أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منير ابراهيم تايه - الموشحات ... شعر يحلق باجنحة الغناء















المزيد.....

الموشحات ... شعر يحلق باجنحة الغناء


منير ابراهيم تايه

الحوار المتمدن-العدد: 5001 - 2015 / 11 / 30 - 20:22
المحور: الادب والفن
    


ماهو الموشح؟

ظاهرة أدبية قلَّ نظيرها، جاء جيل جديد من الشعراء، نما وترعرع في اجواء الترف ومجالس الطرب؛ فلم يتقيدوا بأوزان وبحور الشعر التقليدي، بل تنقلوا في القصيدة الواحدة بين بحور الشعر وقوافيه وأوزانه وظهر هذا الشعر غير التقليدي في مجالس اللهو والطرب، فتداخل فن الغناء مع هذه الألوان، وأعطاها الذوق السمعي والحس الإيقاعي فكان الموشح، نوع من الغناء الجماعى المميز .. فن أنيق من فنون الشعر العربي، وهو في اعتماده على أكثر من وزن وقافية مع التنويع العروضي هو أقرب إلى التوزيع الموسيقي؛ حيث تكون الموشحة الأدبية أقرب إلى قطعة موسيقية، وبهذا اختلف الموشح عن القصيدة؛ لأن القصيدة تغنى مرسلة حرة لا إيقاع لها، فضلا عن بحرها الواحد وقافيتها الموحدة، وبذلك أصبحت الموشحة صالحة لأن تُغنى، كما أنها تتيح للمغنِّي ترديد أنغامه وترقيق صوته وتنويع ألحانه ويعتقد أن كلمة "الموشحة" تعود إلى اللفظة السريانية "موشحتا" بمعنى "إيقاع" كما يعتقد أن الموشحات ظهرت في المشرق العربي وتأثرت بشدة بالموسيقى الكنسية السريانية حتى أن الردات في أقدم الموشحاة كانت تحوي ألفاظا سريانية.
بينما يقول رأي آخر أن مخترع الموشحات في الأندلس كان شاعرا من شعراء فترة الأمير عبد الله اسمه مقدم بن معافى القبرى. وقد جاء في بعض نسخ كتاب الذخيرة لابن بسام أن مخترع الموشحات اسمه محمد بن محمود. والمرجح أن مخترع هذا النوع الشعري هو مقدم بن معافر وهو رأي اكثر الباحثين. ويقول ابن خلدون " كان المخترع لها بجزيرة الأندلس مقدم بن معافى القبري من شعراء الأمير عبدالله بن محمد المرواني واخذ عنه ابوعمر احمد بن عبدربه صاحب العقد الفريد".
ويعرف ابن سناء الملك الموشح فيقول: كلام منظوم على وزن مخصوص . وهو يتألف في الأكثر من ستة أقفال وخمسة أبيات ، ويقال له التام ، وفي الأقل من خمسة أقفال وخمسة أبيات يقال له الأقرع . فالتام ما ابْتدئ فيه بالأقفال، والأقرع ما ابتدئ فيه بالأبيات. وسمي بالموشح تشبيها له بوشاح المرأة المرصَع باللؤلؤ والجوهر لكثرة ما فيه من الصنعة والترصيع والتزيين.

لغة: اشتق اسم الموشح من الوشاح وهو رداء موشى بالزخارف أومرصع بالجواهر، والمراد بالتسمية إضافة تغييرات على شكل القصيدة التقليدية
نظما: تختلف الموشحات عن القصائد بتنوع الأوزان والقوافى ، وفى إشارة لاختلاف الموشح عن القصائد وصفه الشاعر ابن سناء الملك بأنه كلام منظوم على وزن مخصوص، وهى تجمع عادة خليطا بين الفصحى والعامية
لحنا: يتبع اللحن النظم بحيث يمكن أن تتعدد ضروبه وأوزانه ، وربما يسبق وضع اللحن نظم الكلمات فتصاغ على لحن موضوع سلفا
أجزاء الموشح
اتخذ الموشح في بنائه شكلا خاصًّا، بحيث أصبح يشتمل على أجزاء بعينها في نطاق مسميات، اصطلح المشتغلون بفن التوشيح عليها، وهي المطلع أو المذهب، والدور، والسمط، والقفل، والبيت، والغصن، والخرج

