي لم يستطع الإجابة على سؤاله العبقري !!و ظل يتحدث عن عجز الأستاذ عن الإجابة حتى رسب في امتحان البروفيه و غادر المدرسة ليعمل في تصليح السيارات ( مكنسيان ) فينسى كل شيء عن العاصي و الليطاني .
إن كثيراً من الأفكار السياسية التي نسمعها اليوم شبيهة بأفكار وصل العاصي بالليطاني تتجاهل التاريخ و الجغرافيا و أهم من هذا أنه لا هدف لها سوى أنها أفكار خطرت بذهن صاحبها في لحظة ملل فحسب أنه اخترق الحجاب و أن حل مشاكل سوريا إن لم يكن البشرية بات رهن يديه .
و إذا كنتم بحاجة على أمثلة أحيلكم إلى أي موقع سياسي سوري على الأنترنت و ستجدون عشرات الأفكار و كلها ذات طابع جدي لكنها كأفكار وصل العاصي بالليطاني . منذ أسابيع لا تفارقني أغنية فيروز :
- لشو الحكي خلص الكلام ....
أعتقد أننا أمام طوفان الكلام الفارغ هذا لا نملك إلا أن نصمت و نردد ، لشو الحكي خلص الكلام .



#ثائر_دوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من مطبعة نابليون إلى انتخابات رايس
- تقديس الداعين إلى نموذج الحضارة الغربي على طول الخط
- بوش قصف لويزيانا بالقنابل
- تل عفر تصحح مسار التاريخ بعد مائة عام
- البحث الأمريكي عن إسلاميين معتدلين
- احتلال عقول النخب
- الصغائر و الكبائر عند عمرو موسى
- عصر الظواهر التلفزيونية
- كم هو عدد مساعدي الزرقاوي ؟
- الإحتلال هو اكبر اعتداء على الحرية الفردية و هو مصدر كل الدك ...
- قمة الأغنياء : القضاء على الفقر أم على الفقراء ؟
- خرافة الحرية التي تعم العالم
- تقلبات ا لطبقة السياسية اللبنانية
- نساء علاء الأسواني
- من جديد عن الحجاب ،و التقدم و التأخر ، و الغزو......
- صورة .... صورة :ذاكرة الماضي من أجل الحاضر و المستقبل
- كيف تنتصر حرب العصابات ؟ مختارات من فانون -2-
- مختارات من فرانز فانون
- الغول الأمريكي نحو مزيد من الغوص في الرمال المتحركة العراقية
- شياطين بلبوس ملائكي


المزيد.....




- -إسرائيل تنتهك قوانينا.. وإدارة بايدن لديها حسابات-.. مسؤولة ...
- الجيش الإسرائيلي يواصل عملياته في محيط مستشفى الشفاء بغزة لل ...
- موسكو تدمر عددا من الدبابات الأوكرانية وكييف تؤكد صدّ عشرات ...
- مفتي روسيا يمنح وسام الاستحقاق لفتى أنقذ 100 شخص أثناء هجوم ...
- مصر.. السفيرة الأمريكية تثير حفيظة مصريين في الصعيد
- بايدن يسمي دولا عربية -مستعدة للاعتراف بإسرائيل-
- مسؤول تركي يكشف موعد لقاء أردوغان وبايدن
- الجيش الاسرائيلي ينشر فيديو استهدافه -قائد وحدة الصواريخ- في ...
- مشاهد خراب ودمار بمسجد سعد بن أبي وقاص بمخيم جباليا جراء قصف ...
- قتيل بغارة إسرائيلية على جنوب لبنان والمقاومة تقصف شبعا


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ثائر دوري - لشو الحكي خلص الكلام