أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منير ابراهيم تايه - قراءة في رواية -دروز بلغراد حكاية حنا يعقوب- صرخة تاريخ مؤلم














المزيد.....

قراءة في رواية -دروز بلغراد حكاية حنا يعقوب- صرخة تاريخ مؤلم


منير ابراهيم تايه

الحوار المتمدن-العدد: 4991 - 2015 / 11 / 20 - 15:36
المحور: الادب والفن
    


قراءة في رواية
دروز بلغراد - حكاية حنا يعقوب
صرخة تاريخ مؤلم
الأدب أفكار الأذكياء ومشاعرهم مكتوبة بأسلوب يلذ للقارىء.. مما يبعث الأستمتاع حين يتحول بائع البيض إلى سجين والسجين إلى حر في لعبة قدرية .
مواضيع اجتماعية وسياسية وفكرية برؤية كونية في مفارقة الواقع عبر التاريخ في رواية زمنية متنوعة في فصولها العجيبة بمهارة راو محترف متخف يمتلك براعة لم يخف الهواء الاصفر ولا الحرب ولا الحدود في ايقاع يمتلك القارىء في احداث وصلت للذروة ينقلنا ربيع جابر في روايته "دروز بلغراد او قصة حنا يعقوب"...

الرواية تلفت الانتباه بدءا بالعنوان المزدوج (دروز بلغراد ـ حكاية حنا يعقوب) والمتناقض في ذات الوقت "الدروز والمسيحي"
تفاصيل لم اشعر معها بالملل بل جعلتني اتسابق مع حنا لأنتقل عبر الزمن في براعة فكرية حسية تحليلية لأستبق الأحداث واتنبأ بماذا سيحدث لحنا يعقوب.
ماذا يحدث حين يتواجد انسان ما في المكان والزمان الخطأ؟؟ حين تكون في أحداث لم تكن سبب فيها في يوم من الأيام .. لكن الاقدار جاءت بك الى تلك الأحداث لتضيع سنوات عمرك متنقلا بين السجون ..
المؤلف استمد قصته من التاريخ ، ومن التاريخ اللبناني تحديدا. واقعة نفي 550 درزيا من جبل لبنان إلى طرابلس الغرب وبلغراد في عام 1860 بعد المواجهات بين الدروز والمسيحيين ، ثم وبخط موازي يحكي قصة حنا بائع البيض المسيحي الذي وضعه حظه العاثر في المكان الخطأ وبالتوقيت الخطأ .
حنا يعقوب، مسيحي بسيط يبيع البيض المسلوق.. خين يقرر الحاكم العثماني نفي 550 درزي إلى بلغراد عقابا لهم على جرائمهم ضد المسيحيين. أحد الدروز اصحاب النفوذ يرشو الحاكم ليعفو عن واحد من أبنائه الخمسه الذين سيشملهم النفي، ويقدم للحاكم كل ما يملك من مال. يقبل الحاكم الرشوة، ولكن يتحتم على الجنود الأتراك ضمان شخص إضافي بديلا عن الدرزي الذي طاله العفو.
صباح النفي، وأثناء تجوال حنا يعقوب الاعتيادي حول الميناء ومناداته لبيع البيض المسلوق، يفاوضه ضباط أتراك على أن يركب في السفينة عوضا عن الدرزي المعفو عنه لضمان اكتمال العدد، ولأن القنصل الفرنسي، ذا السطوة وفق اتفاقات تدخل القنصليات لحماية الأقليات في أواخر عهد الدولة العثمانية، سيأتي بنفسه ليتأكد من عدد من سيتم نفيهم.
ولم يتح له الضباط الأتراك مجالا للتردد فيجد حنا يعقوب نفسه في قلب السفينة، مقيدا وواحدا من المنفيين، بين قوم يعاقبون لأنهم قتلوا مسيحيين من طائفته. يطلق صرخة ليسمعه القنصل الفرنسي: "أنا حنا يعقوب المسيحي"، فينتبه القنصل ويطلب ترجمة ما قاله حنا، فينقل المترجم التركي الصرخة كالآتي: "أنا الذي قتلت حنا يعقوب المسيحي"! لتبدأ رحلة العذاب الطويل لحنا والتي ستستمر 12 عاما. ويترك خلفه هيلانة زوجته الصغيرة، وابنته بربارة ذات الشهور القليلة.
وصار اسمه سليمان عز الدين غفار .. على مدار اثنتي عشرة سنة من السجن في مدينة بلغراد وفي سجون مدن ومناطق بلقانية مثل سجون الهرسك وكوسوفو والجبل الاسود وبلغاريا.