خصائص الموشحات
بالإضافة إلى الجمع بين الفصحى والعامية تميزت الموشحات بتحرير الوزن والقافية وتوشيح ، أى ترصيع ، أبياتها بفنون صناعة النظم المختلفة من تقابل وتناظر واستعراض أوزان وقوافى جديدة تكسر ملل القصائد ، وتبع ذلك أن تلحينها جاء أيضا مغايرا لتلحين القصيدة ، فاللحن ينطوى على تغيرات الهدف منها الإكثار من التشكيل والتلوين ، ويمكن تلحين الموشح على أى وزن موسيقى لكن عرفت لها موازين خاصة غير معتادة فى القصائد وأشكال الغناء الأخر
واستمر ازدهار الموشحات فى الأندلس لمدة خمسة قرون إلى وقت سقوط غرناطة في أواخر القرن التاسع الهجري عام 897هـ ، أى فى القرن الخامس عشر الميلادى ، عام 1492م ، لكنها كانت قد انتقلت من قبل سقوط غرناطة إلى سائر البلاد العربية كالمغرب العربى ومصر والشام من ناحية ، ووصلت أصداؤها بلاد أوربا فى بدايات عصر النهضة...
أغراض شعر الموشح
تنوعت الأغراض التي استخدمتها الموشحات بين الغزل، والوصف (وصف المناظر الطبيعية)، والهجاء، والفخر، وشكوى الزمن، والزهد
أنواع الموشحات من حيث أوزان الملحن عليها
الكار: وهو الذي يبدأ بالترنم ويكون على إيقاع كبير كموشح "برزت شمس الكمال" لأبي خليل القباني

الكار الناطق: وهو الذي يكون ملحنا على إيقاعات متوسطة مع تورية في الشعر باسم المقامات كموشح "غنّت سليمى في الحجاز وأطربت أهل العراق".


النقش: وهو ما يكون ملحنا من ثلاثة إيقاعات إلى خمسة غير محددة كموشح "نبّه الندمان صاح"

الزنجبير العربي: وهو الذي يكون ملحنا من خمسة إيقاعات غير محددة مثل موسيقى نقش الظرافا

الزنجبير التركي: وهو الذي يكون ملحنا من خمسة إيقاعات محددة وهي: 16/4 و20/4 و24/4 و28/4 و32/4

الضربان: وهو الذي يتألف من إيقاعين غير محددين، فيكون الدور من إيقاع والخانة من إيقاع آخر كموشح "ريم الغاب ناداني" لنديم الدرويش

المألوف: ويتألف من دورين وخانة وغطاء ويسمى سلسلة وهو من إيقاع واحد

القد: القد نوع من أنواع الموشح، ومن إيقاع صغير كالوحدة وأوله يبدأ كمذهب يردده المغنون، وأول ما لحن هذا اللون سمي بالموشحات الصغيرة ولا يجوز أن نطلق عليه اسم أغنية بل نقول "قد"، وجمعه قدود وكلمة قد كلمة حلبية تعني "شيء بقد شيء" أي على نفس القدر. وانتشرت القدود من مدينة حلب وهي بالأصل أناشيد دينية في مدح الله، تم تحويل كلمات المد الألهية بكلمات غزل، فجاء الكلام الغزلي بقد الكلام الديني، لذلك سمي بالقد.
ومن أروع ما غني في ذلك موشح في حب بيت الله الحرام:
حرمت بك نعاسي *** يا مولاة الريام
وبحت بك باسي *** وصرت لك غلام
يا جملة الحبايب *** راني مازلت غريب
حبي عملها بيا *** ورماني للقفار
نتوحش الحبايب *** خوفي من الرقيب
ويمسى قلبي ذايب *** من شدة اللهيب.
حين تصفر العشية *** نتوحش الديار
يا ربي توب عليا *** وابعد عني الغيار

أنواع الموشحات :
الموشحات الأندلسية: بدأت الموشحات في الأندلس منذ القرن الرابع الهجري ولا زالت تغنى كأغان للمجموعة في المغرب حتى الآن ومن بين الموشحات المغناة في الجزائر:
قم ترى دراهم اللوز *** تندفق عن كل جهة
ذابت تلقح أوراق الجوز *** والندى كبب عليها
والنسيم أسقطها في الحوز *** أتى بشير الخير إليها
يا نديم هيا للبستان *** ننعم في الدنيا ساعة
والرياض يعجبني ألوان *** ما احسن فصل الخلاعة

وما يلاحظ في هذه المقطوعة سهولة العبارات الممزوجة بالعامية.

