أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وائل بنجدو - تونس : عن الصراع داخل الحزب الحاكم و تداعياته















المزيد.....

تونس : عن الصراع داخل الحزب الحاكم و تداعياته


وائل بنجدو

الحوار المتمدن-العدد: 4992 - 2015 / 11 / 21 - 11:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تَفتح الثَّورات الكبرى أفقًا رحبًا لتغييرات جذريَّة على كافَّة الصُّعد الإقتصاديّة و الإجتماعيّة و السّياسيّة. و تخُوض قوَى الثَّورة قبل و بعد إستيلائها على السُّلطة صراعًا مُضنيًا و قاسيًا للقضاء على البنيان الإجتماعي القديم و لتقليص نفوذ و تأثير القُوى المُضادَّة للثَّورة في كلّ المواقع داخل المجتمع و الدّولة. و في خضمّ مسار الهدم/البناء هذا تنتشر أخبار إنتصارات الثّورة، فتُصَوَّب أبصار أصدقائها و أعدائها في العالم و داخل البلد المَعْنيّ لقرارات كبرى و مشاريع إقتصادية و إجتماعية قصيرة و بعيدة المدى مثل قوانين للإصلاح الزّراعي و تأميم لقطاعات إستراتيجيّة و رصد إعتمادات ماليَّة هامَّة لتطوير البنية التَّحتيّة و بناء المؤسّسات و المصانع و مراجعة موقع البلد في خارطة السّياسة الدّوليّة و تحالفتها بما يعود بالنّفع و الفائدة على الجماهير الثَّائرة.
يحدُث كلّ هذا إذا حدثت الثَّورة.
لكن الأخبار التي تتناقلها وسائل الإعلام في هذه الفترة عن تونس، التي من المُفترض أنّها تعيش على وَقْع ما أجمع كثيرون على توصيفه بالثّورة، هي أخبار مُغايرة تمامًا لما يَتَنَاهى لمسامع العالم عن الثّورات. و هي تتركّز أساسًا على الصّراع القائم داخل الحزب الحاكم “نداء تونس”. و لا يعني ذلك أنَّ الإعلام العالمي يتعمّد تجاهل إنجازات الحزب الحاكم أو أنَّه يعمل بخبثٍ على إلقاء الضّوء على ما هو هامشي، إذْ لا يملك حزب حركة نداء تونس ما يُقدّمه للنّاس و ما يُسوِّقه للعالم عن نفسه غير صراعاته الدّاخليّة. فبعد أكثر من عام على فوزه في الإنتخابات البرلمانيَّة و إعتلائه سدّة الحُكم مع بقيّة شركائه خاصَّة حركة النَّهضة الإسلاميَّة، لم يتحقَّق شيء من الوعود الإنتخابيَّة، و لا يبدو أنَّ الإئتلاف الرّباعي الحاكم يملك أيّ رؤية لإنقاذ تونس من الأزمة التي باتت تحاصرها على كلّ المُستويات. بل إنّ الحكومة و الأحزاب الدّاعمة لها تسير بسرعة كبيرة بالبلاد نحو القَاع من خلال حزمة القوانين الإقتصاديَّة التي صادقت عليها أو تعتزم المصادقة عليها ( قانون المصالحة الإقتصادية، قانون الشراكة بين القطاع العام و الخاصّ، رهن بعض المنشآت العموميّة، قانون الميزانية لسنة 2016، الترفيع في سن التّقاعد، قانون الشَّراكة الشاملة مع التّحاد الأوروبي…). حيث تهدف كلّ هذه القوانين ذات الطابع الليبيرالي إلى مزيد ربط الإقتصاد التونسي بالرّأسمال العالمي، و فتح الأبواب على مصراعيْها أمام المصالح الإقتصادية للمراكز الرّأسمالية الكبرى في العالم خاصَّة أوروبا و الولايات المتّحدة الأمريكية. يحْضى هذا التّوجّه بدعم و مباركة من كلّ القوى اليمينيَّة المُسيطرة على مجلس نواب الشّعب. و رغم ما يبدو في هذه الفترة من صراع بين جناحَيْ حزب “نداء تونس” (جناح حافظ قايد السّبسي و جناح محسن مرزوق) و قياداته فإنّ الجميع يقف على نفس الأرضيّة الليبيراليّة، و يُجمعون على برنامج إقتصادي و إجتماعي عنوانه الرّئيس “الإنحياز لرأس المال على حساب الطّبقات الشعبية”.
إنّ هذا الصّراع، الذي وصل حد تقديم 32 نائب من نُوَّاب حزب “حركة نداء تونس” إستقالتهم من الكتلة البرلمانية للحزب قبل تعليقها بعد أيَّام، لا يَعدو كونه صراع على المواقع في المُؤتمر القادم للحزب خاصّةً أنّه يضمّ في صفوفه كوكبةً من الوُصُوليّين و الإنتهازيّين. و لا علاقة له، من بعيد أو قريب، بالصّراعات المَبدئية التي قد تعيشها كلّ الأحزاب الديمقراطية. لا علاقة لهذا الصّراع بما تعانيه البلاد و لا علاقة للبلاد بأجنحة الصراع و رموزه، فكلّهم حاملون لمشروع سياسي و إقتصادي سيساهم في مزيد تأزيم الأوضاع.
و من النقاط التي يجب الوقوف عندها هي الأساليب المُعتمدة في هذا الصراع، حيث لم يجد أحد شقَّي هذا الصراع حرجا في الإستنجاد بالعِصيّ و الهراوات لفرض سياسة الأمر الواقع و منع إنعقاد إجتماع المكتب التنفيذي للحزب بالقوّة. فهل أنّ حزبا حاكما يعتمد العنف لحسم خلافاته الدّاخلية هو حزب ديمقراطي و مدني مثلما يدّعي ؟ أليس هذا هو أسلوب الميليشيات ؟ و إذا كان هذا هو الأسلوب المعتمد لحسم الخلافات الدّاخلية، فكيف سيكون الحال مع قوى المُعارضة ؟ رغم كلّ المبادرات التي تتقدّم بها أطراف من داخل “نداء تونس” لتقريب وجهات النّظر و النداءات المُتعدّدة ليكون للرئيس “الباجي قايد السبسي” الكلمة الفصل لحسم هذا الصّراع، فإنَّه بات من الصّعب أن تعود وضعيّة الحزب إلى ما كانت عليه قبل إنتخابات 2014. و هو ما سيكون له تداعيات على توازنات المشهد السّياسي الحالي و في المحطّات السّياسيّة القادمة. و من الطّبيعي جدّا بل من الواجب أن تسعى القوى الوطنيّة و التّقدميّة للإستفادة من الصّراعات و التّناقضات في صفوف الرّجعيّة الحاكمة. لكنّ إستفادة القوى اليسارية من هذا الإنقسام ليست حتميّة لأنّه في حالة حصل خلط للأوراق فسيتصدّر الحزب الأكثر تماسكًا و وحدة و جماهيريّة مسرح الأحداث. و هو ما تتميّز به، نسبيًّا، حركة النّهضة الإسلاميّة، الوجه الآخر للرجعيّة، عن غيرها من الأحزاب. حيث أنّها تتجنّب أن تتصدّر مشهد الحُكم رغم مشاركتها فيه حتّى لا تتحمّل أعباء هذه الفترة و نتائجها التي يبدو أنّها ستُضعِف من شعبيّة حزب حركة نداء تونس. و بالتّالي ترجيح فرضيّة فوز الإسلاميّين بالإنتخابات البلديّة القادمة و ربّما في حالة إجراء إنتخابات برلمانية مُبكّرة، خاصّة و أنّ القوّة اليساريّة الأكثر تأثيرًا و هي الجبهة الشَّعبيّة لم تضع خطّة واضحة لاستثمار و تأطير الحركات الإحتجاجية المُتوقّع إندلاعها بالنَّظر للظّروف الإقتصادية و الإجتماعيّة الخانقة التي تعيش فيها الأغلبيّة السّاحقة من الشّعب التّونسي، كما لم تركّز الجبهة هياكل قادرة على إستيعاب المُتَغيِّرات السياسية المُحتملة و مختلف الفئات و الطبقات الشعبيّة.
حين تجري سُيُول الثّورات في عروق الأوطان و أوصالها فإنّها تُزيح من أمامها الأسباب التي أدّت إلى إندلاعها، و تقتلع كل الشّوائب التي تعرقل حركة التّقدّم. لكن تونس اليوم تغرق يومًا بعد يوم في مستنقع لا نجاة منه إلّا بثورة حقيقية تُحدث التّغيير الذي من أجله إنتفض أهالي محافظة سيدي بوزيد ذات شتاء من سنة 2010، أهالي سيدي بوزيد الذين قدّموا الشهداء ضدّ الإحتلال الفرنسي و في عهد حكم “بورقيبة” و في عهد “بن علي” و في عهد حكم حركة النّهضة ثمّ في عهد التّوافق بين “نداء تونس” و “حركة النهضة” و لم تقدّم لهم هذه الدّولة غير الوعود و السّراب.