الظروف الصعبة هذه تفعل ما لم تستطع أيام الحرية فعله في التقريب بين المسيحي والدرزي . الأخوة الخمسة يولون حنا عناية واهتماما وكأنه فعلا اخاهم الخامس، يلمح لنا أحيانا بأن ذلك منطلق إحساسهم بالذنب تجاه هذا البريء خصوصا حين يربطون بين كل مصيبة تقع على رؤوسهم بأنها ثمن لظلمهم لحنا واستغلاله .
تنوعت مسارات السرد مشحونة بدلالات معبرة عن ظروف حياتية قاسية في أقبية طينية مظلمة ، دارت فيها عجلة الزمان برتابة تتكرر فيها أحوال السجناء الصعبة يوما بعد يوم مثقلة بالامراض والبرد والجوع والإهانات والاعمال اليدوية الشاقة، مارس مع المحابيس الأعمال الشاقة المطلوبة منهم : شق الطرق ، بناء الجدران والأسوار، قطف المحاصيل .. تساقطوا مع الأيام واحدا تلو الاخر ، نجا حنا يعقوب وحده ، هرب من سجنه ، لكن العسكر طاردوه وساقوه الى السجن ثانية ، ثم هرب بعد ذلك عندما احترق المكان الذي سجن فيه و في نهاية المطاف التقى بالمصادفة مع قافلة الحج الشامي او ما كان يسمى بـ"المحمل الشامي" حجاج كانوا في طريقهم الى مكة انضم لهم وانتقل معهم من مكان الى اخر في فضاءات اّهلة باجناس مختلفة من الناس ، وأخيرا قادته الدروب الى دمشق.. "ومن هناك فشخة الى جبلكم" ثم واخيرا في عتمة المساء يصل بيروت مرتعدا: هذه هيلانه.. انا في البيت.. حضن زوجته وابنته وبكى.. شهق وملأ رئتيه بالهواء..
الرواية ليست حكاية حنا يعقوب تحديدا، حكاية حنا يعقوب هي عامل الوصل بين حكايات متعددة تشكل نسيج الرواية، تتداخل في تشكيلة روائية جميلة نجح الكاتب في نقلنا لجو الرواية بأشخاصها، ولغتهم، وعاداتهم الشعبية، وجغرافيتهم، وتفاصيل طعامهم وشرابهم وملبسهم، وربما اقنعنا في بعض الاحيان أن ما حدث قد وقع بالفعل، حتى ولو لم تكن هناك حاجة لمراجعة مصادر معلوماته في نهاية الرواية، وليست الحكاية حكاية (البطل) حنا يعقوب، حنا ليس بطلا ولا شجاعا بالفطرة، ولا صاحب موهبة استثنائية، وليس له من ميزة تجعله بطلا، هو فقط يتنقل من صفحة الى صفحة محملا بالحكايات والأحداث، مظلوم يتوه ظلمه تماما في مجموع المظلومين من جمهور الدولة العثمانية، ولغة ربيع جابر نجحت في إعادة خلق زمن دروز بلغراد في طبخة مضبوطة بلا تفاصيل زائدة تبعدك عن متعة المعايشة..
ان رواية " دروز بلغراد – حكاية حنا يعقوب " لا تعتبر إضافة للروايات التاريخية الكبرى، فهي مجرد واحدة من السرديات التاريخية العادية فالرواية التاريخية تقوم على تعريف الناس بالماضي ، ولذا لابد لمؤلف الرواية التاريخية من الإلمام بظروف وأحداث الزمن الذي تجري فيه...
ولكن المؤكد ان تجربة حنا يعقوب تتقاطع مع تجربة هنري شاريير في رواية "الفراشة" (بابيون)، التي لا تغيب عنّا وقائعها كما سردتها الرواية/ التجربة الإنسانيّة، أو الفيلم السينمائي المقتبس عنها. لكن رواية ربيع جابر تنهض بذاتها..
ربيع جابر يكتب مستحضرا الأمل من واقع هذا التاريخ المؤلم، لأنه يؤمن بما يقول.."



#منير_ابراهيم_تايه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التشيع العلوي والتشيع الصفوي عند علي شريعتي
- داغستان بلدي كتاب لا يتحدث عن جغرافيا او تاريخ بلد... انه كت ...
- عن العشق والعشاق... ثرثرة من الداخل


المزيد.....




- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منير ابراهيم تايه - قراءة في رواية -دروز بلغراد حكاية حنا يعقوب- صرخة تاريخ مؤلم