موشح ايها الساقي لأبن زهر
وهو من الموشحات الذائعة الصيت والبالغة الدقة والتصوير، موشحة ابي بكر ابن زهر وهو حفيد ابي مروان عبد الملك ابن زهر، وكانت وفاته سنة 1119م ، و تعتبر نموذجا في الموشحات التامة، يقول ابن الزهر:
أيها الساقي اليك المشتكى ** قــد دعونـــاك وإن لــم تسمع
ونديــم همــت في غرتــــه
وبشرب الــراح مـــن راحته
كلما استيقظ من سكرتـــه
جـــذب الــزق اليه واتكـــى ** وسقاني اربعـــاً فــي اربــع
***
ما لعيني عشيت بالنظــــر
أنــــكرت بعــدك ضوء القمر
وإذا ما شئت فاسمع خبري
عشيت عيني من طول البكا ** وبكى بعضي على بعضي معي
***
غصن بـــان مـــال من حيث استوى
بـــات مــن يهـــواه مـــن فرط الجـوى
خفق الاحشاء مــوهـــون القـــوى
كلما فكر في البين بكـــى ** ويحـــه يبــــكي لمـــا لم يـــقــــعِ
***
ليس لي صبر ولا لي جــــلــــدُ
يـــا لقــومي عــذلــوا واجتهدوا
أنـــكروا شكواي مما أجـــــدُ
مثل حــالي حقـــها أن تشتكي ** كمـــد اليــأس وذل الطمعِ
***
كبدي حـــري ودمعـــي يكـــــفُ
تعــــرف الذنــــب ولا تعترفُ
أيـــها المعــــرض عــما اصــفُ
قـــد نمــــا حبي بقلبي وزكـــا ** لا تــــخــل في الحب أنـــي مــدعي

وهذه الموشحة نسبت في بعض الأحايين لعبد الله بن المعتز (المتوفي 295 هـ) وهو شاعر عباسي لا علاقة له بالاندلس.
الموشحات الحلبية: ترجع نسبة الحلبية إلى حلب التي لاتزال سيدة الموشحات منذ انتقل إليها هذا الفن من غرناطة في الأندلس، وقد اتبع الوشاحون الحلبيون في الموشحات الأندلسية طريقة غنائها وليس طريقة نظمها، فقطعوا الإيقاع الغنائي على الموشحات الشعرية وعلى الموشحات الأخرى التي لا تخضع لبحور الشعر ثم طبقوا اسلوب الاندلسيين في تلحينها.

ومن اجمل الموشحات الحلبية موشح (لوكنت تدري ما الحب يفعل ..):
لوكنت تدري ..ما الحب يفعل
بالوصل يوما ماكنت تبخل
ظبي كحيل حلو المحيا
الغصن منه ان ماس يخجل
يامن هواه أضنى فؤادي
كالبدر انت بل أنت اجمل
شرب الحميا منكم حلالي
قم يانديمي نشرب ونثمل
مالي سواكم روحي فداكم
دوما رضاكم والله أسأل
ان كان حبي يقضي بقتلي سلمت امري لله فأفعل

وعندما نتحدث عن الموشح المشرقي لابد من ذكر القدود الحلبية التي اقترن صيتها بالموشح وقد يعتبرها البعض هي الموشح ومن اشهر المغنين في هذا النوع هو الفنان المتميز صباح فخري ومن اجمل ما غنيّ من القدود ( صيد العصاري ياسمك بني... تلعب بالمية ولعبك يعجبني.. ثم سكابا يادموع العين سكابا.. ويامال الشام والله يامالي)
ان الملاحظ في غناء القدود الحلبية انها لم تغنى باصوات نسائية الا ما ندر وقد يعود سبب هذا الى ان المجتمع الحلبي مجتمع عرف بتقاليد متشددة فلا يستساغ هذا النوع من الغناء باصوات نسائية.

الموشحات المصرية:

انتقلت الموشحات إلى مصر عن طريق الفنان شاكر أفندي الحلبي في عام 1840 الذي قام بتلقين أصولها وضروبها لعدد من الفنانين المصريين الذين حفظوها بدورهم وأورثوها لمن جاء بعدهم وأبرز من اهتم في الموشحات من مصر الفنانون محمد عثمان وعبده الحامولي وسلامة حجازي.