#وائل_بنجدو (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التّدخّل الرّوسي: جولة الضّرورة قبل تسوية الضّرورة
- تونس: المواجهة الكاذبة للإرهاب
- تونس في قبضة اليمين
- مات عبد الله بن عبد العزيز وبقي آل سعود
- القنيطرة: عَيْنٌ على سوريا وعلى فلسطين
- قراءة في نتائج الإنتخابات التشريعية و الرئاسية التونسية
- الانتخابات الرئاسية التونسية بعيون حركة «النهضة»
- حركة «النهضة» خطر في الحكم وفي المعارضة
- فوضى الإعلام التونسي
- تونس : الإنتخابات ليست حلاًّ
- عن مواجهة الإرهاب
- رؤوس أقلام
- لحظة الإنحياز
- حملة إنتخابية
- الإمبريالية و الإنتفاضات العربية
- الإسلاميون و تخريب الحركة الطلابية
- أهداف العدوان الإمبريالي ضد سوريا
- الوقوف أمام محكمة الشعب
- شرعية - يقين-
- سحر السفارة


المزيد.....




- علقوا في مستنقع مليء بالتماسيح.. لن تصدق سبب نجاة ركاب طائرة ...
- حماس تعلق على صاروخ الحوثي وأمور تتكشف بفشل إسرائيل باعتراضه ...
- مصر.. اندلاع حريق في كنيسة بمحافظة قنا والداخلية تكشف السبب ...
- بوتين يؤكد أنه يفكر باستمرار بخصوص خليفته المقبل
- وكالة PTI: الهند تقطع عن باكستان مياه نهر تشيناب
- السيسي يتلقى دعوة من بوتين للمشاركة في احتفالات عيد النصر 
- شركات طيران أوروبية تعلق رحلاتها إلى إسرائيل بعد استهداف مطا ...
- بوتين: عدم اعتراف الغرب باستقلالية روسيا لسنوات تسبب بالعملي ...
- فصائل فلسطينية تعلق على استهداف الحوثيين مطار بن غوريون
- بوتين: الغرب يتحدث بشكل ويتصرف بشكل مغاير تماما


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وائل بنجدو - تونس : عن الصراع داخل الحزب الحاكم و تداعياته