الموشحات الدينية
اعتمد المنشدون والوشاحون في أغانيهم الدينية على ما تعلموه من القرآن الكريم، ولم تكن الموشحات معروفة في البداية، فبين الحين والآخر كانت تظهر مقطوعة في مديح النبي عليه الصلاة والسلام، أو مناجاة لله سبحانه وتعالى، حتى بداية العصر الفاطمي في مصر واتجه الفاطميون إلى الاهتمام بالاحتفالات والمناسبات الدينية، التي كانت مجالا واسعا تسابق فيه الشعراء والمنشدون في وضع الموشحات الدينية، التي كانت تؤدي في المناسبات.

الموشحات ونظريات التأصيل
كثرت الاقوال حول اصل الموشحات ونشأتها الا ان هذه الاقوال جميعها تظهر وجود اثر التنوع الثقافي الذي شهدته الأندلس و نجد أثر التنوع الثقافي في نشأة الموشحات يظهر في القول: إن التوشيح "لا هو عربي مشرقي خالص، و لا هو إسباني غربي محض، إنه هجين يحمل في جيناته و في أعماقه تراث أجداده من العرب المسلمين، ومن القوط و الأيبيرين النصارى، و كان لهذا الامتزاج أثر عميق في تكوين الشخصية الأندلسية لا من حيث الصفات الجسمانية فحسب بل في الصفات العقلية والنفسية أيضا".
و ذلك الرأي ينسحب على الأزجال كما ذهب بعض الدارسين "يلتقي الزجل مع الموشحات في أنه مثلها من فنون الشعر التي استحدثها الأندلسيون".


الأصول المشرقية
ذهب إلى القول بالأصل المشرقي لنشأة الموشحات، و"أنها تطور لما حصل في بغداد من تجديدات ثقافية في مجال الشعر سواء على مستوى القافية، أو الوزن، أو عدد أبيات القصيدة أو لغتها، أو غير ذلك، واعتبر بعضهم " أن الغناء المشرقي كان سببا مهما في ظهور الموشح بالأندلس، وأن للثورة العروضية في بغداد تأثيرا كبيرا في مجال الفن الغنائي،ورافق هذه الآراء حشد لعدد من الأراجيز ، والمسمطات، والمربعات ، والمخمسات، و غيرها من الأشكال التي اعتبروها النواة التي انبثق منها الموشح.

الأصول الأندلسية
وهو ما قال به كثير من الدارسين، من القدماء، والمحدثين، و بعض المستشرقين، فنظروا إلى الموشحات على أنها نتاج بيئي خاص، و أدب أندلسي خالص جاء نتيجة للتمازج الحضاري و الثقافي الذي وُجِد مع وجود حضارة جديدة، ونجد هذا الرأي عند ابن بسام في الذخيرة، وعند المقّري في نفح الطيب، وابن خلدون في مقدمته .

الأصول الإسبانية
ذهب أصحاب هذا الاتجاه لإسناد الفضل كله في نشأة الموشحات إلى التراث الإسباني الذي وجده العرب الفاتحون هناك ، و استند أصحاب هذا الرأي إلى عدة مقومات طرحها بعض المستشرقين، وأبرز ما استند إليه أصحاب هذا الاتجاه القول بنظرية التأثر ، بمعنى أن الأقلية تتبع الأغلبية وتتأثر بها ، و هنا يستدل بقلة العنصر العربي قياسا إلى سكان البلاد الأصليين ، مما يعني أنهم " تكاد دماؤهم العربية تذوب في دماء الأسبان، يضاف إلى ذلك " أن كثيرا من العرب و المسلمين تزوجوا نساء جليقيات أو أسبانيات ، فكنّ يرددن أغنيات بلغتهنّ الأصلية و هنّ يهدهدن أطفالهنّ أو يلاعبنهم ، ثم إن كثيرا من الجواري و المربيات و الحاضنات الأجنبيات كنّ يخدمن في بيوت العرب و المسلمين ، و أنهنّ يحملن شيئا من تراثهنّ بلهجاتهنّ الأصلية من جليقية، أو لاتينية ، أو رومانثية، فكانت هذه الأصول التي نشأ منها الموشحات
واعتمد كثير من أصحاب هذا الرأي و في مقدمتهم المستشرق الإسباني" خوليان ربيرا" على الخرجة في إثبات نظرية الأصل الإسباني بعد أن وُجِدت خرجات بلغة أعجمية إسبانية " فقرروا أن تلك الخرجات الأعجمية ما هي إلا بقايا أغنيات إسبانية كانت شائعة في أوساط المجتمع الإسباني،..، معززين رأيهم بأن مضامين تلك الخرجات و ما تعبّر عنه تقاليد اجتماعية غربية كان يتسم بها المجتمع الإسباني قبل دخول المسلمين، و من أبرز هذه التقاليد التي ذكروها أن الخرجة غالبا ما تكون على لسان السكارى و الصبيان أو فتاة تشكو الحب لأمها أو صديقاتها و تتذكر حبيبها ، واستند بعض أصحاب هذه النظرية لما أورده ابن بسام في حديثه عن الوشاح الأول –القبري- قائلا :" كان يصنعها على أشطار غير أن أكثرها على الأعاريض المهملة غير المستعملة ، يأخذ اللفظ العامي و العجمي و يسميه المركر يصنع عليه الموشحة دون تضمين ولا أغصان.

أغاني الجوغلار
و "الجوغلاير" في الأصل هم جماعة المغنين الذين ينتمون في الغالب إلى الطبقات الاجتماعية المتوسطة و الفقيرة و يتكسبون بفنهم، و كانوا يتنقلون من مدينة إلى أخرى ، ومن قرية إلى أخرى يرددون أغانيهم الشعبية ، ورقصاتهم ، وألعابهم السحرية مقابل ما يقتاتون به ، و هم أقرب ما يكونون إلى الغجر في أيامنا هذه...
وبعد.. فلقد استمر فن الموشحات على أرض الأندلس زهاء خمسة قرون، وكان آخرها سنة 898 هـ بانتهاء الهيمنة الإسلامية على آخر مدينة أندلسية في غرناطة، وهكذا يقدر لأصداء الموشحات أن ترتحل بعيدا عن أجواء الحمراء وغرناطة، كما ارتحلت من قبل عن قرطبة وأشبيلية وطليطلة وغيرها من مدن الأندلس...

وبعد.. من الواضح أن ظهور الموشحات رافق عصور الانحطاط والضعف والتمزق والهوان ولم تكن مجالسها مجالس ادب جاد، ولكن كانت مجالس للهو والغناء والرقص، فتنضم بذلك إلى العناصر التي ساهمت في سقوط دولة الإسلام وزوال ملك المسلمين في الأندلس .
ففي لحظات انهيار أي أمة فإنها تبدأ تأخذ بزخرف الحياة وفتنتها ومباهجها لتخدع وتخدر بها. إنها تبدأ تأخذ بالرقص وساحات اللهو والغناء، وشهوات الجنس المتفلت، ثم تبدأ تتنازل عن مقومات وجودها، وذخائر تراثها، وعبقريات تاريخها، مشدودة إلى زخرف كاذب عابر، وإغراء التبديل، في حمى التيه، وحميا السكر، ودبيب الخَدر ، حتى تأتي اللحظة الحاسمة، فتتلقى الضربة القاضية، ثم تهوي إلى الأرض، ثم يمر عليها التاريخ ليجعلها ذكرى. هذه سنة من سنن الله ، لترى صدق مانقول.
ولم تكن هذه هي المرة الاولى التي ينمو الانحراف ويمضي بالأمة إلى السقوط. فانظر مصير الدولة العباسية وكيف تطورت الفتن فيها، وانتشر الغناء والرقص والخمر، والجواري والملاهي، حتى جاءتها الضربة المبكية العنيفة من التتر، يغذيها عناصر من قلب الخلافة.. فما أشبه اليوم بالبارحة، إنها سنن لله ثابتة ماضية.
هذا هو التاريخ أمامنا يعرض علينا سنن الله الثابتة التي تجري على الخلق كلهم ، كما يعرضها كتاب الله وهو يضرب لنا الأمثال . وهذا هو الواقع يحمل أمثلة وأمثلة !
فهل من يعتبر...



#منير_ابراهيم_تايه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضغط الكتابة وسكرها لامين تاج السر
- قصص قصيرة بعنوان مبتدأ وخبر
- النبش في الماضي..المورسكيون فجيعة حضارة اسلامية منسية؟؟!
- -حي ابن يقظان- لابن طفيل .. الفلسفة في رداء الادب
- الاميرة العاشقة.. ولادة بنت المستكفي
- قراءة في رواية -دروز بلغراد حكاية حنا يعقوب- صرخة تاريخ مؤلم
- التشيع العلوي والتشيع الصفوي عند علي شريعتي
- داغستان بلدي كتاب لا يتحدث عن جغرافيا او تاريخ بلد... انه كت ...
- عن العشق والعشاق... ثرثرة من الداخل


المزيد.....




- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منير ابراهيم تايه - الموشحات ... شعر يحلق باجنحة الغناء